أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالحكيم الفيتوري - النقد سبيل النهضة














المزيد.....

النقد سبيل النهضة


عبدالحكيم الفيتوري

الحوار المتمدن-العدد: 2847 - 2009 / 12 / 3 - 23:27
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


السمة البارزة للمجتمعات التقليدية تتجلى في حالات الرتابة والجمود، واجترار الماضي، والتغني بأمجاد الاجداد والاسلاف، ومحاربة نقد الماضي، والوقوف في وجه تمحيص منتجات الاسلاف، ورفض الخروج عن مألوف الفكر والثقافة والسلوك. ويبدو أن هذه الخصال والسمات المأساوية لا تسمح للمجتمع التقليدي ولوج حلبة التفكير وإعادة النظر في مسلمات الفكر والاجتماع والسياسة التي اكتسبت قداسة بالقدم والممارسة الجماعية أللا واعية.
وليس ثمة سبيل لهذا المجتمع إذا ما أراد يوما النهوض والمشاركة في النهضة الانسانية القائمة إلا بمراجعة جادة لمنظومته الفكرية والثقافية ومناهجه التعليمية، من خلال مناهج البحث العلمي الحر وأساليب الاستقصاء والنقد العقلاني بمعزل عن إكراهات منهج التقديس والتمجيد وسلطة الأنا المركزية... نحن شعب الله المختار... ولو كان خيرا ما سبقونا إليه!!
فإذا كان ذلك كذلك، فلا ينبغي للعقلاء أن يكتفوا بالتربيت على أوضاع الناس المتدهورة، ومناهجهم الحشوية، واعتقاداتهم المخلوطة بالاسطورة، وإنما بفتح مجالات واسعة للحوار التنويري والنقد العلمي، والخروج عن مألوف وسطوة الميثولوجيا، وإعادة تقييم كل ما هو سائد من اعتقادات ونصوص مؤسسة ومدونات وتأويلات بغية فرز الدين من أشكال التدين، والقيمة من الذات، والنص المنزل من النص المؤول، ومن نطاق الغموض والابهام إلى نطاق التمييز والوضوح، لإحداث نقلة فريدة عبر حركة نقد وتجديد وإقناع بكافة المناهج والوسائل التنويرية الحديثة.
لا سيما وأن الخروج عن المألوف وسطوة الميثولوجيا إلى عالم البحث العلمي، وإعادة النظر في مسلمات تراثنا بالمنطق العلمي بعيدا عن منطق التمجيد وأساليب الانفعالات والهيجان، قد يكون أولى واجبات حملة رسالة الفكر والتجديد في مرحلته الحضارية الراهنة التي لا يزال منهج التقديس والتمجيد والتصنيم يحكم فيه بصورة رهيبة، والتي لا يمكن أن تخلف سوى الاستلاب والاغتراب والبعد عن التفكير والتجديد والابداع وتحقيق الاقلاع الحضاري في نطاق الفكر وقيم المجتمع وثقافته.
ويبدو أن سمات التخلف في المجتمعات التقليدية تتشابه لحد كبير، فهي تتقاسم وتتقاطع في تمجيد الاسلاف، وتقديس المفاهيم، ونبذ النقد والتجديد ولو كان النقد والتجديد بقصد البناء والتطوير والابداع والخروج من حالات التخلف التي تعيشها تلك المجتمعات. والغريب أن تلك السمات تشكل جزءا لا يتجزأ من ذاكرة وضمير المجتمع المتخلف الذي لا يهون عليه نقدها وتجديدها ناهيك عن هدمها والتمرد عليها، وكأن لسان حاله يردد(...إنا وجدنا أبائنا على أمة وإنا على أثارهم مهتدون...ومقتدون....) ولو كانت مقولات الاباء والاسلاف خارج نطاق اهتمامات وقضايا مجتمعه، وتزيد من معاناته وتخلفه وقد يكون فيها حتفه... ( أولو كان أباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون) !!
فآنى لمجتمع هذا منطقه وفكره أن يتبنى عملية البحث العلمي الحر والنقد المستمر وإخضاع المفاهيم للاستقصاء والتقصي والغربلة واستنطاق تاريخ انتاج المفاهيم بكل حيثياتها واشكاليتها. لأن هذه المجتمعات التقليدية لا زالت تعتبر طرق واساليب البحث العلمي في تلك المجالات من المحرمات والمكفرات، بل تظنه تقويضا لبنيان مفاهيم ومسلمات المجتمع، وكفى بذلك جريمة وخيانة توجب الردة والقتل، كما فعل مع العلماء الرواد القلائل الذين حاولوا إخضاع بعض المفاهيم والمسلمات للنقد العقلاني، فقد قوبلوا بهجوم شرس وسخرية وتسفيه وتكفير ما أقنع باقي العقلاء بعدم محاولة الاقتراب من ذلك التيه الحافل بالمخاطر، وهكذا تراكمت الاساطير حول تلك المفاهيم جيلا بعد جيل مما جعل تبني البحث العلمي الحر وإخضاع المسلمات لذلك مهمة في منتهى الصعوبة.
ولعل في تجربة تحول مجتمعات الغرب الحديثة حين تبنت مبدأ البحث العلمي والاستقصاء وإخضاع المسلمات والمفاهيم الحاكمة والسائدة في المجتمع؛ يعد نموذجا عمليا لمرحلة التحول من التقديسة إلى العقلانية، ومن الصنمية إلى الانسانية، حيث رفضت مجتمعات الغرب الحديث منذ عصر التنوير والثورة العلمية كل منهج قبلي وكل معطى سابق في عملية التفكير والاستقصاء والنقد والتجربة، وبذلك تمكنت من اكتشف تاريخية كثير من المسلمات والمفاهيم التي كانت في دائرة المقدس والمطلق بفعل تراكم الخرافات حولها، وتسفيه وتكفير كل من تسول له نفسه نقدها والتمرد عليها.
ويبدو أن المجتمع التقليدي في منطقتنا بحاجة ملحة لتبني مناهج البحث العلمي الحر، وإخضاع كثير من المسلمات والمفاهيم والعلوم الدينية لأضواء العقل وميزان النقد، مستبعدا كل مناهج التلقين والحشو والتمجيد، ولا يثنه هذا المسار عن الانتصار لقضايا الإيمان والماروائيات بطريق العقل البديهي والحداس. وبهذا وحده يمكن أن يبني فكرا حضاريا وينشىء حضارة حقيقة تستهدي الحقيقة وحدها دون تهيب أو خوف من إكراهات المجتمع، وسطوة التاريخ، وبالتالي يوقد شمعة معرفية في آخر نفق الجمود والتخلف والميثولوجيا.





