أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - حامد حمودي عباس - بين هموم النخبة الثقافية ، ومعاناة الجماهير .. مسافات لا زالت طويله .














المزيد.....


بين هموم النخبة الثقافية ، ومعاناة الجماهير .. مسافات لا زالت طويله .


حامد حمودي عباس

الحوار المتمدن-العدد: 2825 - 2009 / 11 / 10 - 17:01
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


لا أدري إن كان الأديب والمسرحي الجزائري الكبير كاتب ياسين قد أصاب شيئا من كبرياء الرئيس الفرنسي ميتران ، حينما زاره وهو على فراش المرض بمدينة غرونوبل الفرنسيه ليسلمه الجائزة الوطنية الفرنسية للآداب ، حيث قال للرئيس ( إنني أعتبر اللغة الفرنسية غنيمة حرب ) .. غير أنني أشعر بذات القدر من الإحساس بعظمة ذلك الاديب المقاتل وهو يؤطر النصف الثاني من عطائه الأدبي المنتمي لجبهة الفقراء ، حينما أعلن قائلا ( لقد قررت ترك صالونات باريس والابتعاد عن نخبوية مثقفي الكتب ، ووجدت في الكتابة باللغة الشعبية وسيلة لا تضاهى للتواصل مع ناسي وشعبي وبشكل مباشر ، من دون وسائط أو حواجز كمركيه ) ..

إنني ومع ابتعادي كثيرا عن موقع ذلك الكاتب الفذ من حيث القدرة على العطاء والتميز ، ولكنني ، وخلال جل ما كتبت ، كنت أسعى للتمييز بين الكتابة النخبوية ، والتي لم تضع لمعاناة الشعوب المضطهدة في بلداننا أية حلول مؤثرة ، وبين عمليات التواصل المختلطة بالجماهير حيث يحس من خلالها الكاتب وعن قرب ، بحرارة الطقس ، وزحمة المواصلات وإنقطاع التيار الكهربائي المستمر وشحة غذاء المعوزين وفقدان التواصل الأسري الحميم ، إنه التعايش في صميم ما يفعله الناس خلال حياتهم اليومية كما فعل كاتب ياسين ، وهو يستلهم رؤاه من خلال تواجده المتكرر في سوق الحراش الشعبي بإحدى ضواحي العاصمة الجزائرية ، مراقبا للهجات وخواطر وتصرفات عامة الناس في تلك السوق ، ليكون خزينه الادبي زاخر بما يريده الناس لا بما تريده النخبه ، ومن هنا فقط ، كانت عظمة ما نزفت به مخيلة ذلك الأديب الكبير من آثار إصطفت الى جانب أبناء شعبه ووطنه .

نحن في العراق ، لم تمنحنا شهوات حكامنا للتلهي بمقدراتنا ، ومنذ سنين طوال ، فرصة لكي نستريح ونستعيد إمكانية الاستقرار ، وتكررت رغبات أنظمتنا المتعاقبة للمارسة لعبة الحروب كما يفعل المراهقين في لعب ( الأتاري ) الالكترونيه ، حتى إخترعت الكثير من العوائل المعوزة طرقا مبتكرة لسرقة شبابيك قبور شهداء الحروب ، وبيعها في أسواق الخردة ثمنا لرغيف الخبز ، وأستهان الناس ، وبمرور الزمن ، بمناظر الموت وهيئات الجثث المسحوقة والمرمية على أرصفة الشوارع ومنعطفات الأزقة ألمعتمه ، وسيق بالنساء تحت وطأة الجوع والترمل الى ساحات العمل المؤقت ، وتسرب الاطفال من مدارسهم ليعملوا في محلات تصليح السيارات أو لبيع العلب الفارغة بعد جمعها من ارصفة الشوارع.. ناهيكم عن مكامن التفسخ الاسري المشين والهجرة غير المنظمة ومظاهر الوقوف على أبواب السفارات الاجنبية طلبا لللجوء ، في حين لم يكن العراقي من قبل يشاهده أحد خارج حدود بلاده إلا سائحا ، أو متبضعا ، أو موفدا للتدريس أو طالب علم .

