|
الحلاّبون وضرع سيناء
أشرف العناني
الحوار المتمدن-العدد: 2826 - 2009 / 11 / 11 - 13:42
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الناب الأزرق : حلابّون أم مصاصي دماء
في السنوات الأولى لتكويني الثقافي كانت هناك رواية قصيرة أظنني لن أنساها للأديب فؤاد قنديل ، هي رواية بعنوانالناب الأزرق ، كانت رمزية وتتحدث بأسلوب فانتازي و مرير في الوقت ذاته عن ما كانت تتعرض له مصر من استغلال مفرط من قبل شلة من المنتفعين جلبهم عصر الانفتاح الساداتي ، مصر كانت الثدي أو الضرع الذي ينز ألماً مع خيراته وهؤلاء كانوا من يحلب هذا الثدي بلا رحمة حتى وصل الأمر بالثدي الذي كان يحلبونه أن ينز دماً بدلاً من الحليب ، هكذا كان الوضع في عصر الانفتاح وأظنه تعاظم الآن في مصر وسيناء ليست بعيدة عن كل ذلك
أول القصيدة ولن أقول كفراً
يخطئ من يظن أن كامب ديفيد هي المسئولة عن تقليم أظافر السيادة المصرية على أرض سيناء ، عملياً كامب ديفيد المعاهدة تنتهي بعد عشرين عاماً من توقيعها أي في 1999 وتم تجديدها كما هو متداول بناء على طلب مصري لسنوات أخري يعلم الله مداها ، هنا قد يستغرب البعض ويقول كيف !!!! من المنطقي أن يكون تهاوي السيادة المصرية على أرض سيناء بضغوط أمريكية وإسرائيلية ولكن أن يحدث ذلك بطلب مصري فذلك هو اللغز الذي قد يستغربه البعض ولكن الحقيقة هي أن هذا اللغز ذاته هو مفتاح لتفسير كل الذي يدور الآن على أرض سيناء .
السيادة المصرية على أرض سيناء : روجرز كامب ديفيد
من المهم وقبل أي شيء وضع النقاط على الحروف حتى يفهم المصريون قبل غيرهم من هو المسئول عن تحرير سيناء ومن هو المسئول عن تراجع هذا التحرير وتقليص مجاله الحيوي ، كثيرون يعتقدون أن معاهدة كامب ديفيد هي التي أعادت سيناء إلى كامل التراب الوطني ولكن الحقيقة هي أن الإرادة الوطنية لجموع المصريين وليست الإرادة السياسية كما يروج المهللون هي صاحبة الحق الوحيد في هذا التحرير ، دماء الآلاف من الشهداء والأسري هي المسئولة عن ذلك ، لكن ما لم يستطع الإسرائيليون الحصول عليه بدون حرب عن طريق معاهدة روجرز حصلوا عليه بعد أن دفع كل هؤلاء الشهداء أرواحهم ودمائهم من أجل تحرير الإرادة قبل التراب ، الذين حاربوا في أكتوبر 1973 لم يكونوا على علم بهذا السيناريو المفزع و إلا لما أطلقوا طلقة رصاص واحدة , معاهدة روجرز كانت ستعيد كل سيناء بنفس شروط كامب ديفيد إلى مصر فلماذا الحرب إذن ؟؟؟؟ حارب الناس لتحرير إرادتهم ، حاربوا لانتزاع حقوقهم بالقوة ، لكنهم لم يهنئوا بهذا النصر فسريعاً ما دبر السيناريو وسريعاً ما طبخت الطبخة السياسية لتهدئة بركان الغضب المصري الوطني وليس السياسي ، خطوة خطوة تم انتزاع الفتيل ، وخطوة خطوة أعاد الأمريكان والإسرائيليون الأوضاع إلى مربع روجرز ولتذهب كل هذه الدماء الذكية إلى !!!!
