الصفحة الرئيسية
-
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
-
صقر ابو فخر
-
كريم مروّة يتذكر كمال جنبلاط ونشوء الحركة الوطنية اللبنانية
|
|
كريم مروّة يتذكر كمال جنبلاط ونشوء الحركة الوطنية اللبنانية
صقر ابو فخر
الحوار المتمدن-العدد: 173 - 2002 / 6 / 27 - 05:39
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
من الدين الى القومية العربية فالشيوعية، ثم الى التصالح بين الاشتراكية والدين. انها رحلة مضنية اجتازها كريم مروة في شعاب السياسة وفي مسالك النضال الاجتماعي وفي حقول الفكر والثقافة. شيوعي، مع أنه سليل عائلة دينية عريقة في جبل عامل بجنوب لبنان. فجده لوالده كان رجل دين. وشقيق جده كان مرجعا دينيا في جبل عامل. وجده لوالدته كان رجل دين أيضا. وشقيق جده كان مرجعا دينيا في قم في إيران. لكن ارتباط جنوب لبنان بالمدن الفلسطينية أدخل الأفكار القومية الى وعيه في وقت مبكر. يجمع في تكوينه ثلاثة وجوه: المناضل والسياسي والمفكر. ومع أفول الحياة النضالية الحزبية في لبنان الى حد كبير، وانحسار دور الحزب الشيوعي في المقاومة الوطنية اللبنانية، ومع خروجه من موقع نائب الأمين العام للحزب في سنة 1992، ثم مغادرته، طوعا، عضوية المكتب السياسي في سنة 1999، لم يبق له، من وجوهه الثلاثة، الا الوجه الفكري. وكمفكر وسياسي ومناضل التقاه الزميل صقر أبو فخر في حوار طويل ومسهب، وسيصدر هذا الحوار قريبا في كتاب مستقل عن <<دار المدى>> في دمشق. وفي ما يلي أحد فصول هذا الحوار كيف تعرفت الى كمال جنبلاط؟ كيف تتحدث، اليوم، عن علاقتك به أكانت هذه العلاقة شخصية أم حزبية؟ علاقتي بكمال جنبلاط قديمة. سمعت باسمه لأول مرة عندما أصبح وزيرا في حكومة الاستقلال الثانية، في النصف الثاني من الاربعينات. اذ قام يومها بأعمال كانت لافتة للنظر، منها أنه استخدم طائرة لإلقاء البذور فوق الجبال، في محاولة منه لتعميم الأحراج والغابات في قمم الجبل اللبناني وسفوحه. وما أذكره عنه انه كان وزيرا مشاكسا. ولكنني لا أذكر التفاصيل. وأحيلك الى ما رواه المؤرخ الروسي إيغور تيموفييف في كتابه: <<كمال جنبلاط الرجل والاسطورة>>. التقيت به أول مرة، عندما كنت أتابع، من جديد، دراستي في مطلع عام 1958، في معهد الحقوق التابع للأكاديمية اللبنانية، بعد انتهاء مهمتي في بودابست، وعودتي من دمشق. حيث كنت أشارك في تحرير جريدة النور، وقبل ذهابي في مهمتي الخارجية الثانية في فيينا. غير أنني تعرفت اليه، وبدأت علاقتي السياسية معه، عندما بدأنا في تأسيس جبهة الاحزاب والقوى والشخصيات الوطنية والتقدمية، في أواسط الستينات. واستمرت هذه العلاقة حتى استشهاده. وبإمكاني الحديث عنه مطولا، استنادا الى هذه المعرفة، والى كوني قرأت كل كتبه. وليست هذه التداعيات المجال الملائم لذلك. الا انني أود ان أذكر جملة حوادث مرتبطة باسمه، جرت في الستينات والسبعينات، بعد تأسيس جبهة الاحزاب والقوى والشخصيات الوطنية، التي كانت مؤلفة من الحزب التقدمي الاشتراكي والحزب الشيوعي وحركة القوميين العرب ومعروف سعد، الذي كان في البداية الشخصية الوحيدة فيها، ثم انضمت اليها بعد ذلك نهاد سعيد، وانضم بعدها الجنرال جميل لحود. الحادثة الأولى تتعلق بتوزير شخص مقرب من الجبهة في وزارة عبد الله اليافي، التي تشكلت بعد أزمة انترا واستقالة حكومة رشيد كرامي. فقد تداولنا في اجتماع الجبهة بالأسماء. وجرى التوقف عند اسم أمين الحافظ، نائب طرابلس في كتلة رشيد كرامي. تحفظت على الاقتراح، ليس للتقليل من جدارة الشخص، بل لاستحالة قبوله منصبا وزاريا في حكومة اليافي، بعد استقالة كرامي. ويومها ضحك الجميع واعتبروني ساذجا في السياسة. اذ كيف يرفض شخص منصبا وزاريا يأتيه على طبق من فضة؟ ولأن أمين الحافظ كان صديقي فقد طلب مني ان أذهب اليه لمعرفة رأيه. وحينما عدت الى الاجتماع حاملا جوابه السلبي، للأسباب التي ذكرتها، اعتذر الجميع مني. ثم اقترح جورج حاوي اسم الجنرال جميل لحود. ولاقى الاقتراح استحسانا من الجميع. فذهبنا جورج وأنا اليه. وكان شديد الايجابية والامتنان. وهكذا أصبح جميل لحود وزيرا للعمل والشؤون الاجتماعية. وكان موريس نهرا يقوم بدور المستشار السياسي للوزير خلال وزارته. وبرهن الجنرال لحود إبان توليه وزارة العمل انه أفضل وزير عرفته الوزارة في تاريخها. اذ في عهده انتظمت أمور هذه الوزارة. وصارت أكثر علاقة بمهمتها. واتخذت في حينه، بموقف شجاع من الوزير لحود، عدة قرارات تتصل بالضمانات الاجتماعية وبقانون العمل وبحقوق العمال والأجراء. كما أعطي الترخيص للاتحاد الوطني للعمال والمستخدمين، الذي كانت الحكومات السابقة كلها ترفض إعطاءه الرخصة، رغم ما كانت تمثله النقابات المنفردة من وزن في الحركة النقابية، بل ربما لهذا السبب بالذات. ويذكرني هذا الدور للوزير جميل لحود بالدور الذي لعبه ألبير منصور، كوزير للدفاع في وزارة الحص الاولى، بعد اتفاق الطائف. اذ كان ألبير منصور وزير الدفاع الحقيقي الفريد في تاريخ لبنان منذ الاستقلال. وتجدر الاشارة هنا، وفاء لتاريخ جميل لحود وللوقائع التاريخية، انه كان، منذ شبابه الاول، من موقعه في الجيش في مختلف الرتب، وطنيا لبنانيا أصيلا، يؤمن بانتماء لبنان الى العالم العربي، تاريخا وثقافة ومصيرا. وكان يتميز في سلوكه بمناقبية عالية. وكانت تربطه بالحزب الشيوعي اللبناني علاقة صداقة تاريخية، في النيابة والوزارة، وقبلهما وبعدهما، الى الحد الذي أصبح يعرف بالوزير الأحمر والجنرال الأحمر. الحادثة الثانية تعود، ايضا، الى العام ذاته. فعندما اغتيل قريبي كامل مروة، صاحب جريدة <<الحياة>>، على يد أشخاص من التيار الناصري، شاركت مع قريبي حسين مروة وشقيقي الأكبر (ابو هادي)، الذي كان يعمل في الجريدة، في التشييع وفي تقبل التعازي في منزل الفقيد في بيت مري، على امتداد ثلاثة أيام. وكانت جرت مشاركة واسعة في التشييع وفي تقبل التعازي من قبل الصحافيين الكبار: عفيف الطيبي وسعيد فريحة وسليم اللوزي وغسان تويني وزهير عسيران وآخرين. وكانت تلك أول علاقة لي مع عدد منهم. ويومها وُجه لي انتقاد من البعض، خلال اجتماع لجبهة الاحزاب. فتصدى كمال جنبلاط للرد على المنتقدين، معتبرا ان موقفي وموقف حسين مروة كان صحيحا، لاعتبارات عدة لا علاقة لها بالموقف السياسي. ومعروف ان جنبلاط كان ضد مبدأ الاغتيال السياسي، متفقا في ذلك مع موقف الحزب الشيوعي. الحادثة الثالثة حصلت، ايضا، في العام ذاته. فبعد موت جلال كعوش الفلسطيني، تحت التعذيب في أقبية المكتب الثاني، ذهب وفد من الجبهة، برئاسة كمال جنبلاط وعضوية معروف سعد وعباس خلف ومحسن ابراهيم وأنا، الى وزارة الدفاع لمقابلة الوزير الشيخ ميشال خوري ورئيس المكتب الثاني غابي لحود، من أجل استنكار الجريمة وللمطالبة بالتحقيق فيها ومعاقبة المسؤولين. وكم كان كمال جنبلاط في ذلك اللقاء قويا وشجاعا في توجيه إصبع الاتهام الى المسؤولين، من دون أدنى مساومة. وفعلا بدأ التحقيق في الجريمة بعد ذلك اللقاء. الحادثة الرابعة حصلت في أوائل عام 1970. وكان كمال جنبلاط وزيرا للداخلية. فقد اتصل بي وبمحسن دلول (وربما بآخرين) منير عانوتي، مدير الداخلية آنذاك، طالبا ملاقاته في الوزارة. وكان ذلك يوم أحد. وقد أخبرنا عانوتي ان الوزير جنبلاط طلب منه اعتقال عقيد في الجيش ارتكب جرما في منطقة جبيل. ولم يستطع منير عانوتي إقناع الوزير بأن وزارة الداخلية لا تملك صلاحية اعتقال ضابط في الجيش. الا ان جنبلاط ظل يصر على موقفه، معطيا عانوتي مهلة زمنية محددة، ومعلنا بأنه سيبقى في الوزارة الى حين تحقيق ذلك. ولم نستطع إقناعه بالعدول عن موقفه. وبعد اتصالات شارك فيها رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية تم إخبار كمال جنبلاط بأن الضابط قد أوقف بأمر من وزير الدفاع، وان التحقيق جار معه. الحادثة الخامسة جرت في عام 1972، عام الانتخابات النيابية الاخيرة، التي سبقت اندلاع الحرب الاهلية. جرى البحث في جبهة الاحزاب حول معركة معروف سعد الانتخابية في صيدا. وكان ثمة إجماع على ان المعركة لن يكتب لها النجاح. فاقترحت اسم بهاء الدين البساط كبديل. وكلفت الاتصال به بصفته صديقا قديما. وبالطبع وافق بهاء. لكنني قلت له بأن القرار الاخير يعود الى معروف. فإذا لم يوافق فسنستخدم كل إمكاناتنا لإنجاحه، رغم الصعوبات، وكانت كثيرة. ثم كلفت مع شوكت شقير وآخرين ببحث الموضوع مع معروف سعد. فكانت ردة فعله انه شعر بأننا تخلينا عنه. ولذلك عدنا الى الاجتماع في منزل كمال جنبلاط، بحضور معروف وبهاء، وقررنا خوض المعركة بكل الامكانات. وكان أول عمل قمنا به في هذا الاتجاه تنظيم مهرجان خطابي في ساحة صيدا القديمة دعما لمعروف. وقد تكلم في المهرجان كمال جنبلاط ومحسن ابراهيم وأنا وآخرون لم أعد أذكر أسماءهم. ولكن معروف لم ينجح. ولم يكن ذلك مفاجئا لنا. واستشهد بعد ذلك بثلاثة أعوام، وهو يقود تظاهرة لصيادي الأسماك، أي في الموقع الطبيعي الذي كان اختاره لنفسه، كأحد النماذج الفريدة في تاريخ لبنان لابن الشعب ولنائب الشعب، بكل المعاني. الحادثة السادسة جرت في عام 1973، إثر التوتر الذي حصل في عهد حكومة صائب سلام، بين الجيش والفلسطينيين، وتورط الجيش بقصف مخيم برج البراجنة مستخدما الطائرات الحربية. الامر الذي أدى الى استقالة الحكومة ونشوء أزمة وزارية. كان البحث يومها يدور حول تشكيل حكومة يرضى عنها الرئيس سليمان فرنجية، وترضى عنها المعارضة، التي كانت الحركة الوطنية برئاسة كمال جنبلاط القوة الاساسية فيها. واستعرضت أسماء عديدة. وفي لحظة من اللحظات توقف الجميع عند اسم أمين الحافظ. وكان أمين قد استقل عن كتلة كرامي. فطلب الجميع مني ان أذهب للتفاوض معه. فذهبت مع نديم عبد الصمد للبحث معه في الموضوع. ولم نكن بحاجة لكبير جهد لإقناعه، رغم معارضة زوجته الأديبة والروائية ليلى عسيران. فعدنا برفقته الى الاجتماع، الذي كان يعقد في منزل كمال جنبلاط. وصادف دخولنا المنزل في الوقت الذي كان يدخل فيه الى الاجتماع قائد الجيش، آنذاك، اسكندر غانم، الذي كانت ترتسم على وجهه مظاهر التحدي لأي رئيس سيكلف بتشكيل الحكومة. الا ان أمين الحافظ، الذي تم بالفعل تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة، لم ينجح في مهمته، اذ كانت المهمة صعبة جدا. وكانت إمكاناته وعلاقاته لا تسمح له بتجاوز الصعوبات فيها. فأعلن استقالته بعد أسبوع من