|
صديقتي الكردية الجميلة هجرتني بعد الحرب الأمريكية.... لكني سأحبها أكثر !!!!
باسل ديوب
الحوار المتمدن-العدد: 861 - 2004 / 6 / 11 - 04:56
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
في كل المحن التي تلم بالشعوب تدفع المرأة الضريبة الأكبر، حتى في مرحلة التحرر الوطني يصعد الرجال على أكتاف النساء ثم ( يملحفونهن) بسائر أنواع الأقمشة والأحكام العرفية الذكورية ، وفي بلادنا تتعرض الأقليات لمعاملة تمييزية فيما يتعلق بهويتها القومية ، وإذا عددنا طبقات القهر الذي يعانيه المواطنون هؤلاء سنجد أن ناطحة سحاب ترتفع فوق صدر المرأة المنتمية لأقلية : فطابق القهر الأول يعيشه المواطن كمواطن والثاني كمنتمٍ إلى أقلية وإذا كان المواطن أنثى فيضاف إلى ذلك قهر ذكوري عام ثم قهر ذكوري خاص يمارسه ذكور القطيع القوقعي، وبقدر ما تزداد مدنية الأقلية نسبياً بقدر ما تخف وطأة اندفاع ذكور القبيلة ولو كانت ترفع ألوية الحرية والديمقراطية نحو تطويق إناث القطيع، ومنع أي ذكر غريب من الاقتراب منهن، والويل لمن تتجرأ منهن على تمزيق الشرنقة ، والخروج إلى رحابة الإنسانية ، وتغدو بعض أشكال التقوقع بالغة الكاريكاتيرية مما يمكن أن نسرده في مقالات ساخرة . وأتحدى من يدلني مثلاً على فتاة أرمنية واحدة في حلب لديها صديق من قومية أخرى !! قبيل الحرب الأمريكية- لتحرير العراق!!!! - توقعتْ صديقتي الكردية أن يتم سقوط صدام خلال أيام قليلة، وكانت تخفي فرحها الشديد بالحرب الأمريكية معلنة في الوقت نفسه عن أسفها لسقوط أبرياء خلال إطاحة صدام، وكرهها الشديد للحرب وسفك الدماء لكنها كانت تردف في تأييدها للحرب ما العمل؟ وهل هنالك طريقة لإسقاط صدام غير الحرب الأمريكية؟؟؟؟؟؟ صديقتي الكردية الجميلة يخبو كل جمالها عندما تتحدث بالسياسة ، لكني كنت أصم السمع عن كلامها الشتائمي مركزاً نظري نحو شامات جميلات تناثرن على رقبة و صدر حليبي واسع ، مفضلاً المشاجرة بين عينين تعشقان الشامات وبين امرأة جميلة تنتظر سقوط بغداد بين اللحظة والأخرى . ما علينا ، فلكي أحافظ على صداقة بدأت تتأثر بالحرب الأمريكية بشكل مباشر ، جهدتُ كثيراً لإخفاء ألمي وحزني الشديد على الإنسانية التي تتهشم بفعل الاضطهاد والتخلف والديكتاتورية والسياسة الإمبريالية وعلى هذا التبرير المتهافت لشن حرب عدوانية ستوقع ضحايا أبرياء وستفتح الأفق على المجهول ولن تورث سوى العداوة والبغضاء بين البشر ، شنت أمريكا الحرب وقررت الأحزاب القومية الكردية في سورية (ضربة معلم على أساس ) إلغاء الاحتفال بالنيروز الذي أصبح عيداً قومياً للأكراد ( عيد بداية السنة والربيع لشعوب كثيرة ) مما جعلها تفقد صوابها فالعيد أصبح عيدين ولماذا إلغاؤه ؟؟؟ القرار(الذكي) لاقى استياءً شديداً في أوساط الأكراد السوريين فالعيد للشعب الكردي وليس مناسبة سياسية للأحزاب لكي تتذاكى على حسابه وتزايد على العرب و السلطة السورية.، في الوقت الذي يتمنى معظمهم (تكويع) الأمريكيين نحو سورية . مرت عدة أيام والمدن العراقية- صامدة- بينما كانت الحشود العسكرية تتقدم نحو بغداد ، في الوقت الذي تحرك فيه الشارع السوري وبالأخص الطلابي رفضاَ للحرب، فبدأت صديقتي انطلاقاً من تفجر الوعي الأقلوي العنصري المتقوقع بالتغير الهائل، عصبية شديدة وتوتر دائم،و جعلت حديثها الدائم تسفيهاً للعرب و سخرية من تظاهراتنا و اعتصاماتنا في الجامعة ، ولم يعد هنالك فكر وغزل وحوار، ما جعلني في غاية التعاسة وأنا أرى تقلبات مزاجها من شتم للأتراك وتمجيد للعرب فحسب المثل الكردي كما قالت ظلم العرب ولا عدل الأتراك!!!! إلى شتم للعرب وبداوتهم المزعومة وتحقير للإسلام وتمجيد للعسكر التركي الذي سمح باللغة الكردية أخيراً، وبين العربي والكردي والتركي والفارسي ضاعت المحبة ثم ذابت مع كل يوم تأخير لسقوط بغداد التي كانت تحسبه صديقتي يوم إعلان الدولة الكردية العتيدة!!!! ، صديقتي المسكينة لم أشأ أن أبالغ في جروحها وندوبها الإنسانية بفعل التمييز المتعدد، القومي و الجنسي، فقد أصبحت الفتاة محط أنظار وسخط معظم من يعرفها من الطلاب