|
الفكر العربي العربي المعاصر
انور م بلال
الحوار المتمدن-العدد: 2829 - 2009 / 11 / 14 - 14:24
المحور:
المجتمع المدني
ان توصيف مسالة الفكر العربي المعاصر كونه يمثل ارتكاسا للواقع العربي المتلاحق الهزائم والتي لا يخلو ميدان من ميادين الواقع العربي منها ونستطيع ان نتمثل هذه الفاجعة والتي بدأت بهزائم منذ عام 1948 مرورا بنكسة67 وصولا إلى بيروت عام 1982 إلى سقوط بغداد المهيب وإننا لم نكن شهود عيان على الهزائم الأولى بل سقتنا كاسا مدنفا’ وكشهود على تدني هذا الفكر عبر تاريخه المعاصر وفي كل أوجهه وتياراته ولعل من نافل القول إن غياب العقلانية والنقدية في هذا الفكر لهي شاهد على سقوطه وتدنيه إن لم تكن سمة ملازمة له. ولعل ابرز ما يميز هذا الفكر العربي المعاصر التخلف وبكافة أشكاله ونود أن نتحدث عن التخلف الفكري والذي ينعكس بوضوح على كافة شرائح المجتمع العربي شيبا وشبابا مما يؤكد بما لا يقبل الشك إن هيمنة الأنظمة السياسية من ولاة النعمة ومن لف لفيفهم والقائمة على كافة محاور الحياة ومفاصل الشرائح الاجتماعية سواء كانت نقابية أو عمالية أو طلابية عجز نجاعتها السياسية مما يجعل من ممارسة النشاط الإنساني والاجتماعي والثقافي والاقتصادي بكافة أشكاله وانساقه الوجه الآخر ولكن للعملة نفسهاوالله المستعان على ما تصفون, سواء أكان ذلك بالشكل التنظيري أو بالشكل الاجرائي السلوكي وهذا بدوره يعكس المظهر الأكثر خطورة في الفكر العربي المعاصر الا وهو غياب النقد غيابا يكون مطلقا نتيجة للانقسام القسري بين من يسوس وبين من يساس له مشكلا بذلك اختراقا في عمق كافة الشرائح والطبقات الاجتماعية كادحة وغير كادحة وأضرب مثالا على ذلك البدائل والدوران في حلقات مفرغة عنه أمام كل قضايا الفكر ومن ثم تحال إلى المستقبل أو الاعتراف إننا أمام أزمة إذا لاحول ولاقوة الابفالق الحب والنوى أمام ما يجري وان التغيير الحاصل هو تغيير يقود إلى الاستهلاك تأصيلا للمجتمع الاستهلاكي التبعي مما يمهد الطريق لظهور النزاعات الجديدة والتي أخذت تأخذ صيغها النهائية في الوطن العربي مع نهايات القرن المنصرم للمزيد من اللانقد لنكون وجها لوجه أمام فكر ضحل وعقيم جل ما يمكن وصفه بأنه يعاني من إشكالية البنى الثقافية وتمفصلها حول فكر لاجدلي ولاسباب ربما تعود في جلها انه فكر محكوم بنموذج سلفي مع ترسخ لعوامل تتعلق بآلياته الذهنية المنتجة له والدليل على ذلك تعامله مع الذهني كبديل واقعي مكرسا اللاعقلانية في عالم العقل وان كان القسط الأوفى من المسؤولية ينحى أو بعزى إلى النموذج الرجعي لإشكالية الفكر العربي المعاصر كونه النموذج الداعم لكافة العوائق التي تجعل منه فكرا إبداعيا وتقدميا ولايدفع بالفكر وعوامله للمواجهة والتعاطي مع الواقع كمعطيات واقعية بل كمعطيات ذات طابع ذهني صرف فيذوب العقل النقدي ليحل محله اللاعقل. وان رؤية شاملة للفكر العربي سواء بشكل سطحي أو في بناه العميقة يتجعلنا نجد أنفسنا أمام نموذج الماضي العربي الإسلامي أو النموذج الغربي واود ان اطرح سؤلا هنا هل هذا أو ذاك يعكسان واقع المجتمع العربي الراهن أم تعكس واقعا هلاميا ضاعت معالمه بين ماض زاهر ومستقبل يعكس صورة الغرب المتقدم . من هنا نقول إنه يجب أن يعاد النظروهذه