جورج فارس
الحوار المتمدن-العدد: 2827 - 2009 / 11 / 12 - 22:29
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
من كان إلهه بلا عقل فلا حرج عليه إن لم يستخدم عقله.
يوقع أتباع أي إله أنفسهم في إشكالية كبيرة عندما يغيّبون عقولهم بحجة أن هذا ما ينتج من مطالب إلههم. فإن من يؤمن بوجود إله ويعرف بأهمية دور العقل في حياة الإنسان لابد أن يتساءل عن مصداقية أي إله يقوم بتغييب العقل لدى البشر. وتزداد هذه الإشكالية مع اقتناع هؤلاء الأتباع بعدم مساس أو مناقشة ما يسمونه مقدسات من إلههم ما يؤدي إلى ترسيخ حالة التناقض التي يعيشونها دون أن يشعروا بها حيث أن لامنطقية إلههم تكون قد طغت وألغت منطقية عقولهم، وبالتالي أصبح حيز اللامنطقية لديهم هو منطقة أمانهم وأي محاولة لإخراجهم منها ستؤدي إلى ردة فعل لامنطقية مبالغ فيها من قبلهم للحفاظ على كينونتهم التي يظنون أنها يجب أن تبقى هنا.
إن كل من يتحدث عن إله لابد أن يتحدث عن عقل هذا الإله، وعن دور منطقيته في تشجيع الإنسان على استخدام عقله وإلاّ سيعتبر هذا الإله غير موجود أو بلا عقل وبلا منطق. فالإله المفترض وجوده هو إله يمتلك عقل واعي ومنطق قوي ودونهما إما سيلتغي وجوده على مبدأ كيف يخلق عقلاً من لا عقل له، أو سيتحول إلى ديكتاتور قاسي بلا منطق كل ما يهمه هو تنفيذ أوامره وبالتالي تحويل أتباعه إلى آليات تسير وفق برمجة معينة.
لذلك إن البحث عن الإله الحقيقي – إن وجد- بين جملة الآلهة المعروضة يتطلب بالضرورة البحث عن عقلٍ راجحٍ يفوق عقل البشر ومنطقٍ قويٍ يقارع الحجة بالحجة، وأي بحث لا يسير ضمن هذا الإتجاه لن يؤدي إلا إلى ترسيخ تغييب دور العقل في حياتنا كبشر.
فالإله الحقيقي هو من يعمل معنا على تفعيل دور عقولنا وتطوير منطقنا هذا بالإضافة إلى دوره فيما يخص أخلاقياتنا وانسانيتنا وهذا ما لن نخوض به الآن.
#جورج_فارس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