|
في الصراع ضد -التيار التنموي-.. مرة أخرى
و. السرغيني
الحوار المتمدن-العدد: 2832 - 2009 / 11 / 17 - 04:22
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
في إطار النقاش الدائر في صفوف قوى اليسار، حول قضايا وسبل التغيير ببلادنا، بما يقتضيه الأمر من دفاع مبدئي ومستميت عن حق الشعب المغربي في تقرير مصيره السياسي والاقتصادي.. نحاول كعادتنا، استغلال بعض الفضاءات، وأنشطة بعض الإطارات التي تتواجد بها تيارات وأحزاب اليسار، على مختلف توجهاتها ومرجعياتها، لتوضيح آرائنا وتصوراتنا فيما نعتقده خطا سديدا لمباشرة تغيير أوضاع الفقراء والكادحين والمهمشين..ببلادنا. ومن باب السعي المبدئي والصادق، لتوضيح آرائنا كماركسيين لينينيين من داخل حركة اليسار التقدمي، وكذا من باب إغناء النقاش حول المشاريع المقترحة من طرف قوى اليسار المختلفة.. فلم نتأخر، قط، عن المساهمة الإيجابية في هذا الباب، كلما أتيحت لنا الفرصة للدلو بدلونا في هاته النقاشات. ولطالما أطلعنا الرفاق المهتمين بالقضايا التي تحملها أو تدور حولها هذه النقاشات، عبر تقارير موضوعية، التي يرفضها البعض، بل يضعها في خانة الإدعاءات وفقط، وقد سجلنا ولأكثر من مرة تحفظات بعض "الرفاق" عن هذه التقارير المعتبرة في باب التجنيات والهجوم على "الجمعية المغربية لحقوق الإنسان" ومناصريها من الأحزاب والتيارات.. إلاٌ أن التجربة الأخيرة ـ نقاش 16 أكتوبر عن "التنمية المستدامة" المنظم من طرف الفرع المحلي "للجمعية المغربية" ـ أبانت بعد القراءة البسيطة والمتواضعة التي تقدمنا بها، والتي همٌت بالأساس خطوتين سياسيتين، تزامنتا مع الدعوة لإحياء اليوم العالمي لمناهضة الفقر، والتي قامت بها أحزاب تجمع "اليسار الديمقراطي" مستعملة في ذلك "الجمعية المغربية لحقوق الإنسان"، و"تنسيقية مناهضة الغلاء" ذيلها المستحدث ضمن حركة مناهضة الغلاء. الخطوة الأولى، كانت عبارة عن دعوة "للنضال من أجل نيل الحقوق الاقتصادية" عبر نقل التقارير عن عمل الحكومات وتدبيرها لمشاريع "التنمية المستدامة"، وتقديمها لمؤسسات الأمم المتحدة، مع ميل واضح وصريح لتقديس هيئة الأمم المتحدة ومؤسساتها، واستخفاف، في نفس الوقت، بالنضال الجماهيري الاحتجاجي، وتشكيك في إمكانية التحرر الاشتراكي. الخطوة الثانية، كانت بمثابة محاولة جديدة لنسف كل التراكمات الإيجابية التي سبق وأن حققتها تنسيقية مناهضة الغلاء، بطنجة.. كرٌس من خلالها "تحالف اليسار" كل المنزلقات والأخطاء السابقة، المعتمدة على الكولسة والاحتواء والتوجيه السياسوي الضيق.. خدمة لمصلحة أحزاب "تجمع اليسار"، في إطار تصور وأساليب عمل بعيدة كل البعد عن الجماهير المعنية بالغلاء والبطالة والفقر والتهميش..الخ لقد كانت صدمتنا كبيرة أمام المستوى الدنيء الذي ظهر به منتقدونا من أنصار "الجمعية" المطهٌرون، ولكم أحسسنا بالغبن تجاه الحقارة التي أصبحت تتمتع بها أقلام "اليسار الجذري" وجمعيته "الإنسانية" المدافعة عن حرية الرأي والتعبير..