|
التفتوا ..عندما انتحر تعتدل الدنيا ج1و2
بهاء الدين البطاح
الحوار المتمدن-العدد: 2825 - 2009 / 11 / 10 - 14:05
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
إني لأقترب من انتحار الفيلسوف نيتشه الفكري وامثاله، الذين رصدهم اللامنتمي وممن لم يرصدهم.. فضاعوا في صحارى الجهل التاريخية فباتوا مغمورين. (1) فترقبوا طريقة انتحاري الفكري، يوما بيوم، فإنها توزن بثقل الارض وما عليها، بحيث لو كان كولن ولسن يعلم بها لما مات فيزيائياً حتى يرصد طريقة انتحاري فكرياً. ولإن الانتحار الفكري يتخذ انساقا مختلفة، أو حتى بدون أنساق، فمنه من ينظر الى جهات مختلفة ومنه من يتخذ جهة واحدة، لذا وجب الفات النظر لكي لا يتهمنا احد بالعشوائية والتخبط وعدم وحدة القضية. البداية: شاء الله ان يخلق بني آدم فاعترض الملائكة قائلين ( أتخلق فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء) وهذا الكلام تحقق منذ بدء خلق آدم، حيث فسد (ففسق عن امر ربه ولم نجد له عزما) هو وحواء بأكل الثمر المحرم عليهم، ثم بعد ذلك وقع القتل حيث قتل قابيل أخاه هابيل من دون ذنب، واستمر الأمران ( الفساد وسفك الدماء حتى ساعتنا هذه) هذا اعتراض الملائكة وقد تحقق ولا زال هكذا حتى ساعتنا هذه، والعالم البشري كما نعلم جميعا هو عالم شرير 99 بالمئة وكل هذه النسبة هي من نسل قابيل!! قال: (واكثرهم للحق كارهون) عند اعتراض الملائكة قال لهم الله تعالى (إني أعلم ما لا تعلمون) الى آخر هذه الآيات التي تتعلق بخلق البشرية. إن علم الملائكة بما سيصدر من هذا المخلوق وبنيه قد تحقق منذ البدء ولازال مستمرا حتى ساعتنا هذه، أما قوله أو جوابه تعالى للملائكة بقوله (إني أعلم ما لا تعلمون) فلم نفم منه سوى انه تعالى علم آدم الاسماء كلها فسأل الملائكة عنها فقالوا (لا علم لنا إلا ما علمتنا). ولم نفهم او نرَ تأثير تلك الاسماء وملائمتها لاعتراض الملائكة وسوف يستمر هذا الامر طويلا حتى ظهور المخلص ونزول عيسى المسيح، ثم يمتد ذلك الامر (الفساد وسفك الدماء) الى يوم القيامة وسوف نبقى الى يوم القيامة نجهل الجواب المبهم (إني أعلم ما لا تعلمون) في تلائمه مع اعتراض الملائكة وسياقه وحكمته. لا نريد هنا ان نكفر بالله تبارك وتعالى، ولا نريد بهذا فسح المجال للجهال لكي يكفروا بحجة اتنحارنا الفكري هذا، فهو انتحار فكري وليس انتحارا دينيا وعقائديا، لذا وجب الفات النظر الى عدم استغلال هذا المجال لتسويغ الكفر بالله تعالى أو الإلحاد به عزّ وجلّ.
