أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - الحوثية و الوهابية الصدام المؤجل















المزيد.....

الحوثية و الوهابية الصدام المؤجل


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2829 - 2009 / 11 / 14 - 20:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


سارت الثورة الإسلامية الإيرانية مسرى النار في هشيم يباس مناطقي يغفو ويصحو على رؤى أسطورية مزمنة، وغيبيات سحرية، وصراعات عقائدية مستديمة، وألهبت تلك الثورة نيران وعي ديني وطائفي ومذهبي كان كامناً على الدوام، وعملت على إذكائه وإخراجه إلى حيز الوجود بشكل أكثر حدة وقوة، على طرفي القطبين الإسلاميين البارزين، المتمثلين بالتيارين الرئيسيين الذين تجاذبا الوعي الديني في المنطقة، ونعني بهما الشيعي والسني. فقد رأى فيها التيار السني أنموذجاً خلاقاً ( ربما أثار حفيظته، كما حسده وحاول تقليده)، يمكن أن يحتذى لتحقيق حلمه الأبدي بتأبيد الخلافة الإسلامية وإعادة استيلادها وفرضها على المنطقة باعتبارها هي الحل الزماني والمكاني لأزمات الحياة ولكل شيء. ومن هنا، بدأت تتوالد وتتناسخ وتتكاثر، وتندفع إلى الساح الكثير من الجماعات الدينية والسياسية، الصغيرة والكبيرة، وتوّجت بأبرزها قوة وتأثيراً، ألا وهي تنظيم القاعدة ذو الامتدادت الدولية، والتي باتت تشكل صداعاً مزمناً للكثير من الأنظمة، والدول حتى تلك التي رعتها، وساهمت في إنشائها. أما على الشق الشيعي الآخر من معادلة الصراع، فقد كانت تلك الثورة رمزاً لصرخة مدوية في وجه حقب من الاضطهاد والتمييز الديني، الذي تعرضت لها "قبائل" المعارضة السياسية والدينية، على أيدي "قبائل" الموالاة، التي كان الفكر المحافظ فاعلها، وحاملها الرئيسي، وعمل جاهداً على خنق الصوت الرافض، لشرعيته، بشتى السبل والأدوات المتاحة، إلى أن تم، جراء ذلك، تفريخ عشرات الفرق، "الضالة" و"المارقة"، حسب خطاب "الموالاة"، الذي أدارته سلالات "الطلقاء" بعنف وحزم شديدين. نعم لقد أدت الثورة الإيرانية، شئنا أم أبينا، إلى إخراج "المارد" الشيعي، وسلالاته الأخرى، من القمقم الذي حبسه فيه التيار المحافظ دهراً فيه، و"المصيبة"، في ضوء المعطي الكوني الحالي، أنه لا يمكن إعادته، مرة ثانية إليه.