الخ ولكم تبيٌن لنا كذلك أهمية وقيمة هذه النعمة المسماة بالأنترنيت، وكيف أصبحت منفذا لكل الأصوات الممنوعة والمقموعة من طرف الأنظمة الاستبدادية من جهة، والمطموسة والمهمشة من طرف تجمعات المعارضة واليسار، التي تدٌعي امتلاك الحق والحقيقة، من جهة أخرى. فيكفي الاطلاع على ما قيل في حقنا ـ وديع السرغيني ـ وفي حق آرائنا، عبر موقع "الحوار المتمدن"، ليتضح مستوى الضحالة والفقر السياسي والفكري، الذي يتمتع به البعض من المدافعين عن "حقوق الإنسان" ببلادنا، ليعفينا أصحابنا من إثبات حقيقة ونوعية الأصوات التي تصارعنا من داخل حركة اليسار بمدينة طنجة وغيرها. فالمقال/التقرير أمامكم، ومواقفه وانتقاداته واضحة وصريحة للجميع.. لن يغيٌمها أو يشوش عنها أحد بافتراءاته وأكاذيبه وسبابه الوضيع عن رفيقنا المعني ح.ن. فالنقاش النقدي، الديمقراطي والرفاقي، سيبقى دائما أسلوبنا، وموجٌهنا في الصراع وفي العمل الميداني الموحد. وقد سبق أن تقدم الرفيق ح.ن. لحظة اعتقاله ببيان توضيحي عن حيثيات المشكل الذي وقع فيه ـ إصدار شيك بدون رصيد في إطار معاملة تجارية ـ واعتبرنا أن الأمر انتهى عقب هذا التوضيح.. إلاٌ أن بعض الأصوات الانتهازية، استغلت أوضاع الرفيق وأطلقت العنان لتشهيراتها البوليسية والخبيثة، محاولة منها لإسكات الأصوات الثورية المناضلة، تحت ومقايضة بمشكل الرفيق المذكور، الذي اتخذته شماعة في كل النقاشات والصراعات السياسية والفكرية، بعدها. لن ندٌعي، بالمناسبة، أن هناك من التيارات والأحزاب المعارضة اليسارية، ممن تخلو صفوفها من مرتكبي الأخطاء والمنزلقات في المسلكيات التي يمكنها أن تؤثر بهذا الشكل أو ذاك على مسارات المناضلين، والتزاماتهم، وعلاقاتهم مع القواعد والجماهير المناضلة التي تنظر في الغالب، إلى القيادات والزعامات بأعين تضعهم وتتصورهم في موقع الطهرانية، والتنزيه من الأخطاء، والمثالية..الخ، فالرفيق أوضح في حينه أن إمكانية استغلال هذا المشكل من طرف الأعداء، من كل شاكلة، جدٌ واردة.. ولا يمكن أمام هذا التوجس أن ننشر أي شكل من الإحباط وسط المناضلين، والحالة أننا اعتدنا التشهير والسب الوضيع في حقنا، بمناسبة وبغير مناسبة. فلن ندٌعي قط، بأن صفوف اليسار بالمدينة خالية، من المحتالين والانتهازيين، من تجار المخدرات الصلبة، من السكارى المعربدين ليل نهار، من مرتزقة التمويل الجمعوي المشبوه، من ذوي السوابق في النصب وإصدار الشيكات والسرقة الموصوفة، والدعارة في حالة تلبس، والرشوة والزبونية..الخ هذا واقع ووضع يجب العمل على محاربته، وتضييق الخناق على المتمادين في نشره وتكريسه. ومن موقعنا، لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يستدرجنا أحد، أو يستبلدنا بعضهم، لجرٌ ألسنتنا لمستنقع النبش في الملفات التي هي، وعلى كل حال، كثيرة بمدينة طنجة.. لنترك النقاش الوضيع لأصحابه، ولندع المنهزمين في نشوتهم، دون أن نتنازل عن حقنا في الرأي والوجود الذي، على ما أظن، تضمنه "المواثيق والعهود الدولية لحقوق الإنسان".. ولنعود للردود أو التجنيات إذا صح التعبير، مع الإشارة إلى أن بعض الردود لا تستحق الالتفاتة، وهي ردود ذات مضامين رجعية وفاشية، تحاول تصفية الحسابات مع البعض، وليس تقويم ممارسة اليساريين في الساحة، وبالتالي أهملناها لخبثها وشبهتها.. إذ لا مصداقية "لديمقراطي"، ومن موقع "حقوق الإنسان" المسنودة "بالعهود والمواثيق الدولية"، يناهض الحق في الانفصال وحرية المعتقد والتدين وعدمه، أي بما فيه الإلحاد. - ادعى "فتاح اليعقوبي" "أننا اعتبرنا الجمعية أداة عمالية لتأجيج الصراع الطبقي وحسمه لصالح البروليتاريا"! لنسأله بدورنا، أين، ومتى؟ والحال أننا لم نحاسب قط "الجمعية" على ما تقوله، بالنظر لوضوحها وصراحتها كممارسة وكمرجعية، بقدر ما نحاسب التيارات العاملة داخلها، والتي ما زال بعضها يدعي الاشتراكية والاستناد للمرجعية الماركسية اللينينية. و"فتاح" هذا، انفضحت نواياه سريعا، فبعد انطلاقه من موقع اليسار، مستعملا لغة اليسار، زلٌ لسانه وانطلق للحرب ضد الجميع، معتمدا الخلط بين الجميع دون أن يقدم رأيا يقتدى به. فالأفكار والنظريات والأطروحات وما يرتبط بها من مصطلحات.. يجب أن يكون لها ارتباط حي بالواقع، ويجب أن تعكس حقيقة تناقضاته، فلا يجوز، بالتالي، استعمال ألفاظ مجردة، "كالحياد الحقوقي" التي لا وجود لها إلاٌ في أدمغة المثاليين والانهزاميين التبريريين. فوجهة نظرنا الماركسية، كنظرية طبقية مرتبطة أشد الارتباط بالطبقة العاملة ومناهضة أشد المناهضة للرأسمال ولكل المشاريع التي تحاول التنفيس عن أزمته والإطالة في عمره.. لا تصارع "الحقوقيين" الأشباح، لأنهم ببساطة غير موجودين، بل هي تصارع "يساريين" من أصناف مختلفة، متحزبين وغير متحزبين، كيٌفوا يساريتهم مع "المواثيق والعهود الدولية" ومع مؤسسات الأمم المتحدة وما يصدر عنها من قرارات وتوجيهات. فيساريتنا أصيلة وواضحة ولا تعني شيئا آخر سوى المعارضة للبرجوازية، ولسياساتها القمعية والاستبدادية، ولنظامها الاقتصادي الرأسمالي المبني على الاستغلال والسعي المحموم نحو مراكمة الأرباح.. يساريتنا تعني الالتزام الطبقي إلى جانب المنتجين المباشرين والدفاع عن مصالح الطبقة العاملة وعموم الكادحين في المدن والأرياف. فمن يخاف أو ينبذ "الصراع" والتناحر الفكري والسياسي، داخل الإطارات والفضاءات الجماهيرية والشبه جماهيرية، فهو مستبد لا يعدو أن يكون من دعاة الفكر الواحد والرأي الواحد. فالساحة المغربية تعج بـ"الجمعيات الحقوقية" و"الشموع المضيئة"، فموجة وموضة "النضال الحقوقي" كسٌرت الاحتكار، وإن كان ذلك لا يهمنا في شيء، فما يهمنا الآن هو وضع "الرفاق" الذين ما زالوا يتغنون بالماركسية اللينينية كمرجعية، وفي نفس الوقت متشبثين بالنضال الحقوقي كإستراتيجية لا مندوحة عنها.. لنوجٌه لهم السؤال مرة أخرى، حول ما الجدوى من تطويع مبادئنا الاشتراكية والشيوعية لملائمة الثقافة "الحقوقية" والانسجام مع المواثيق والمعاهدات الدولية في زمان العولمة وهيمنة الرأسمال؟ - بالنسبة للمسمى "رفيق قرموش"، فملاحظاته لا تستحق الرد أو النقد، بالنظر لأسلوبه المتجني والوضيع.. فبالرغم من ملكاته ومهارته الاستخباراتية، فلن ترعبنا سمومه، وسنتصدٌى لها بالرأي والموقف والالتزام الميداني ضد أيٌ كان. فإذا كنا نمثل إحدى التيارات التي لا وجود لها، فعلى الأقل، التيارات الغير موجودة لا تستحق الرد على أفكارها ومبادراتها، ولا تستحق "التنسيق السري" ضدها في كل المناسبات، ولا إجهاد النفس في كل لقاء تشاوري، لوضعها على رأس جدول الأعمال، منذ بداية الألفين في شكل نقطة برنامجية لتنسيقيات الأحزاب والتيارات "ما العمل تجاه وضد ذلك التيار الغير موجود؟"