أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - عالم الرياضة - بشير زعبيه - الخيبة.. أو (رياضة الكراهية)















المزيد.....

الخيبة.. أو (رياضة الكراهية)


بشير زعبيه

الحوار المتمدن-العدد: 2834 - 2009 / 11 / 19 - 21:03
المحور: عالم الرياضة
    


لم أتردد في كتابة موضوع مثلما ترددت في الكتابة حول ما حدث ويحدث في بلدين عربيين على مختلف مستوياتهما الاعلامية والاجتماعية والسياسية ربما كانت الصدفة وحدها وراء جمعهما في مباراة فاصلة للترشح الى نهائيات كأس العالم في كرة القدم التي ستحتضنها جنوب أفريقيا صيف العام المقبل .. ذلك لأني رأيت أن أنأى بنفسي عن هذا التدني في التعامل حدث هو مهما كان سياقه يبقى مجرد مباراة رياضية بين فريقين عربيين ولا أريد أن أنهى عن شيء وآتي مثله حين استنكرت كل هذا الاهتمام المبالغ فيه بهذه المباراة .. لكن أمام هذا الفصل غير المعقول في المشهد العربي , ولأن بلادي وضعتها الجغرافيا الطبيعية منها والسياسية على تماس مع الحدث شرقا وغربا وجنوبا حيث (الحدث الفصل ) رأيت أن أكتب ما لم أجد له عنوانا ملائما سوى ( الخيبة.. أو رياضة الكراهية) , الخيبة التي أعتبرها هي النتيجة النهائية لهذه المباراة مهما تراءى لأي فريق أو بلد أنه الفائز , الخيبة حين نسمع ونرى الى أي درجة يمكن أن ينحط الخطاب الاعلامي العربي متجليا في نموذج يتعاطى مع مباراة رياضية بلغة غابت فيها مفردات الرياضة لتحل محلها كل مفردات الحرب ومصطلحاتها ( الموقعة – الملحمة-اليوم الموعود- البركان - يوم الجحيم- الهجوم- الدفاع – خط النار-الكرامة ) وقرارات باقامة جسور جوية من بلد الى بلد , بل هناك من تحدث عن "خطة سرية" لاجلاء رعاياه تحسبا لما قد يعقب المباراة , وآخرون دعوا الى مساعي حميدة لـ " نزع الفتيل " !! تصريحات لمسؤولين سياسيين على أعلى مستوى وفتاوى رجال الدين , فيما لم تكف الاتهامات المتبادلة عن اعتداءات هنا وانتقام هناك أو العكس محصلته جرحى وخسائر مادية , وقبل ذلك وأخطره زرع الفتنة والعداوة و نشر الكراهية بين أبناء شعبين كانا بالأمس شقيقين !! حتى يكتسب ما يحدث أستحقاق تسميته بـ (رياضة الكراهية) .. لست بصدد الخوض في تفاصيل كيف بدأ هذا الذي يحدث ومن تسبب فيه أولا , لكن لا بد من طرح السؤال : لماذا يحدث هذا ؟ لماذا تنفجر العداوة هكذا وبمثل هذه السرعة وفي حدها القريب من الأقصى في هكذا مناسبات ؟ لماذا يتوارى صوت العقل فجأة وتتناغم لغة النخبة مع لغة الشارع , ويتفنن ويتسابق الجميع في شحن الناس لتغيب الحكمة وتحضر الغوغاء والفلتان والفوضى ؟ لماذا هذه الشوفينية ؟ ولماذا لا يستطعم العربي الفوز علي شقيقه الا اذا ارتبط بالحط من قدر هذا الشقيق وتحقيره واهانة رموزه , حتى الرايات التي سقط الأجداد شهداء من أجل أن ترفع على أرض حرة وترفرف في سماء حرة تمرغ على الأرض وتحرق ـ وللأسف ـ بأيدي أ بناء هؤلاء الشهداء أنفسهم !! ..
ومن يدري الى أي مجرى كان سيؤدي التصعيد لو ان البلدين المعنيين تربطهما حدود مشتركة ! سترجع بنا الذاكرة هنا أربعين عاما الى الوراء لتستحضر واقعة الحرب التي حدثت بين دولتي الهندوراس والسلفادور بسبب مباراة في كرة القدم! ..