رسالة لاولي الابصارمن مفكرين ومؤدلجين وساسة ليبحثو من جديد عن العلاقة بين الفكر العربي المعاصر والواقع ولمن يريد إن يعالجه عليه أن يتسلح بأدوات منهجية ومعرفية لتكون اكثر دقة في تشخيصها وكما يقول علماء النفس إن معرفة المشكلة تعني نصف الحل فهل نبدا بصوغ مناهج جدلية لتكون ذاتها مقياسا لعولمة الفكر العربي المعاصر ربما يشكل ذلك مدخلا صحيحا إلى لب المشكلة وهي التفكير النقدي القائم على الجدل والشك والذي من شانه رسم معالم هذه العلاقة بين الفكر العربي المعاصر والراهن من الواقع العربي وان هذه المسالة المطروحة الآن هي مهمة الجميع مهمة المجتمع العربي وبكافة شرائحه السياسية والفكرية الثقافية والاقتصادية وهي مهمة ممكنة وان تلك الطبقات والفئات الاجتماعية مدعوة لتحمل مسؤولياتها كشرائح وفئات فاعلة لتحقيق هذه المهام الممكنة والتي ستكون معبرة عن هموم و أفاق تلك الشرائح والتي بدونها كأنساق اجتماعية واقتصادية وسياسية يصعب فهم إشكاليات الفكر العربي المعاصر كأنساق موازية له من خلال منظور جدلي وعلاقة الواحد بالآخر وتأثرهما بعضهما البعض , ليتسنى لمن اراد الى ذلك سبيلا تلمس الأسباب الكامنة وراء سقوطه وتدنيه. إن المتجمع العربي قد دفع ثمنا باهضا نتيجة للهزائم المتلاحقة وما أفرزته هذه الهزائم من آثار سلبية على الفكر لتجعل من المجتمع العربي مجتمعا متخلفا والذي لم يستطيع من تحقيق موضوعاته وأهدافه الأساسية سواء الديمقراطية الوحدة الحرية العدالة إلى الخ ..... و لاسباب تتعلق بطبيعة المجتمع الذاتي وبناءه الوظيفي ولاسباب تتعلق بالمد الإمبريالي وما أحدثه من أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية فاسحة المجال بذلك لبزوغ وظهور نزعات دينية ارتكاسية واوضاع فكرية مشوهة وظروف نفسية لتكون البدائل الوهمية والذهنية كبديل عن الواقع الراهن خالقة بذلك حالة من الوهم والحلم الزائف كمظهر إيديولوجي . وفي كل الأحوال ان هذه البدائل لن تحل مشكلا ولن تفسر واقعا ولن تقود الا إلى تجميد بالفكر والياته وفعالياته ضمن تناقض وهمي في تعاطيه مع الواقع الراهن كواقع ملموس ومن آلية اسقاطية أي تهجين الواقع وقولبته ليتناسب والبدائل الوهمية الذهنية أي إسقاط واقع على معطيات واقع آخر لم يتم إخضاعه للمناهج الجدلية النقدية وتحليله بأدوات هذا المنهج والقائم على الشك الجدلي وامكانية المطابقة بين معطيات الواقع ضمن مظامين المفاهيم وان المجتمع العربي بوصفه مجتمعا محكوما بداحس والغبراء وأمام عالم تتصارع فيه اتجاهات ونزعات فكرية يجعل هذا المجتمع وبكل انساقه والسيسيولجية منها منفتحا ومشرعا على ما يحيط به من هذه التيارات الفكرية وبالتالي ستكون هناك شرائح وستكون اكثر تعرضا لتقبل هذا التأثير الخارجي والذي أصبحت العولمة إحدى أهم مكونات هذا التأثير بشقيه الإيجابي والسلبي ومرة أخرى نجد أنفسنا اكثر من أي وقت مضى أحوج ما نكون لا فساح المجال للعقل النقدي الجدلي لا سيما وإننا سبق وقدمنا إن أحدى سمات الفكر العربي في المرحلة الراهنة مما سبقها سمة لا نقدية كما حصل في مرحلة التصوف حين تغلب التصوف على العقل وتلمس طريقا آخر غير طريق المعرفة فانتشرت العرفانية لتحل محل المعرفية ونزعات أخرى وان العقل يمكن أن يكون حاجزا