سلام كوبع العتيبي
الحوار المتمدن-العدد: 864 - 2004 / 6 / 14 - 04:01
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
عزيزي جبار .. لم تعد الناصرية كما كانت ... ولم نعد نستطيع الوقوف في شارع الحبوبي ... ولن نستطيع أن نغني كما كنا .. ولا حتى أنت تستطيع أن تكتب شعر .. وعليك أن تهجره إلى الأبد .. لم تعد الناصرية كما هي يا جبار بعد أن هجرها أهلها إلى المنافى والكثير إلى الموت ... لم تعد الناصرية كما كانت .. الناصرية انتقلت إلى السواد ؛ وتوزع أهلها ولا أعرف أين يسكنون ... لم تعد الناصرية كما كانت ... سافرة المدينة النائمة على الفرات ؛ وتحشرجت الأغنية ؛ وأغلق المذياع ؛ ولم يعد هنالك داخل حسن .. لم يعد هناك حسين نعمة .. .. لم تعد الناصرية كما كانت ... هل تدري أن الفرات جف وتوقف عن الجريان ... لم تعد الناصرية كما كانت ... الناصرية دهستها دبابة أمريكية قبل آذان الفجر بسنوات... ويقولون انتحرت بسبب التضخم البعثي الذي أصاب دماغها بعد أن هجرها أبنائها ...لم تعد الناصرية كما كانت ... في نفس الركن المقتول مازال يجلس سهيل عبد الله ولكنه ؛ ولكنه محكوم بالموت من البعثيين الجدد الذين يرتدون الجبة وقطعة قماش دائرية فوق رؤوسهم ... ويقولون أن الحبوبي أصبح لاجئا في الصومال بعد أن هدم نصبه في شارعه.... لم تعد الناصرية كما كانت .... هل تدري أن محسن خريش ورواياته وكتبه وقصصه صادرته القوات الأمريكية .... لم تعد الناصرية كما كانت .. ولم تعد أشعارك ترقصنا بعد أن ذهبت بعيد .. لم تعد الناصرية وأبنائها كما كانت ؛ الموت .. الموت .. الموت سحق كل الأرواح ..
لا أدري هل مازال علي جوده يغني ؛ إذا مو إلك المن روحي تشتاك ... عساهن ما اجن أيام الفراك ..... يعشك إصباي أنت ونور العيون ... ميهمني لوم إلي يلومون ... مادام بهوانا الناس عشاك ..
ألم اقل لك يا جبار أن علي جوده إذا أخذ هذه القصيدة ما يدفع لنا فلوس المشروب ... وبعدها تصير مشكله مع سيد فرج .. ولكن أنت قررت أن يأخذها.. والآن من يدفع حساب سيد فرج ؟؟.. المهم خيره بغيره ... راح آخذ فلوس من عبد الرضا عناد وبعدين يحله الحلال ؛ وأنت كمل ولحكني يم دكان علي زغير أو ما أعرف وين ... أو روح نام وبدون دوخت راس ويه مفارز الجيش الشعبي ( ولد النعل ) ..
لم تعد الناصرية كما كانت .... تدري حتى أيام مفارز الجيش الشعبي كانت تسلية لنا .. حلوين هؤلاء الكلاب ؛ وهم يرتدون الزيتوني ومسدساتهم تلعب فوق مؤخراتهم والله كأن واحدهم ( رنكو ) .. وحلوين يوم الانتفاضة واحدهم أسرع من المرسيدس ها ها ها ...
لم تعد الناصرية كما كانت ولم يبقى منها سوى أغنية يا حريمه إنباكن الجلمات من فوك الشفايف يا حريمه ... لم تعد الناصرية كما كانت .. ولا شارع الحبوبي .. ولا حامد الذي قاري .. ولا اعرف شيء عن كريم حيال ...
الناصرية يسودها الذباب
وأشياء أخرى
قبورا حفرت في الليل
فوق قبور شيوخ القرية
النواعير صدئة ... دمرها الجفاف ...
وعباءة أختي بللها نقل الماء من جب عند حدود الموت
الناصرية ... يسودها الحزن
وعناقيد حبات الموت تتساقط
زنوا بها أبناء الليل
من أول طلوع الفجر
حتى نهايات العمر المثقل
أطفال الناصرية
غطوا عورتهم بالبيرغ
وصورة نبي مصلوب
ودعاء علي
في عصر بزوغ الشمس
والديمقراطيات
لم تعد الناصرية كما كانت ... الكل يترقب عودتها ... ولكنها انتحرت يا جبار شدود عند سماعها نشيد خروج روحك الطيبة .... وداعا جبار ... سنلتقي قريبا ونغني .... هلي وياكم يلذ العيش ويطيب .. ونسايمكم تداوي الجرح ويطيب .........
#سلام_كوبع_العتيبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