!! فبالإضافة لكون التعليق يفتقد للمنهجية، فقد سقط بدون وعي في تدعيم ما يدٌعي انتقاده، علما بأننا وجهنا انتقاداتنا بالأساس للآراء السياسية التي تشتغل من داخل "الجمعية المغربية لحقوق الإنسان" والتي عبٌرت عن نفسها في مضمون المداخلة المركزية الداعية لنهج "التنمية المستدامة"، ولمداخلة يتيمة أتت من داخل القاعة للدفاع ليس عن "التنمية" وفقط، بل تمادت للدفاع عن الجهات الوصية على مشاريع "التنمية" "المنقذة" للشعوب من فقرها وحرماناتها.. - الأمم المتحدة - حيت صرخ وعوى صاحبها الذي يدٌعي النطق باسم "التيار الجذري" من داخل "النهج الديمقراطي": "هل تريدونا أن نهدٌم الأمم المتحدة و نعود لعهد جانكيس خان" فحسب هذا المنطلق تصبح معادلة المرحلة إمٌا القبول بـ"التنمية المستدامة" وإمٌا الرجوع للعهود الاستبدادية القديمة، كذا! و كأن المخرج الاشتراكي انتهى عهده، وانقضت مدة صلاحيته! - بالنسبة "لصفدي رشيد" الذي وصفنا بالمساكين، وهو المسكين حقيقة لأنه لا يتميز بين صنم "الجمعية" المعد للعبادة، وبين البشر المنخرطين في هذه الجمعية، والذي اختار لنفسه خطابين، خطاب يدافع عن الحقوق بوسائل وآليات إصلاحية، وخطاب يساري جذري يعمل على تأسيس آليات طبقية منظمة للطبقات والفئات التي لها مصلحة في التغيير و ليس "التنمية"، مستعملا نظرية "القبعات" العجيبة. فكم هي سحرية هاته "القبعات"، فكلما اصطدمت الآراء وارتفعت وثيرة النقاش ينتفض بعض الدجالين المهرٌجين بأطروحة القبٌعات عبر الإدعاء بأن لديهم قبٌعة لكل فضاء، قبعة سياسية، وقبعة نقابية، وقبعة حقوقية، وقبعة ثقافية..الخ وهلم جرٌا. فهل تمنعون عنٌا، من موقع النضال "الحقوقي"، ووفقا لمبادئكم "الحقوق إنسانية"، حقٌنا في التعبير على أنٌ خرافة "التنمية المستدامة"، والتي لا تعدو أن تكون سوى حلاٌ يتغيٌٌى استدامة وخلود نمط الإنتاج الرأسمالي المبني على القمع والاستغلال والاستبداد والطبقية، وإلغاء "الحقوق" في آخر مطاف؟ فليست المرة الأولى التي يجاهر فيها الشيوعيون والاشتراكيون بتصورهم للمجتمع الذي يناضلون من اجله، وليست المرة الأولى التي ينتقدون فيها السبل التي تدٌعي أنها ما بين البينين ـ الرأسمالية والاشتراكية ـ في شكل خطابات "الطريق الثالث" أو "الطريق اللارأسمالي"، وخطابات "التنمية" ولحاق البلدان "المتخلفة" بالبلدان "المتقدمة"..الخ فنحن لا نناضل من اجل "اللحاق" أو "السباق"، بل نناضل من أجل التهديم لمجتمع البؤس والتفقير والبطالة والطبقية.. والبناء لمجتمع جديد تنظمه علاقات ومواثيق جديدة غير ملزمة بالمواثيق والمعاهدات الدولية، الطبقية والمجحفة..الخ وهذا حقنا، وليبقى لك أنت ورفاقك "الحقوقيين"، الحق المطلق كذلك، في الجري وراء سراب "التنمية" للٌحاق بـ"المتحضرين". - وعن "رياض رشيد" الذي اتخذ "نظرية المؤامرة" ملاذا له، نهمس في أذنه بأنها نظرية استبدادية تستعملها الأنظمة الغارقة في ظلام الاستبدادية لقمع الآراء المخالفة والمعارضة، وتستعيرها بعض التيارات السياسية المعارضة، التي تتاح لها فرصة الهيمنة على الإطارات الجماهيرية أو الشبه الجماهيرية لقمع وإقصاء اليساريين المعارضين.. ويمكنك الرجوع للمواقف التي اتخذتها أحزاب "الحركة الوطنية"، وعلى الخصوص "الاتحاد الاشتراكي" وحزب "التقدم والاشتراكية" من الانتقادات التي وجٌهت لها بداية السبعينات، من طرف اليسار الماركسي اللينيني الذي اعتـُبر حينها عميلا للنظام وللجلاد أوفقير وللدولة الجزائرية التوسعية..