جريمة ابو غريب الدموية ودوافعها المحتملة

نوري جاسم المياحي

الحوار المتمدن-العدد: 2833 - 2009 / 11 / 18 - 12:33
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

العراقيون صحوا على جريمة ابو غريب والتي ذهب ضحيتها 13 عراقي .. كانوا نيام امنين في دورهم اختطفوا بايدي مسلحين يرتدون زي الحرس .. وقتلوا بدم بارد .. فتركوا وراءهم عوائلهم من نساء واطفال بلا معيل او حامي .. يذرفون الدمع على احبة كانوا بالامس يزهون بالحياة ..
قد يسأل سائل ..ما الدافع وراء هذه الجريمة النكراء ؟؟؟ وببساطة وبلا لف ودوران ..الدوافع سياسية انتخابية .. الانتخابات القادمة هي نقمة ووبال على العراقيين .. حيث يلاحظ زيادة عدد المخطوفين بحيث نشرت الرعب والقلق بين العوائل العراقية والتصفيات الجسدية للخصوم والتفجيرات هنا وهناك ( واكثرها لاتصل للاعلام ) .. تصب جميعها في مصب واحد وهو زعزعة الامن .. التشكيك في مصداقية الاجهزة الامنية ( ومعضمها مخترقة ) والاهم من كل هذا.. الصراع على السلطة والنفوذ والمال .. حتى بين افراد العشيرة الواحدة فكيف اذا كان التنافس بين الغرباء والعشائر المتنافسة ؟؟؟ والدليل على ذلك عدد الاحزاب والكتل المتنافسة ولا يوجد مثيل لها في كل دول العالم والى درجة افرغوا التجربة الانتخابية من محتواها الديمقراطي وتحويلها الى صراع دموي تصفوي تشويهي تسقيطي مطبقين نظرية ميكافيلي ( الغاية تبرر الوسيلة ) فلا دين يردعهم ولا اخلاق تمنعهم.. ومما يؤسف له ان الامتيازات التي يحصل عليها النائب بوصوله لمجلس النواب يسيل لها لعاب كل عراقي .. الجاه والسمعة ونفوذ بين افراد العشيرة والمجتمع .. الحماية والسكن في المنطقة الخضراء .. العلاقة الطيبة مع الامريكان .. السفرات للخارج وعلى حساب الدولة .. حج بيت الله الحرام اربع مرات ما عدا العمرة هو وعائلته ..الرواتب الضخمة والمخصصات التي لايحلم بها العراقي تكون بين يديه .. قصر او اكثر ..سيارة مدرعة وعدد اخر للحماية والوجاهة .. رواتب تقاعدية بالملايين له ولاولاده من بعده .. جوازات سفر دبلوماسية وما توفره من امتيازات له ولعائلته يصول ويجول ولمدة 8 سنوات بعد انتهاء ولايته .. ويضاف الى كل هذا الحصانة التي يؤمنها له الفوز بحيث يقتل ويذبح ولا قانون يحاسبه .. ومتى مسك بالجرم المشهود يهرب الى خارج العراق مستفيدا من جوازه الدبلوماسي .. وقد حدثني من اثق به ان عدد مرشحي احدى العشائر لانتخابات محافظة بغداد بلغ 73 مرشح وربما لم يفز احد منهم لتشتت الاصوات مما يؤكد ان التنافس وصل حتى بين افراد العشيرة الواحدة .. من هذا نستنتج ان المنافسة على الفوز ليس من اجل العراق او الحزب وانما من اجل المصلحة الشخصية اولا والحزب ثانيا والوطن ياتي بالدرجة الثالثة .. وفي المحصلة يكون المواطن العادي والبسيط هو الضحية البريئة كما حدث في جريمة ابو غريب الدموية..
اما الاحتمال الثاني .. لقد تنفس العراقيون الصعداء عندما تراجع الصراع الطائفي وانحسر وتحول الى صراع قومي .. ولا يغيب عن بالنا ان الخاسرون من هذا التحول الايجابي في طبيعة الصراع .. لن يوافقوا علىذلك ويحاولون الرجوع بالصراع الى المربع الاول .. ولديهم القدرة على اشعال الفتنة من خلال الاجهزة الامنية المخترقة والتي هي خليط متنافر من كل الطوائف والقوميات لاحزاب تقود العملية السياسية في الوقت الحاضر .. ومن الجدير بالذكر ...ان عشائر ابو غريب تتميز بكونها عشائر عربية اصيلة لن ترضى لاي كان بالسيطرة على العراق وتهميش العرب مهما كانت الدوافع والتبريرات ..
