أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جمعة الحلفي - الديك الأصولي!














المزيد.....

الديك الأصولي!


جمعة الحلفي

الحوار المتمدن-العدد: 858 - 2004 / 6 / 8 - 06:58
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يمارس البعض، ممن نصبوا أنفسهم حراساً ورقباء على حياتنا اليومية الراهنة، دور وصاية على المجتمع (وعلى الثقافة والمثقف خاصة) يذكرنا بدور الوصاية الاستعمارية القديمة على الشعوب. فكما كانت الإمبراطوريات السائدة، آنذاك، تدعّي أنها تريد، بغزوها واستعمارها، نقل حضارتها ومعارفها(و.. ديمقراطيتها!) لإنقاذ الشعوب الأخرى من الجهل والفقر والأمية (وعبارة الاستعمار كانت تعني، لغوياً، الإعمار!) يدعّي هؤلاء (اليوم) أنهم يريدون أن ينقلوا لنا أيمانهم وعفتهم وقدسيتهم، لإنقاذنا من الضلال وتجنيبنا الرذيلة والزندقة. والفارق بين وصاية الإمبراطوريات الاستعمارية تلك ووصاية هذا البعض، يكمن في نقطتين اثنتين، الأولى إن هؤلاء من أبناء جلدتنا جغرافياً ودينياً، فيما أولئك غرباء ودخلاء. والثانية إن الشعوب لم تكن قد خبرت بعد، غايات ونوايا تلك الإمبراطوريات وأهدافها، إلا بحدود الحدس الوطني الرافض للغريب والدخيل، في حين أننا نعرف اليوم حراس الأخلاق هؤلاء كما نعرف أنفسنا، ونعرف أنهم لا يحملون لنا لا الحضارة ولا الطهارة ولا الإيمان الحقيقي، الذي أراده الله والدين الحنيف، بل هم يحملون لنا فقط ما يصلح لتكميم أفواهنا وإغلاق عقولنا، بما يضمن لهم تحويلنا إلى نسخة طبق الأصل عن تصوراتهم لما يجب أن نكون عليه، ثقافة ووعياً وسلوكاً.
ولو عدنا للتشبيه آنف الذكر سنجد أن نابليون، عندما غزا مصر، كان شعاره الأثير:(تخليص أمة الإسلام من المماليك) بل إنه لبس العمامة والقفطان وصلى في جامع القاهرة، وأشاع بين أتباعه قصة مضحكة عن رؤيته، في المنام، للرسول الكريم " يبشره بالمُلك ويباركه"! وهكذا فعل الإنجليز، بعد بضعة عقود من حملة نابليون، عندما أدعو أنهم جاءوا ألينا محررين لا فاتحين. وقد ظلت تلك العبارة منقوشة على تمثال قائد الحملة البريطانية، الجنرال مود، في بغداد، عقوداً طويلة، لتذكير العرب والمسلمين، بتلك الكذبة. وها نحن اليوم، كأننا لا رحنا ولا جينا، نغطس في المحنة القديمة ـ المتجددة، لا فقط مع الفاتحين الجدد، بل ومع ديوك الأصولية، أو المستأصلين الجدد، الذين جاءوا من علمانية مبتذلة ليمثلوا، متأخرين، دور الفقهاء القدامى.
ومصيبة هؤلاء (أو مصيبتنا بالأحرى!) أنهم يريدون لنا أن نقبل صاغرين بكل ما نطق وينطق به شيوخهم من فتاوى التكفير والقتل والتدمير الذاتي، وبث الفرقة وأستزلام الناس واستعداء بعضهم على بعض، لغايات ونوايا مصدرها الجهل والتخلف وهدفها التمذهب والتخادم وإعلاء شأن نزعات التسلط والذكورية والقهر، متناسين عمداً وعن سابق تصميم، تلك الآيات القرآنية المقدسة والأحاديث الشريفة، التي تحث على التسامح والحرية والإيمان الحقيقي، كقوله تعالى: (ولو شـاء ربك لجعل الناس أمة واحـدة ) أو ( فذكّر إنما أنت مذكّر، لست عليهم بمسيطر..) أو (لا إكراه في الدين....) أو ( إن ربك هو يفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون..) وغيرها العشرات من الآيات والأحاديث، التي تحض على التروي في إطلاق الأحكام، والتريث في تكفير الناس، وتدعو إلى التسامح والتعامل بالحسنى.
أما يفعله ويقوله لنا الأصوليون اليوم، فهو عكس ذلك تماماً، إنهم يرتدون العمائم والجلابيب وبأياديهم السياط، وما علينا إلا سماع خطبهم ومواعضهم عن تحريرنا من الأرجاس وتخليصنا من "مماليك" الثقافة وتجنيبنا الرذيلة!
ترى أي معنى حضاري، أو معرفي، أو أخلاقي حقيقي، ذلك الذي تقدمه لأمة الإسلام، زوبعة الحجاب، التي تكاد أن تعمى الأبصار عن أخطر المشكلات الإنسانية وأكثر الظروف والأحوال قتامة، التي تعيشها شعوبنا، في عصرها الراهن؟
أي مغزى وأية دلالة ستكسبنا معركة الحجاب، التي يريد الأصوليون منا خوضها مع مجتماعتنا ومع شعوب أخرى بعيدة عنا، في وقت تنخر فيه الأمية والجهل عقول الملايين من أبناء أمة الإسلام، ويفتك الجوع والمظالم بمصائر ملايين أخرى؟ هل حقاً أن لدينا، أو لدى هذه الملايين، الفاغرة أفواهها، كل هذا الوقت الفائض وكل هذه الطاقة والجهد، للانغماس بموضوعة عابرة، مثل موضوعة الحجاب، التي تصلح أن تكون من اختصاص دور الأزياء وليس شيوخ الفقه والإيمان، بعد أربعة عشر قرناً على طرحها؟ وهل حقاً أن شرف المرأة وعفتها وأخلاقها، لا تستقيم إلا بقطعة القماش تلك، التي ترميها على شعر رأسها؟ ومتى كانت العمامة أو الكوفية أو السدارة أو البرنيطة، دليلاً أو علامة على أخلاق الناس وحسن طويتها، حتى يكون الحجاب برهاناً على شرف المرأة ونزاهة سريرتها؟
وأخيراً هل أدى وأكمل هؤلاء الأصوليون، تكليفهم الديني بالذود عن المظلوم ومقارعة الظالم ومجابهة الاستبداد، ومكافحة الفقر والجهل والأمية، وتنظيف مدنهم وشوارعهم من القمامة والأوساخ، حتى ينشغلوا ويشغلوا المجتمع برمته في معارك لا غاية لها ولا هدف سوى فرض السطوة على الناس وأشغالها بالسفاسف من أمور الحياة؟ أليست هذه المعارك محاولة لاستعادة أسوأ ما في التاريخ العربي ـ الإسلامي، من حقب التطوئف والتناحر والصراع، التي شهدتها المنطقة في القرون الوسطى، وشاعت فيها نزعات التسلط وتغييب العقل، وتكفير الفلاسفة والعلماء، ومنع الاجتهاد وإغلاق أبواب العلم والترجمة، والاكتفاء بالتقليد والدروشة؟
ترى متى يصبح الأصولي مؤمناً حقيقياً بدينه، مشغولاً بالجوهر من هذا الدين، ومنشغلاً بعلاقته الخاصة مع خالقه، لا ديكاً يصارع مجتمعه على الترهات؟