الخ - الرفيقة "أسماء" تريد بي أن أقول ما تقتنع به هي، فأنا لم أتكلم عن "تنمية" من منظور ماركسي لأنه لا وجود "للتنمية" في الأدبيات الماركسية.. ربما تقصدين أدبيات "المجددين" في الماركسية، أنصار "السلم الاجتماعي"، والمدافعين عن إصلاح النظام الرأسمالي من الداخل، والمحاربين لأية طموحات تمس بأسسه وتناضل من اجل تغييره أو الثورة ضده.. وهذا من حقك المطلق في أن تقتنعي بما يخدم مصالحك.. أمٌا نحن فسنبقى ماركسيين من الذين يومنون بالثورة الاشتراكية التي ستهدم وتقضي على النظام الرأسمالي المتعفن، دون أن نتأخر أو نتخلف عن مهمة النضال من أجل حل المشاكل اليومية للعمال وسائر الكادحين، وهو نضال إصلاحي لا نستحي من ذكر طبيعته، لكن الترويج لمشروع "التنمية المستدامة" الذي هو أقل من إصلاحي لأنه، ببساطة، نابع من هيئة تمثل الأنظمة الإمبريالية المهيمنة على واقع الشعوب، ومتحكمة في مصيرهم، ومهددة لوجودهم.. فهو ما لا نقبله وسنتصدى له، وسنعمل على فضحه وفضح الداعين له. فهل هذا في نظرك ضيق الأفق؟ فهل أصبح الدفاع عن مشروع الطبقة العاملة، الاشتراكي، تضييقا للآفاق؟ أليس المشروع الاشتراكي، من اعتباركم وقناعاتكم، أرقى وأرحب المشاريع وأكثرها إنسانية، وعقلنة لاستغلال الطبيعة؟ ألم تطلعي من داخل الأدبيات "الماركسية" على الفرق بين الاقتصاد الرأسمالي المتجه نحو السوق والذي يعتمد في أساليبه على الاستغلال والنهب والتدمير وسرقة فائض القيمة والجري المجنون نحو الأرباح، كيفما كان مصدرها.. وبين الاقتصاد الاشتراكي المبني على التخطيط لتلبية حاجيات مجتمع المنتجين دون إفراط في استغلال الإمكانيات البشرية والطبيعية..الخ وفيما يلي تصريح أحد نشطاء الجمعية وعضو بالحزب الذي تنتمين إليه "يصعب تحديد معالم نظام اقتصادي يستجيب لطموحات الجميع، خارج منظور اقتصادي اشتراكي ينتفي فيه التفاوت الطبقي كما هو قائم حاليا، وتسود فيه الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج. كما أن أي منظومة اقتصادية، إذا لم تكن تلبي الحاجيات الأساسية للطبقة الكادحة في الأجر العادل والحياة الكريمة، فلا يمكن اعتبارها اقتصادا بل استغلالا مقنٌعا" وماذا تقول مرجعيتكم الحزبية، في هذا الصدد؟: "إن الرأسمالية في بحثها الجنوني اللامتناهي عن الربح، تستنزف الطبيعة والعامل. لذلك فإن النضال ضد الرأسمالية هو أيضا نضال ضد تدميرها المتسارع للطبيعة.. لذلك فإن النضال من اجل الحفاظ على البيئة الطبيعية وتحسينها يرتبط أشد الارتباط بنضال العمال والشعوب المضطهدة ضد الرأسمالية" والتسطير من عندنا، بالنظر لضيق أفقنا وتفكيرنا..! ولنذكٌر المنتقدين، بأن اصطلاحات "البلدان المتخلفة" أو "النامية"، و"البلدان المتقدمة"، وما تستدعيه لحاقات الأولى بالثانية من "تنمية مستدامة" ليست بالاكتشاف الخاص بـ"الجمعية المغربية لحقوق الإنسان" أو بالتيارات السياسية العاملة داخلها، بل هي مصطلحات معروفة ولدت في قلب الهيئات الدولية وخلقت لها، صناديق وأبناك ومؤسسات.. ورُوٌج لها غداة الحرب العالمية الثانية، قصد محاصرة المد الشيوعي وانتصارات حركات التحرر الوطني، في محاولة لإبعادها عن الخيار الاشتراكي. في هذا الإطار، زرعت الإيديولوجية البرجوازية أوهام اللحاق والخروج من التخلف، وأنتجت الفتاوي والوصفات ضمن أطروحة "التنمية" التي اعتبرها الماركسيون، في حينها، شعوذة وليس إلاٌ. لأن الماركسيين