تنزيه العقيلي
الحوار المتمدن-العدد: 2824 - 2009 / 11 / 9 - 23:57
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كتبت هذه المقدمة عندما فكرت أن أكتب كتابا ينشر بعد حياتي، وقبل أن أختار نشر مقالاتي وبحوث مشروع كتابي، أو مشاريع كتبي، كمقالات باسم مستعار.
بسم الله رب العدل والرحمة والحب والسلام
أحمد الله ربي وأنا في رحاب رحمته أن كتابي سيقرأ كاملا بعدما أكون قد هاجرت إليه لاجئا، ممنوحا منه برحمته حق اللجوء السياسي والفكري، بعدما أكون لجأت وهربت إليه من ديكتاتوريات الدين الذي نُسِب إليه، وهو منزَّه عما نُسِب إليه. أحمده إذ وفقني لأنجز كتابي هذا، ولأجد من أستودعه عنده أمانة يؤتمن عليها حتى يحين الوقت المناسب لنشره. وهذه الطبعة التي تنشر اليوم بعدما ودعتُ عالم المادة إلى عالم الروح، وودعت عالم الإنسان إلى عالم الله، تمثل النسخة الكاملة التي كتبتها في حياتي، ثم نقحتها لتكون صالحة للنشر، وأنا ما زلت في عالم القمع البشري الديني، مضطرا لممارسة التقية كما هو مصطلح أهل الدين، عندما يكونون هم المضطرين لإخفاء عقائدهم أو بعض عقائدهم، أو لممارسة النفاق، كما هو مصطلحهم فيما يقذفون به مثلي ممن اضطر لأن يتخفى، أو أن يهرب من بلاد القمع الديني إلى بلدان الحرية الفكرية، التي ينعتونها ببلاد الكفر، وهي الأقرب إلى جوهر الإيمان بالله سبحانه وتعالى، لما يمثله أهلها من قيم ومثل الله، وإن ابتعد أكثرهم عن ذكره والإيمان به، بسبب ما مارسه أهل الدين من تنفير للناس من الله، مما آل إلى ثنائية، تدور ما بين الإيمان الديني بكل خرافاته وعصبياته وجموده وانغلاقه، وبين الإلحاد، تاركين أو تاركا أكثرهم الخيار الثالث، ألا هو الإيمان العقلي اللاديني التنزيهي.
أنشر اليوم من موطن اللجوء الإلهي كتابي، وأنا أعلم أن الكثيرين سيلعنونني، واثقا من أن الله سيستبدل لَعَناتِهم عليَّ رَحِماتٍ لي من لدنه، لا ليقيني بأني أصبت الحق، بل ليقيني بصدقي، حتى لو أخطأت، وثقة مني برحمته.
أيها القارئ .. سواء اتفقت، أو اختلفت معي .. اقرأ بعقلك، بعدما تجرده من كل الموروثات والمألوفات. وحكّم عقلك فيما تأخذه مني من كتابي، وما تردّه منه عليّ. فالصواب يبقى نسبيا، كما وإن الخطأ نسبي، والحقيقة النهائية لن يدركها الإنسان في عالم المادة، لأنها ليست من سنخ هذا العالم، وإن كان بعض الحقيقة يدرك بالعقل الذي يرى ما لا تراه الحواسّ، ولكنه أي العقل خلق قاصرا عن إدراك كامل الحقيقة، والله لا يكلف العقل الإنساني النسبي إلا وسعه، فلا يخشى أحد منكم من أن يخطئ الحقيقة، أو يخطئ بعضها، فالله لا يعاقب على القناعات، لأنها لا تمثل فعلا اختياريا، بل يجازي وفقا للنوايا والسلوك الإرادي.
27/12/2008
روجعت في 29/10/2009
#تنزيه_العقيلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