#عبدالحكيم_الفيتوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفكر الديني وضبابية المفاهيم
- قيمة الحرية في العقل الفقهي !!
- نقد مراجعات جماعات الجهاد
- العيد ... والمستبد
- اغتصاب الأطفال في الفكر الإسلامي
- روايات تثير شبهات حول عرض رسول الله
- صورة رسول الله بين قلم السلف وريشة الرسام الدنماركي !!
- المرأة .... والاعوجاج الدائم (3)
- المرأة ... والإعوجاج الدائم 2
- المرأة ... والإعوجاج الدائم
- الأنثى والخيانة 4
- الأنثى والخيانة (3)
- الأنثى والخيانة (2)
- الأنثى والخيانة
- مفهوم المواطنة في تجربة النبي
- الشورى بين الحقيقة والخيال
- مفهوم السلطة في تجربة النبي السياسية
- فكرة الدولة في تجربة النبي
- الدولة في الإسلام فكرة أرضية
- إشكالية القيمة والذات في الفكر الإسلامي


المزيد.....




- ثبت تردد قناة طيور الجنة الجديد على النايل سات وعرب سات
- تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 Toyor Aljanah نايل سات وعرب ...
- اللواء باقري: القوة البحرية هي المحرك الأساس للوحدة بين ايرا ...
- الإمارات تكشف هوية مرتكبي جريمة قتل الحاخام اليهودي
- المقاومة الإسلامية تستهدف المقر الإداري لقيادة لواء غولاني
- أبرزهم القرضاوي وغنيم ونجل مرسي.. تفاصيل قرار السيسي بشأن ال ...
- كلمة قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي بمناسبة ...
- قائد الثورة الاسلامية: التعبئة لا تقتصر على البعد العسكري رغ ...
- قائد الثورة الاسلامية: ركيزتان اساسيتان للتعبئة هما الايمان ...
- قائد الثورة الاسلامية: كل خصوصيات التعبئة تعود الى هاتين الر ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالحكيم الفيتوري - النقد سبيل النهضة