أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد بودواهي - الإقصاء والتمييز الهوياتي و سياسة التخلف















المزيد.....

الإقصاء والتمييز الهوياتي و سياسة التخلف


محمد بودواهي

الحوار المتمدن-العدد: 2843 - 2009 / 11 / 29 - 16:10
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إن ما يجب أن يمثل جزءا أساسيا من غاياتنا هو السعي الجاد لتشخيص المميزات الهوياتية المغربية في كنهها وعمقها , حيث نشأ وترعرع في عهد الاستقلال الشكلي خطاب سياسي خطير لا تقف فيه الدوائر المخزنية موقف الحياد , وساندته وسائل الاعلام بمالها من قوة , مستفزة مشاعر كل مغربي رأى من واجبه أن يتعاطف مع ما هو مهمل ومهمش ومنبوذ في هويتنا الثقافية . خطاب سياسي صار يعلن عداءه لأصالتنا الامازيغية في أبعادها الثقافية والاجتماعية والتاريخية معتمدا في مقولاته كل زيف مكشوف وكل مغالطة مفضوحة , والنتيجة الملموسة هي أن البعد الأمازيغي أقصي عمدا من الحقل الثقافي وهو الذي يمثل حيزا جد مهم من خصوصيتنا بما أنه هو الانتاج الوحيد الذي لا يمكن أن يقال فيه إنه مستورد أو إنه ظل من ظلال ثقافة الشرق أو الغرب .
" المغرب بلد عربي إسلامي " هذا ما يردده ويقوله منذ عقود , في المحافل العلمية والثقافية والسياسية , وينشره في الصحف والمجلات والكتب والدوريات سياسيون ومثقفون وأساتذة جامعيون من مواطنينا المغاربة , والمقصود إنكاره وإخفاؤه هو البعد الأمازيغي للكيان المغربي . وعلى العكس من ذلك نجد المثقف المغربي الديموفراطي الحامل للثقافة الأمازيغية إلى جانب الثقافة العربية والإسلامية والإفريقية والمتوسطية , ينطلق من نقد هذه الخطابات اللاتاريخية معتبرا أن إشكالية الهوية لا يمكن طرحها في إطار تستلب فيه خصوصياته الثقافية ويمسخ فيها التعدد الثقافي لوطنه لفائدة نزعة تمركز إيديولوجية قادمة من مجتمعات شرقية أو غربية , بل ينبغي أن تطرح في نظره في إطار هوية وطنية مغربية قائمة في وحدتها على أساس الاندماج التاريخي لعناصر ما انفكت تتفاعل وتتمازج لتهيكل في تكاملها البناء الحضاري المغربي الذي يتفاعل مع العالم اعتمادا على رصيده الرمزي الغني من المكاسب التاريخية في شتى المجالات .
ينبغي إذن الانطلاق من الذات الحضارية نحو العالم الشرقي أو الغربي وليس العكس , هكذا يتحول خطاب الهوية من الميتافزيقا إلى التاريخ ومن المثال إلى الواقع . فالهوية الثقافية الوطنية الشاملة لا تقوم على العرق الخالص ولا على اللغة الواحدة ولا على العقيدة الارثودوكسية كما تحاول الخطابات الدوغمائية أن ترسخ في اذهان المغاربة . إن الهوية المغربية هي هوية تعدد واختلاف في إطار وحدة ذات انسجام نسبي , وأن الرغبة في إضفاء الانسجام المطلق على وحدة مصطنعة تلغي كل عناصر التعدد الداخلي الذي يثبته التاريخ والواقع الاجتماعي هو الطريق الى الانقسام لا إلى التوحد , وأن وحدة تساهم فيها كل القوى الوطنية بوسائلها وطاقاتها الثقافية والبشرية هي الوحدة الديموقراطية على الوجه الصحيح . والثقافة الامازيغية لا يمكن أن تحيى وتساهم في إغناء الهوية الثقافية الوطنية إلا عندما يتم إدراجها في المشروع التنموي العام كعنصر من العناصر الواجب رعايتها ومنحها جميع إمكانيات البقاء والاستمرار . أما الحديث النظري عن التنوع والاختلاف مع