|
منظمات المجتمع المدني ودورها في البناء التنموي
كاظم موسى الحميداوي
الحوار المتمدن-العدد: 2830 - 2009 / 11 / 15 - 21:07
المحور:
المجتمع المدني
يمكن لنا أن نعرف العملية التنموية في ابسط تعريفاتها بأنها مجموعة من البرامج والخطط التي يمكن من خلالها أن نحقق تطورا نوعيا وكميا في معدلات مختلفة من الأنشطة المتنوعة ليس على الجانب الاقتصادي فحسب بل على الجانب السياسي والاجتماعي والثقافي ... الخ. وبالطبع يكون ذلك ضمن مقاييس مقبولة عالمية ومدروسة أيضاً وهذا كله ينعكس على المستوى المعيشي و الرفاهي لأبناء المجتمع . وبعد الازدياد المستمر في مشكلات العالم وتعقيدها أصبحت الحكومات عاجزة عن سد احتياجات المجتمع وبعد أن شاع مفهوم الديمقراطية والاهتمام بحرية الفرد وصون حقوقه والسماح له بممارسة حرياته التي كفلتها الدساتير وضمنتها القوانين السائدة وكان طبيعيا أن تتنوع وجوه التجربة الديمقراطية لتتمخض عنها تجربة إنسانية رائدة ألا وهي منظمات غير حكومية تسمى بمؤسسات ومنظمات المجتمع المدني والتي أخذت على عاتقها الإسهام الفعال في البناء التنموي والمشاركة في الارتقاء بواقع الأمم والشعوب من خلال البرامج الاجتماعية والإنسانية والثقافية والتربوية والصحية التي حددتها هذه المنظمات , وبما أن العملية التنموية لا تعني تحسين المستوى المعاشي للفرد فحسب بل تقليل الفوارق والسعي إلى تحسين نوعية الحياة في المجتمع مع التأكيد على المساواة في الحقوق والواجبات أذن فان الهدف من التنمية هو بناء نظام حضاري متطور يعمل على خدمة جميع شرائح المجتمع لذلك كان لابد للمنظمات المدنية من ان تكون شريك أساسي في العملية التنموية فمن دون أدنى شك من أن هذه المنظمات تلعب دورا كبيرا في تعزيز حقوق الإنسان ومنها حقه في التنمية من خلال تكافؤ الفرص لجميع أبناء المجتمع للمشاركة في بناء الحياة فضلا عن أن هذه المنظمات تضطلع بدور اجتماعي وأنساني كبير من خلال السعي لتقديم العون والمساعدة إلى من يستحقها من أبناء المجتمع بعيدا عن الروتين والإجراءات الرسمية التي تشكل عبئًاً على المواطنين. وبما أن الأهداف المنشودة لدى الحكومة الديمقراطية هو رفاهية الإنسان وسعادته في الحياة وتوسيع القدرات وأتاحه فرص العمل وضمان الحريات وتوفير الخدمات الاجتماعية والصحية والثقافية والتربوية فان ذلك لا يمكن دون أشراك حقيقي لمنظمات المجتمع المدني فهي شريك فعال ومؤثر في التنمية الشاملة التي تتطلبها مرحلة البناء المجتمعي. فهذه المنظمات باختلاف عناوينها تستطيع أن تنفذ الكثير من البرامج التي تقع ضمن الخطوط التنموية من خلال تنظيم المؤتمرات وعقد الندوات وتنظيم ورش العمل حول التنمية وحقوق الإنسان والاتصال بالجماهير وإشراكهم في الحوارات السياسية العامة وتعزيز روح الديمقراطية للمساعدة في أنجاح مشروعات التنمية وتوسيع مشاركة النقابات والاتحادات في المجالس والهيئات الحكومية والعمل على أيجاد جسور من الثقة بين المواطنين والجهات الرسمية لتعزيز دور الشراكة في المسيرة التنموية والعمل أيضاً على تحشيد الجهود وتعبئة الموارد والطاقات لتحقيق