#جمعة_الحلفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما رحل الخميني ... دوّي العودة، دوّي الرحيل !
- نظرية الفائض البشري !
- زيارة متأخرة للأندلس !
- الى سعدي يوسف ... تصبحون على وطن !
- من دفاتر المنفى ... عربانة النواب 5 من 5
- من دفاتر المنفى ... عربانة النواب 4 من 5
- من دفاتر المنفى ... عربانة النواب 3 من 5
- من دفاتر المنفى.. عربانة النواب 2من 5
- من دفاتر المنفى ... عربانة النواب 2 من 5
- من دفاتر المنفى عربانة النواب 1من 5
- في تفاصيل التكوّن
- المثقفون العراقيون... ماذا يطبخون؟
- البحث عن الوطن في أزقة المنافي !
- سيرة الرسالة: من الحمام الزاجل الى البريد الإلكتروني ومن فان ...
- سيرة الرسالة:من الحمام الزاجل الى البريد الإلكتروني ومن فان ...
- سيرة الرسالة: من الحمام الزاجل الى البريد الإلكتروني ومن فان ...
- سيرة الرسالة: من الحمام الزاجل الى البريد الإلكتروني ومن فان ...
- سيرة الرسالة: من الحمام الزاجل الى البريد الإلكتروني ومن فان ...
- سيرة الرسالة من الحمام الزاجل الى البريد الإلكتروني ومن فان ...
- سيرة الرسالة من الحمام الزاجل الى البريد الإلكتروني


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية تستهدف المقر الإداري لقيادة لواء غولاني
- أبرزهم القرضاوي وغنيم ونجل مرسي.. تفاصيل قرار السيسي بشأن ال ...
- كلمة قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي بمناسبة ...
- قائد الثورة الاسلامية: التعبئة لا تقتصر على البعد العسكري رغ ...
- قائد الثورة الاسلامية: ركيزتان اساسيتان للتعبئة هما الايمان ...
- قائد الثورة الاسلامية: كل خصوصيات التعبئة تعود الى هاتين الر ...
- قائد الثورة الاسلامية: شهدنا العون الالهي في القضايا التي تب ...
- قائد الثورة الاسلامية: تتضائل قوة الاعداء امام قوتنا مع وجود ...
- قائد الثورة الإسلامية: الثورة الاسلامية جاءت لتعيد الثقة الى ...
- قائد الثورة الاسلامية: العدو لم ولن ينتصر في غزة ولبنان وما ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جمعة الحلفي - الديك الأصولي!