|
قائمة التغيير ظاهرة جماهيرية أم استغلال ظرف ؟
نزار بيرو
الحوار المتمدن-العدد: 2828 - 2009 / 11 / 13 - 00:32
المحور:
القضية الكردية
عند كتابتي لهذا المقال كان هناك في مخيلتي عنوانين يصلحان ان يكونا عنواناَ له . أحداهما كان " قائمة التغيير ظاهرة جماهيرية أم استغلال ظرف " و الثاني " هل تستطيع قائمة التغيير مد جسور بينها و بين الجماهير الذي صوتت لهم في الانتخابات الأخيرة " . و العنوانين يحملان في طياتهم العديد من التساؤلات الواقعية حول حقيقة الآمر و ما الذي حصل في الخامس و العشرين من تموز الماضي ، و ما هو آت من أحداث ، و ما ستؤول إليه الأمور في المستقبل . فالنتائج التي حصلت عليها قائمة التغيير و التي كانت غير متوقعة للبعض و لشريحة كبيرة من مؤيدي و أعضاء و قيادي الأحزاب التي بيدها زمام الأمور و خاصة هؤلاء الذين كانوا لا يعرف بحقيقة الوضع ، و ما آلت إليه الأمور في الإقليم . و في المقابل كانت تلك النتائج متوقعة للبعض الآخر و لهؤلاء الذين كانوا يعايشون الواقع . فمنذ الانتخابات الأولى و الأوضاع الغير مستقرة بعدها، و حتى بعد اتفاق طرفي ذلك الوضع الغير مستقر و تقاسم الحكم بينهما ، و في جميع تلك المراحل كان هنالك شريحة واسعة من الجماهير تتوق إلى طرف توازن ، أو قوة ثالثة تكبح جموح القوَتين و يجد التوازن المطلوب بما تضمن استقرارا أكثر ، و كذلك دفع عجلة الديمقراطية إلى الأمام و جعل الحريات لها مدى أوسع و اشمل . وبالرغم من فقدان تلك القوة، و لعب الحزبين هذا الدور و بصورة غير مباشرة بإطلاق الحريات و فتح منافذ يتنفس من خلالها الجماهير و يعبر عن نفسها و عن الواقع من خلال إطلاق حرية الصحافة و النشر و فتح المجال أمام منظمات المجتمع المدني و حتى دعمها، الا ان ذلك أتت بنتائج عكسية و فتح أبوابا و منافذ على السلطة و الإدارة لم تكن في الحسبان و ذلك في كشف الظواهر السلبية و سوء الإدارة و التقصير في الأداء و التعامل مع الشُركاء في العراق الجديد في ما يخص استرجاع الحقوق و المستحقات . و لم يأتي نجاح قائمة التغيير الا من خلال استغلال تلك الظواهر و الحنكة و الدراية في إدارة معركة الوصول إلى قبة البرلمان . ولكن أذلك هو نهاية المطاف ، أم ما هو آت سيكون الأصعب ؟ وعندما نضع مقارنة بين أداء الحزبين و خاصة الديمقراطي الكوردستاني في مجابهة أزمة الانتخابات و في بداية ظهور حركة التغيير و حربهم الإعلامية وتأثيرهم الفعال على الشارع الكوردي و انتشارها بسرعة فائقة ، نجد ان ذلك التخبط و التشنج في الخطاب السياسي لطرفي القائمة الكوردستانية ، قد تحول إلى تعامل فيه تروي و دراية اكبر و خاصة بعد الانتخابات و ذلك بإتباع سياسة جديدة في التعامل مع قائمة التغيير يعتمد بالدرجة الأساس على إهمال المقابل و عدم الرد عليه و المضي إلى الأمام و كان شياَ لم يحصل و كأنهم لم يخسروا ما يقارب نصف مقاعدهم داخل البرلمان . فيما لا تزال قنوات طرف التغيير و صحفهم سائرين على نفس الوتيرة التي بدأ بها حملتهم في كشف الظواهر السلبية ، و إعادتها تكرارا و مرارا دون جديد ، وحتى أداء نوابهم داخل البرلمان و كما أشارت إلى هذه النقطة نائبة من الطرف المقابل ، ليس بالشكل المطلوب وذلك و ان كان بعض جوانب السبب هو إنهم ضليعُ السياسة ، ولكنهم قليلُ الدراية في ممارسة المعارضة و في مجابهة قوة الديمقراطي الكوردستاني و حليفتها و المال و القوة و السلطة والنفوذ والذي يتحكمون به و يسيطران من خلالها على الشارع الكوردي ، و كذلك يقفُ ورائهم عدد كبير من المستشارين و الخبراء الأجانب و مكاتبهم في رئاسة الوزراء و رئاسة الحكومة ، يقدمون تقاريرهم و نصائحهم حول مستجدات الوضع و كيفية التعامل مع المقابل . و تلك السياسة و الإستراتيجية و المستندة على ان الرد على المقابل، يعني تسليط الضوء على ذلك المقابل ، أما تركهم و شأنهم و عدم التطرق إليهم ففيها فائدة أكثر ، و تعتيم و بصورة غير مباشرة لما يرددونه في قنواتهم الإعلامية . وليس هذا فقط بل عدم تسليط الضوء من قبل القنوات الإعلامية و التي هي مؤسسات لا يعرف مصادر دعمها و العاملين فيها أهُمْ موظفون تابعون لوزارة الثقافة أم لمكاتب الأعلام للحزبين ، لأنه