أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - صقر أبو فخر - لا بد من تحرير العقل العربي باتجاه العلم والمعرفة















المزيد.....

لا بد من تحرير العقل العربي باتجاه العلم والمعرفة


صقر أبو فخر

الحوار المتمدن-العدد: 2836 - 2009 / 11 / 21 - 15:16
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


نايف حواتمة- اليسار العربي: رؤيا النهوض الكبير

صقر أبو فخر – بيروت/لبنان/ مجلة دراسات فلسطينية
دمشق: دار الأهالي، 2009. 415 صفحة.
عنوان الكتاب يقول، بوضوح، إن هناك نهوضاً عاصفاً كبيراً في مسار شعوب العالم الثالث ودول الجنوب، بينما يؤكد محتوى الكتاب أن هذا النهوض يتجه نحو عالم الحداثة والعدالة الاجتماعية (ص 14)، ونايف حواتمة يرى أن اليسار العربي يجب أن يكون له شأن في هذا النهوض. وهو يصف الأحوال العربية بـ "الزمن الدائري" الذي يطحن مشاريع التقدم (ص 15)، ويعيدنا دائماً إلى البدايات، لكن بعد أن نخسر حقباً ضائعة من الزمن. و"لكسر هذا الزمن الدائري لا بد من تحرير العقل العربي باتجاه العلم والمعرفة" (ص 19)... هكذا يرى نايف حواتمة.
إنها "رؤيا" إذاً، لكنها ليست مثل "رؤيا يوحنا"، أو مثل رؤى جماعات الهذيان القيامي التي يتسابق مهدويوها إلى إعلان ظهورهم كما يحدث في العراق الآن، وإنما هي "رؤيا" تستند إلى تحليل الواقع بأدوات واقعية في سبيل تغيير الواقع الراهن والانطلاق إلى المستقبل.
* * *
اتسمت الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة بملامح شبه عَلمانية، وكانت يسارية إلى حد كبير، فقد ظهرت في خضم صعود حركات التحرر الوطني على النطاق العالمي في ستينيات القرن العشرين، وفي معمعان الوعود التي أطلقها اليسار الجديد بعد انتفاضة أيار/مايو 1968 في فرنسا. ففي تلك الحقبة كان تشي غيفارا وفيديل كاسترو وهوشي منه والجنرال جياب، علاوة على لاهوت التحرير في أميركا اللاتينية، يهزون الوعي العالمي بشعارات الحرية والتحرر والعدالة الاجتماعية، لكن، منذ أواسط سبعينيات القرن العشرين بدأ انحسار اليسار النقدي في أوروبا، بعدما اغتالت المخابرات الأميركية تشي غيفارا بخسة، وبعدما رزحت الدول المستعمَرة سابقاً تحت استبداد حكامها "الوطنيين"، وبعدما استقلت فييتنام وكمبوديا ولاوس لتندلع الحروب بينها على الطعام، ثم انهارت تجربة سيلفادور أللندي، وبدأ انفجار الهويات الدينية والقومية الجديدة كالهندوسية واليهودية والإسلامية بالدرجة الأولى، والمسيحية أيضاً في بعض البلاد الاشتراكية سابقاً مثل بولندا. ومع أن مياهاً كثيرة جرت، وعوالم بكاملها تغيرت، وتفتتت أوهام لا حصر لها، ونشأت أفكار مغايرة، إلاّ إن جوهر أي سياسة تقدمية، في أي بلد من العالم، يبقى هو هو: الحرية للفرد وللجماعات، والعدالة للجميع، والتصدي للعنصرية وللاستغلال الطبقي وللحروب في النطاق الوطني، والتضامن مع العاملين في سبيل ذلك على المستوى العالمي. وكتاب نايف حواتمة هذا يعيدنا إلى زمن التألق اليساري في ستينيات القرن العشرين؛ زمن التطلع إلى الانتصار على الإمبريالية والاستعمار، وإلى تدشين عصر الحرية والاشتراكية.
* * *
