أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بسام البغدادي - هل الله موجود الجزء الخامس و الاخير















المزيد.....

هل الله موجود الجزء الخامس و الاخير


بسام البغدادي

الحوار المتمدن-العدد: 2845 - 2009 / 12 / 1 - 08:52
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بدأت بحثي الجاد و الصادق هذا و كنت قد وضعت نصب عيني الحقيقة, ولا شئ اقل منها مهما كانت النتيجة التي توصلت لها أو أصطدمت بها أو تحطمت عليها. و كباحث عن الحقيقة فأنه من العار علي أن أتقبل النتائج و أعلنها أن جائت مطابقة لأهوائي و توقعاتي فقط و أتجاهلها او احاول اعادة تفسيرها لو خالفتها. لهذا حاولت التجرد قدر الامكان من كل التوقعات المحتملة أو الاحكام المسبقة او النتائج المنتظرة للأسئلة التي اخذت على عاتقي الاجابة عنها. قد أكون وفقت و قد أكون فشلت لكنني في كلا الحالتين أتقبل النتيجة مهما كانت لانها كانت نابعة من بحث صادق و حريص للوصول الى اجابة لتلك الاسئلة التي طالما واجهتني و وجدت نفسي عاجزاً امامها لما تحمله من حقائق كانت خفية علي. في الجزء الاخير هذا سأقوم بأختصار اهم النتائج التي توصلنا لها سوية خلال اربعة اجزاء من البحث عن الله بأستخدام المنهج العلمي الدقيق. بداية يجب أن نتخلي عن أحكامنا المسبقة و لنتجرد عن ميولنا المترسبة و لننظر بعين لا تجفل الى كبد الحقيقة.

السوآل كان, هل الله موجود؟
في المرحلة الاولى في محاولتنا للاجابة عن هذا السوآل حاولنا البحث عن مدى أحتمالية وجود هذا الكيان الاعلى المستقل عن البشر و الزمان و المكان قبل أن نحاول الاخذ على عاتقنا مسألة البحث عنه. النتيجة التي توصلنا لها بأستخدام المبدأ الاستدلالي للأجابة على هذا السوآل في بحثنا عن مدى أحتمالية وجود كيان الهي (في هذه الحالة الله) لا تختلف بأي حال من الاحوال عن وجود أي كيان آخر يستطيع أي شخص منا أختراعه في قلب خياله. أخذنا على سبيل المثال لا الحصر كيان البطة الوردية العملاقة خالقة الكون و التي لا يمكن بأي شكل من الاشكال أثبات عدم وجودها, هناك أمثلة أخرى معروفة في هذا المجال لا تزيد درجة احتمالية وجودها عن احتمالية وجود الله, مثل البطاطا التي انفجر عنها الكون, أو قوري الشاي الحائم حول احد الكواكب في الفضاء.
جميع هذه الامثلة, بما فيها الله ما سوى أحتمالات غيبية بدون أي أساس معرفي لها نستطيع من خلاله الاستدلال عن أسبقية احداها عن الاخرى. فلا فرق حقيقي بين أحتمالية وجود الله الذي خلق الكون بكلمة كن و بين البطاطا التي أنفجرت فكان الكون؟ كلاهما تفسير لنفس الشئ وهي كينونة الكون. ولا فرق حقيقي في مدى مصداقية وجود الهي أعلى و أسمى من الكون أو وجود بطة عملاقة وردية تحوم خارج الزمان و المكان في جناحيها مقاليد كل شئ. كلاهما ضرب في الخيال و أدعاء دون أساس او دليل يمكن البناء عليه.

بعد أنتهائنا من حصر مدى أحتمالية وجود الله أتجهنا في الخطوة التالية للبحث عن حقيقة الوجود الالهي. هل الله موجود فعلاً؟ قمنا بأستخدام منهج الفرضيات الاستنتاجية و الذي يقوم بأختبار مدى قدرة الفرضية المطروحة في تفسير الظواهر التي تدعي تفسيرها. الفرضية المطروحة في هذا السوآل هي أن وجود الكون مرتبط ارتباطاً وثيقاً بوجود الله فلولا الله لما كان هناك كون ما. و النتيجة التي وصلنا لها بأن كون يخلقه الله سيكون كوناً مختلفاً كلياً عن كون لا يخلقه الله. الكون الذي يقوم الله بتنظيمة و سن ناموسه و ابعاده و قوانينه لا يمكن بأي شكل من الاشكال ان يشبه كون ولد في رحم العدم تملأه العشوائية و يغرق في الظلمة.