و في الواقع قنوات دعائية للحزبين ومسيطرة على الواقع الإعلامي في الداخل و الخارج و بإمكانياتها المالية الضخمة و التي مصدرها هو حصة الإقليم من الواردات المالية ، وعدم تطرق تلك القنوات إلى مواقف الأقطاب الأخرى في البرلمان و تصريحات نوابهم ، ذلك يعود إلى الأسباب نفسها ، وهي سياسة التهميش الذي ينتهجونها مقابل الأطراف الأخرى داخل البرلمان . وهناك أسئلة منطقية وهو ألم يحن الوقت لكي ان يكون هنالك مؤسسة إعلامية تكون لسان حال للجميع وتضع الحقائق و الأخبار و الوقائع كما هي بعيدة عن الهيمنة الحزبية ،و كان تكون تلك المؤسسة تابعة للبرلمان والتي تضم تحت قبتها جميع الأطراف و مكونات الشعب . و بالرجوع إلى مهام المعارضة بشكل عام ومهام قائمة التغيير خصوصاَ في مجابهة الحكومة ، ليس بالآمر الهين و خاصة وقد وضعت قائمة التغيير حول نفسها طوقاَ و بنت جداراَ عالياَ بينها وبين الجماهير ولم يمد جسوراَ بينها وبين جماهيرها وكان أول خطوة ليست في محلها هو استقالة الصف الأمامي لقيادة التغيير في البرلمان ، حيث كان باستطاعتهم ان يجعل من قبة البرلمان منبراَ يصلون من خلالها إلى الشارع الكوردي و العالم ، لما يتمتع به وقائع البرلمان من تسليط الضوء عليها من قبل وسائل الأعلام المحلية و الخارجية . و الآن ايضا بامكانهم فعل ذلك و يكون لها نفس التأثير في إيصال صوتهم ، و ذلك من خلال خطاباتهم في مهرجانات جماهيرية واستغلال بعض المناسبات الوطنية لذلك ، أو حتى تحديد يوم في الآسبوع لخطاب أسبوعي يتطرق من خلالها إلى مستجدات الوضع و إبداء الرأي حولها ، وكما هو معمول به في كثير من الأنظمة الديمقراطية في العالم في استغلال المعارضة للمهرجانات الجماهيرية و الندوات الثقافية في إيصال رسائلهم و مواقفهم ورأيهم حول إجراءات الحكومة إلى الإعلام الداخلي والخارجي . ففي الدول ذات النظم الديمقراطية ، لا يمر يوم والا نسمع ان هنالك تصريح للمعارضة حول مستجدات الوضع و أمور الساعة و على سبيل المثال هنا في السويد و عندما قامت ائتلاف الحكومة برفع المخصصات المالية الشهرية للطلاب قليلاَ و كذلك خفض النسبة الضريبية على رواتب المتقاعدين ورفع بذلك رواتب المتقاعدين شياَ قليلاَ لا يذكر ، و ذلك من خلال خطوات من هذا القبيل تقوم بها الإتلاف البرجوازي الحاكم في السويد للبقاء في السلطة لدورة انتخابية ثانية في العام المقبل ، بعد ان كان الحكم حكرا على الاشتراكية الديمقراطية لعدة دورات سابقة ، فما كان رد ائتلاف المعارضة على اجرءات الحكومة قولهم " إجراءات الحكومة إجراءات جيدة ونقبلها ولكنها لا تمثل الا نقطة ماء في بحر " واصفة تلك الزيادة للطلبة و المتقاعدين . فعلى المعارضة الوليدة في إقليم كوردستان ان تتعلم و ترى كيف تتصرف المعارضة في النظم الديمقراطية في العالم ، ولكن الفرق بين الأحزاب الحاكمة في تلك الأنظمة الديمقراطية ، ان لديها شعور بالمسؤولية اتجاه المعارضة و المصلحة العامة والتي هي فوق مصالحها الحزبية الضيقة ، وذلك ما تفتقده أحزابنا الحاكمة في سياسة فرض نفسها و سياسة تهميش الآخر. والتي من المفروض ان تتعلم هي ايضا ، كيف تتخلص من هذا الإرث.
#نزار_بيرو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من أوراق ذكرياتي عن انتخابات عام اثنان وتسعون.
-
عصفور النار
المزيد.....
-
الخارجية الفلسطينية: تسييس المساعدات الإنسانية يعمق المجاعة
...
-
الأمم المتحدة تندد باستخدام أوكرانيا الألغام المضادة للأفراد
...
-
الأمم المتحدة توثق -تقارير مروعة- عن الانتهاكات بولاية الجزي
...
-
الأونروا: 80 بالمئة من غزة مناطق عالية الخطورة
-
هيومن رايتس ووتش تتهم ولي العهد السعودي باستخدام صندوق الاست
...
-
صربيا: اعتقال 11 شخصاً بعد انهيار سقف محطة للقطار خلف 15 قتي
...
-
الأونروا: النظام المدني في غزة دُمر.. ولا ملاذ آمن للسكان
-
-الأونروا- تنشر خارطة مفصلة للكارثة الإنسانية في قطاع غزة
-
ماذا قال منسق الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط قبل مغادر
...
-
الأمم المتحدة: 7 مخابز فقط من أصل 19 بقطاع غزة يمكنها إنتاج
...
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|