في مقال سابق لي في هذه الزاوية كتبت عن أحداث عنف أعقبت مبارة في كرة القدم بين فريق تونسي وشقيقه الليبي , وطرحت بعض من هذه الأسئلة , ونبهت الى أنه ثمة خللا ما في ثقافة العلاقات الطبيعية المفترض أن تربط بين شعبين شقيقين متجاورين مستغربا من هذا الكم من العدوانية الذي يعكسه سلوك مخيف يعبر عن احتقان مخفي سرعان ما ينفجر كلما توفر له مناخ مناسب , وتأكد في غير تجربة أن مثل هذه المناسبات الرياضية هي ذلك المناخ الأنسب للخراب , ولم يعد في امكاننا ازاء هذه الحقيقة تصديق ما يقال وما يعلن من تصريحات لمسؤولين رسميين هنا وهناك تتحدث عن صورة وردية للعلاقات بين الأشقاء بينما نرى بين حين وآخر صورة أخرى ليس فيها من الورد سوى الشوك .. بل أن الشبهة تلحق هنا بهؤلاء المسؤولين حين نرى تأخر ردود فعلهم الحاسمة وعدم اتخاذ اجراءات استباقية أمام مؤشرات كانت كافية لأن تنذر بما سيحدث ويستوجب احتواؤها والتصدي لها في مهدها , لا أن تترك الأمور رهينة سياق فوضوي عشوائي لا شيء محسوب فيه أو منظم سوى أسباب الفتنة , وحين تدخلوا لم ينجزوا سوى ما يصب في خدمة هذه الفتنة , هذا ما كان من أمر الجهاز الحكومي الرسمي أما المعارضة والتي تزايد في العادة على الحكومات في مبدأ الحرص على المجتمع وعلى البلاد فقد لجأ أغلبها الى استغلال الحالة لخدمة حملته على الحكومات, وخلطت في استخدام المصطلحات حتى لم تعد تفرق بين(المنتخب) و(الانتخابات) .. ثمة أسباب لاشك وراء هذا المشهد البائس للعلاقات الرسمية بين البلدان العربية لاندعي الاحاطة بكل أسبابها وبما يجري في كواليس الساسة بشأنها , وهي أسباب تشكل معطى هاما في الخلل الذي طالما أصاب هذه العلاقات بالارتباك والشك والشلل أحيانا , لكن الخلل الأكبر يبقى في المسلك الجمعي العربي العام , وتحديدا هذا الذي نرصد ذروة تجليه في الشارع وأبطاله شباب لا يمكنك أمام هذه الطاقة الملفتة التي يتسم بها فعلهم وتفاعلهم الا أن تتساءل لماذا لا تستثمر هذه الطاقة وتوجه الى ما فيه صالح المجتمع ؟ لكنك حين تقترب من مكمن الخلل ستكتشف أن هؤلاء الشباب الذين كانوا ولا يزالون ضحية بين سلطة تهمشهم ومعارضة تزايد بأوضاعهم هم ضحية أيضا لواقع لم يترك أمامهم من مدخل مفتوح وآمن لتفجير طاقاتهم الحقيقية بعنفوانها سوى مثل هذه المناسبات ، شباب في أغلبه مهمش عاطل فاقد ألأمل والأمان, ماذا ننتظر منه اذا وجد أين يفرغ طاقة مشحونة بالنقمة والاحساس بالوصول اى حافة اليأس .. شباب هنا يفترش البؤس ويلتحف الفقر ويغامر من أجل ما يراه خلاصا فرديا وأملا في الوصول الى فردوس موهوم حتى وان كان يدرك سلفا أن الموت غرقا سينتظره بعد ساعات أو أن يبقى مسلما عقله للمغيبات وعذاب الروح حين يضيق بها كل شيء..وشباب هناك تفتحت أعينه على مشاهد القتل والدم المراق في أحلك عشرية سوادا عاشتها بلاده , مرعوبا هاربا من ظلام يمكن أن يخبيء له سكينا أو ساطورا متحفزا باسم الدين أحيانا , راكم في عقله وقلبه وحتى في جسده طاقة تؤهله للصمود والدفاع وتحركه متأهبا حين يستشعر خطرا ما , وقد وجد من يوهمه بالخطر ويسوقه نحوه حيث المواجهة وحيث تنفجر الطاقة بكل ما تحمله من تراكم الرغبة في الانتقام ..
ستنتهي المباراة , ويعود الجميع , منتصرا توهّم أو منكسرا , لكن أشياء مهمة صار من الصعب أن تعود .
لا أدري ان كان ما نراه اليوم ونحس ببؤسه وتخلفه بحاجة الى حكماء سياسة أو مصلحين اجتماعيين أو اخصائيين في علم النفس أو شيء ما ينزل من السماء !.. ربما نحن بحاجة لكل ذلك , لكننا نحتاج قبل كل ذلك أيضا الى عودة العقل ليأخذ مكانه , نحتاج الى عقد اجتماعي يعيد صياغة العلاقة بين الشعوب وحكامها , وبين الشعوب نفسها .., لا بد من فتح كوة للأمل تعطي الناس أمكانية أن يعيشوا أسوياء , وتحسسهم بأن ثمة أشياء جديرة بأن يعيش الانسان من أجلها في هذه الحياة ..واذا استعصى هذا فان ما من باب سيظل مفتوحا أمامنا سوى ذاك الذي يؤدي الى مزيد الخيبات ومزيد الكراهية.



