|
مازال سياسيو الحكم في العراق يغوصون في بول بريمر !
جمال محمد تقي
الحوار المتمدن-العدد: 2820 - 2009 / 11 / 5 - 14:53
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
في اخر خطاب له قبل مغادرته العراق وتسليم مفاتيحه لغرفة عمليات مشتركة تقوم اركانها الاربعة على قوائم لا تتغير بتغير الاسماء والالقاب ـ السفير الامريكي المتربع على قلب المنطقة الخضراء ، قائد القوات الامريكية في العراق ، ممثل عن قوات النخبة العراقية وهي قوات معدة ومجهزة للاعمال القتالية والاستخبارية الخاصة يشرف عليها الامريكان جملة وتفصيلا ، ممثل معتمد من الادارة العراقية المدنية ـ تكلم بريمر بخطاب مطول ولاول مرة ـ حسب مقاييس الخطابات الامريكية التي لا تطيق المقدمات الطويلة ـ ومتلفز بثه على ابناء بلده الثاني بعبارات مؤثرة ، ذكرتهم بمآثر سانتا كروس الامريكي الذي جاء ليوزع الهدايا على المنتظرين ، وكيف انه وفي طريقه لتسليمهم هداياهم قد خلصهم والى الابد من الوحش الذي كان كابسا على انفاسهم ، ولم ينسى بريمر ملاحظة السفير البريطاني له بان يضمن خطابه بعض الكلمات العربية لان وقع ذلك سيكون اكثر تاثيرا عند العراقيين فهم يهيمون بلغتهم ، وفعلا فقد وقع خطابه بابيات اثيرة من الشعر العربي في وداع بغداد وصوبيها ، وبالعربية ليؤكد للمشاهدين والمستمعين مدى مصداقية مشاعره الفياضة نحو العراق والعراقيين ، وحسنا فعل عندما لم يبكي وهو يقول للعراقيين : باي ، لانه لو فعل لكان لكلماته مفعول قراء مواكب عزاء الحسين ، وحينها سيكون اللطم والبكاء هو سيد الموقف ، الذي لا يريده بريمر الا مفعما بالتفاؤل والانطلاق والثقة بالمستقبل الذي اصبح مضمونا ، وان تغير السفراء والحكام !
في كتابه عامي في العراق ، الذي جاء بعد ان تأكد للجميع ان عملية تحرير العراق وقبلها عملية محاصرة العراق هي اكبر عملية نصب واحتيال في التاريخ ، في كل تاريخ العلاقات الدولية ! كتب مذكراته وبعض يوميات السنة التي قضاها حاكما مدنيا عاما للعراق كل العراق ، وكان الكتاب عبارة عن خطاب اخر ، وهذه المرة من وراء الحدود ، ومن مجمله وظروفه يستشعر القاريء النجيب ان هناك روح تبريرية ناعمة تسود ساحته خدمة لساحة من استخدمه ـ ادارة بوش ـ اي انه ينفض يده واياد من معه من اغلب الجرائم الشنيعة التي ارتكبت بحق دولة العراق وشعبها ، ملقيا بالمسؤولية على اغلب الجماعات العراقية التي كانت تحمل ماركة المعارضة المصرح بها امريكيا والمسجلة عند البنتاغون لاغراض الخدمة والتقاعد ، فهي كانت تعمل برواتب وميزانيات ممولة من الحكومة الامريكية ، الكتاب يصب في تحميل رموز المعارضة وتحديدا اعضاء مجلس الحكم كل تفاصيل المصائب الكبرى التي حصلت ! كان بريمر كغيره من الغربيين لا يكثر من التقبيل اثناء الاستقبال والتوديع ، واغلب اعضاء مجلس الحكم كانوا من العارفين بهذه الحقيقة ، ولكنهم مع ذلك كانوا يتقصدون تقبيله وبقوة وبعضهم من فمه ـ كما كان يفعل السيد بحر العلوم مثلا ـ وكانهم يريدون التاكيد له على عراقيتهم التي لم ينسوها رغم تجنس اغلبهم بالجنسيات الغربية ! بريمر كان يضحك في سره من حالة وحركات النفاق السياسي والاجتماعي والكذب والغش الذي يخر من نجوم مجلس الحكم الذي شكله هو بنفسه ـ فاذا كان رب المجلس في الدف ناقر فشيمة اهل المجلس الرقص ـ طبعا الرب هنا هو بريمر نفسه ، رغم انه ناقر على طريقته ،، لقد ذكر وفي اكثر من موقع من مذكراته تلك على ان بعضهم كان يقرض البعض الاخر عندما يكون احدهم بخلوة معه ، او عندما ينفرد به بعضهم ، فالحكيم لا يطيق علاوي ، والجلبي لا يطيق الصميدعي ، وهلمجرى ، ويقول ايضا انهم كانوا ملكيين اكثر من الملك في كل شؤون الاجتثاث والحل والتسريح والتفكيك والدفع باتجاه الاسراع بشرعنة ما يحصل وباي وسيلة كانت ، وفعلا كان هناك شبه اجماع بينهم على ذلك وكانهم يريدون تحطيم كل شيء قائم ليقيموا بانفسهم وميليشياتهم مقامات جديدة ، وهنا كانت دعوة السيستاني هي الاكثر قبولا في تكريس شرعية ما اتخذناه من سياسات وقرارات واجراءات ، وذلك من خلال جر الناس للانتخابات والاستفتاءات لتكون هي الشماعة التي نعلق عليها موضوعة الشرعية فيما جرىويجري !
ترى هل تغير الوضع بعد مرور اكثر من نصف عقد على تجربة بريمر في العراق ؟ لا اعتقد ان هناك عاقلا يمكن ان يجيب بالايجاب ! فمازال اعضاء مجلس الحكم هم انفسهم في واجهة الحكم في العرق مع بعض التغيرات غير المؤثرة هنا وهناك ، من مجلس الرئاسة الى الوزراء الى البرلمان الى ـ المفوضيات والمحاكم الجنائية ولجان التخصص ـ الى جانب كون ميليشياتهم هي ذاتها تتقاسم الجيش والشرطة والوظائف ، ومازال اهم سر من اسرار تاخرها في اقرار وانجاز القوانين هو الوقت الذي تتطلبه عمليات المحاصصة في ريع كل خطوة يمكن ان يخطوها البرلمان او مجلس الوزراء او مجلس الرئاسة ! حتى مسودات القوانين المفصلية المقرة والتي لم تقر بعد كقانون النفط والغاز بل وحتى الدستور الدائم المستفتى عليه ـ نسخة مفصلة لقانون ادارة الدولة ـ وكلها كانت قد اعدت سلفا في اثناء تاسيس كيان الدولة الجديدة وحكم مؤسسها الفعلي بريمر! المنطقة الخضراء واساسات السفارة الامريكية الجديدة ، والتاكيد على مبدأ الكوتا التوافقية ، كلها ـ منجزات ـ بريمرية ! مختصر مفيد ان من قال عملية سياسية بريمرية لم يخطأ قطعا ، بمعنى ان بريمر هو الغائب الحاضر في الهواء الذي تتنفسه تلك العملية المشوهة ! عليه فان سياسيو العراق ما زالوا وبهمة عالية يسبحون ويغوصون بما فاض عليهم به من شخات نافورية ترطب كل مفاصلهم وتلافيفهم الممنونة اصلا لبول ـ بريمر !
#جمال_محمد_تقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سعر حشع ل.م = سعر وزير في العملية السياسية العراقية الجديد
...
-
ايام العراق نهارات محمرة وليال مسودة !
-
غرام الاشاعة في الشعر ونسبه - انها دمشق نموذجا- !
-
انتحارالعملية السياسية في العراق مسألة وقت لا اكثر !
-
حكم اوباما وبوش في سجال شتان بين نيل النوبل والنعال !
-
اذا كان لابد من الانتخاب فعلينا ان لاننتخب الخنازير !
-
احتراما لنفسها على سلطة عباس حل نفسها بنفسها !
-
هناك مخ مش فردة جزمة !
-
من قال ان مظفر النواب لا يستحق جائزة نوبل للاداب ؟
-
جلال الطالباني ودم قراطية الحكم !
-
التحالف الكردستاني يريدها مغلقة بوجه اي تغيير !
-
هيا بنا ننتخب !
-
مظفر النواب ينصف دمشق !
-
رؤساء لكن مضحكون !
-
السيستاني يريدها مفتوحة بس مش اوي يعني !
-
عندما يخرج اليسار من مساره !
-
فاجعة العراق اعظم واشمل من فاجعة الحسين واهله فبمن نعزي ؟
-
انتخب وعيش حياتك !
-
الشخصية الانتخابية العراقية نماذج ملموسة !
-
فلوجة الرصافي تفاخر بقصائده وكانها تقال اليوم !
المزيد.....
-
الولايات المتحدة تصادر طائرة ثانية للرئيس مادورو (فيديو+صور)
...
-
ترامب يفرض عقوبات على الجنائية الدولية، ورئيس وزراء إسرائيلي
...
-
العلماء الروس يبتكرون منظومة للتحكم بسرب الطائرات المسيرة
-
سويسرا.. تطوير مادة تعيد بناء العظام في وقت قياسي
-
نتنياهو يناقش في واشنطن ترتيبات ما بعد الحرب مع حماس
-
راهر يفسّر غضب شولتس من طلب ترامب الحصول على موارد أوكرانيا
...
-
خبير يتحدث عن مساومة زيلينسكي لواشنطن وحظوظه في البقاء
-
مستشار كيلوغ: ترامب سيحدد قريبا المحفزات والضغوط بالمفاوضات
...
-
مصر.. إنقاذ طاقم مركب سياحي غرق في البحر الأحمر
-
تأثيرات الغطس في الماء البارد على الصحة والرفاهية
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|