|
أضواء على عمل مجلس المستشارين بالمغرب
محمد زين الدين
الحوار المتمدن-العدد: 2831 - 2009 / 11 / 16 - 00:03
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أعاد تجديد ثلث مجلس المستشارين- الغرفة الثانية بالبرلمان المغربي- مؤخرا ذلك النقاش الدستوري السياسي حول إمكانية الاحتفاظ أو إلغاء الازدواج البرلماني؛ والواقع أن تبني نظام الأحادية المجلسية أونظام الثنائية المجلسية bicaméralisme مسألة مرتبطة ببنية وجوهر النظام الدستوري السياسي لكل دولة؛ويبدو أن نظام الازدواج البرلماني يصلح للمغرب الراهن لاعتبارات متعددة أولها أنه وسع من وعاء التمثيلية النيابية خصوصا مع ولوج عدد مهم من النساء للعمل البرلماني ثانيها أنه يستجيب لمعطى الجهوية الذي غدا خيارا استراتيجيا لامحيد عنه حاليا لكونه ينسجم كل الانسجام مع مبادرة الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية ثالثها ضمان غرفة المستشارين تمثيلية عادلة ومتوازنة للنخبة الاقتصادية والمهنية التي من حقها أن تدافع عن نفسها في مؤسسة دستورية ؛ بحيث تبدو أفضل مؤسسة دستورية تؤطر هذه النخبة وتدافع عن مصالحها هي غرفة المستشارين ؛ وقد برز هذا التوجه بشكل واضح في تجميد مشروع مدونة السير من قبل مجلس المستشارين. لكن إزاء هذه العوامل الداعية إلى ضرورة الاحتفاظ بالغرفة الثانية تطرح جملة من العوائق الذاتية والموضوعية تعتري طبيعة واختصاصات مجلس المستشارين لعل أبرزها ضخامة التكاليف المالية للبرلمان المغربي بشكل عام ومجلس المستشاررين بشكل خاص مقارنة مع حصيلته التشريعية والرقابية؛ فبلغة الآرقام تبلغ تكلفة الولاية التشريعية 200 مليار؛حيث تصل كلفة البرلمان 40 مليار سنويا؛ وهي كلفة من شأنها أن تخلق أزيد من من 130 ألف منصب شغل براتب شهري يقدر ب3000 درهم شهريا؛كماأن طبيعة التركيبة الاجتماعية للغرفةوالتي يطغى عليها الأعيان وأصحاب الأموال من شأنه أن يحولها إلى محج لأصحاب الأموال المشبوهة ؛ وهوالأمرالذي انتبه إليه حزب الأصالة والمعاصرة حينما دعا في مبادرة سياسية حميدة إلى إغلاق باب الترشيح إلى الغرفة الثانية أمام مستعملي المال المشبوه؛ مما يحتم على باقي التنظيمات السياسية الأخرى أن تسير حذو هذه المبادرة الرامية إلى تخليق الحياة البرلمانية بالمغرب. بعيدا عن إشكالية التركيبة السوسيولوجية للغرفة الثانية يطرح تساؤل موضوعي حول مردوديةالعمل التشريعي لمجلس المستشارين الذي شهد مؤخرا تطورا نوعيا؛ فخلال السنة التشريعية الماضية تمكنت الغرفة الثانية من التصويت على21مشروع قانون؛ وهو رقم له دلالته الايجابية؛ كما أن مقترحات القوانين عرفت تقدما ملحوظا وإن ظلت الغرفة الثانية حبيسة ظاهرة تفوق مشاريع القوانين من الأصل الحكومي على حساب مقترحات القوانين من الأصل البرلماني؛وهي ظاهرة تشمل البرلمان المغربي بغرفتيه. والواقع أن استمرارية هذه الظاهرة تكتنفها عوامل داتية وموضوعية أبرزها ضعف الأداء البرلماني نتيجة لضعف التأطير السياسي ؛ حيث تتحمل الأحزاب السياسية جانبا كبيرا من المسؤولية السياسية في إنتاج نخب سياسية قادرة على إدارة نقاش سياسي هادئ وهادف وإنتاج تشريعي متميز ؛ وهو الأمر الذي يفتقر إليه البرلمان المغربي بخلاف ما كان عليه الأمر في برلمان السبعينات والثمانينات حيث كان البرلمان المغربي يحفل بنواب من طينة المرحوم عبد الرحمان القادري؛ علي يعته..فيماأصبحت الغرفة الثانية اليوم مشتلا لنخبة تقليدية متجاوزة تاريخيا وايديولوجيا. بل أكثر من ذلك غذا منطق التوافق والتراضي هو المهمين على المصادقة على القوانين في الغرفة الثانية إن على مستوى مقترحات القوانين أو مشاريع القوانين؛ بل إن منطق التوافق والتراضي مس حتى مقترح تعديل النظام الداخلي لمجلس المستشارين الذي عرف 33 تعديلا مركزا على توظيف تقنية الأسئلةالقطاعية في محاولة للتميزعن النظام الداخلي لمجلس النواب؛ فالبرغم من هذا التميز إلا أن هيمنة منطق التوافق والتراضي الذي يميز إصدار القوانين من شأنه أن يضر بالعمل التشريعي.