-اسرئيل- عضو فاعل في حلف الناتو!! أيها العرب ماذا انتم فاعلون؟

محمد عبعوب

الحوار المتمدن-العدد: 2837 - 2009 / 11 / 22 - 11:05
المحور: القضية الفلسطينية
    

عطفا على مقالي المنشور في منتصف يونيو 2008 الذي يحذر العرب من مغبة تحول "إسرائيل" الى عضو في الاتحاد الأوربي بعد قبولها كعضو شبه رسمي في هذا الاتحاد وإشراكها في وضع السياسات الخارجية والأمنية له، ها هو هذا الكيان العنصري يخطو خطوة جديدة وخطيرة تضع العرب ليس فقط في مواجهة سياسية مع اتحاد سياسي، ولكن في مواجهة عسكرية مع الحلف الأطلسي (الناتو) بعد موافقة هذا الحلف على انضمام سفينة حربية "إسرائيلية" إلى الدوريات البحرية الحربية التي تقوم بها قوات الحلف في إطار ما يطلق عليه " بقوة مكافحة الإرهاب " .

الخبر نقلته شبكة (سي.إن.إن ) الإخبارية الأمريكية يوم أمس السبت. ونسبت الشبكة الى الناطق باسم الناتو في بروكسل قوله "من المقرر أن تنضم قريباً سفينة صواريخ إسرائيلية إلى الدوريات البحرية التابعة لحلف (الناتو) لمكافحة الإرهاب ومنع تهريب الأسلحة في البحر المتوسط" . وأشارت الشبكة إلى أن هذا الاتفاق تم خلال الزيارة قام بها رئيس هيئة أركان الناتو، " جيامباولو دي باولا " إلى فلسطين المحتلة خلال اليومين الماضيين ، واجتماعه مع رئيس هيئة أركان الجيش "الإسرائيلي" .

وأضافت أن قوات الحلف التي ستنضم إليها السفينة الحربية "الإسرائيلية" ، هي عبارة عن دوريات حربية متواصلة تشارك فيها سفن وغواصات وطائرات ، وتعمل على منع وصول الأسلحة إلى ما أسمته بـ"جهات إرهابية " . واستطردت القناة الأمريكية إن انضمام سفينة "إسرائيلية" إلى قوة الناتو ، يشكل نقلة مهمة في العلاقات بين الجيش "الإسرائيلي" وبين حلف شمال الأطلسي . موضحة أن هذه السفينة ستنضم إلى كافة أساطيل الحلف ، بما فيها الأسطول السادس الأمريكي ، التي تشارك في العمليات البحرية التي تتضمن مراقبة الممرات المائية من جبل طارق إلى باب المندب ، إضافة إلى محاربة ما أسمته بالقرصنة في المحيط الهادئ وبحر العرب .

قد يمر الخبر على صناع السياسات العربية كأي خبر آخر، فقد مر قبله خبر قبول هذا الكيان العنصري كعضو شبه رسمي في الاتحاد الأوروبي ولم نسمع وقتها أي صوت يرفع من أي عاصمة عربية لتنبيه هذا الاتحاد الى مدى خطورة قراره على مستقبل علاقاته مع العرب، ومدى تضاربه مع قيم أصيلة في الدساتير والتشريعات الأوروبية تناهض الاحتلال والظلم واغتصاب الحقوق والعدوان، وهذه الحالات الأخيرة كلها تشكل قواعد أساسية قام عليها الكيان الصهيوني..

ولكن الخطوة الأخيرة لن يكون مرورها سهلا وبسيطا على الأنظمة العربية المنشغلة في قضايا تافهة من وزن نتائج مباراة كرة قدم ، او غارقة في قمع شعوبها وذبح كل من يطالب بإحقاق الحق ورفع الظلم، هذه الأنظمة ستجد نفسها في مواجهة حتمية مع قوة ضاربة عالمية تغزو جيوشها العالم بل تحتل واحدة من البلدان العربية بعد أن قوضت نظامها الحاكم بالاحتلال العسكري المباشر. هذه الأنظمة التي تعتقد أنها محمية بمظلة أمريكية أو أوروبية ستجد بمقتضى هذا القرار السفن الحربية "الإسرائيلية" ضمن دوريات الناتو على مداخل موانئ المدن العربية، تفتش السفن الداخلة إليها والخارجة منها، بحثا عن أدوية او أغذية قد تحملها ل"لإرهابيين" من الفلسطينيين في غزة او الضفة الغربية باعتبار ان هذه المواد تشكل دعما لوجستيا للإرهاب من منظور صهيوني الذي أصبح بمقتضى القرار الأخير للناتو منظور أطلسي!! أليست الدوريات وحسب الاتفاق لمكافحة الإرهاب!!! أما إذا كانت هذه السفن تحمل أسلحة او ذخائر حتى وإن لم تكون مرسلة الى المقاومة الفلسطينية، فإن الأمر لا يستحق سوى طوربيد يغرقها طبعا بعد أن يتم تصويرها وربطها بالإرهاب من خلال ضخ إعلامي مبرمج يقنع حتى بعض العرب بأن الأمر خطير وأن إغراق هذه السفينة هو عين الصواب..

وقول (سي إن إن) بأن انضمام سفينة "إسرائيلية" إلى قوة الناتو ، يشكل نقلة مهمة في العلاقات بين الجيش "الإسرائيلي" وبين حلف شمال الأطلسي، قول يعبر بوضوح عن مدى خطورة القرار وما يستجد عنه من تغييرات في جبهة الصراع العربي الصهيوني وفي ميزان القوى وفي مصادر تحديد مفهوم الإرهاب وتوصيفاته .. فالقناة توضح لأهل الكهف من العرب، بأنهم لم يعودوا في مواجهة جيش ما يسمى "إسرائيل" الذي الحق بهم ثلاث هزائم منكرة على مدى ثلاثة عقود، بل هم اليوم في مواجهة قوة حلف الناتو!!
هذا التغير المستجد في مسارات المواجهة مع الكيان الصهيوني، يرتب على العرب واقع جديد يتطلب منهم تغيير ساحات المواجهة وأدواتها وتدارك الأمر، بالتوصل إلى مفهوم محدد للإرهاب مع دول حلف الناتو وعدم ترك هذا المفهوم مائعا مرسلا يتم إلصاقه بكل من يطالب بحقه المهدور.. كما يجب على العرب البحث عن مدخل لإقناع دول الناتو بالناي عن منزلق الارتماء في أحضان الكيان الصهيوني الذي هو مشروع فاشل وزائل بشهادة مفكرين وفلاسفة صهاينة .
ما لم تسارع الحكومات العربية إلى تدارك الأمر وتحصره على الأقل في الحد الذي وصل إليه، فإن الخطوة المنطقية الوحيدة المتبقية والتي على هذه الحكومات المتعامية عما يجري عند حدودها، اتخاذها ، هي الاعتراف العلني والرسمي بما يسمى ب"إسرائيل" وتسليمنا لها كرعايا من الدرجة الثالثة ، وتخليصنا من ضوضاء شعارات تحرير الأرض وتطهير العرض، وتأجيل هذه القضايا الخطيرة إلى أجيال قادمة متحررة من عبودية السلطة مالكة لإرادتها قادرة على اتخاذ القرارات الخطيرة وترجمتها الى واقع على الأرض، لا هذا الجيل الغارق سبات سرمدي شعوبا وحكومات، فيما تحرق نيران الاحتلال أطرافه وتقضمها ..

#محمد_عبعوب (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات