|
رسالة مفتوحة للأشراف من حزب البعث السوري الحاكم!
فلورنس غزلان
الحوار المتمدن-العدد: 2827 - 2009 / 11 / 12 - 15:50
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
ـــ أناشد من بقي منكم مؤمناً بمباديء حزب البعث التي قامت بجهود أصحاب فكر متنور قارعوا الظلم والاحتلال وأرادوا لأمتهم أن تتميز وأن تبني صروح عزتها على أسس سليمة تنصف المظلوم والفقير وتعيد لهم حقوقاً ضاعت عقوداً...أناشد فيكم من بقي مؤمناً بما جاء به ميشيل عفلق والأرسوزي وصلاح البيطار وأكرم الحوراني...من ظل وفياً لفكره العلماني الذي يتجرد ويتنصل منه القائمين على سدة الحكم اليوم ويضربون عرض الحائط بكل القيم التي أملاها وغرسها حزب البعث فيكم...من أجل قناعاتكم الفكرية ، من أجل أمتكم العربية، من أجل وطنكم الحبيب سورية. ـــ سوريتكم اليوم تتهددها أخطار كبيرة تهدد كيانها ووجودها، بل تطيح وتخل بتوازن تركيبتها السكانية وتؤدي بالتالي إلى تمزيق وحدتها الوطنية، سورية يتهددها الجوع والعطش، وليس التآمر الخارجي والصهيوني الذي تجعلون منه حجتكم في تأجيل كل إصلاح وتغيير نحو الأفضل ...نحو بعضا من حرية واحترام لإنسانكم المُبعَد عن السياسة وعن القرار...يتهددها الانفجار السكاني الذي إن استمر على هذا المنوال فسيأتي على الأخضر واليابس تجف حياله الضروع والآبار وتتصحر البلاد منذرة بالشقاء والفرقة والتبدد، سوريتكم يتهددها قانون ظالم مجحف بحقكم بحق نسائكم وبناتكم وأخواتكم، وفي النهاية بحق مستقبل وطنكم. ـــ ألم تقولوا في دستور سورية المعدل لعام 1973 أن حزب البعث قائد للدولة والمجتمع؟ إن كان هذا صحيحاً فإنه يعني أن يبادر الأشراف المؤمنين منكم بمباديء هذا الحزب لوقفة رجل، أن يدافعوا عن علمــانــــية هذا الحزب، التي وضعت الآن في سراديب وأقبية النسيان وأغلق عليها بأقفال حديدية وترك الحبل على الغارب لانتشار وباء الأسلمة السلفية من جهة وخروج عفن الزمن وجراثيم الطائفية والعشائرية من جهة ثانية على حساب الروابط الوطنية، أتقفلون العين وتصمون الأذن حيال مايستبيح وطنكم؟ تضعون رؤوسكم في الرمال خشية وخوفاً وتستسلمون خشية وخوفاً على مكاسب آنية، الموقف رجولة حين يكون متناسباً طرداً مع المبدأ والحدث ، لن يسامحكم التاريخ ولن يسامحكم أبناءكم ولا بناتكم حين تخذلوهن في كل يوم وفي كل محفل بقبولكم وتوقيعكم الاستسلامي وموافقتكم وبصمكم على قانون جائر" قانون الأحوال الشخصية " بكل ثيابه الثلاث ومشاريعه المتغيرة والمتحولة في كل مرة من سيء إلى أسوأ، تكرس التفرقة والتمييز وتكرس الطائفية وتكرس السلفية تسود وتحكم وتُقَنوِن وتظلم وأنتم تغطون في نوم العسل الخائف والمرعوب من بعبع الإسلام...صارت العلمانية سبة، جَرَباً يخشاها الكثيرون ويتجنبها حتى أعرق الأحزاب يسارية، يخجلون من الإفصاح ويخشون العتب ، لأن أذرع الأسلمة طالت واستطالت وتجذرت في أعماق المجتمع، لأن حزبكم القائد اعتقد أن تجنبها سيضمن لكم سلامة القيادة واستمرار الريادة، واستبدلتم المواطنة والولاء لها بالولاء للطوائف مما أغرق البلد في التفرقة ، ظلمتم أكراد سورية واستمر الظلم عقوداً وأغلقتم العين عن حقهم في وطنهم وهويتهم...مع أن كل قوانينكم تطبقونها عليهم...وهم أخوتنا في السراء والضراء. ـــ إن كنتم تعقتقدون أنكم تستحقون القيادة ..فأين أنتم منها؟...هل يمنحكم قانون الطواريء صفة القَوامون على المجتمع؟ أم أنه يظلمكم كما يظلم كل فئات المجتمع؟