لذلك يبدو من المفيد اليوم التفكير في إعادة صلاحيات الغرفة الثانية مقارنة مع اختصاصات مجلس النواب؛ فالسياق السياسي الذي من خلاله تبلورت حكومة التناوب التوافقي برئاسة عبد الرحمان اليوسفي كان وراء هذا التوازن بين الغرفتين سعيا من جلالة المغفور له الحسن الثاني إلى أن يضمن الاستقرار الحكومي لحكومة التناوب التوافقي من خلال تخويل الغرفة الثانية صلاحيات شبه متقاربة بين الغرفتين لاعلى مستوى التشريع أو الرقابة؛ بيد أن هذا السياق اليوم تغير بشكل يسمح بأن تمنح صلاحيات جد واسعة لمجلس النواب مقابل تقليص صلاحيات مجلس المستشارين على اعتبار أن الغرفة الدنيا (مجلس النواب) تنتخب بشكل مباشر ؛ وهو الأمر المعمول به في جل الأنظمة الديمقراطية المعاصرة كالنظام الأمريكي أو الانجليزي أو الألماني؛ كما يقتضي إعادة النظر في النظام الداخلي لكلا الغرفتين حتى لا يقع اجترار في العمل البرلماني بين الغرفة الأولى والغرفة الثانية؛والعمل على تفعيل عمل اللجن المختلطة وتوظيف كل المقتضيات الدستورية والاليات التشريعية والرقابية للعمل البرلماني المغربي. وهو الأمر الذي دعا إليه جلالة الملك محمد السادس في الخطاب الملكي الذي ألقاه بالرباط بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى من الولاية التشريعية الثامنة بتاريخ 12/10/2007 حينما دعا جلالته إلى ضرورة التنسيق والتعاون بين المجلسين، في اتجاه عقلنة وترشيد عملهما باعتبارهما برلمانا واحدا، تتكامل فيه الأدوار، وليس برلمانين مختلفين. من جانب آخر يطرح سؤال تأهيل السادة النواب نفسه بإلحاح شديد والأمر هنا يعود بالأساس إلى أزمة التنظيم الحزبي؛ فسؤال التأهيل السياسي للسادة النواب لأن وظائف البرلمان أمست تتوسع فالبرلمان اليوم أنيطت له اختصاصات جديدة كالوظيفة الدبلوماسية في إطار الديبلوماسية الموازية. إن من أبرز العوائق التي تعترض الغرفة الثانية هو ضعف التواصل السياسي؛ فثمة قدر كبير من ضعف الثقة المتبادل بين وسائل الاعلام وبعص النواب ؛ فكثيرا ما يصاب رجال الاعلام بالاحباط بسسبب القيود القانونية المفروضة على حصور لجن البرلمان او الاصلاطع على تقارير لجن تقصي الحقائق أو الوقوع في حالات القدف او السب التي يعاقب عبيها قانون الصحافة المغربي. وفي المقابل يحمل جانب من البرلمانيين وسائل الاعلام جزءا من المسؤولية عن قلة التقدير التي يصادفونها اجمالا بسبب الصورة النمطية المتحيزة التي ترسمها لأدائهم البرلماني؛ ويبدو في هذا الصدد خلق قناة إعلامية أصبح مسألة حيوية للغرفتين معا؛ فلوأخذنا على سبيل المثال لا الحصرعمل اللجان البرلمانية فإنها تلعب دورا مركزيا في تمحيص القوانين لدرجة أن بعضها يستغرق مناقشته إلى غاية ساعة متأخرة من الليل لكن من يعرف المواطن بهذا المجهود.
#محمد_زين_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التقطيع الانتخابي بالمغرب بين المنظور القانوني.. والفعل السي
...
-
صياغة القوانين الانتخابية
-
الأحزاب والنقابات وهيئات المجتمع المدني علاقات تقاطع أم تكام
...
-
جدلية الدولة الديمقراطية والأحزاب السياسية
-
المجتمع المدني : المفهوم والدلالات
-
المؤسسة الملكية ورهانات التحديث بالمغرب الراهن
-
الشباب المغربي واستحقاقات 2007
-
واقع وآفاق المشاركة السياسية للجالية المغربية بالخارج
-
العمل الجمعوي .. والمجتمع المدني بالمغرب : أية علاقة؟
-
صراع اللاحضارات
-
سؤال الاصلاح الدستوري في مغرب التسعينات
-
تصريف العدالة الانتقالية بالمغرب هيئة الانصاف والمصالحة نموذ
...
-
تأثيرات أنماط الاقتراع على مسألة الانتقال الديمقراطي
-
سريان النخب بالمغرب
-
بناء مجتمع المواطنة
-
عولمة الاعلام بين السياسة والاقتصاد
-
الديمقراطية المعولمة
المزيد.....
-
أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن
...
-
-سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا
...
-
-الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل
...
-
صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
-
هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ
...
-
بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
-
مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ
...
-
الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم
...
-
البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
-
قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|