التدعيم العملي لهوية " مركزية " قوامها اللغة العربية هو بمثابة اغتيال بطيء وتدريجي للامازيغية , وهو شيء إن كان ثمة من يرغب فيه وسبق أن بشر به , فإن من واجب المثقف المغربي الديموقراطي أن يكشف عن أشكال التآمر ضد الهوية الثقافية الوطنية في شموليتها . فالشعوب كلها تهتم حاليا في كل أنحاء العالم بجميع عناصر ثراتها , فتجلو ما كان قد تصدأ , وتحيي ما قد كاد يموت , وتعمل على إنعاش ما فتروخفت , وقد جعلت اللغات محور هذا الاهتمام في آسيا وإفريقيا وأمريكا الاتينية وفي أوربا نفسها , وبذلك يصح القول أنه حان الوقت لكي يشعر الجميع بأن الامازيغية تراث للجميع , تراث لكل من يعتز بوطنيته المغربية قبل الاعتزاز بغيرها , تراث من الواجب الثقافي والسياسي الوطني أن يحافظ عليه .
في ظل هذا السياق التاريخي والثقافي والسياسي برزت الحركة الامازيغية الديموقراطية كحركة فاعلة حيث شهدت الساحة الثقافية المغربية عدة تطورات سواء على مستوى طرح أسئلة حقيقية عن الواقع والثقافة والهوية المغربية وعن التصورات السائدة آ نذاك انطلاقا من الوضعية الابستمولوجية والتاريخية للثقافة المغربية حيث استفادت الحركة الثقافية الامازيغية من مرجعية العلوم الانسانية كاللسانيات والانثروبولوجيا والسوسيولوجيا والتاريخ ومن المرجعية الديموقراطية وحقوق الانسان المتعارف عليها دوليا , وذلك بغية بلورة وبناء ثقافة وطنية وديموقراطية وشعبية هادفة خصوصا بعد الانعكاسات والنتائج الفاشلة التي أدت إليها سياسة التعريب التصفوية والطبقية وانسداد آفاق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أمام طموحات الانسان المغربي في التمتع بحق الهوية الثقافية والديموقراطية , وكذلك على مستوى إصدار مجموعة من المؤلفات والإنتاجات الفكرية والادبية والفنية التي تبرز وترتكز على الثقافة الامازيغية في شتى المجالات , وكذلك على مستوى تنظيم عدة ندوات ولقاءات ثقافية وفكرية وإصدار مجموعة من المنابر الاعلامية تؤسس لحوار ديموقراطي وطني انطلاقا من البعد الامازيغي الذي يروم إعادة النظر في السياسة الاعلامية السائدة والمساهمة في اختراقها واستبدالها بتصورات تنسجم مع الواقع السوسيوثقافي , وكذلك على مستوى المحاولات الجريئة والعلمية لتقعيد الامازيغية ومعياريتها بإصدار المعاجم والقواميس وأيضا باتخاد اللغة الامازيغية أداة للتعبير والحوار والكتابة عند العديد من الجمعيات واتخادها كموضوع للابحاث العلمية الجامعية...
إن تصور الحركة الثقافية الامازيغية الديموقراطية للهوية الثقافية يستند إلى المرجعية الدموقراطية والحقوقية والتاريخية عكسا لما تكرسه السياست الثقافية السائدة ( الايديولوجية العروبية للاحزاب القومجية , والاحزاب الاسلاموية المتخلفة ...) والثقافة المخزنية المرتكزة على الرؤية الطبقية للثقافة حيث يتم تبني استراتيجية تعميم الثقافة المهيمتة على العالم على غرار تعميم العلاقات الرأسمالية الليبرالة المتوحشة ( العولمة ) وإسقاطاتها الخطيرة على ثقافات الشعوب مما ينذر بخطورة المحو والابادة التي تتعرض لهما الثقافة والهوية الامازيغيتين في المستقبل . إنه التخوف الذي يتجسد الآن في عمل الحركة الامازيغية والتحولات التي تجذرها في السياقين الثقافي والسياسي المغربيين عبر النضال الثقافي المدني , وعبر الحوار والضغط ومساءلة الواقع والتاريخ ومراجعة التصورات والثوابت الثقافية السائدة بغية التصدي للتبعية الثقافية للمراكز المهيمنة وطنيا وعالميا ( عولمة نمط الانتاج الثقافي الرأسمالي ) .