قُسِّم الكتاب إلى خمسة فصول: الأول، بعنوان "اليسار العربي: رؤيا النهوض الكبير"؛ الثاني، عبارة عن حوارات مع نايف حواتمة وبعض الخطب التي تتضمن مواقفه من القضايا الفلسطينية الجارية؛ الثالث، مقالات عن تجربة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بأقلام عربية؛ الرابع، وثائق مختارة تتعلق بالمحاولات الدؤوبة لإنهاء الانقسام الفلسطيني؛ الخامس، عرض 71 صورة تعكس العلاقات الوثقى للأمين العام للجبهة الديمقراطية بكثير من القوى اليسارية في العالم العربي وفي دول العالم. وفي هذه المراجعة سيتم التركيز على الفصل الأول، فهو في منزلة المدخل النظري والأكثر أهمية بين فصول الكتاب.
يقول نايف حواتمة إن النظريات الفاشية كنظرية "نهاية التاريخ" لفرنسيس فوكوياما، ونظرية "صراع الحضارات" لصموئيل هنتنغتون التي ظهرت بعد تفكك الاتحاد السوفياتي وفشل تجربته، قد انهارت (ص 13). وقد اعترف فوكوياما بأخطائه، لكن هنتنغتون مات ولم يعتذر (ص 15). ورأى أن هاتين النظريتين تعبران تماماً عن مفاهيم قدرية تعتنقها الليبرالية الجديدة، وأن هناك تحالفاً بين "النيوليبرالية" المتوحشة والثقافة الإسلامية القدرية التي تروج عبارات من طراز "إن الله يرزق من يشاء" و"قل لن يصيبكم إلاّ ما كتب الله لكم" و"العين لا تعلو على الحاجب" [ولا تقاوم المخرز] و"المقدَّر مكتوب" و"الدنيا قسمة ونصيب"... إلخ (ص 19)، ثم يستطرد بالقول: "إن الثقافة القدرية تروِّج لترك شؤون الدنيا التي لم يحز المواطن على فتاتها لقاء ربح ثواب الآخرة والحصول على السعادة الكاملة" (ص 27). ولعل مقارنة الثقافة القدرية الإسلامية وتجلياتها الإيمانية بالنظريات الحتمية الليبرالية، وهي نظريات قدرية أيضاً مثل "نهاية التاريخ" و"صراع الحضارات" (ص 80)، تذكّرنا بالنقد الماركسي الراديكالي للفكر الديني، بل بنقد كارل ماركس نفسه للدين الذي وصفه في كتابه المشهور "نقد فلسفة الحق عند هيغل" بـ "التحقق الخيالي لكينونة الإنسان، لأن كينونة ذلك الإنسان لم تتحقق في الواقع. فالشقاء الديني تعبير عن الشقاء الواقعي، وهو، من جهة أُخرى، احتجاج عليه. الدين زفرة الإنسان المقموع، قلب عالم لا قلب له، وروح لشروط اجتماعية لا روح فيها".
غير أن نايف حواتمة لا يخفي تفاؤله على الإطلاق، مع أن العالم كله، والعالم العربي خاصة، تتلاطم فيه الظواهر المعوقة للتقدم والديمقراطية والعدالة الاجتماعية كالعنصرية والاستبداد والفساد، وتتصادم فيه أيضاً الهويات المذهبية والإثنية، الأمر الذي يفتت المجتمعات العربية، وهي على العموم مجتمعات تقليدية، ويمنعها من التحول إلى مجتمعات حديثة. ومدعاة هذا التفاؤل هو صعود تجارب اليسار في العالم مثل هوغو تشافيز في فنزويلا، ورفائيل كوريّا في الإكوادور، وإيفو موراليس في بوليفيا، وتاباري فاسكيس في الأوروغواي، ودانيال أورتيغا والحركة الساندينية في نيكاراغوا، ولويس أناسيو دي سيلفا (لولا) في البرازيل، والمطران فرناندو لوغو في باراغواي (وهو من تيار لاهوت التحرير)، ونستور كيرتشنير في الأرجنتين (وهو من اليسار البيروني). ومن علائم هذا النهوض الكبير التظاهرات الاحتجاجية لعشرات الملايين في أوروبا وأميركا والعالم ضد العولمة الرأسمالية، وفي سبيل "عولمة شعبية جديدة في خدمة الشعوب" (ص 24)، وفضلاً عن ذلك تنامي دور اليسار الحاكم في الصين وفييتنام وكوبا، وعودة يسار الوسط إلى الحكم في الهند بالتحالف مع اليسار الجذري الماركسي، وتظاهرات الملايين في العالم ضد الغزو الأميركي للعراق وتضامناً مع شعب فلسطين ضد الاحتلال الإسرائيلي (ص 31 – 33).
