الاتحاد
الحوار المتمدن-العدد: 864 - 2004 / 6 / 14 - 04:13
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
يجب التردد كثيرًا قبل اعتبار اقتراح القانون الحكومي في قضية رواتب عاملي السلطات المحلية "حلاً"! فهو وإن كان سيوفر اجابات على المدى القصير فلن يجعل القضية في حكم المحلولة او المنتهية. ونقول هذا لأن قضية السلطات المحلية حين نضعها في حجمها الحقيقي وأبعادها الطبيعية، تتجاوز مسألة الرواتب العينية، على أولويتها.
فحكومة اليمين التي وصلت حدودًا متطرفة من النهج المعادي للعاملين والشرائح المستضعفة في هذه البلاد، تواصل اسلوب "الأسبرين" و "اطفاء الحرائق" بدلا من وضع حلول جذرية حقيقية. ومن هنا جاء رفضها اقتراح القانون الذي قدمه رئيس كتلة الجبهة الدمقراطية والعربية للتغيير النائب محمد بركة، القاضي بمنع التصرّف بميزانيات الرواتب لأي غرض آخر. لأنها لو وافقت عليه سيكون عليها توفير الميزانيات والموارد لبقية المجالات وليس غض الطرف عن تمويلها من مخصصات الرواتب. وهذا ما لا تريده!
هذا الرفض الحكومي يتجاوز اقتراح القانون. بل انه نابع من كون الحلول الحقيقية تتعارض مع سياسة حكومة اليمين في الجوهر. فحكومة تضرب البنى التحتية للخدمات الاجتماعية بشكل مخطط سلفًا، لا يُتوقّع منها وضع علاج حقيقي. والمس بالحكم المحلي ليس سوى جزء من الضربات التي توجهها الحكومة ممثلة بوزارة المالية الى القطاعات التي يفترض ان تكون "محميّة" كالصحة والتعليم والحق في العمل وتحرير المواطن من العوز والفقر. وهذه ليست "قيمًا يسارية" فحسب، بل انه منصوص عليها في مواثيق دولية هامة أقرها المجتمع الدولي تحت عنوان "الحقوق الاجتماعية".
وحين نقول ان الحلول الحقيقية تتعارض مع مآرب هذه الحكومة نقصد ان توفيرها (الحلول) لا يمكن أن يستدعي تحرّكها المحدود المحاط بكثير من الديماغوغيا فقط، بل يتطلّب تغيير وجهة السياسة برمّتها: من العداء للعامل والفقير الى القيام بواجب خدمة المواطن فعلا وتحريره من الاضطهاد الاجتماعي والاقتصادي.
والقضية لا تتوقف هنا، وانما تتسع لترتبط بالوجهة العامة لسياسة اليمين وحكومته. وسنظلّ نتوجه للعقول والأذهان دون استهتار بل بكثير من الاصرار والاحترام لنذكّر بأن "الخطيئة الاساسية" تقع على ضفاف مستنقع الاحتلال الذي تكرّسه هذه الحكومة على الرغم من كل "الخطط الأحادية". والسؤال الذي يحق (بل يتوجب) طرحه هو: اين تحرق اموال الجمهور؟ في اية "عملية عسكرية"، على اية مستوطنة وفي سبيل ماذا؟ هنا يظهر الوجه الحقيقي لهذه الحكومة: يمينية على كل الجبهات. فلتكريس الاحتلال تسرق اموال المواطنين، ومما تسرقه تواصل تمويل مشاريع جنونية مغرورة قومجية.
أما بالنسبة لمعارضي هذا النهج فيبقى السؤال: ما هو السبيل لجعل الشرائح المتضررة المستضعفة تنجح في رؤية هذا الرباط الوثيق بين الاحتلال والعسكرة وبين القمع الاجتماعي الذي يصل مراحل خطيرة في كل يوم تواصل هذه الحكومة فيه القبض على مقود الحكم..
("الاتحاد")
#الاتحاد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