في نظرة متجردة و ناضجة للكون من حولنا نكتشف بوضوح و بالرغم من وجود تلك القوانين الطبيعية التي تحكم عالمنا الفيزيائي الا أن الكون بشكل عام يغرق في العشوائية, مجرات كاملة تبتلعها ثقوب سوداء عملاقة, أحد هذه الثقوب السوداء العملاقة موجود في مركز مجرتنا التي نعيش فيها. مجرات ترتطم مع بعضها في كوارث كونية قد تمتد لملايين او مليارات السنين. على سبيل المثال لا الحصر فأن مجرة المرأة المسلسلة (Andromeda) تتجه على خط تصادم مع مجرتنا التي نعيش فيها و بسرعة 140 كلم بالثانية. أمثلة أخرى على العشوائية التي تملأ الكون هذا هي تلك النجوم التي تلد و تموت ثم تنفجر في سوبرنوفا عملاقة قد تخترق عدة مجرات متتالية و تدمر الملايين من المجاميع الكوكبية الموجودة في مجرتها او المجرات المجاورة. أمثلة أخرى من كوكب الارض مثلاً هي تلك الزلازل و البراكين, كل تلك النيازك و الاجسام السماوية التي قامت و ستقوم بتدمير الحياة على سطح الارض العديد من المرات, كل تلك الاجناس التي تأتي و تنقرض كنتيجة طبيعية للتغيرات البيئية التي تطرأ على سطح الارض. فهل هناك أي شئ, مهما كان صغيراً او كبيراً يشير الى وجود تدبير الهي وراء كل هذه العشوائية؟ و أن كان كوناً بمثل هذه العشوائية و الظلمة يقبع تحت السيطرة الالهية, فكيف سيكون شكل هذا الكون الذي لا تحكمه الآلهة؟

بما أننا توصلنا الى أن أحتمالية وجود الله أقل بكثير من أحتمالية عدم وجوده. و بأن الكون الذي نعيش فيه لا يمكن بأي شكل من الاشكال أن يكون كوناً تحت سلطان اله قدير حكيم عليم بل ربما كان من الافضل اخلاء ساحة الله من كل ما يحدث في هذا الكون, فقد تحتم علينا البحث أذن عن تلك المصادر التي جائتنا بمثل هذه الفرضية عن مثل هذا الوجود الغريب الغير واضح المعالم. حيث لا أحد منا قد قابل هذا الاله, لا أحد منا يعرف بشكل خاص شئ مؤكد عنه غير ما وصلنا من حكايات و قصص الأقدمين. أذن, كخطوة ناضجة و صريحة قمنا بالبحث عن مصدر على الادعاء, من أين جاء؟ ما هو مصدره؟ و كيف وصل الينا و من هم الرواة و المدعين وجوده؟ هل هي الكتب المقدسة؟ هل هي الروايات التأريخية؟ هل هناك آثار حقيقية لهذا الوجود؟ الخ.

جميع المصادر التأريخية تؤكد بأن الله هذا, بالشكل الذي نعرفه اليوم, هو أحد آخر الآلهة التي لا نجد لها ذكر أو حتى أسم في جميع المصادر القديمة للشعوب و الحضارات التي عاشت قبل ستة الآف عام. و بما أننا نعرف بأن عمر الجنس البشر على سطح الارض ما يقارب المليون سنة وفقاً لعلم المتحجرات, نستطيع أن نعرف أذن بأن الله هذا هو من أصغر الآلهة التي عرفتها البشرية عمراً. فلو أفترضنا بأن عمر البشرية هو 24 ساعة, فأن عمر الله هذا تقريباً ثمانية ثواني فقط. ليس هذا فحسب, بل نجد ما يثير الغرابة وهي أن الله قد تطور بصورة تأريخة وفقاً للمناخ السياسي الدارج في المنقطة من رئيس الآلهة الكنعانية إيل إله الحرب الى الله الابراهيمي و الذي كان يتنقل في نفس المنطقة التي كانت تنتشر فيها عبادة الأله إيل. و ما أسم أسرائيل الا دلالة واضحة على هذا الأله القديم المعبود لدى الفينقين. ولازالت أسماء مثل جبرآئيل و عزرائيل و غيرها من أسماء الملائكة دلالة واضحة على هذا الارث الذي تركه الكنعانيون و الذي تسرب لنا خلسة في الدين المسيحي و الاسلامي كأرث أدبي تأريخي لازال البعض يعتقد فعلاً بقدسيته.

ثم, من ناحية أخرى, من هم الرواة و الشاهدين عن هذا الوجود الألهي؟ آدم؟ أبراهيم؟ يسوع عيسى؟ موسى أم محمد؟ من هم؟ كيف عرفناهم؟ هل هناك أدلة تأريخية حقيقية تؤكد وجودهم؟ ما هي سيرتهم و ماهي اخلاقياتهم التي تسمح لنا التصديق بهم و بما نقلوه لنا؟ هل كانوا مرضى نفسيين؟ هل كانوا أصحاء و فعلاً أنبياء؟ و هل يصلح شخصاً قام على سبيل المثال لا الحصر بأغتصاب الاطفال و ذبح كل مخالفيه كي يكون مصدراً موثوقاً يمكن الاعتماد عليه في مسألة مصيرية كهذه؟ ليس هذا فحسب, بل أن الاجابة على هذا السوآل سيكون لها رد فعل مباشر على أدق دقائق حياة كل فرد منا, في مأكله و مشربه و حياته الفكرية و الجنسية و العاطفية. و أن لم يكن هناك مصدر موثوق يمكن الاعتماد عليه فما هو سبب أستمرارنا بالاعتقاد بمثل هذا الوجود؟

