سعد تركي
الحوار المتمدن-العدد: 2836 - 2009 / 11 / 21 - 11:24
المحور:
المجتمع المدني
ما كانت الشمس لتحمل الينا خلال ستة من الاعوام التي انقضت شيئاً طيباً أو خبراً يثلج صدورنا وقلوبنا المفجوعة والموجوعة..ما كان كل صباح تتوهج فيه الشمس يحمل شيئاً سوى أن يوجه أنظارنا الى عشرات ومئات وأحيانا الاف الجثث المشوهة مجهولة الهوية، حتى أضحى أغلبنا وكل أمله ومناه أن يكون جثة معلومة الهوية ويدفن في قبر لا يكون جماعياً!!
ما كانت الشمس لتحمل سوى قيظ الظهيرة واياماً طويلة من العذاب والخوف والترقب..لا تحمل غير عواصف الغبار والتراب الذي حول مساكننا الى قبور وتسرب الى قلوبنا وعقولنا وضمائرنا التي غفت اغفاءة طويلة لم نكن نعتقد أنها ستصحو مرة أخرى..طردنا الحب والجمال من قلوبنا وأصبحت حياتنا صحراء جرداء الا من الرماد والمباني المحترقة!!
واليوم اذ يهطل المطر تتغلغل قطراته الباردات من خلل الملابس الى أجسادنا المثقلة بالذنوب والهموم فتغسلها..وتسقط على الأرض الجافة القاحلة فتروي عطشها وتحيلها الى جنة مزهرة فشتاؤنا اليوم ربيع الوطن والروح الذي يبعث من جديد كما ينبعث تموز..الوطن يعود من العالم السفلي ليأخذ مكانه الذي حاول الاخرون اغتصابه.
قد أكون مغالياً وأنا أحتفل بالمطر..لم أنس طفح المجاري وانسداد الشوارع وغياب الخدمات..لم أنس كهرباءنا التي تغيب مع أول قطرة..وما نسيت الرعب والخوف من الانفلونزا الوبائية..لم أنس عشرات العقبات والمشاكل التي تحيط بنا..وما نسيت أن هناك من يتربص ويريد بنا الشر والخراب..لم أنس المحاصصة الطائفية والسياسية وما جلبته علينا من الكوارث والويلات..لكنني أحسست بنسغ زهرة تنمو في قلبي وأظنها تنمو في قلوب الناس من حولي أيضاً..رأيت الوطن مغسولاً جديداً جميلاً معافى كالطفل يلهو تحت زخات المطر..
أتمنى أن تستمر السماء بجودها لتغسل ما تبقى من آثار السنوات الماضية..أتمنى أن نكشف قلوبنا وعقولنا عارية تحت السماء الممطرة لعلها تغسل ما تبقى فيها من ظلام..ان كانت الشمس لم تحمل تحت ضيائها جديداً لهذا الوطن المثخن بالجراح..فلعل المطر الذي ينهمر هذه الايام دون توقف يحمل الاخبار السعيدة لوطن طال غيابه عن مكانته..ومواطن آن أن يستبدل دموع الحزن بدموع الفرح.
#سعد_تركي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