المنطقة ألف وباء وجيم : ليس هذا كل شيء
على أرض الواقع نعم ربما يعتبر تقسيم سيناء إلى مناطق( أ ) و ( ب )و( ج ) وأن تكون المنطقة ( ج )على سبيل المثال منزوعة السلاح بالكامل باستثناء حرس الحدود ولا يصرح للطيران المصري بكل أنواعه سواء حربي أو مدني بالعبور من فوقها حتى في أشد أوقات الأزمة ، في حين أن من حق إسرائيل أن تسرح وتمرح كما تشاء وبكامل عتادها الحربي بالقرب من الحدود المصرية ولا تتوقف صباح مساء عن انتهاك المجال الجوي المصري فوق سيناء وبالذات فوق المنطقة ( ج ) ، يحدث ذلك كله بمباركة ورعاية أمريكية تختبئ خلف ستار القوات الدولية العاملة في سيناء ، نعم يعتبر هذا أقسي مظاهر انتهاك السيادة المصرية لكن هذا ليس كل شيء ، فثمة انتهاكات أخرى لا يعلم الكثيرون عنها مثل ما تفعله المؤسسات البحثية الغير بريئة التي لا تتوقف عن إجراء البحوث في سيناء لصالح جمع المزيد من المعلومات التي لا تخدم سوي إسرائيل ، فمن مؤسسة النمرو التابعة للبحرية الأمريكية إلى مؤسسة فورد التابعة للسي أي ايه وأخيراً مؤسسة كرايسز التي أنهت تقرير ” مسألة سيناء ” عام 2007 . أما الخبراء الأمريكان على الحدود المصرية فأظن أنني لن أضيف الكثير على قصتهم التي يعلمها الجميع .
الحلابون وضرع سيناء : مربط الفرس
أعرف كما يعرف الجميع أن لكل تنازل ثمن ، وما كان يقوله العرب عن أن الحرة تجوع ولا تأكل بثديها صار من الحفريات الثقافية والسياسية التي من المستحيل الآن في ظل لحظاتنا المفرطة في تهاونها أن نجد ما يدعمها ، هنا يبدو السؤال وجيها : لصالح من إذن هذا التنازل ؟؟؟؟ ، من المستفيد الحقيقي منه ؟؟؟ ، وللإجابة عن هذا السؤال دعونا نتأمل الصورة على أرض الواقع في سيناء ونطرح السؤال التالي : إذا كانت هناك خيرات وعوائد يمكن جنيها بتلك الشروط الإسرائيلية من سيناء فهل جموع المصريين هي المستفيدة منها ؟؟؟؟ الإجابة التي يعرفها الجميع هي لا !!!! ، في ترعة السلام مجموعة صغيرة من المستثمرين هي من تسيطر على المشروع في سهل الطينة وشرق بورسعيد ولا يسمح للمصريين محدودي الدخل بمجرد العبور من هناك ، وفي هذا الصدد أتذكر قصة طريفة ربما ما زال الناس هنا في سيناء يتذكرونها بمرارة فقد حدث منذ حوالي عامين أو أكثر أن كان هناك وعد رئاسي بتوزيع جزء من أراضي ترعة السلام على المواطنين في سيناء بواقع من 5 إلى 10 فدان لكل مواطن ، تلقف الناس الخبر وسارعوا لتقديم الطلبات في مبني ديوان عام محافظة شمال سيناء ، وكانت طلبات بالآلاف ، لكن وبعد فترة اكتشف الناس أنهم خدعوا وممن ؟؟؟؟
مجموعة صغيرة من المستثمرين هي المستفيدة الحقيقية من أراضي ترعة السلام ، ولا حق لجموع المصريين ولا حتى أبناء سيناء أصحاب الأرض الحقيقيين فيها !!!!! هؤلاء هم من يحلبون خير ترعة السلام بشروط كامب ديفيد وما يحدث في ترعة السلام يحدث في الغاز المصري الذي يعبر إلى إسرائيل عن طريق سيناء ويحدث في وسط سيناء حيث مصانع الاسمنت التي قيل أن بعضها يذهب لبناء الجدار العازل في إسرائيل ، أما في جنوب سيناء فثمة مناطق ليس ممنوعاً على جموع المصريين الاستثمار فيها بل العبور والدخول إليها من أساسه .