ومهما تجملنا، فإن الصراع الحوثي السعودي الذي اندلع مؤخراُ، وببعده الرمزي، ما هو، وفي أحد أوجهه، سوى استئناف آخر لصدام مؤجل، ومعاودة إلى سيرة قديمة، ( شعبياً ليست قصة رمانة بل قلوب مليانة)، وامتداد لذاك الصراع المذهبي، لأطول حروب التاريخ على الإطلاق، والمستمرة اليوم، لقرابة الـ1400 عاماً، وهي لم تزل في أوج استعارها، وحيوتها الطاغية، وقوتها الغزيرة الدافقة. فهو –الصراع- قد يقع في رمزيته الدينية ضمن هذا الحيز، وفي الحيز الأبعد، ومن بعد طبقي بين أغنياء النفط المدججين والمتخمين بالبترودولار، وبين قبائل حوثية شيعية مهمشة وفقيرة، وتعاني الاضطهاد والتمييز العرقي والديني في فضاء يهيمن عليه الفكر السلفي الوهابي برؤيته المعروفة للكون والدين. وهو في بعده الإقليمي، يعكس صراعاً سياسياً ومذهبياً حاداً وعنيفاً بين قطبي المنطقة الرئيسيين، حالياً، (بعد انكفاء الدور الريادي المصري إلى الحضيض في حقبة مبارك)، السعودية وإيران. أما في البعد الاستراتيجي والدولي، فهو بين مجمل قوى الرفض والممانعة والجماعات الرافضة والضعفاء والمحرومين من أية تطلعات والمهمشين سياسياً وإقليمياً للوجود الغربي والمعارضة لهيمنة لقوى "الاستكبار العالمي"، (قد يمكن، لا بل من الواجب إجمال بعض القوى السنية ها هنا إذا أمكن عزل البعد الطائفي)، وبين تلك القوى الإمبريالية العالمية التي تحاول إحكام السيطرة السياسية والاقتصادية على المنطقة، وأيضاً، ضد من يقف معها من أنظمة المنطقة، فيما بات يعرف بأنظمة الاعتدال العربي. وما يدلل هذه الاتجاهات والفرضيات كلها، أن ثمة مشاكل حدود متعددة، ومنها ما يزال قائماً في دول الإقليم، بين كل من السعودية، والكويت، والإمارات، وقطر، عمان، وفيما بين هذه الأخيرات مع بعضها البعض، بينياً، ومنها ما حدث جراءها، مواجهات عسكرية، لكنها لم تأخذ هذا الطابع الدموي العنيف أو نمط المواجهة العسكرية الشاملة التي نراها اليوم مع الإصرار على استمرارها،(ربما كانت هذه المواجهة الأحدث وفي إحدى قراءاتها، أيضاً، إحدى المحاولات اليائسة لإعادة القمقم "إياه" إلى قمقمه)، إذا سرعان ما كانت عوامل كثيرة، وعلى رأسها، ربما العامل المذهبي، تساهم في حل، وإطفاء، تلك الصراعات بروح تصالحية، و"أخوية"، ويعود كل شيء إلى طبيعته. لكن، و"الأخوة هنا مفقودة وغير موجودة"، الصراع، ها هنا يبدو أصعب، وعصياً عن الحل، ومن غير المرجح، أن تنتهي مفاعيله، بـ"تبويس شوارب النشامى"، حتى وبعد أن تهدأ، وتخمد نيران المواجهات. فسيبقى بعدها المذهبي، الرمزي، ماثلاً، وبقوة، إلى أجل لا يمكن التكهن به، في المنظور من الأيام، على الأقل. فالصراع، أولاً وأخيراً، وبقراءته الأكثر طغياناً، هو صراع مزمن لإيديولوجيات متناحرة، ومتتباينة، قبل أن يكون صراعاً عسكرياً، أو مجرد مناوشات حدودية، والأهم فيه هو رغبة التيار "المحافظ"، الموالاة، المحافظة على مكاسبه وموقعه الفوقي التاريخي المستبد، ولا يسمح بمحاولة التمرد عليه وعلى سيادته، ولا يعادل ذلك كله، ربما، من قبل تيار "الرفض" التاريخي، سوى الرغبة الكامنة في الإفلات من تلك الهيمنة التاريخية والتحرر من أسرها، وطرح رؤيته وتفسيره بشكل أكثر حرية وصراحة وعلنية، والتعبير عن ذلك، بشتى أنواع الرفض، والدحض، والنبذ، والتحرر من كافة القيود التاريخية المفروضة، والأنكى من ذلك كله، دخول العامل المقدس على طرفي معادلة الصراع، ما يجعل التسويات الوسطية، أمراً في حكم المستحيل.