هنا، في هذا الميدان، لنا وِقفة. فصعود اليسار، على هذه الصورة، ليس فريداً، فقد حدث أيضاً في ستينيات القرن العشرين وسبعينياته، ثم بدأ بالانحسار المتدرج. وأكثر ما نخشاه اليوم هو أن يدور اليسار دورته ثانية، ثم يعود إلى الانحسار بقوة الكوابح الموضوعية، وبقوة "القصور الذاتي" معاً. والشارع العربي شارع احتجاجي في الدرجة الأولى، والاحتجاج وحده غير قادر على التحول إلى حركة سياسية ما دام أي مشروع سياسي جدي غير موجود. ثم إن اليسار الحاكم في الصين وفييتنام وكوبا، وفي الصين تحديداً، إنما هو يسار على المستوى الأيديولوجي فقط، كأنه يسار من نوع خاص؛ فهو يقود اقتصاداً ليبرالياً بنظام سياسي متشدد وغير ليبرالي. وهذه الثنائية ربما تؤدي إلى إزاحة الأيديولوجيا لمصلحة السوق، وهي تشبه شعار لينين المشهور في سنة 1918: "إلى دولة رأسمالية من دون رأسماليين". لكن تجربة لينين هذه أدت إلى الاستبداد الستاليني. وحديثاً، يمكن اعتبار التجربة الماليزية مثالاً جدياً للاقتصاد الليبرالي في إطار نظام سياسي غير ليبرالي وغير ديمقراطي (الماليزيون صينيون في معظمهم، لكنهم مسلمون). فقد بقي مهاتير محمد على رأس السلطة في ماليزيا أربعة وعشرين عاماً متواصلة، وعندما تجرأ نائبه أنور إبراهيم على معارضته لفّق له تهمة وزجّه في السجن. أمّا يسار الوسط في الهند فقد انقلب اليوم، نهائياً كما يبدو، على تاريخه الباهر في تأييد قضية فلسطين وقضايا العالم الثالث، وها هو الحكم "اليساري" في الهند لا يتورع عن توثيق صلاته بإسرائيل بطريقة مثيرة للتساؤل وللتأمل. فبعدما كان ياسر عرفات هو الضيف المميز لدى أنديرا غاندي صار شمعون بيرس هو الزائر المرحب به دوماً في نيودلهي. وربما لا نجازف في الاستنتاج إذا قلنا إن إرهاب المجموعات الإسلامية المتطرفة في باكستان وكشمير كان عاملاً مهماً جداً في تغيير صورة العرب لدى الهنود.
لاحظ نايف حواتمة أن أحزاباً دينية مذهبية تحقق أصواتاً كبيرة في الانتخابات في بعض البلاد العربية، وهذا على الرغم من افتقارها، إلى حد الإفلاس، إلى برامج اجتماعية وسياسية. ويفسر حواتمة هذه الظاهرة بأنها تعبير عن التصويت الاحتجاجي على برنامج السلطات الطبقية الحاكمة، ودليل على إحباط قطاعات واسعة من الفقراء في المدينة والريف، وأنه ليس تعبيراً عن انحياز أيديولوجي واجتماعي إلى أحزاب وجماعات بلا برنامج سياسي وطني (ص 21).
هذا التفسير صحيح جزئياً، لكنه لا يجيب عن السؤال الجوهري التالي: لماذا تُصوِّت هذه الجماهير لجماعات دينية بلا برامج اجتماعية وسياسية، وتناصرها بشدة؟ أمّا الجواب فهو شديد التعقيد ويندرج في سياق علم الاجتماع الذي يلحظ حال المدينة العربية اليوم، والرثاثة الاجتماعية التي تُسربلها، ودور الضواحي في عمليات الاحتجاج؛ هذه الضواحي التي تتخذ شكل التجمعات الإثنية والمذهبية المهمشة. وكل احتجاج مطلبي أو سياسي يتحول، جرّاء هذا الانقسام المكاني، إلى احتجاج ذي طابع إثني أو مذهبي، لأن المدينة العربية الحديثة التي اتسعت جغرافياً لم تتمكن من دمج المجموعات الوافدة إليها من الأطراف والأرياف في نسيجها المديني ولو جزئياً. ثم مَن قال إن الجماعات البشرية والجماهير تقترع للبرامج السياسية والاجتماعية؟ هذا يحدث، بالفعل، في المجتمعات المدنية الحديثة لا في المجتمعات التقليدية التي ما زالت مجتمعات ما قبل الدولة المعاصرة مثل مجتمعاتنا العربية التي يقترع فيها الفرد للحاكم خوفاً، أو لزعيم طائفته ووجيه عشيرته، أو لابن عمه بحسب مصالحه.