- وإن في الامر بقية فتابعوا طريقة انتحارنا الفكري، فإن فيه فائدة لكم ورضى من الله على حساب انتحارنا هذا. - نعم للتساؤل، نعم للتفكر، نعم للتأمل، نعم للتدبر،نعم للتحاور والنقاش، اما الكفر الصراح بالله فلا. فنحن لم ننشئ هذا لكي يستغله اتباع ابليس للكفر بالله تعالى، واننا لنبرأ الى الله من ذلك. ج2 2 ولم يتوقف الامر عند خلق آدم هذا بل منحه سلطته ( خلافة الله على الأرض، قال: واذ قال ربك للملائكة اني جاعل في الارض خليفة قالوا اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال اني اعلم ما لا تعلمون).. مما يعني المقام الرفيع السامي الذي توج الله به آدم وبنيه وهذا وما جاء في سياقه لا يأتي إلا لميزة راقية تؤهل هذا المخلوق لهذا المقام (وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا) ، وخلافة الله تعالى على الأرض تقتضي أن يسير الخليفة بسيرة المستخلف أو إرادة المستخلِف، ومعروف أن إرادة المستخلِف هي الفضيلة، وهي عنوان اعم من العدل والانصاف والقيم الانسانية السامية الطاهرة. ثم.. اسجد له ( لآدم الخليفة) أسجد سبحانه الملائكة وهذا تشريف عظيم لهذا المخلوق حيث جعله قبلة للسجود له تعالى مثل ما جعل بيت المقدس قبلة في بادئ أمر المسلمين ثم الكعبة المشرفة فاكتسبا بذلك القداسة.. فسجد الملائكة كما نعرف سوى إبليس حيث كان يعلم أن آدم لا يصلح للخلافة لأن خلقته تنطوي على وجود ارضية الشر الذي ينافي الفضيلة (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها) فاعترض ولم يسجد ولم يهتم بما منحه الله من القداسة حيث جعله مثابة للسجود له، ولم يهتم بمنحه منزلة خطيرة راقية وهي منزلة الخلافة التي تدل على الأفضلية بل امتنع وتمرد قائلا (ااسجد لمن خلقت طينا) - طينا: حيث منطلق الفجور أو الشر- وقال ايضا (قال انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين) والنار من حيث المرتبة الخلقية هي افضل من الطين ( التراب) فكيف يسجد الافضل للمفضول!! وكيف يأمر العادل (الله) بذلك! هكذا كان يرى إبليس. وانطلق حوار بين الخالق الحاكم المقتدر، والمعارض المخلوق المقتدَر عليه. لم يشأ الحاكم الفرض عليه بالقوة فإن اصر على عدم السجود مارس عليه قدرته فأهلكه، ولكنه فضل هنا محاورته بشكل ديمقراطي واضح - وهذا يشبه سلوك بعض الحكام العرب واصحاب بعض الأديان في قتلهم وحبسهم وتعذيبهم للمعارضين!! هنا حيث اصر ابليس على عدم الطاعة انطلقت الفتنة الكبرى في السماء قبل الارض. من المؤكد أن الله كان يعلم بأن إبليس سوف يتمكن من الخليفة آدم فيزج به في طريق الشر لسببين رئيسيين: الأول تمكن إبليس من آدم في الجنة حيث تمكن من اقناعه على الفسوق والخروج عن طاعة الله وسلوك الشر بالأكل من الشجرة الممنوعة. والسبب الثاني هو وجود الارضية والقابلية لتسويغ فعل الشر ( فألهمها فجورها..) ومثل ما أن الله كان يعلم ذلك فإن ابليس كان يعلمه أيضا لنفس السببين، لذلك كان إبليس يتحدى الله في إضلال آدم بكل وثوق، ومن أخطر تحدياته قوله لله: (قال فبعزّتك لأغوينّهم أجمعين ، قال فاخرج منها فإنّك رجيم ، وإنّ عليك لعنتي إلى يوم الدّين ، قال ربّ فأنظرني إلى يوم يبعثون ، قال فإنّك من المنظرين ، إلى يوم الوقت المعلوم ، قال فبعزّتك لأغوينّهم أجمعين ، إلاّ عبادك منهم المخلصين ، قال فالحقّ والحقّ أقول ، لأملأنّ جهنّم منك وممّن تبعك منهم أجمعين) فيقر الله له تمكنه من ذلك (تمكن إبليس) حيث قال له ان مصيركم حين ذلك النار انت ومن تبعك منهم، فإنك سوف تقدر على ذلك (إلا عبادنا المخلَصين) بفتح اللام وهم الذين خصهم الله بحمايته الخاصة من بين كل العباد فمنحهم العصمة وألهمهم القدرة