، هل ينصف قانون العقوبات نساءكم وبناتكم وأولادكم حين يُعلمهم الجريمة ويحميهم كمجرمين ، أو يميزهم عن باقي أبناء المجتمع؟...فالمادة 192 مازالت سيفاً مسلطاً على رقاب النساء باسم الشرف، فهل استبيح شرفكم وحماه هذا القانون؟...لقد استبيح شرفنا مراراً وتكراراً ونحن تحت ظلال قيادتكم للدولة والمجتمع..استبيحت أرضنا وسرقت مياهنا وأنتم تزعقون وتخطبون بنا لنصمد ونؤيد خذلانكم وهزيمتكم المتكررة واستمراركم بمحاولة اقناعنا أنكم وحزبكم الممانعين المقاومين معيدي الجولان، واسكندرون نسيتموه وصار طي الكتمان والتاريخ والجغرافيا التي تعلمناها واياكم على مقاعد الوطنية والقومية....فأين أنتم وهذا الخطاب؟ ....وعلى من تطلقون مزاميركم...هل مازلتم قادرين على إقناع المواطن؟ والدفاع عن حقه وعن حق مواطنته وصون كرامته التي تهدر يومياً باسم القانون ...، ومن هم مثلي يُتهمون بنشر أنباء كاذبة، ومعاداة نظام الثورة والاشتراكية، وإضعاف الشعور القومي!!! ــ أي شعور قومي يسمح لكم بالانتقاص من حق المرأة كإنسان؟ أي شعور وطني يسمح لكم بغض الطرف عن قتل المرأة تحت مسميات كاذبة لاهي من الدين ولا من الدنيا؟..أي شعور كاذب هذا الذي يسمح لكم بأن تزجوا بخيار مثقفيكم في سجون ظالمة وهم أخوتكم في العلمانية وفي مباديء الحق والقانون؟ ...في الانتماء لسورية ، في حبها...في الدفاع عنها...أم أنها حكراً عليكم وأنتم فقط أبناءها الأبرار؟ ...لو كان هذا صحيحاً فعليكم أن تثبتوا هذه الصحة بالعمل وبقوانين تغير وجه سورية، الذي سودتوه وأغرقتوه منذ ثورتكم الميمونة في وحل الظلم والظلام والديكتاتورية والفساد واضطهاد أبناء وطنكم بمختلف انتماءاتهم العرقية والمذهبية...الانتماء أن نكون سوريون... سوريون هويتنا الأم والأساس لا هوية حزب البعث ولا هوية سورية الأسد. ــ سورية اليوم تعد 22 مليون نسمة ، نُهبت معظم خيراتها وسُلبت أفضل مقدراتها، الفساد سيد الموقف، سيقول قائل فيكم ، هذا صوت معارض يريد بنا وبوطننا سوءاً ، يهول الأمر من أجل غاية في نفس يعقوب !...نعم ليعقوب غاية اسمها وطني وطنكم، ليعقوب غاية اسمها نساءكم، ليعقوب غاية اسمها أطفالكم..أسرتكم...ومستقبلها كنواة لهذا المجتمع حيث تعيشون، لا حيث أعيش..نعم أنا معارضة معارضة لقانون العسف والطواريء..أما كفاكم مايقارب الخمسة عقود من سيادته.؟..أما كفاكم وآن لكم أن ترحموا وطنكم ونساءكم..بقانون عصري يمنع الزواج بأربع نساء...يحد من تكاثر النسل وكأننا جرذانا لابشراً...ما تنجبه أربع نساء يختلف في تعداد أفواه الجياع عما تنتجه امرأة واحدة، أن تتخذوا موقفاً معارضا لتعدد النساء ، باعتقادي هذا لايخالف الشريعة الاسلامية حتى..لكنه يتطلب موقفاً حاسماً لحماية الوطن من القادم ، لحماية بناتكم وأحفادكم..وبالتالي وطنيتكم...ثم كيف يمكن للعدالة الاجتماعية وتوزيع الثروات أن يتم وينصف حين تكون الأسرة الصغيرة في سورية لايقل عددها عن خمسة أفراد؟ أما آن الأوان لاتخاذ خطوات انقاذية تحمل طابعاً ثورياً يتم حياله تحديد النسل؟ لن نقول افعلوا كما فعلت الصين حين حددت الانجاب بطفل واحد، لكن يمكنكم أن تجعلوه اثنين...وتضعون عقوبة قاسية في حق من ينجب أكثر...على الأقل على مدى عقدين أو أكثر ريثما تنفرج الأحوال ويتناسب الإنتاج مع الاستهلاك ويتطور النمو الاقتصادي مبشراً بازدهار...يحتاج هذا الأمر لبطولات ...لرجال...فهل أجد بينكم من يحمل هذه الصفات؟..