مهما يكن الأمر، فإن نايف حواتمة يعتقد أن اليسار العربي هو المؤهل لمواجهة المشكلات الرئيسية في العالم العربي، وهذا اليسار هو يسار جديد إلى حد كبير، وغير مؤسَّس على أنقاض اليسار القديم وعلى القطيعة معه، وإنما يتضمن التجاوز الديالكتيكي للظاهرة اليسارية القديمة. وهذا اليسار الجديد هو يسار ديمقراطي بالضرورة، أي أنه مرتبط بمفهوم "العدالة الاجتماعية" وبمفهوم التقدم في آن واحد. ويرى حواتمة أن من الضروري قيام تحالف بين اليسار الملتزم الديمقراطية ومبادئ العدالة الاجتماعية، وبين الليبراليين الوطنيين، ولا بد من حل المشكلات الإثنية والمذهبية والدينية بروح ديمقراطية وفق حق تقرير المصير للأكراد ولجنوب السودان الإفريقي ولمنطقة دارفور الإفريقية وللأمازيغ في المغرب العربي (ص 23).
هل يعني ذلك حق هذه الشعوب الأربعة في الانفصال؟ ربما. وقد كان نايف حواتمة، في هذا الحقل، دقيقاً حين حصر حق تقرير المصير بهذه الأقوام وحدها كي لا ينسحب كلامه على جماعات مذهبية أُخرى. فحق تقرير المصير ينطبق على الأمم وليس على الأقليات المذهبية والدينية التي لا يمكن حل مشكلاتها إلاّ في نطاق نظام ديمقراطي ليبرالي، وفي مجتمع مدني معاصر يشدد على المواطنة والمساواة في دولة القانون والمواطن، بصرف النظر عن قومية الفرد أو دينه.
* * *
يتعقب نايف حواتمة، في هذا الكتاب، ولا سيما في حواراته، الحال الفلسطينية المعيبة بتفصيلاتها كلها، وخصوصاً الانقسام الدموي بين "حماس" و"فتح". وهو يدين حركة "فتح" لأنها أدارت ظهرها للائتلاف الوطني منذ سنة 1991، أي منذ مؤتمر مدريد، وانفردت بالقرار السياسي. ويدين "حماس" لأنها نفذت انقساماً دموياً مدمراً في سنة 2007، وفرضت بالقوة المسلحة هيمنة فئوية ضيقة على قطاع غزة (ص 38). وكما رفض حواتمة انفراد "فتح" بالتفاوض السياسي على القضية الفلسطينية، دان أيضاً انفراد "حماس" بالقرار السياسي في غزة، ولا سيما مفاوضاتها غير المباشرة مع إسرائيل وعقدها اتفاق التهدئة معها في 19/6/2008 (ص 114)، تماماً مثلما رفض فكرة "توازن الرعب" التي حاول الشيخ أحمد ياسين وقادة "حماس" ترويجها بعده، لأن إسرائيل، بحسب نايف حواتمة، تمتلك تفوقاً كاسحاً، وهي تستطيع أن تستخدم هذا التفوق في حرب شاملة ضد الفلسطينيين مثلما حدث فعلاً في "عملية السور الواقي" (ص 238). ولا يعتبر حواتمة الانتفاضة، بما في ذلك الكفاح المسلح، هدفاً في حد ذاته، بل إن الهدف الممكن، منذ الانتفاضة الثانية على الأقل، كان تعميق الطابع الجماهيري للانتفاضة، مع عدم تحويلها إلى انتفاضة سلمية تماماً، بل ترشيد خط المقاومة بتحييد المدنيين الإسرائيليين، وعدم القيام بعمليات عسكرية داخل الخط الأخضر، والاقتصار على مواقع جيش الاحتلال وميليشيات المستوطنين، والغاية هي استنزاف الإرادة السياسية للعدو، لإرغامه على القبول بالحد الأدنى من المطالب الوطنية الفلسطينية (ص 239).
* * *