وحجابا للتواصل والتأمل في العوالم إن إعجازهذا العقل وتضليله والذي هو منة الله لكي لا يمارس دوره الفكري بوصفه الأداة والوسيلة في ميادين التحليل والتركيب واعادة التأسيس والتركيب من اجل قراءة جديدة وأصيلة قانونها ان تقبل بعد التحقق بالتجربة أي يكون العقل النقدي ميزان في الصواب والخطل وكل مرحلة تمهد اما الى مرحلة لاحقة او الى نتيجة كالثواب والعقاب ومن منطق ومنطلق الأشياء نفسها ضمن صيرورتها التاريخية وليس من خلال معالجة المسائل اي كمن فسر الماء بعد الجهد بالماء كما هي بل لابد من سبرها ومعرفة جد ليتها الداخلية لأنها المدخل المعرفي الوحيد للإجابة على ما يطرحه الواقع العربي الراهن من إشكاليات وبكافة المعاني وكما اسلفنا إن المعرفة هي الوجه الأخر للفكر الذي ندعوا إلى تأسيسه وتأصيله أي الفكر النقدي لخلق الأفاق الحقيقية لتقدم السياسي والاجتماعي والاقتصادي والتقني . قد يقول قائل انه طرح مشروعا ولكن ماهي كيفية تحققه فلو القينا نظرة سريعة إلى أنظمة التعليم في العالم العربي لوجدنا عجبا وقد يقول قائل لماذا التعليم؟لانه ببساطة يعُنى بأكثر الفئات الاجتماعية والشابة والأكثر قدرة على ممارسة دورا استثنائيا في الأطر الاجتماعية والسياسية وفي ظل توفر الظروف الملائمة. أما المناهج القائمة في مجمل أنظمة التعليم في العالم العربي مناهج إذا ما قصرنا في وصفها لقلنا إنها تقوم أساسا على التلقين كبديل للبحث العلمي. وتعتمد الاستظهار والذاكرة والتسليم دون ممارسة النقد إنها وببساطة تعكس حالة المجتمع العامة وبكل بناه السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية لكونها تعتمد مناهج متخلفة ان لم تكن ميتة لكونها بقايا مخلفات القرون السابقة والتي لم ولن تتمكن من إنتاج العقل النقدي الجدلي الذي يستطيع طرح تساؤلاته النقدية فيما يتعلق بطبيعة التحديات التي تواجهه أو التعاطي مع متطلبات المستقبل سواء على الصعيد الثقافي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي . وما يميزه من جهة أخرى انعدام العلاقة الجدلية والانسجام فيما بينها وبين المعادل الاقتصادي والاجتماعي إنها تمثل انعداما للوحدة المنطقية الناظمة لها شانها شان كل وسائل الاتصال البشري والإنساني إن كل ذلك يقودنا لنقول إننا فعلا وبجدارة امام مازق
Dr Anvar Bilial QUT university [email protected]
#انور_م_بلال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كاميرا العالم ترصد خلوّ مخازن وكالة الأونروا من الإمدادات!
-
اعتقال عضو مشتبه به في حزب الله في ألمانيا
-
السودان.. قوات الدعم السريع تقصف مخيما يأوي نازحين وتتفشى في
...
-
ألمانيا: اعتقال لبناني للاشتباه في انتمائه إلى حزب الله
-
السوداني لأردوغان: العراق لن يقف متفرجا على التداعيات الخطير
...
-
غوتيريش: سوء التغذية تفشى والمجاعة وشيكة وفي الاثناء إنهار ا
...
-
شبكة حقوقية: 196 حالة احتجاز تعسفي بسوريا في شهر
-
هيئة الأسرى: أوضاع مزرية للأسرى الفلسطينيين في معتقل ريمون و
...
-
ممثل حقوق الإنسان الأممي يتهرب من التعليق على الطبيعة الإرها
...
-
العراق.. ناشطون من الناصرية بين الترغيب بالمكاسب والترهيب با
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|