لأن الخطوات المطلوبة لدرء الخطر تحتاج لثوريين ولمجازفة تحمل أخطارا وتتطلب روحاً ونفساً علمانية صبورة بحق، مؤمنة بيقين..أيعقل أن يكون الحبيب بورقيبة أكثر منكم رجولة وثورية وعلمانية، وهو ابن عصر سابق؟. ـــ دافعوا عن حزبكم ومبادئة، لاتجعلونه يسقط في أيدي المتأسلمين منكم الخائفين الدخلاء عليه وعلى علمانيته، ومن يعتبرون الولاء للسلطة والطائفة وليس للوطن السوري، دافعوا عن دور حزبكم الذي ينتهك يومياً ويسحب منه البساط، ويتمدد آخرون باسمه..اثبتوا فعلاً أنكم من يقرر لصالح سوريا الوطن، لا لصالح فئة صغيرة ستنتهي صلاحيتها في أمد قريب. ــ خرج مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد القديم، بمزيد من المواد التي لم تغير بالجوهر بل عمقته وغرسته أكثر، ولمعت بعض الجوانب لتبدو أنها جاءت بما هو تقدمي!..مع أنها كرست الانتماء الطائفي، فلسنا متساويين أمام قانون واحد، وليست المرأة إلا ظل إنسان ...تعيش على هامش الحياة وفي ظل الرجل مُستَعبَدة مضطهدة مهددة في ضُرة وفي حقها بميراث، وفي حقها بالشهادة ، والأكثر مرارة حقها في كفالة ولدها وماله...حقها أن تكفل نفسها ، أن تقرر مصيرها دون ولي أمر وكأنها قاصر رغم عمرها القانوني والعقلي...فأي إنسان من هذا النوع يمكنه أن يبني أسرة سوية ومجتمعاً عاقلا واعياً ؟ فحين ينقسم المجتمع ويفصل ويميز بين ذكوره وإناثه...هل تعتقدون أنه يمكنه أن ينتج ويبدع وينهض ويصل لمصاف الدول المتقدمة والمتطورة؟ ـــ لم أكتفِ بالكتابة في نقد للقانون، فقد سبق وفعلت مراراً كما فعل غيري كثيرون، ماذا أنتجت صيحاتنا؟..كانت في واد وأهل القرار في وادٍ آخر ..لم يعلنوا عن اللجنة المكلفة بإصدار القانون ، ولم يعلنوا عن إبعادهم لها...ولا عن تغييرهم لجوهر ما طالب فيه معظم النقاد... لم أكتب موجهة حديثي للمعارضة، لأنها معارضة غير معترف بوجودها..حتى تلك الأحزاب المنضوية تحت ظل حزبكم القائد في جبهة وطنية، كتبت بعض صحفها وانتقدت...لكنها لاتجد لديكم أذناً صاغية....لاتريدون أن تسمعوا سوى صوتكم...وهو اليوم صوت نشاز...بعيد كل البعد عما أسستم له وآمنتم به وجررتم وراءكم بعض أبناء البلد...إن لم يبادر أشرافكم إلى النهوض من كبوتهم الطويلة...فسيجدون أن البلاد تسير نحو كارثة التفتت والجوع والعطش وتفشي الجريمة...وستكونون ضحية صمتكم...ستكونون وقود خوفكم وتئدون وللأبد امكانية الايمان بمباديء حزبكم وعلمانيته التي تتنكرون لها اليوم. وحينها سيفوت أوان الانقاذ وستقفون على تلة من خراب ودمار اسمها سورية. ــ باريس 12/ نوفمبر/ 2009
#فلورنس_غزلان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تعددت الأوبئة والسبب واحد!
-
عورة العقل!
-
نجاح العرب خارج أوطانهم وفشلهم داخلها!
-
كي لاننسى
-
الرجولة في السياسة
-
سياسة خريف أم خريف سياسة؟
-
بين انحطاط السلطة وإحباط المعارضة
-
هل لديكم تفسير؟
-
الإنسانية العربية والإنسانية الغربية!
-
( باكو حرام) ...ماكو حلال
-
الإصلاح بيد مَن، ومِن أين يبدأ؟
-
لأجل أنور البني
-
مناعة سورية ضد العدوى الإيرانية
-
ضحية أخرى من ضحايا قانون الأحوال الشخصية!
-
أي انصاف سيقدمه لهن قانون العار؟ ( قانون الأحوال الشخصية الس
...
-
الإصلاح وقنبلة الفساد
-
رحلة في حارات أدب رفيق شامي
-
نحن والعالم، نحن والحضارة
-
ميشيل لايشبه أحداً سواه ( إلى ميشيل كيلو)
-
الإنفجار السكاني
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|