خلاصة البحث:

1. أحتمالية وجود الله أقل أو تتساوى مع الصفر. لا يوجد سبب منطقي واحد يرشح احتمال وجود الله و أنتفاء وجود غيره, بل توجد عشرات الاسباب التي ترشح أحتمالية لا وجوده.
2. الكون الذي نعيش فيه دليل واضح على غياب اي وجود أكبر و تدبير أحكم ساهم في أيجاده او تسييره و يهدف الى شئ ما من وراءه.
3. المصادر التي تدعي وجود الله غير موثوقة البتة تأريخياً و متناقضة المحتوى و تطعن في بعضها البعض و الرموز التقي تقبع خلفها في أغلب الاحيان غير أخلاقية السيرة و ذات نزعات لا إنسانية وفي أسوأها أجرامية.
4. في حال وجود الله بالرغم من فشلنا في أثبات وجوده فان هذا دليل آخر يؤكد فشل الله نفسه في اثبات وجوده للعقول التي هو صنعها بنفسه و هذا بحد ذاته ينفي عنه صفة الحكمة المطلقة و أستحقاقه للعبودية التي يكلفنا بها.
5. في حال غياب اي سبب او دافع منطقي للأيمان بوجود شئ ما فأن الاعتقاد بعدم وجوده هو الموقف الاكثر منطقية و علمية و حيادية.

لهذا, فأن الاعتقاد بوجود الله دون أي سبب أو دافع هو أهدار للوقت و الجهد الانساني الذي ممكن الاستفادة منه في خير و رقاء البشرية. خاصة مع معرفتنا المسبقة بالطريقة التي تم فيها أستخدام هذا الادعاء بالوجود الألهي في قهر الشعوب و أحتقار إنسانية الافراد. أبتداء من ذبح الشعوب و القبائل في منطقة الهلال الخصيب على يد جيوش عبيد الاله يهوه اله اليهود قبل 4000 سنة الى جورج بوش و بن لادن و احمدي نجاد وصدام حسين الذي أمتطوا الله هذا من اجل تحقيق ما يؤمنون به حقيقة بأن الله يريد منهم ذلك.

ختاماً أضع بحثي المتواضع و القصير هذا أمامكم و أتمنى فعلاً أن أكون على خطأ, و أتمنى فعلاً من الله لو كان موجوداً أن يمنعني من نشر نتائجه. لكن اذا كنت تقرأ هذا الآن, فهذا يعني بأن الله قد فشل في محاولتي الاخيرة و الجادة لأنقاذه من الموت.

أطيب التحايا
بسام البغدادي



#بسام_البغدادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا أولاد ال... من أجل كرة القدم؟
- هل الله موجود؟ الجزء الرابع
- هل الله موجود؟ الجزء الثالث
- هل الله موجود؟ الجزء الثاني
- هل الله موجود؟ الجزء الاول
- الالحاد تحت المجهر
- الى شقرآء تدور في فلكي
- الحجة الغائية في أثبات وجود الله
- هل الالحاد دين جديد؟
- الكتاب الذي هز عرش الرحمن بل قلبه
- التاسع من نيسان يوم تحرير ام سقوط؟
- لا يوجد شئ اسمه ثمن الحرية
- وطني كوكب الارض, وديني سعادة الانسان
- هل أنت مخلوق لا يتطور ام على قمة سلم التطور؟
- هل نستطيع أخذ نظرية الخلق على محمل الجد فعلا؟
- هل نستطيع أخذ نظرية الخلق على محمل الجد؟
- الشعرة التي ستقصم ظهر نظرية التطور
- الرجل الذي أخرج الانسان من كهوف الاديان , الجزء الثاني
- حياة الرجل الذي أعاد رسم خارطة الحياة
- دارون الرجل الذي أخرج الانسان من كهوف الاديان


المزيد.....




- متحدث الخارجية الايرانية يحذر من تنشيط الزمر الارهابية التكف ...
- قائد حرس الثورة الاسلامية اللواء سلامي: حزب الله فخر العالم ...
- تونس.. وفاة أستاذ تربية إسلامية أضرم النار في جسده (صورة)
- هشام العلوي: أية ديمقراطية في المجتمعات الإسلامية ؟
- تعداد خال من القومية والمذهب.. كيف سيعالج العراق غياب أرقامه ...
- وفد الجامعة العربية لدى الأمم المتحدة يدعو لحماية المنشآت ال ...
- ولد في اليمن.. وفاة اليهودي شالوم نجار الذي أعدم -مهندس المح ...
- ماما جابت بيبي..أضبطها الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي على ال ...
- ماما جابت بيبي.. متع أولادك بأجمل الاغاني والاناشيد على قناة ...
- مرشح جمهوري يهودي: على رشيدة طليب وإلهان عمر التفكير بمغادر ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بسام البغدادي - هل الله موجود الجزء الخامس و الاخير