#بشير_زعبيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرهان علي الوقت الضائع
- - صناعة الجوع -
- كان هذا هو الموجز
- كم يلزم من الوقت ليتغيروا ؟!
- أنظر حولك وتفاءل !
- أبعد من اختلاف .. أقرب الى فتنة
- 2700 ليتر من المياه لصناعة قميص واحد !! ..حروب تخفي الحروب
- دائرة
- من ضرب العراق بايران الى ضرب العراق بالعراق..
- الصديق الذي قتلته -النشرة-
- قصة قصيرة :الأجندة
- قصة قصيرة


المزيد.....




- -أبو طبر- على رأس هدافي دوري نجوم العراق
- بعد إصابته المروعة.. الاتحاد الهنغاري يوضح تفاصيل حالة بارنا ...
- رد قوي من كين على استخدام غاري لينيكر كلمة -غير لائقة- لوصف ...
- ليس بسبب الانسحاب.. أزمة جديدة تهدد مشاركة الزمالك في كأس ال ...
- -أبو طبر- على رأس هدافي دوري نجوم العراق
- ضربة موجعة لألمانيا قبل ثمن نهائي اليورو
- -فريق الأحلام-.. التشكيلة الأفضل لبطولة أمم أوروبا حسب ChatG ...
- إسبانيا مهددة بدفع غرامة مالية إذا لعب جمال أمام ألبانيا وال ...
- 3 خطوات تنقذ برشلونة من أزمته المالية وتدخله الميركاتو الصيف ...
- بعد السقوط المروع.. كشف آخر تطورات حالة نجم هنغاريا


المزيد.....

- مقدمة كتاب تاريخ شعبي لكرة القدم / ميكايل كوريا
- العربي بن مبارك أول من حمل لقب الجوهرة السوداء / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - عالم الرياضة - بشير زعبيه - الخيبة.. أو (رياضة الكراهية)