شروط الحلب : الولاء لاسرائيل
سيستغرب البعض حين يعلم أن معظم المنتفعين من خيرات سيناء هم ذاتهم أكثر الناس دفعاً لتطبيع العلاقات مع إسرائيل ، بل يصل الأمر يبعضهم من التفاني لأن يكونوا إسرائيليين أكثر من الإسرائيليين أنفسهم ، وما قصة بناء الجدار العازل الإسرائيلي بأسمنت من سيناء وتصدير الغاز المصري بأسعار جبرية مخجلة لإسرائيل وأخيراً بيع أراضي جنوب سيناء لمستثمرين يهود إلا تفاصيل صغيرة في صورة كبيرة لا يعلم إلا الله مدي اتساعها ، هذا الحلب إذن له شروط هي تقديم فروض الطاعة والتفاني في خدمة المصالح الإسرائيلية في مصر أما عموم المصريين فما الذي يقدمونه لإسرائيل حتى يحظوا بالمباركة ويدخلون في الصف حتى حين دورهم لحلب هذا الضرع السيناوي وتذوق حليبه أو دمه ، ليس من فارق كبير
المفارقة الأكثر إثارة للحسرة :
على الرغم من كل هذا هناك سؤال افتراضي لا مجال لاستبعاده وهو التالي : ماذا سيفعل هؤلاء المنتفعين لو لا قدر الله فكرت إسرائيل وهذا الأمر ليس مستبعداً في إعادة احتلال سيناء ؟؟؟؟ هل سيدافعون عنها أم أنهم سيكونون أول الفارين ؟؟؟ بل سيخمن البعض – ولهم الحق – ويقولوا بأن هؤلاء سيذهبون مباشرة إلى الخندق الإسرائيلي الذي يدينون له بالولاء ولا يعرفون غيره ، أما مهمة الدفاع عن سيناء فستظل على الدوام المهمة الطبيعية لمن هم أهل لها وهم أبناء هذا الوطن من جموع المصريين سواء هنا في سيناء أو في مصر كلها
#أشرف_العناني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مفعول به .. مفعول بها .. يا له من مصير
-
فانتازيا المنطقة ج : واقع كالحلم .. هل قال أحدكم - كابوس -
-
مخطط لإنقاذ المحروسة : عاصمة جديدة لمصر في سيناء
-
أحمد السواركة : سيناء بأرواح غزيرة وقلب وحيد
-
ثقافة العنف في سيناء : رائحة البارود مرت من هنا
-
التنوير .. كأن الحداثة نور !!!!!!!!!!
المزيد.....
-
الأكثر ازدحاما..ماذا يعرقل حركة الطيران خلال عطلة عيد الشكر
...
-
لن تصدق ما حدث للسائق.. شاهد شجرة عملاقة تسقط على سيارة وتسح
...
-
مسؤول إسرائيلي يكشف عن آخر تطورات محادثات وقف إطلاق النار مع
...
-
-حامل- منذ 15 شهراً، ما هي تفاصيل عمليات احتيال -معجزة- للحم
...
-
خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تصفية مسؤولين في -حماس- شاركا في هجوم
...
-
هل سمحت مصر لشركة مراهنات كبرى بالعمل في البلاد؟
-
فيضانات تضرب جزيرة سومطرة الإندونيسية ورجال الإنقاذ ينتشلون
...
-
ليتوانيا تبحث في فرضية -العمل الإرهابي- بعد تحطم طائرة الشحن
...
-
محللة استخبارات عسكرية أمريكية: نحن على سلم التصعيد نحو حرب
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|