ينطلق مشروع العمل الديموقراطي الامازيغي من معجم جديد ينتمي غلى الشرعية الدولية وغلى الحقوق الثقافية واللغوية ومن فهم للمساواة غير مقتصر على الافراد ولكن يمتد ليشمل الشعوب والثقافات في إطار تدبير ديموقراطي يروم إنشاء وحدة سياسية بديلة لتلك التي حملها أقطاب دولة ما بعد الاستقلال الشكلي . فالفعل الامازيغي يستند إلى بنيات قانونية فوق وطنية ومرجعية دولية في مواجهة نسق يقدم على أنه "خصوصي " , فالحقل المضاد الذي يتحرك فيه الامازيغيون يرفض مقولات الرعية _ إسلام الدولة - مركزية الولة , ويؤسس على أنقاضها نسقا جديدا بثلاث خصائص :
1- نسق مفتوح : مندمج في عالمية حقوق الانسلن ويحتكم إلى مقتضيات الشرعية الدولية ويمنح إمكانية الاحتجاج بها . نسق غير مغرق في تقليدانية الخصوصية أو في شرعيات تقليدية لم تعد قادرة على أن تقدم كمسوغ للعلاقة بين الحاكم والمحكوم .
2- نسق علماني : حيث انتقال المقدس من دائرة المجال العمومي إلى المجال الخاص , وتظهر آلية العلمانية كضامن لتدبير التعددية الخالقة لوحدة جديدة مبنية على فكرة المواطنة . فالعلمانية تمنح للامازيغية كمكون فرصة الظهور والاستقلالية في مواجهة فهم ديني للوحدة يتأسس عبر تذويب وصهر جل الثقافات .
3 - نسق فدرالي : عبر رد الاعتبار للمكونات تحت دولتية وتوفير بنيات إدارية قادرة على الحفاظ على الخصوصيات المحلية وإعادة صياغة العلاقة ما بين المركز والمحيط وفق ضمانات دستورية تجعل المحيط قادرا على تدبير شأنه المجتمعي خارج وصاية المركز الحامل في تمثلات المخيال السياسي ثتائية المكافأة والعقاب .
فالمشروع الامازيغي كمشروع عقلاني غير مستند على أصولية غابرة أو عرقية ضيقة يروم إلى خلخلة البنيات التقليدية للدولة التي تنظر إليها ك " سيبة جديدة " لكن هذه المرة غير مؤسسة على " منطق الغلبة " ولكن على مرجعية قانونية التزمت الدولة في ديباجة دستورها باحترامها .
لقد حظي العمل الثقافي باهتمام كبير في الادبيات الماركسية باعتباره آلية من آليات خوض الصراع وجبهة من جبهات المواجهة التي لها خصوصية كبيرة وحساسية عظيمة اتجاه الفعل المجتمعي عامة والسياسي خاصة , فهو لذلك ليس ترفا فكريا ولا ممارسة ثقافية محايدة ومعزولة .والحركة الثقافية الامازيغية الديموقراطية , وبالمستوى الفكري الذي أصبحت عليه , تعتبر أداة من أدوات ممارسة الصراع الثقافي الاجتماعي , وما الحقل الثقافي المميز لها إلا مجالا آخر لخوض هذا الصراع وطرح شعارات ثقافية واضحة للاعلان الفعلي عن التعاطي الصدامي مع هذا الواقع , ومن هنا تبرز أهمية العمل الثقافي في تنظيم هذا الصراع ودفعه باتجاه حل التناقضات التي نراها في هذا المستوى فكرية إيديولوجية , لكنها في واقع الأمر تعبير عن صراع طبقي له ترجمته فيما تخوضه الطبقات المضطهدة ضد قوى الاضطهاد .



#محمد_بودواهي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النظام الرأسمالي وسيرورة التطور نحو الحتف
- استقلالات الوهم في ظل الاستعمار الجديد


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد بودواهي - الإقصاء والتمييز الهوياتي و سياسة التخلف