والطالبات الأكراد في المقصف الطلابي الذي كنا نلتقي به وبدأت النظرات المتهامسة هنا وهناك وبعض المضايقات التي تمرست بها الذكورة الشرقية القبيحة ، ورغم ادعاءاتها السابقة حول الحرية و حقوق المرأة و......... فإن صديقتي بدأت تحس بثقل ما أقدمت عليه من خروج على نظام القوقعة والعشيرة والصداقة الُّلحَمِّية ( فقط بين أبناء الجماعة نفسها) و التي تعتبر قمة التطور بنظر هؤلاء وأخذت تفكر بالانصياع والعودة للقطيع . ولئن اتفقنا معاً على طبيعة التمييز القومي فإننا لم نستطع أن نصل إلى توافق حول كيفية تجاوز ذلك فهي مصرة على قومجيتها التي لم تعد ترى فيَّ الديمقراطي و (المتعاطف) مع الأكراد بل مجرد شوفيني لا يعترف( بحق تقرير المصير للشعب الكردي في سورية!!!!!) ويدعي أن الجزيرة ليست كردية بل سوريّة !!!! والديمقراطية والتعددية لديه ما هي إلا طريقة لمنع الأكراد من بناء دولتهم القومية بداعي المساواة الكاملة بين المواطنين. الحزن والتوتر لازما صديقتي حتى سقوط بغداد الذي أسرها جداً ، وبعد ذلك ولأني شيطان بسبعة أرواح وأنحدر من مدينة سورية يشتهر أهلها بدماثة خلقهم وخفة دمهم وتكيفهم مع كل العقليات مهما كانت صعبة ومتحجرة، تحملتُ تخبيصاتها وعنصريتها التي تفاقمت , وبتُّ أكثر تعاطفاً مع الإنسان الكردي الذي يتحول شيئاَ فشيئاً إلى ( يهودي ) جديد، إنسان مسكون بعقدة الاضطهاد ، يميل إلى خلق غيتو خاص به ، بنرجسية مأزومة جداً ولكن بنكهة شعور بالنقص ، برز ذلك جلياً بعد أحداث العنف الأخيرة، التي لعب فيها العامل النفسي دوراً كبيراً. حاولت كثيراً أن أبقى إلى جانبها في معاناتها الدائمة التي تركت خطوطاً قاتمة حول عينيها ، لكن التعقيد ورد الفعل الحاقد على مظالم التاريخ لم يترك للود مطرحاً، ورغم ضحكي الشديد وتبسمي حين تتوتر في الحديث وتشتم وتحقر العرب ودينهم، إلا أنها كانت تزداد شراسة، وكأنثى نمِر كانت تثب في النقاش وتدمي محبتنا والحقيقة والحرية والآخر الغير كردي وصداقتنا التي كان يمكن لها أن تنمو لولا الحرب المجنونة التي غذت الأحقاد والمشاعر الشوفينية في بلادنا، وسيكون الأكراد كما في كل الحروب والصراعات أول ضحاياها. ولا أخفي فرحي بأنوثتها المتوحشة التي جعلتني أطالب بإشهارها في وجه ذكور قبائلها القومية بنفس الدرجة لعلهم يعقلون ويخففون من درجة وصايتهم عليها، صديقتي هجرتني تماماً ولم أعد أراها في الجامعة، ولكني أبحث عنها لأني لا أزال أحب الشامات على جيدها وأحب النيروز وأحب (تنمرها) الأنثوي , ولأن الأمريكي والديكتاتورية سيرحلان وسيبقى الكردي والعربي للمستقبل ، سيبقى الإنسان
#باسل_ديوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أطفال شاتيلا ...طفولة معذبة في ركنٍ مهمل
-
بين الرئيسين السوري والمصري
-
حق الليلة الأولى وعرس الدم العراقي
-
فصل طلبة جامعة حلب السبعة أما آن الآوان لطي هذه الصفحة ؟؟؟
-
رد مبكّر على رسالة متأخرة
-
الاستعصاء الديمقراطي العربي
-
أحداث الجزيرة في لقاء الرئيس بشار الأسد مع قناة الجزيرة
-
الديمقراطية الرأسمالية على حقيقتها التعذيب في سجون العدو الأ
...
-
المقصف الطلابي المركزي في جامعة حلب من الديمقراطية المركزية
...
-
تـــحية للفلوجيين الأمريكيون لم يجلسوا على صفيح عراقي ساخن ب
...
-
الاتحاد الوطني لطلبة سورية منظمة نقابية أم مؤسسة أمنية؟
المزيد.....
-
أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل
...
-
في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري
...
-
ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
-
كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو
...
-
هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
-
خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته
...
-
عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي
...
-
الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
-
حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن
...
-
أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|