|
روحانية الاشتراكية
جمعية الروحانيين الاشتراكيين في الشرق
الحوار المتمدن-العدد: 2826 - 2009 / 11 / 11 - 13:42
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
ما هي الروحانية ؟
هل هي القيمة الأخلاقية المتعالية عن الغرائز والنزعات الدونية في النفس الإنسانية ؟ أم هي " الماورائية " الخارقة بمفهومها الميتافيزيقي الكاسر لقواعد القانون الطبيعي ؟ أم هي المرحلة المتقدمة من " القدرات " العقلية الفائقة التي لم تتمكن العلوم الطبيعية حتى اللحظة من حل طلاسمها بعــد ؟ الروحانية هي كل هذا ، مستوى معرفي سياسي اقتصادي تاريخي يجمع بين الماضي والحاضر ويتجاوز قواعد الزمان والمكان المدركة بواسطة الوعي الحسي .. ويحتاج فهمها إلى وعي كلاني فوق حسي.. ! لهذا السبب يتصادم " الدين " مع العلم الموضوعي القائمة ُ إثباتاته على البراهين القابلة للاختبار الحسي ، فالدين عابر للزمان والمكان وهو أوثق من المعرفــــة الحسية الموضوعية وفق منهجيتنا الشرقية المعرفية لكن بشرط : أن تكون للدين قواعد " موضوعية " متماسكة البناء المعرفي الدلالي في الاستنتاج تنهج بنهج المعرفة الكلانية التجميعية ...كي تصح عليها تسمية " المعرفـــة فوق الحسية " ..! وعندما نمر على كافة ديانات العالم نجدها مطروحة من قبل " الأنبياء " و " الروحانيين " بطريقة الاستبطان التي وضحناها سابقاً ، فهي تسير على وقع التكامل الباطني للوعي الفردي مع الوعي الكوني " الكلي " .. لكنها، و ما أن يمضي عليها الزمان حتى تعاود الانزلاق في منخفضات " الفردية " التي تعتمد في دراستها على المقايسة الحسية التقليدية المبسطة مثل ما يعرف بعملية " القياس " في الفقه الإسلامي.. فالقياس يعني مقارنة أحكام شرعية تختص بتحمل السفر ( في سبيل المثال ) بأحكام تتعلق بتحمل مشاق العمل والقياس بموجب الأولى في الحكم على الثانية ، هذه طريقة تقليدية مبسطة تصح في التمييز المادي ، لكن في البعد الكلاني الروحاني الذي يصدر الحكم بناءً على نظرة كلية شاملة للوعي الجمعي والمجتمع الإنساني والمسارات التي تسير نحوها الحياة ، فإن الحكم قد يكون مناقضاً تماماً للحكم في عملية القياس .. لهذا السبب ، بعض المذاهب الإسلامية تحرم عمليات القياس في مسائل الفقه الدينية ( الشرعية ) بناءً على استبطان معرفي بصورة علنية ، لكن المشرع الديني في كل دين في العالم ، حتى وإن آمن بحرمة القياس ، لابد وان يقع في مطب تصوره العقلي الشخصي المبني على معطيات حسية فردية ( لشخص واحد ) حتى ولو تمكن هذا الفقيه من تحقيق اندماج " كلاني " مع الوعي الجمعي الكلي كما يحصل لدى الأنبياء والروحانيين ..
بل الأكثر من هذا ، احتمال وقوع الأنبياء أنفسهم في هذه المطبات وارد ٌ جداً ، ونتوقع أن التفاضل بين الأنبياء إنما يؤسس على هذه الظاهرة .. فأكثر الأنبياء نجاحاً في تحقيق " المهمة " الكلانية التي أوكلها به الوعي الجمعي ( الله أو جبريل الناطق بلسان " نحن " كما سنوضحه بعد قليل ) هو الذي يتمكن من تحقيق أكبر قدر من الاستقلالية عن " الأنا الفردية " واكبر ترابط و اندماج بــ" نحن الكلانية " التي تقع في رتبة ما بعد الأنا العليا أو الضمير التي حددها سيجموند فرويد في مستويات النفس الإنسانية للشخص الفرد . ولسننا هنا في موضع ٍ لتقييم الأنبياء والكهان في الشرق القديم حول مدى " كلانيتهم " من فردانيتها ، لكن ما نريد أن نتوصل إليه الآن هو : الاشتراكية التي راجت في القرن العشرين مجرد هيكل اقتصادي تلازمت معها روحانية من نوع ٍ خاص ، فهي عطاء ٌ وبذل وتضحية من قبل الفرد في سبيل الكل ، وهي تواضع عن الذات وترفع عن الرغبات .. وكان من المفترض أن تقود هذه " السمات " الفكرية إلى تحويل الوعي الفردي من الفردية إلى تحقيق الذاتية بالوعي الجمعي.. لكن ما حدث هو انزلاق الاشتراكية في العهد السوفييتي نحو " التطور الفكري الفردي " ، أي بناء المعرفـــة باستخدام العلم التجريبي الحسي فقط بإهمال كبير للاستبطان المعرفي . وبالرغم من أن السوفييت تفوقوا على الأمريكان في الحرب الباردة بدراسة " الباراسايكولوجي " كظواهر خارقة للوعي المتغير لدى البشر ، إلا إنهم انغلقوا بمنهج الحسية الغربي ولم يتمكنوا من إدراك " الوعي الكلي التجميعي" بصورة تامة الذي عرفته الديانات التوحيدية باسم " جبرئيل " .. فيما كان الأمريكان يفعلون العكس ، فبرغم ماديتهم لكنهم استوجدوا لهم روحانيتهم " الفردية " الخاصة التي حققت لهم الاندماج مع " الوعي الكلي التفكيكي " الذي عرفته الديانات القديمة باسم الشيطان أو .. الشرير.. فالغـــرب والشرق اليوم يخضعان لتأثير قوتين في الوعي الجمعي : هما قوة الكلية الدافعة بالتاريخ نحو الاشتراكية............( جبرائيل ) القوة التفكيكية الدافعة بالتاريخ نحو الرأسمالية ............( عزازيل ) ونحن البشر منقسمون دون أن نشعر في معسكرين بين هذين الإلهين المتصارعين منذ فجر الخليقة كما وصف لنا ذلك زردشت ( أسماهما اهورمزدا و اهريمان على التوالي ) ..
#جمعية_الروحانيين_الاشتراكيين_في_الشرق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|