جهاد نصره
الحوار المتمدن-العدد: 2820 - 2009 / 11 / 5 - 10:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
طالما أنَّ مدرسة الواحدية والإقصاء تسود في جميع البلدان العربية فإنه من الطبيعي أن يجري اختزال أي حزب بشخص رئيسه.. ومن ثم وريثه..! ويصير التعريف بالحزب والتعرف عليه مرتبطاً باسمه الكريم فيقول من يتحدث في سورية مثلاً عن الشيوعيين: جماعة يوسف فيصل.. أو فصيل رياض الترك قبل أن يصبح حزباً.. أو حزب وصال فرحة (( وريثة زوجها خالد بكداش وسيصير اسمه بعد عمر طويل حزب عمار )) أو جماعة الصهر قدري جميل..! والحكاية هذه تتكرر في معظم الأحزاب وعلى رأسها الأحزاب الناصرية وليس في هذا الأمر مبالغة أو تجني..!
لقد اكتشفنا في كثيرٍ من الحالات حقيقة أنَّ عدداً كبيراً من الأعضاء في تلك الأحزاب لا يحفظون سوى اسم الزعيم أما أسماء أعضاء قيادات أحزابهم في المكاتب السياسية، ناهيك عن اللجان المركزية الأكثر عدداً فحدث ولا حرج..! وهم لا يشعرون بأية غضاضة من جراء ذلك..! حتى أنه إذا ما أراد أحدهم التعريف بموضع اصطفافه التنظيمي يقول بكل اعتزاز: أنا من جماعة فلان عوضاً عن الحزب الفلاني.. وهذه الحالة لم تكن نتيجة الانشقاقات الحاصلة في هذه الأحزاب فحسب وإن كان لتلك الإنشطارات الفضل في تجسيدها، وتعزيزها، وإبرازها..! ولا نتيجةً للعمل السري الذي اضطرت لمارسته في حقبة مضت.!؟ بل هي بالضبط نتاجاً خصباً لبذور تاريخية لا تثمر غير التفرد، والشخصنة، والواحدية..!؟
أما وقد بدأ الداخل السوري في العقد الأخير من القرن المنصرم يشهد تأسيس منظمات حقوقية تعنى بحقوق الإنسان، فإنَّه لمستهجنٌ أن تنسحب هذه الظاهرة المرضية لتشمل هذه المنظمات أيضاً بحيث أصبح متعارفاً عليه في الشارع السوري توصيف وتعريف أية منظمة حقوقية بالقول: منظمة فلان، أو جمعية علان أو لجان فليحان وهكذا..! والاستهجان مردَّه إلى كون هذه المنظمات مدنية ومتخصصة بما هو حقوقي وكان من المفترض أن ترتقي في الشكل والمضمون والممارسة إلى سوية التمدن والعصرنة التي تستدعيها قضايا حقوق الإنسان باعتبارها مرجعيتها الأساس ولو كان حصل ذلك لما أصابها فيروس الشخصنه المنتشر في الوسط السياسي..!؟
إنَّ الاستبداد المديد في دول الشرق يعود في جذوره إلى المناخ الذي أشاعته التربية الشائعة والثقافة السائدة فتعززت قيم وأمثولات مفاهيمية من قبيل الرعية والراعي وطاعة أولي الأمر إلى غير ذلك من مفاهيم ومقولات تتربى عليها الأجيال منذ نعومة أظفارها..!؟ لقد كان من الطبيعي في ظلِّ هذا المناخ المفاهيمي التربوي القيمي المتوارث أن يستمر الناس يقبعون تحت المظلة الرعوية وأن يُختزل كل حزب أومنظمة في شخص الراعي الصغير وسيستمر الحال على هذا المنوال إلى يوم يتم فيه كسر الحلقة المشدودة إلى هذه الثقافة وتلك التربية بإحكامٍ قلَّ مثيله..!؟
#جهاد_نصره (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