بهذا الكلام والافتراض، القابل للنقاش، طبعاً، تمثل الحوثية، تيار الرفض للفكر السياسي والإيديولوجي والعقائدي الذي هيمن على المنطقة لمدة أربعة عشر قرناً حتى الآن من قبل جماعات وفرق "الرفض" التي أخذت شتى التسميات والألقاب، فيما تمثل الوهابي تتويجا لتطور الإيديولوجيا العقائدية الكلاسيكية، "المنتصرة تاريخياً"، وللتيار المحافظ العام والأعرض، والذي قبل وارتضي بالتفسير المطروح لطبيعة الصراع الناشب، دونما نقاش، لدخول المقدس والتقديس والتصنيم على الخط، والقبول بوجهة النظر التي قدمتها القوى الممسكة بزمام السلطة والقوة والثروة، ما يعني استمرار الحرب، وإن بطرق مختلفة، ما دام ذاك الصراع الأصلي والأساسي، والتباين الحاد في رؤية وتفسير ما حدث قائماً، وما دام الاختلاف موجوداً. (لذلك فقد أدركت بعض القوى والمواجع الدينية طبيعة هذا الصراع المزمن، ومدى ديمومته، فكانت هناك دعوات خافتة، ولم يكتب لها النجاح، للشروع في نوع من المصالحات التاريخية الحساسة، عبر ما سمي بمؤتمرات الحوار بين المذاهب الإسلامية، التي لم تساهم، ويا للمفارقة، إلا في تأكيد الصراع، والتعبير عن استمرار المراوحة في المكان، لاختلاط الأسطورة، بالمقدس، بالمصالح السياسية، وشتى التجاذبات الأخرى).



والسؤال الآن ماذا بعد؟ ربما تضع الحرب العسكرية أوزارها، في زمن غير محدد قريب أو بعيد، لاسيما بعد بروز تيار غير راغب في وقفها، ولكن حتى لو توقفت فإنها ستستمر عبر "مناوشات" ذات سمات مختلفة هنا وهناك. لذلك فلن يكون سؤال من مثل متى ستنتهي هذه الحرب، ذا أية أهمية إستراتيجية، على الإطلاق، بل ليصبح عندها، السؤال الأكثر أرقاً، وأهمية ربما، متى ستندلع حرب أخرى من نفس الطراز، والطبيعة، والعينة؟ أو، وإذا كنا أكثر تشاؤماً، ووفق معطيات الشارع التسخينية التحريضية الاصطفافية التي يؤجهها خطاب رسمي رأينا بعضاً من نسخه على هامش المواجهة الأخيرة، يمكن القول، متى ستندلع الحرب الشاملة، بين "الحوثية" ، و"الوهابية"، في المنطقة؟ وما لم يتدخل العقلاء، والحكماء من طرفي، وجانبي الصراع، وتطغى لغة التصالح والتسامح والمحبة والوئام، "المفقودة" والتائهة وسط ضجيج وزعيق المتشددين هنا وهناك، فالإقليم سائر نحو الهلاك، والدمار، ولا محال، ليجدد بذلك سيرة، وموروثاً، ما انفك يعلن عن نفسه، منذ ألف وأربعمائة عام، ويعود ليقرأ علينا، مرة أخرى، وبنفس اللهجة والمؤثرات، ما كنا حفظناه، وخبرناه، وسمعناه، آلاف وآلاف المرات.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المحرقة الحوثية والحروب المنسية
- إلى سعادة الأخ وزير الداخلية القطري/ المحترم:
- رسالة من إخونجي
- إلى الرفيق الأمين العام لحزب الكلكة
- أكثرُ مِن مجرّد هِلال شيعي
- خفايا نضال مالك حسن الأصولية
- معارِكُهم الحضارية
- تهديد جديد بالقتل والمطالبة بإعدام نضال نعيسة من قبل جماعة ا ...
- السعودية بين فكي الحوثيين والقاعدة
- نضال مالك حسن بطل أم قاتل؟
- الشيعة قادمون
- العنصرية في خطاب المعارضة السورية
- هلِ الوحدةُ العربيّةُ ضرورية؟؟
- سوريا: انفتاح بلا حدود
- سايكس- بيكو أمانة في أعناقكم!!!
- العثور على أكبر مقبرة عقلية جماعية في العالم: دعوى عاجلة على ...
- لا للشراكة الأوروبية
- لا تعتذر يا تركي السديري
- Never Trust Them لا تثقوا بهم أبداً
- سوريا وتركيا وبدو العرب


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - الحوثية و الوهابية الصدام المؤجل