المشاورات والمعاناة. وكلف تقي الدين الصلح بالمهمة، وسط الصعوبات ذاتها، وقرر ألا ييأس. وهكذا تمكن من تشكيل حكومته، بعد طول معاناة. وكانت لنا، جورج حاوي وأنا، عدة لقاءات معه حول تشكيل الحكومة. ثم توطدت علاقتي معه خلال ترؤسه الحكومة. واستمرت هذه العلاقة حتى وفاته. الحادثة السابعة جرت في عام 1976، في أعقد فترة من الصراع العسكري بين الحركة الوطنية والقوات السورية، لدى دخول هذه القوات الى لبنان، بطلب من أركان الحكم وأركان الجبهة اللبنانية، لمنع تقدم القوات المشتركة اللبنانية والفلسطينية في حرب الجبل. كان كمال جنبلاط في عاليه. وكنت، مع عدد من الرفاق في الحزب الشيوعي برفقة عائلاتنا، نتنقل بين بحمدون والمنصورية وعاليه، عندما تقدمت القوات السورية وبلغت مشارف عاليه. يومها فاجأنا كمال جنبلاط، في احد الاجتماعات التي عقدناها معه ومع آخرين من أركان الحركة الوطنية، بطلب ترتيب زيارته للمواقع المتقدمة، التي كان مقاتلو القوات المشتركة يتحصنون فيها. وكان ذلك يشكل خطرا مباشرا على حياته. وعندما لم نفلح في إقناعه بالاقلاع عن هذه الزيارة اتفقنا على تزوير الوقائع، وحددنا للزيارة مواقع غير متقدمة، ورافقناه في الزيارة. جميع تلك الأحداث، وسواها مما هو اهم منها، تؤكد كم كان كمال جنبلاط كبيرا وقويا وشجاعا، وكم كان وزنه في الحياة السياسية كبيرا. وفي رأيي فإن كمال جنبلاط كان نموذجا للقائد السياسي الذي يملك فكرا، ويملك مشروعا سياسيا للحكم على أساس هذا الفكر. وقد ناضل بشجاعة وإقدام لتحقيق مشروعه، على قاعدة البراغماتية الواقعية في بعض المراحل، وبالوسائل الثورية في مراحل اخرى. ولم يتوقف عن النضال من أجل هذا المشروع حتى الاستشهاد. الحديث عن كمال جنبلاط يقود الى الحديث عن العمل الوطني اللبناني عموما او ما هو معروف في لبنان بالحركة الوطنية. حزبكم كان دائما من أركان هذه الحركة، فكيف تشكلت الحركة الوطنية في البداية؟ وما هي المشاكل والصعوبات التي واجهت هذا النوع من العمل الجبهوي المعقد؟ وما هي إنجازاتها؟ أستطيع ان أقول، من دون ادعاء، ان الحزب الشيوعي اللبناني كان، منذ نشأته في العشرينات من القرن الماضي، حريصا على العمل المشترك مع القوى الأخرى، حول قضايا مختلفة، وطنية واجتماعية. وقد كانت فكرة تأسيس حزب الشعب (1925)، الاسم الرديف للحزب الشيوعي، ترمي الى خلق شروط أفضل لنشاط الحزب ولتعاونه مع القوى الاخرى. ومعروف ان فؤاد الشمالي، الأمين العام الثاني للحزب بعد تأسيسه (الاول كان يوسف ابراهيم يزبك)، بادر، بعد اندلاع الثورة السورية سنة 1925، الى الاجتماع مع علي ناصر الدين ويوسف السودا لغرض الاتفاق على المطالبة باستقلال لبنان، وللبحث في أشكال دعم الثورة السورية. وجمعهما واجتمع معهما، لهذا الغرض المزدوج، مع ممثل الكومنترن (الأممية الشيوعية) الذي كان يزور المنطقة. وكان الحزب قد بدأ بالفعل يقوم بأعمال تضامنية مع الثورة، بما في ذلك الاتصال بالجنود الفرنسيين لحضهم على التمرد والفرار. وصدرت أحكام بحق قادته. ومعروف ان نقول شاوي وسعد الدين مومنة قد ترشحا في الانتخابات في كتلة واحدة مع رياض الصلح، في اواخر الثلاثينات. إلا ان اول تجربة حقيقية في ميدان التحالف الوطني، التي كان الشيوعيون المبادرين الى اقتحامها، تمثلت في تأسيس <<المؤتمر الوطني>> في عام 1943. وقد نشرت <<صوت الشعب>>، جريدة الحزب الشيوعي، خبر ولادة هذا المؤتمر في الصيغة التالية: ... تنادت الأحزاب والجماعات الوطنية في بيروت الى عقد مؤتمر وطني لتنظيم حركة الاحتجاج الشعبي الواسعة ضد اعتقال أركان حكومة الاستقلال. وقد تمثل في هذا المؤتمر جميع العاملين في الحركة الوطنية من رجالات سياسية وطبقات وأحزاب...