رصد نايف حواتمة حال "القوى الديمقراطية الفلسطينية"، فلاحظ أنها حققت نتائج متواضعة في الانتخابات التشريعية التي جرت في 25/1/2006، وأن هذه النتائج لا تعكس دورها التاريخي ووزنها الفعلي في الحركة الوطنية الفلسطينية (ص 84). من الناحية الوصفية يمكن القول: نعم، هذا الكلام صحيح. أي أن نتائج الاقتراع لا تعكس الدور التاريخي لليسار الفلسطيني، لكنها تعكس، بالفعل، حجمه الحقيقي في المجتمع. وقانون الانتخابات النسبي (بدلاً من المختلط) لن يغير كثيراً في النتائج، لأن المشكلة ليست في القوانين بل في المجتمع بالدرجة الأولى؛ هذا المجتمع الذي راحت فئات واسعة جداً منه تنزاح نحو التدين والسير وراء خطباء المساجد وشيوخ الحسبة وجماعات التطرف الديني منذ أواخر سبعينيات القرن العشرين، ولأسباب شتى.
وكان لليسار الفلسطيني شأن مهم في الكفاح الوطني في الفترة ما بين سنتَي 1919 و1982، وانبثقت في خضم هذه المرحلة منظمات يسارية مكافحة مثل "عصبة التحرر الوطني"، ثم، فيما بعد، "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، و"الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين"، وغيرها. وفي خضم هذا النضال العاصف، لم تؤدِّ الحركات الإسلامية الفلسطينية أي دور ذي شأن مهم. ولهذا، ترك انحسار اليسار الفلسطيني بعد الخروج من بيروت في سنة 1982 خللاً كبيراً في الحياة السياسية الفلسطينية لمصلحة اليمين الديني الذي جاهد كي يحوّل أوراقه السياسية إلى أرباح تصرف، لا من حساب إسرائيل، بل من حساب منظمة التحرير الفلسطينية بعد قيام السلطة الوطنية.
قصارى القول، إن نايف حواتمة يبدو في هذا الكتاب كأنه ما زال واثقاً بأطروحاته الأولى بعد أربعين عاماً على ولادة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين. لقد تغيرت اللغة نسبياً، لكن الجوهر لم يتبدل، فهو ما برح ثابتاً، في شأن القضية الفلسطينية، على أمرين: البرنامج المرحلي الذي يتضمن حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وتأسيس دولة مستقلة بحدود الرابع من حزيران/يونيو 1967 (على أن تكون القدس عاصمتها)، وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين، والبرنامج الاستراتيجي الطويل الأمد الذي يتطلع إلى قيام دولة ديمقراطية موحدة في فلسطين التاريخية لجميع مواطنيها، العرب واليهود، الذين سيعيشون فيها على قدم المساواة.

صقر أبو فخر
مجلة دراسات فلسطينية
بيروت / لبنان



#صقر_أبو_فخر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجنون اللذيذ: فن الجلد والطرد في العالم العربي
- الدستور الفلسطيني ودين الدولة ماذا حلَّ بفكرة ((الدولة الديم ...


المزيد.....




- بدولار واحد فقط.. قرية إيطالية تُغري الأمريكيين المستائين من ...
- عوامل مغرية شجعت هؤلاء الأمريكيين على الانتقال إلى أوروبا بش ...
- فُقد بالإمارات.. إسرائيل تعلن العثور على جثة المواطن الإسرائ ...
- واتسآب يطلق خاصية تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
- بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل إسرائيلي في الإمارا ...
- إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام المختفي في الإمارات
- هكذا يحوّل الاحتلال القدس إلى بيئة طاردة للفلسطينيين
- هآرتس: كاهانا مسيحهم ونتنياهو حماره
- -مخدرات-.. تفاصيل جديدة بشأن مهاجم السفارة الإسرائيلية في ال ...
- كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - صقر أبو فخر - لا بد من تحرير العقل العربي باتجاه العلم والمعرفة