أهداف التنمية وقيام هذه المنظمات بهذا الانجاز الكبير يتطلب الدعم الحكومي الحقيقي وليس الصوري ، فقد تكون هذه التجربة في العراق تختلف عن مثيلاتها عن الدول الأخرى وحتى تلك المجاورة وذلك لأننا حديثي العهد معها ثم أن ثقافة هذا المفهوم بشكل عام تكاد تكون ضعيفة ، وتجربتنا المؤسساتية الحديثة ذات العمر القصير تفتقر إلى المقومات الأساسية في عملها وأهمها الثقافة الإعلامية فاغلب المنظمات والمؤسسات غير الحكومية تفتقر إلى جهد أعلامي يستطيع أن يوضح صورتها وبذلك نراها لا تتمكن من أثبات وجودها ألا بمقدار عملها ونشاطها والذي قد يتوقف أحياناً لقلة الموارد المالية ثم أن الأعلام الحكومي وغير الحكومي لم يسهم هو الأخر في الترويج للثقافة المؤسساتية والتي يجهلها اغلب الناس وقضية الموارد المالية هي الأخرى من بين معوقات عمل هذه المنظمات ناهيك عن عدم وجود قانون ينظم عمل هذه المؤسسات ويبعد الشبهة عنها ويعطيها الصفة الشرعية والقانونية في العمل لا أن يسلبها أرادتها وأهدافها ويجعلها خاضعة ومؤتمرة بأمر السلطات وبذلك يبعدها عن محيطها الاجتماعي والإنساني ولا تعد مؤسسات مدنية أن مقدار ما تقدمة منظمات المجتمع المدني اليوم لا يقل أهمية عما تقدمة أي جهة حكومية أخرى بل أننا نرى أن هناك انجازاً رائعاً لهذه المنظمات والمؤسسات يتعدى ما تقدمة أجهزة الدولة فالتوعية الانتخابية لمجالس المحافظات خير دليل لنا على قوة هذه المنظمات وما تتمتع به من ثقل شعبي كبير جعل لها حضوراً متميزاً حتى في المناطق النائية والساخنة لذلك نأمل من الحكومة أن تعمل جاهدة على مساعدة هذه المنظمات وإشراكها في وضع استراتيجيات التنمية ومنحها الفرص الكافية للعمل وفق خططها وبرامجها والإسهام في تأهيل كوادرها وتدريبهم وتطوير آلية العمل والاستعانة بخبرات المنظمات والجمعيات والاتحادات الأخرى التي تمتلك الخبرة الطويلة في هذا المجال وكل ذلك يجعل من هذه المنظمات والمؤسسات قادرة على الإسهام في البناء التنموي بمختلف عناوينه لتحقيق فرص اكبر للتنمية والحفاظ على مصالح مختلف طبقات المجتمع وفي تعزيز المفاهيم الايجابية وبناء نموذج أخلاقي سليم في المجتمع العراقي ...
#كاظم_موسى_الحميداوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جيش الاحتلال يعتقل صيادا لبنانيا عند نقطة رأس الناقورة.. ويع
...
-
السعودية.. إعدام مقيم أدين بجريمة مخدرات
-
الجزيرة ترصد أوضاع مدارس الطوارئ بمخيمات النازحين في السودان
...
-
حملات اعتقال وترحيل للمهاجرين غير النظاميين من أميركا
-
وصول عدد من الأسرى الفلسطينيين المبعدين إلى القاهرة (فيديو)
...
-
جدل واسع في إسرائيل بعد مشاهد تسليم الأسرى الإسرائيليين
-
صحف عالمية: تبادل الأسرى السبت كان الأسلس وحماس تسيطر على غز
...
-
ناد نرويجي يتبرع بعائدات مباراته ضد فريق إسرائيلي لإغاثة غزة
...
-
DW تتحقق من معلومات مضللة حول المهاجرين قبل الانتخابات الألم
...
-
DW تتحقق في معلومات مضللة حول المهاجرين قبل الانتخابات الألم
...
المزيد.....
-
أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|