على عدم الإنسياق وراء إبليس. ومع كل ذلك أمر الله آدم بإطالة لحيته وارتداء ثوب قصير ابيض اللون ثم أهبطه على عرش الخلافة في الأرض ثم يقول بعد كل هذا (انا عرضنا الامانة على السماوات والارض والجبال فابين ان يحملنها واشفقن منها وحملها الانسان انه كان ظلوما جهولا) فيذمه بقوله ظلوم، كما يذمه في آيات عديدة. وفعلا إنه كان ظلوما جهولا حيث ما هي إلا فترة قصيرة حتى حقق ابليس تحدياته فأمر قابيل بقتل هابيل، واستمر الفساد وسفك الدماء حتى وصل الأمر الى النبي نوح وهو من (عبادنا المخلصين) فلبث في الناس آلاف السنين يدعوهم للفضيلة وهم يسخرون منه، ومن الطبيعي أن يسخروا منه لأن سلوكه ودعوته تخالف السائد العام المتجذر في النفوس، والأمر يشبه مجتمعا اعتاد الخروج الى الشارع عاريا حتى من الألبسة الداخلية، فإذا ما شاهد هذا المجتمع فرداً يرتدي ثيابا فإنه حتما سوف يسخر منه بل ربما يوسمه بالجنون!! وبعد آلاف السنين تلك من نبوة نوح ودعوة الناس للفضيلة دب اليأس في نفس نوح بل تأكد له عدم إمكانية قبول الفضيلة، ولم يكن له ركن شديد لكي يأوي إليه ليكف الناس عن فعل الشر بقبول دعوته، لذا دعا ربه بقوله: (إني مغلوب فانتصر) على هؤلاء الأشرار، فأمره الله ببناء الفلك، وأن يسلك فيها من كل زوجين اثنين ومن آمن (وما آمن معه إلا قليل) يقول اكثر المفسرين كان عدد من آمن به هو أربعين فردا!! ثم اعطاه اشارة ساعة الصفر (إذا فار التنور) فحانت بعد ذلك ساعة الصفر فأغرق الأرض بكل ما عليها وأهلك البشرية الشريرة برمتها. يقول اليهود في بعض كتبهم: ان الله بعد ما أهلك البشرية كلها بالطوفان ندم كثيرا وقرر عدم العودة لهذه الفعلة، ولا أدري لماذا ندم الله على انه خلص الأرض من الأشرار. ثم بعد ذلك رست سفينة نوح وانتهى الطوفان وعادت البشرية تتناسل وتتكاثر من جديد، واستمر الله يهلك الامم تلو الامم لأنها صارت شريرة ولم تسمع نصائح انبيائها بالانتهاء عن الشر وسلوك الفضيلة. ولا نعلم إذا كان قد خلقها لكي يهلكها في كل مرة ولا ندري لماذا جعل آدم القابل للشر خليفة وهو يعلم انه سوف لم ينفذ إرادته أو انه سوف لن يتمكن من ذلك، لا نقول سوء اختيار، نستغفر الله، ولكنه قال إني أعلم ما لا تعلمون. ولازلنا لا ندري وجه تأويل اعتراض الملائكة دون أن يوضح لهم ويحاورهم مثل ما حاور إبليس، بالرغم من أن الملائكة لم يتحدوه مثل ابليس، فمن لم يتحداه لم يحاوره، ومن تحداه حاوره بل اعطاه ما طلب من تأخيره الى يوم يبعثون وأطلق يده في إضلال هذا الخليفة (البشرية)!! أما الملائكة فلم يحظو بذلك، بل كل ما حظوا به هو الاسماء التي علمها لآدم فسألهم عنها فلم يعرفوها فأفحمهم بذلك، وأغلق الحوار.
- نتمنى عدم وصمنا بمحاولة التشكيك بالله حتى يتبن لكم الخيط الأبيص من الخيط الأسود من الفجر. ------- وإن في الامر بقية.
- لا نريد هنا ان نكفر بالله تبارك وتعالى، ولا نريد بهذا فسح المجال للجهال لكي يكفروا بحجة اتنحارنا الفكري هذا، فهو انتحار فكري وليس انتحارا دينيا وعقائديا، لذا وجب الفات النظر الى عدم استغلال هذا المجال لتسويغ الكفر بالله تعالى أو الإلحاد به عزّ وجلّ.
- وإن في الامر بقية فتابعوا طريقة انتحاري الفكري، فإن فيه فائدة لكم ورضى من الله على حساب انتحاري هذا. - نعم للتساؤل، نعم للتفكر، نعم للتأمل، نعم للتدبر،نعم للتحاور والنقاش، أما الكفر الصراح اما الكفر الصراح بالله فلا، فنحن لم ننشئ هذا لكي يستغله اتباع ابليس للكفر بالله تعالى، ونبرأ الى الله من ذلك.
يتبع ج3و4 *بهاء الدين بطاح رئيس مؤسسة انكيدو الثقافيه الحره
#بهاء_الدين_البطاح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|