الاحتمال الثالث .. الوضع الامني في بغداد خلال السنتين الماضيتين قد تحسن نسبيا .. وبالتأكيد الفضل يعود للاجهزة الامنية ومنعكسا على حكومة المحاصصة التي يرأسها المالكي .. وكل مراقب سياسي يلاحظ ان المالكي يتعرض لهجمة عنيفة ومنذ فترة من قبل خصومه .. لاسقاطه بمختلف الذرائع والحجج .. تارة اتهامه بالعمالة لايران ..او هجومه على سوريا .. او وزراءه الفاسدون .. او فشله في تحسين الوضع الخدمي والاقتصادي .. وشريط طويل من الاتهامات لتشويه صورته امام المواطن .. وينسى الجميع ان وزراءه كلهم ينتسبون الى احزاب السلطة كالتحالف الكردستناني والائتلاف الموحد برئاسة المجلس الاعلى .. فاللوم يقع على وزراء هذه الكتل وليس على المالكي وحده .. المالكي وبالرغم من الدعم الامريكي لشخصه عجز عن دفع المسيرة بالاتجاه الصحيح ولم يستفد من تجارب من سبقوه في حكم العراق .. العراقيون لايحترمون الضعيف والمتردد .. وهذه الصفة يتميز بها الاستاذ المالكي وقد تكون السبب في طي سجله في المستقبل غير المنظور ..
الموضوع الذي اثار عجبي واستغرابي .. هو الجهل المطبق لدي قيادة الفريق الركن قنبر ( قيادة حفظ الامن في بغداد ) .. اذ اصدرت قرار بالسماح لعوائل ابوغريب بأمتلاك قطعة سلاح للدفاع عن النفس .. من المعروف ان اهالي ابو غريب عشائر عربية .. ولا يوجد بيت من بيوت ابو غريب ولا توجد فيه قطعة سلاح او اكثر سواء مسدس او رشاشة كلاشنكوف .. وهذا تقليد معروف عند الاهالي من زمن صدام حسين وحتى يومنا هذا .. وحتى الامريكان عند المداهمة لايصادرون الاسلحة عند ما يعترف صاحب الدار بوجودها .. ومن هذا القرار نستنتج جهل القيادة بطبيعة مجتمع ابو غريب .. وثانيا والاهم من هذا ..المداهمات (وبأس ما يفعلون) تتم ليلا سواء كانت قوات امريكية او عراقية او مشتركة ... وقد تكون عصابات مجرمة مسلحة ( كما حدث في جريمة ابو غريب ) .. وسؤالي للقادة المحترمين ..من يجرأ على استخدام سلاحه بوجه القوة المهاجمة ؟؟؟.. وكيف يميز ان المهاجمين هي قوات امنية حقيقية او مزيفة ؟؟؟ ان أي تورط في فتح النار على المهاجمين يعني الحكم على نفسه وعائلته بالاعدام وهنا الطامة الكبرى .. فهذه النصيحة يا سادتي نصيحة قاتلة .. وستؤدي بالنتيجة الى مجازر تطال عوائل بكاملها .. المفروض ..الاجهزة الامنية هي المسؤولة عن امن وحماية المواطنين وليس المواطن نفسه .. وثانيا .. لم هذا التقليد الاعمى للامريكان في اسلوب المداهمة الليلية والناس نيام .. لماذا لاتتم المداهمة مع الضياء الاول .. ؟؟؟ ويعرف الناس حقيقة ما يجري ..وممن يخاف العراقي ويلبس القناع عند المداهمة كالحرامية والعصابات ؟؟ قلدتم الامريكان في مداهماتهم الليلية .. ولم تقلدونهم في عدم لبس الاقنعة .. الاقنعة ياسادة تعطي شجاعة كاذبة وتشجع على الجريمة لانها تخفي الشخصية .. وهذا ما حدث ويحدث يوميا .. فهل يقرا المالكي ووزراءه ومستشاريه ما كتبت ويصدر امرا ملزما بعدم لبس الاقنعة من قبل قواته المسلحة وان تكون المداهمات في النور وليس تحت جنح الظلام ...ومهما كان نوع الواجب ..الجواب .. ومع كل احترامي للاستاذ المالكي حتى لو اصدر مثل هذا الامر لاأحد سوف ينفذه واذكره بقول العراقيين ( الامام الما يشور يسمونه ابو الخرك ) مع شديد اعتذاري للاستاذ المالكي على صراحتي!!!! نعم .. ان الاوان للكشف عن مرتكبي هذه الجريمة النكراء وتقديمهم للعدالة ولينالوا جزاءهم العادل كائن من كان .. وبدون مماطلة وتسويف او مجاملة لهذا او ذاك وعلى حساب دماء الابرياء والبسطاء من العراقيين .. العدالة والقانون يجب ان يستعيدوا عافيتهما .. والا لا وجود لدولة القانون ..

#نوري_جاسم_المياحي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات