|
-عشتم وعاش لبنان-
اديب طالب
الحوار المتمدن-العدد: 2829 - 2009 / 11 / 14 - 14:27
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
جملة حية وجميلة ومفيدة، ختم بها شهيد الصحافة اللبنانية الاستاذ جبران تويني قسمه التاريخي، في ساحة الحرية، أمام مليون ونصف مليون لبناني، أجمعوا على ثورة الأرز، وعلى حرية وسيادة واستقلال لبنان، أجمعوا على قيام دولة لبنانية ديموقراطية، ترتكز على مؤسسات برلمانية تشريعية شرعية، ورئاسية وحكومية تنفيذية في ظل الدستور والميثاق الوطني واتفاق الطائف. ما بين عامي 2005 و2009، صارع اللبنانيون سياسياً واقتصادياً وبدمائهم ودماء كبارهم في السياسة والصحافة والتشريع، للوصول الى تلك الدولة المنشودة. في ليل 9/11/2009 ولدت حكومة لبنان، اكتملت دولة لبنان، كانت وستكون وطنية وفاقية وباقية ومنتجة الخدمات والتنمية. ولدت حكومة سعد الدين رفيق الحريري، وحق للبنانيين، كل اللبنانيين، أن يقول لهم كل العالم: عشتم وعاش لبنان. يشرفنا أن نقول للوالد العظيم غسان تويني وللإبنة النائبة الواعدة نايلة تويني، إن دم شهيدكم وشهيدنا لم يذهب هدراً، وإن لبنان كان وفياً لقسم ابنه الخالد ولمسك ختامه: "عشتم وعاش لبنان". في الذكرى الثلاثين، لأخذ السفارة الأميركية في طهران مع من كان فيها من رعايا أميركيين.. أخذها وأخذهم رهائن لصالح ثورة الإمام الخميني، أكدت المعارضة الإيرانية رفضها لعملية الاختطاف تلك وعلى لسان السيدين منتظري ومهدي كروبي. وكررت ما سبق وقالته في كل مظاهراتها في الشوارع وعلى أسطح المنازل ضد تحالف السيدين، الرئيس نجاد والمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي... كررت وجهرت بـ"الموت للديكتاتور". بيت القصيد هنا، أن علينا أن نتذكر أن هذا الديكتاتور، سبق وكرر مراراً انه معني بإنهاء الليبرالية في لبنان، والمقصود طبعاً الديموقراطية اللبنانية. تقاطعت الهتافات المعادية للديكتاتورية من المعارضة الإيرانية والممثلة لأكثر من نصف الإيرانيين، تقاطعت مع ديموقراطية الكيان اللبناني تقاطعاً تاريخياً، وعلى خط واحد في مواجهة أعداء حقوق الإنسان وحرية التعبير. حكومة الوفاق والوحدة الوطنية اللبنانية العتيدة برئاسة سعد الدين رفيق الحريري ثمرة ونتيجة لإصرار كل اللبنانيين على صحة تمسكهم بديموقراطية كيانهم، وهي دليل على رشد مجتمعاتهم وعقلانيتها وحضارتها، رغم نعت تلك المجتمعات ووصفها واتهامها بـ"القبلية والعشائرية" والطائفية، وبأنها مجتمعات ما قبل الدولة المدنية. الحكومة الحريرية، هي ثالث مؤسسة ديموقراطية يقوم عليها بناء الدولة اللبنانية، بعد التوافق على الرئيس ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وبعد انتخابات برلمانية نزيهة مميزة برئاسة الزعيم نبيه بري. لم يقدر الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد على دفن الليبرالية الديموقراطية اللبنانية، وعوضاً عن ذلك، وبديلاً من صناعة التزوير في انتخابات الرئاسة الإيرانية، والتي سيدته رئيساً على إيران بالقهر والاغتصاب، صرخ الشارع الإيراني: الموت للديكتاتور. لبنان العظيم انتصر لديموقراطيته وبها. وإيران نجاد العظمى تصدعت بديكتاتورية قادتها، وانهزمت شمولية الايديولوجيا ووحدانية القرار، واهتزت السلطة البطريركية الابوية القاهرة العاصرة للمجتمع الإيراني. كم هو عادل التاريخ في بعض المرات! قد يقول البعض، انه لولا التوافق في "الخارج" لما كانت حكومة الوحدة والوفاق الوطني اللبنانية. ونقول أولاً الحكومة كانت وقامت، ونقطة انتهى! وثانياً متى كانت الحكومات المهمة في العالم الثالث، ديكتاتورية كانت، أو ديموقراطية كانت... متى كانت تقوم من دون توافق أو تنسيق مع الخارج وبرضاه؟؟ قدسية وطهرانية الأفكار حول السيادة المطلقة، والاستقلال المطلق، والقرار الوطني الحر المطلق، أوهام مشبعة بالسذاجة، وبنوع من الايمان الخلّبي، والعولمة بدأت مذ كانت اللغة وتحدث جارٌ الى جار، واستمرت ونضجت في عولمة متحضرة ومتجذرة تاريخياً وراهناً بشكل سياسي، في القرن الواحد والعشرين. العولمة لا تنفي الخصائص المحلية، وتنفي ما هو مطلق في السيادة والاستقلال المحليين. أذكر انه في عام 1943، لم يصل الرئيس شكري القوتلي الى رئاسة الجمهورية في الدولة السورية آنذاك إلا بتوافق بريطاني فرنسي وهذا ما أكده الرئيس خالد العظم في مذكراته في الجزء الثاني!! أطلنا الاستطراد حول "الخارج"، ولكنه كان ضرورياً ذاك الاستطراد لتعزيز الاشارة الايجابية الى قدرة الداخل اللبناني المعتد بنفسه وبريادته بالسياسة، على بناء دولته الديموقراطية، رغم أن أهم تناقضات العالم تقيم بشكل دائم في فنادق بيروت. هنا مفيد أن نستلطف جملة قالها صحافي لبناني كبير إبان ولادة حكومة سعد الدين رفيق الحريري، والجملة هي: لبنان يستولد "حكومة العالم". ومفيد أيضاً أن نشترك ونتقاسم ونتخاطر جملة ختم بها مقاله وهي جملة: "عشتم وعاش لبنان". من أهم دواعي قابلية حكومة سعد الدين رفيق الحريري للاستمرار والاستقرار السياسي والاقتصادي، فضلاً عن الإجماع الوطني والوفاق اللبناني حولها، هي أنها ثمرة ايجابية لقمة ايجابية سعودية سورية بدأت في الرياض وختمت في دمشق، قمة حجمت العزلة السورية العربية والدولية، وقرّبت النظام السوري من فضائه العربي، هذا الفضاء الذي يشكل الرئة السليمة بحيث تتنفس الدول الثلاث السعودية والسورية واللبنانية هواء نقياً صحياً في شرعيته التاريخية، وفي تطابق مصالحه القومية والمحلية، وفي نمو قدرته على الحد من طغيان دولة العدوان الإسرائيلي ضد السلام والاستقرار في المنطقة، وفي نمو قدرته أيضاً على مواجهة التحيز الأميركي الأعمى لتلك الدولة الغاصبة للحقوق العربية والعادية دائماً وأبداً عليها. ايجابي جداً أن تكون حكومة سعد الحريري، عنوان تصد للعدوان اليهودي، وشريكة كفاح من أجل السلام العربي. إذا كانت ثمة أشواك نووية أو نفوذية لإيران في المنطقة مع الدول العظمى ودول الجوار، فلتقلعها بنفسها، وتكفينا نحن العرب مصائبنا وأشواكنا الذاتية، وما جرّه علينا الغرب ورأس حربته إسرائيل من مصائب وأشواك خارجية في المئة عام السالفة. عشتم وعاش لبنان، تحية حرة من شهيد حر لوطن حر ولمواطنين أحرار. رحمك الله يا جبران، روينا وسنروي قبرك بالدموع، محتمين بسيفك البرّاق من أجل الحرية، متفيئين بظل روحك الحية وتراثك المجيد. () كاتب سوري
#اديب_طالب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نتنياهو المتغطرس ضد العدالة الوقح ضد السلام
-
تركيا تجد نفسها.. إسلامية برغماتية
-
إيران ترقص على صفيح ساخن
-
ليت أوباما قال: شكراً أنا لا أستحق نوبل الآن!
-
الخيار العسكري ضد إيران ما زال قائماً
-
-دفاعاً عن لبنان العظيم-
-
-فلسطينيو أميركا- و-فلسطينيو القضية-
-
أوباما لن يوقف تخصيب اليورانيوم الإيراني
-
سوريا وايران ذاهبتان الى الحوار الاوبامي
-
ملامح نجاح المشروع الامريكي الاوبامي في ايلول .
-
ايران واسرائيل تتنافسان على المنطقة
-
الرؤية الأوبامية ليست حلم يقظة لرئيس أميركي
-
التطبيع المطلوب هو التطبيع بين العرب أولاً !!
-
دولة العدوان الإسرائيلي تنسج شبح الحرب
-
النظام اللبناني مختلف عن أنظمة المنطقة
-
المفاوضات خيار استراتيجي وليس السلام؟!
-
الخيار العسكري ضد -السلاح النووي الإيراني- ما زال واحداً من
...
-
النووي الإيراني إلى أين؟
-
أيام ايران الصعبة ، لن تمنع المحادثات الامريكية الايرانية ال
...
-
اوباما ومكارم الاخلاق
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|