>> ولم أستطع ان أعرف أسماء الذين شاركوا في هذا المؤتمر. غير ان المعروف هو انه تألفت حينذاك عدة لجان سياسية وإعلامية ومالية. وذكرت <<صوت الشعب>> أسماء أعضاء اللجنة السياسية وهم: فرج الله الحلو وعمر بيهم وأحمد الداعوق ومصباح سلام والدكتور جورج حنا وألفريد نصر وجورج كرم ومحيي الدين النصولي وارتين مادويان. وذكرت الجريدة أسماء بعض الأعضاء في اللجان الاخرى وهم: ميشال فرعون وأمين الحلبي ورينيه سرسق وحسن البحصلي والدكتور محمد خالد والدكتور الياس بعقليني ومصطفى العريش وعبد الرحمن سحمراني وعبد الله المشنوق وإيلي خياط ونعيم مجدلاني. وبرغم التغيرات التي حصلت في تركيب هذا المؤتمر، وفي وجهة نشاطه في مرحلة ما بعد الاستقلال، فإنه ظل قائما، وظل يعقد اجتماعاته بمناسبات مختلفة، وظل يعلن مواقف سياسية واجتماعية على امتداد الخمسينات. وكان المحامي حبيب ربيز امين سر هذا المؤتمر، خلال النصف الاول من الخمسينات، الى ان انفجرت الحرب الأهلية الاولى في عام 1958، اثر اغتيال الصحافي نسيب المتني، صاحب جريدة <<التلغراف>>، الذي كان اعلن انتسابه للحزب التقدمي الاشتراكي. إذ تشكلت في مواجهة حكم شمعون <<جبهة الاتحاد الوطني>> برئاسة صائب سلام. ومثل فيها الشيوعيين وأصدقاءهم كل من المهندس انطون تابت، مرشح الحزب الشيوعي في بيروت في انتخابات 1957 المزورة، والدكتور جورج حنا. والجدير بالذكر ان كمال جنبلاط غيّر مواقفه عدة مرات من المشاركة في تلك التحالفات، بما في ذلك في المؤتمر الوطني المشار اليه آنفا. إذ دخل في تلك التحالفات ثم خرج منها وخاصمها. وكان عنوان خروجه منها اتهامه الشيوعيين باستغلال هذا التجمع القوي في خدمة مبادئهم وأهدافهم وأيديولوجيتهم. ومن مفارقات ذلك الزمن ان كمال جنبلاط كان في مطلع شبابه، وخصوصا خلال دراسته في فرنسا، متأثرا بالفكر الماركسي وبعدد من أقطابه الشيوعيين والاشتراكيين الفرنسيين. وكانت ذروة الخصومة بينه وبين الشيوعيين في عام 1954. وفي عام 1956 حصل انشقاق في الحزب التقدمي الاشتراكي بخروج بضعة كوادر من صفوفه. كان أبرز هؤلاء المنسحبين موريس صقر، الذي أصبح من أركان حزب البعث، وكلوفيس مقصود، الذي أعلن انتسابه لاشتراكية مختلفة عن اشتراكية جنبلاط وحزبه وعن اشتراكية الحزب الشيوعي اللبناني. وكان في توجهه الاشتراكي اقرب الى النموذج اليوغوسلافي. وخرج جبران مجدلاني لينضم الى حزب البعث ويصبح أحد قادته. وخرج ايضا الصحافي حسن فخر، الذي انضم الى الحزب الشيوعي وصار احد ابرز العاملين في صحافته حتى عام 1964. ولم يلبث كلوفيس مقصود ان استقر في موقف سياسي أقام على أساسه علاقة صداقة مع الحزب الشيوعي، ربما احتراما لخاله (شقيق والدته) الدكتور جورج حنا، ومع كمال جنبلاط. وبحكم ثقافته وكفاءته وعلاقاته الواسعة توصل الى ان يصبح رئيسا لمكتب الجامعة العربية في نيودلهي في النصف الثاني من الستينات، ثم في الولايات المتحدة الأميركية، في الثمانينات، قبل ان يقدم استقالته ويترأس مركزا للدراسات العربية في اميركا. وقد زرته في مكتبه في نيودلهي في اواخر عام 1964، وتواصلت علاقة الصداقة معه منذ ذلك التاريخ. إلا ان المعركة ضد حكم شمعون كانت قد بلغت