كل هذا ولا زالت جل كتاباتنا تنتحل صفات الإنتماء النخبوي البعيد عما تفرزه الحياة اليومية للفقراء والمستهدفين الحقيقيين من وراء عمليات السيطرة والنهب والاستحواذ غير الشريف للأموال العامه . . لقد كنت ولأكثر من مرة ، أجابه وبما لدي من قدرات متواضعه ، ذلك الترف الثقافي الممل لدى غالبية كتابنا العراقيين ، وأنا أحاول شحذ هممهم وجر إنتباهم لضرورة ممارسة ما هو أكثر فائدة لإنقاذ شعبنا من محنه المتواصله ، وكنت باستمرار أستنكر عليهم التوقف عند دائرة التخاطب النخبوي ، والمقتصر على إطلاق التحاليل السياسية غير النافعة والمكررة ، والتوجه فورا لعقد حلف ثقافي يقف مع الجماهير صاحبة المصلحة الحقيقية في أي عطاء فكري يمنحها قوة في تحركها بوجه سارقي قوتها ، وقاتلي آمالها ، ومعرقلي حركة نموها .. إلا أنني كنت وعلى الدوام أجابه بتجاهل ينم عن صفة التكبر المؤطر بتجاهل مؤسف .
إذ ما الفائدة المرجوة والحال هذه ، أن ننبري للتجاذب الساخن ، كي نضع كل من موقعه تفسيرا لهذه المفردة السياسية أو تلك ، وننشط ، وبمطاولة غريبة ، للوقوف على أسباب إنهيار المنظومة الاشتراكية ، أو التسابق في إظهار القدرات الفكرية حين يجري التقاتل وبهمة عالية من أجل الحصول على قصب السبق في كون أن التجربةالعراقية الحالية هي عين الديمقراطية أم أنها نصف ديمقراطية .. ما فائدة ذلك لمن جعلهم العوز المقيت يسكنون في المقابر ويشربون من مياه المجاري الثقيلة وينامون تحت سماء مكشوفه ؟؟ ! .. ما نفع أن نفني طاقاتنا في دراسة نوايا الاطراف المساهمة في اللعبة السياسية ، لنقول بأن هذا الطرف على حق وذلك الطرف على باطل ، والجميع يبرعون في إختراع شتى سبل النهب والقتل والتشريد بحق العامة من المواطنين الابرياء ؟؟ .. ألا يعني لنا شيئا ذلك الانقطاع المرير بين الجماهير والنخبة من مثقفي البلد ، حيث تتجسد تلك القطيعة المره في كلمات يقولها أي مواطن حينما يأتي ذكر شأن من شئون الثقافة أو ألمسرح أو الرسم بالريشة ؟؟ ..

إننا حقا بحاجة الى كاتب ياسين ، كي يصحبنا الى أسواق بغداد ، ويعيننا من هناك على فهم لهجاتنا وأصوات باعتنا المتجولين ، ويكتب لنا مسرحية تنطق بالواقع ، وليس الرجم بثقافة تفرز الغث من الافكار .






#حامد_حمودي_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألبغاء .. وحياء المجتمع .
- صوتها من داخل الطائره
- لتتوقف جميع دعاوى التصدي الرجعي للمفكر والكاتب التقدمي سيد ا ...
- حملة من أجل إطلاق سراح الملكين المحجوزين بأرض بابل
- ألقطيعة بين قمة الثقافة العربية وقاعدتها .. أزمة تبحث لها عن ...
- ترى .. من يحمي بناتي من أجلاف البشر ودعاة أعراف الموت ؟؟
- ما ألمانع من خلق جبهة تتوحد فيها قوى التحرر القومي والوطني ا ...
- هذيان اللحظة الأخيره
- صرخة ألم في فضاء عذابات المرأة العراقية .. بائعات الملح يبصق ...
- عشق ما بعد الستين
- إعتذار
- نداء عاجل لكافة الوطنيين والتقدميين في العراق
- فلتسقط السياسه .. وليتوقف تدمير عراق النهرين والشط
- تحدي
- إشراقات خارج حدود وطن الأزمه
- ألعقلية العربية وتصدير الأزمات
- ألعقلية العربية لا شأن لها بثقافة التغيير والديمقراطيه
- عشق غير مألوف
- متى ياعراق ؟؟
- سجال متأخر .. حول ضرورة وحدة قوى اليسار في العراق


المزيد.....




- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 583
- تشيليك: إسرائيل كانت تستثمر في حزب العمال الكردستاني وتعوّل ...
- في الذكرى الرابعة عشرة لاندلاع الثورة التونسية: ما أشبه اليو ...
- التصريح الصحفي للجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد خل ...
- السلطات المحلية بأكادير تواصل تضييقها وحصارها على النهج الدي ...
- الصين.. تنفيذ حكم الإعدام بحق مسؤول رفيع سابق في الحزب الشيو ...
- بابا نويل الفقراء: مبادرة إنسانية في ضواحي بوينس آيرس
- محاولة لفرض التطبيع.. الأحزاب الشيوعية العربية تدين العدوان ...
- المحرر السياسي لطريق الشعب: توجهات مثيرة للقلق
- القتل الجماعي من أجل -حماية البيئة-: ما هي الفاشية البيئية؟ ...


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - حامد حمودي عباس - بين هموم النخبة الثقافية ، ومعاناة الجماهير .. مسافات لا زالت طويله .