هم الأكثر وعيا، بأن الارتباط البنيوي الذي يجمع بلدان "التخلف" ببلدان "التقدم"، في إطار علاقات التبعية السياسية والاقتصادية، لا يمكن فكٌه إلاٌ جذريا، ببناء اقتصاد وطني حقيقي عبر سلطة سياسية طبقية مؤهلة حقيقة لحماية مصالح الكادحين والمنتجين. وفي عصرنا الحالي، أي عصر الهيمنة والعولمة الرأسمالية الإمبريالية لا يمكن لأي نموذج اقتصادي أن يحظى بالاستقلالية الحقيقية والوطنية المضمونة التي تخدم مصالح الطبقات الشعبية الكادحة والمنتجة، سوى النموذج الاقتصادي الاشتراكي المبني على التخطيط وليس على الارتهان والانصياع لاقتصاد السوق، وللمؤسسات المالية الإمبريالية. هذا باختصار ما وددنا توضيحه، تجنبا للسقوط في السباب المتبادل، وفضح الملفات التي لا تحتاج إلى فضيحة، بالنظر لنتانتها، وكذلك، لكون النظام وعبر أجهزته الاستخباراتية ملم بها ويعرف تفاصيلها الدقيقة. فالمرجو من الرفاق المتعاطفين مع خطٌنا، وكذا مع حلفائنا الميدانيين أن يتمسكوا بخط النقد الفكري والسياسي، وأن يبتعدوا عن هذا المستنقع الذي يحاول بعض المنهزمين جرٌنا إلى حضيضه.
#و._السرغيني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-تنسيقية- جديدة بطنجة تنضاف للحركة المناهضة للغلاء
-
إسهال -التنسيقيات- بمدينة طنجة
-
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وخرافة التنمية المستدامة
-
ملاحظات أولية فيما قاله عبد الرحمان عن الأممية الاشتراكية بي
...
-
اليسار الاشتراكي بطنجة يقاطع الانتخابات
-
الهيئة الوطنية لدعم المعتقلين السياسيين مكسب تنظيمي وجب التش
...
-
الأزمة المالية العالمية.. بين خطاب الحلول الممكنة وإستراتيجي
...
-
فاتح ماي طنجة فاتح ماي الطبقة العاملة فاتح ماي الطلائع الشيو
...
-
مشروع الإطار المرجعي لتنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات
-
نشطاء -الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بطنجة- يقيمون -نشاطا-
...
-
الوجه الآخر للنقابات والنقابيين في المغرب
-
الحركة الماركسية اللينينية المغربية بين واقع التفتيت، وطموحا
...
-
عن الحزب والنقابة والمؤسسات.. و-النهج الديمقراطي-
-
من أطاك النضال والاحتجاج إلى أطاك التهجير والسفريات
-
تضامنا مع معتقلي مراكش
-
في ذكرى الشهيد عبد الحق شباضة
-
عن أية جبهات وعن أية أهداف تتحدثون؟
-
عودة الانتفاضات للواجهة
-
راهنية -البيان الشيوعي-
-
دفاعا عن الحركة المناهضة للغلاء... تنسيقياتنا وتنسيقياتهم
المزيد.....
-
قمة كوب29: الدول الغنية ستساهم ب 250 مليار دولار لمساعدة الد
...
-
حدود العراق الغربية.. تحركات لرفع جاهزية القطعات العسكرية
-
وقف الحرب في لبنان.. فرص الاتفاق قبل دخول ترامب البيت الأبيض
...
-
أرامكو ديجيتال السعودية تبحث استثمار مليار دولار في مافينير
...
-
ترامب يرشح أليكس وونغ لمنصب نائب مستشار الأمن القومي
-
بالفيديو.. منصات عبرية تنشر لقطات لاشتباكات طاحنة بين الجيش
...
-
Rolls-Royce تخطط لتطوير مفاعلات نووية فضائية صغيرة الحجم
-
-القاتل الصامت-.. عوامل الخطر وكيفية الوقاية
-
-المغذيات الهوائية-.. مصادر غذائية من نوع آخر!
-
إعلام ألماني يكشف عن خرق أمني خطير استهدف حاملة طائرات بريطا
...
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|