ذروتها في عام 1957، العام الذي جرت فيه الانتخابات النيابية. وهي الانتخابات التي زورت وسقطت فيها، بفعل التزوير، رموز سياسية كبيرة من بينها كمال جنبلاط وصائب سلام وأحمد الأسعد وآخرون. وقد أعادت تلك المعركة العلاقات الى سابق عهدها، بين كمال جنبلاط وحزبه وبين الحزب الشيوعي وقادته. وتوجت تلك العلاقة في عام 1958 في تحالف سياسي وعسكري ضم كل أركان المعارضة من اليمين والوسط واليسار ضد حكم شمعون، لمنعه من تجديد ولايته. وبطلب من جنبلاط ذهب عشرات من الكوادر الشيوعية، اختيرت اسماؤهم من المسيحيين، لكي يكونوا جزءا من الجيش الشعبي في منطقة الشوف في ثورة 1958. وكان الهدف من ذلك التخفيف من الطابع الطائفي الدرزي لتلك المعركة. ومع بداية عهد الرئيس فؤاد شهاب تطورت علاقة الحزب الشيوعي مع كمال جنبلاط. وبدأت اجتماعات تمهيدية لتشكيل <<جبهة من القوى والاحزاب والشخصيات الوطنية>>. وهي الاجتماعات التي أسفرت عن تشكيل هذه الجبهة في عهد الرئيس شارل حلو. وبإمكاني الحديث مطولا عن الحركة الوطنية، وعن المراحل التي مرت بها، وعن الأحداث التي ارتبطت بها، وعن مواقفها السياسية، وعن التناقضات التي رافقت مسيرتها، قبل استشهاد رئيسها كمال جنبلاط وبعد استشهاده. ولكنني أعتبر ان مهمة هذا النوع من الحديث تعود لمن كانوا أكثر فاعلية في هذه الحركة مني، في قيادة الحزب الشيوعي ومنظمة العمل الشيوعي، وتحديدا جورج حاوي ومحسن ابراهيم ونديم عبد الصمد وجورج البطل وفواز طرابلسي وحكمت العيد، إضافة الى الآخرين من قيادة هذه الحركة من الاحزاب الاخرى. الا انني لا أستطيع، قبل ان أتوقف عن الكلام عن الحركة الوطنية، إلا ان أشير الى ثلاثة اسماء يقتضي الانصاف التنويه بأدوارهم في هذه الحركة هم: ألبير منصور وفؤاد شبقلو وتوفيق سلطان، كل من موقعه في ذلك الحين. وأهم ما في هذه الاسماء الثلاثة ان أصحابها يستمرون، كل من موقعه الحالي، أوفياء لتاريخهم في هذه الحركة وأوفياء لتراثها، وأوفياء لصداقاتهم القديمة فيها. اسمح لي ان أتوقف معك عند أحداث 1958. أين كنت آنذاك؟ ماذا كانت ملابساتها وظروفها؟ كنت في بيروت. وكنت أتابع دراستي في معهد الحقوق في الاكاديمية اللبنانية، كما ذكرت لك من قبل، بعد أن عدت من عملي في جريدة <<النور>> في دمشق. والمعروف ان سبب نشوب تلك الثورة سياسة الرئيس كميل شمعون، الذي كان يريد التجديد لولايته مثلما فعل سلفه الشيخ بشارة الخوري. وقد مهد شمعون للتجديد بتزوير الانتخابات النيابية، التي جرت في عام 1957، تماما مثلما فعل عندما كان وزيرا للداخلية في عهد الشيخ بشارة الخوري، حين زور الانتخابات التي جرت في 25 ايار 1974، والتي أتت بالمجلس النيابي الذي جدد لبشارة الخوري، في عام 1949. ومعروف ان شمعون كان قد شارك في جبهة القوى الاشتراكية التي دعت لإسقاط بشارة الخوري في عام 1952، التي ترافقت دعوتها الى رفض التجديد مع قيام تظاهرات في بيروت، شاركت في احداها في محلة الناصرة، أحد أحياء العاصمة. أما السبب المباشر في اندلاع تلك الثورة، فكان حادث اغتيال الصحافي الوطني المعروف نسيب المتني صاحب جريدة التلغراف. اذ كان هذا الاغتيال الشرارة التي أشعلت الحرب. وقد شاركت في اول تظاهرة احتجاج، مع جورج البطل ومحمد دكروب ورفاق آخرين، جرت في منطقة الباشورة في قلب العاصمة، وقمعت بالرصاص. يومها استدعاني الحزب لأشارك في إقامة مركز للمقاومة الشعبية في مدرسة عائشة ام المؤمنين، في منطقة قصقص