محمد جهاد
الحوار المتمدن-العدد: 861 - 2004 / 6 / 11 - 04:54
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
كانت نهايات الصيف الثاني لحكم البعث في العراق و الشمس لم تتوقف عن الحركة رغم كل شيء وها هي تسبح على ضفاف دجلة مترنحة حمراء صفراء عاشقة تبعثر ضفائرها لتجد عن من يصفها لها وتغرق في الزرقة الداكنة الازلية لتعلن عن ليل جديد. لم نكن قد بلغنا السن القانونية للرجوله ولكن الامر تحتم عبور الشارع باشراف المخلوق البائس الذي تصور باشارة من كفه المعتل انه سيوقف كل السيارات. وكنت رغم مشاغلي في البحث عن الهويه والذات أتامل وجه هذه المخلوقات عندما ينصاع الجميع اليهم وكيف ترتسم الابتسامة على شفاههم, الابتسامة التي طالما شبع ضربا بسببها بكل ما تيسر لابيه من معدات المشي والبناء بسبب وغير سبب. لم تكن سوى بضع خطوات لنا على اسلفت الشارع حتى خطتنا سيارة بيضاء مسرعة كادت تنهي حياة هذا المخلوق الحالم ذوالبدلة البيضاء وهو رافعٌ احدى يديه و يلوح بالاخرى لنا بالعبور . صرخ المسكين باعلى صوته بعد ان اجتازته السيارة بامتار ومسحت كبريائه بالارض المشبعة بغبار احذية رواد ساحة التحرير " زمـــــــــــــــــــال " لم تتجاوز الخمسة امتار مسافة احتكاك العجلات المتوقفة عن الدوران راسمةً خطوطا سوداء على أسفلت الشارع كخطوط البعث في ارض الرافدين. كان صوت صرير الاطارات وحده كافيا ان يوقف زهو هذا المخلوق البائس. فتح الباب وخرج من السيارة عملاق بشكل انسان, لم يكن بحاجة الى الحزام الجلدي الذي توشح به من كتفيه والتف حول وسطه وصدره مدليا مسدسا لم ارى بحجمه من قبل كي نجزم جميعا بانه قاتل أقصد موظف في احدى الدوائر المجهولة المكان... تقدم الى المخلوق البائس بخطوات كانها حفارة هيدروليكيه تقلع الاسفلت وتزلزل الارض تحتنا و بصوت اسكت حتى الطيور المغنيه فوق رؤسنا صرخ العملاق وانا اتطلع الى حاجبيه الاشبه الى غابة صبار سوداء كاحله " لك عليمن زمال ". لا ادري هل تجاوزت الواحد بالالف من الثانية ام اقل حين رد " دا أكول آني عله نفسي هل الطول وهل العرض زمال ما شفتني "
". من فعلا الحمار؟؟ العملاق ام البائس ام نحن الذين اعتقدنا بان بامكاننا العبور بامان معتمدين على هيبة الحمار ... واللبيب من الاشارة يفهم
#محمد_جهاد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