في الحي المعروف بحي العرب. وكلفت بمسؤوليتين: رئيس الحرس وأمين مستودع السلاح. وكانت تلك اول تجربة لي في تحمل مسؤولية عسكرية، أضيفت اليها مسؤوليتي في معارك بيروت عام 1987، التي أتت إليّ بالصدفة. وقصة هذا المركز مليئة بالأحداث وبالتطورات وبالأسماء. ولا أستطيع الا ان أشير الى اسمين من هذه الاسماء التاريخية هما المحامي محمد الخطاب والضابط المفصول من الجيش، بسبب أفكاره، اسبر البيطار (ابو فريد). الاول كان المسؤول السياسي عن المركز والثاني كان المسؤول العسكري عنه. ولا يسعني إلا أن أشير الى ثلاثة من المقاتلين الشجعان في تلك الفترة، هم سعد سمهون وأبو صالح العرب ومصطفى الأسير. وسعد سمهون، الذي أصبح فيما بعد نقيب تجار الخضار، هو شخصية شعبية بيروتية نموذجية. وكان لي تاريخ طويل من العلاقة معه في العمل الحزبي وفي العلاقات الاجتماعية. وكان صورة اخرى لوالده، الشخصية البيروتية المميزة. وكان هذا المركز واحدا من عدة مراكز عسكرية للمقاومة الشعبية أقيمت في العاصمة وفي المدن الاخرى. وكان للحزب الشيوعي من بينها مركز آخر في قلب بيروت في منطقة الزيدانية. وتميز المركز بنشاط سياسي وتثقيفي، الى جانب تدريب الشباب على استخدام السلاح، وعلى القتال. وأذكر أننا نظمنا في هذا المركز محاضرات شارك في تقديمها عدد من مثقفي الحزب وأصدقائه. وكان المركز ملتقى لمئات الشباب من الحي والأحياء المجاورة، ومن الزوار الذين كانوا يأتون من مناطق مختلفة للتضامن معنا، ولتقديم المساعدات للمركز، بما في ذلك المأكولات الشهية للمقاتلين ولأبناء الحي. وكان الحزب أصدر، لدى دخول القوات الأميركية الى بيروت، بعد ثورة 14 تموز في العراق التي قامت في العام ذاته، بيانا دعا فيه الشيوعيين وكل اللبنانيين الى مقاومة هذا التدخل العسكري الفظ بكل الوسائل: <<قاتلوهم بأسلحتكم، بأيديكم بأسنانكم.. لا تدعوهم ينعمون بالراحة. يجب ان يخرجوا من بلادنا مطرودين أذلاء>>. بهذه الكلمات خاطب الحزب الشيوعي الشعب داعيا اياه للمقاومة. وتشاء الصدف ان يكون مركزنا العسكري هذا في منطقة مواجهة للمكان الذي كانت تتمركز فيه احدى الدبابات الاميركية (مستديرة شاتيلا). وذات ليلة، وكان المقاتلون في المركز في حالة استنفار قصوى، مرت آلية للقوات الاميركية من أمام المركز فأطلق أحد الحراس النار عليها فأصاب من فيها. وكان مطلق النار خليل نبوه. وأدى هذا الحادث الى توتر عسكري، تحركت بموجبه الآليات الاميركية كما لو انها تريد اقتحام المركز. يومها تجمع امام المركز مئات المقاتلين من كل المراكز الاخرى في العاصمة بكامل أسلحتهم وجها لوجه امام الدبابة الأميركية، التي كانت تصوب مدفعها نحونا من الجهة المقابلة. وكادت تحصل مجزرة لولا ان جرت مداخلات في الكواليس، مثلما كان يجري عادة، أعادت الوضع الى طبيعته الهادئة على محورنا العسكري ذي الطابع السياسي والثقافي، اليساري في الدرجة الأولى. إلا أن هذا الطابع المميز لمركزنا أثار حفيظة بعض الحلفاء من القوميين العرب، وأثار حفيظة صائب سلام والبرجوازية البيروتية. كما أثار حفيظة بعض زعماء الأحياء، المستفيدين من حالة الصراع ومن غياب سلطة الدولة، الفارضين أنواعا من السلطات الهجينة في أحيائهم وزواريبها، يبتزون الأهالي باسم المقاومة. وقد حاول أحد هؤلاء التحرش بحراس المركز فأدبه أحد أبطال المركز من ابناء الحي الذي كنا فيه (ابو صالح العرب) واعتقله ثم أرسله الى المركز مخفورا. مع اقتراب موعد انتخابات الرئاسة في ايلول 1958 بدأت تتراجع حدة المعارك. إذ دخلت على خط التسوية أوساط عربية وأجنبية، فرنسية وأميركية. وكان واضحا ان الموقف الحيادي الذي اتخذه الجيش في التعامل مع المتقاتلين هو الذي هيأ الشروط لجعل الجنرال فؤاد شهاب المرشح الأقوى، او الأوحد، لمنصب الرئيس الجديد للبلاد. واستسلم كميل شمعون لمصيره، بانتظار ان تتوفر الشروط للانتقام في وقت لاحق. وهو ما حصل بعد ذلك بعشر سنوات، في الانتخابات النيابية في عام 1968، التي أضعفت نفوذ الشهابية، ومهدت للقضاء عليها في انتخابات الرئاسة في عام 1970. بدأ المقاتلون يخلون مراكزهم بالتدريج، بمن فيهم مقاتلونا. بعد أن أخلينا المركز بالكامل تقرر ان أبقى برفقة يوسف خطار الحلو في مقر مجلة <<الثقافة الوطنية>>، الذي كان يقع في الحي الذي كان فيه مركزنا العسكري. احتفظنا ببضع قطع من السلاح الفردي للدفاع عن النفس ضد احتمالات عدوان فردي. أما باقي السلاح فقد كلف مسؤولون معنيون بإخفائه او بيعه او إتلافه. وهو ما لم أعرف عنه شيئا. وذات ليلة، وفيما كنا، ابو وضاح وأنا، نتناول طعام العشاء، إذا بنا نسمع اصوات طلقات نارية بالقرب من مكان إقامتنا المؤقتة، قبيل الرحيل، أي قبيل الانتقال من وضعية الحرب الى زمن السلم. خرطشت بندقيتي وحملتها وخرجت مسرعا في اتجاه مكان إطلاق النار، وسط محاولات يائسة من <<ابو وضاح>> لمنعي من الخروج. وما إن وصلت الى المكان، الذي دلتني عليه أصوات صراخ المتشاجرين، حتى بدأ إطلاق الرصاص بكثافة، تلاه صراخ احد الرجال: قتلني، قتلني. ألقيت بنفسي ومعي بندقيتي على الارض، مثلما فعل الآخرون، وكان بينهم أحد أشقاء صائب سلام، الذي جاء لحل الإشكال القائم. هرب القاتل. وتوقف إطلاق النار. وتبين ان المصاب بالطلقات لم يمت، فأرسل الى المستشفى. وذهب الجميع كل الى مكانه وموقعه، بعد ان تبين ان الشجار لم يكن سياسيا، بل كان اختلافا على تقاسم بعض المغانم. وكان ذلك واحدا من سمات تلك الحرب وكل الحروب، بما فيها تلك التي تحدث عنها لينين في مقاله المعروف عن حرب الأنصار التي يخوضها الثوار. وهكذا انتهت تلك الحرب، التي كانت التجربة الاولى للحرب الأهلية الثانية، التي جاءت بعد سبعة عشر عاما من ذلك التاريخ، واستمرت خمسة عشر عاما كاملة. €#
جريدة السفير
|
#صقر_ابو_فخر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حوار مع المفكر والمناضل اللبناني كريم مروة
المزيد.....
-
بعد استخدامه في أوكرانيا لأول مرة.. لماذا أثار صاروخ -أوريشن
...
-
مراسلتنا في لبنان: غارات إسرائيلية تستهدف مناطق عدة في ضاحية
...
-
انتشال جثة شاب سعودي من البحر في إيطاليا
-
أوربان يدعو نتنياهو لزيارة هنغاريا وسط انقسام أوروبي بشأن مذ
...
-
الرئيس المصري يبحث مع رئيس وزراء إسبانيا الوضع في الشرق الأو
...
-
-يينها موقعان عسكريان على قمة جبل الشيخ-.. -حزب الله- ينفذ 2
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب ويلتقي ولي العهد
-
عدوى الإشريكية القولونية تتفاقم.. سحب 75 ألف كغ من اللحم الم
...
-
فولودين: سماح الولايات المتحدة وحلفائها لأوكرانيا باستخدام أ
...
-
لافروف: رسالة استخدام أوريشنيك وصلت
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|
الصفحة الرئيسية
-
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
-
صقر ابو فخر
-
كريم مروّة يتذكر كمال جنبلاط ونشوء الحركة الوطنية اللبنانية
|