|
سؤال (ساذج!): هل ثمة شيء جديد في السلة التركية حول كركوك؟
عبدالوهاب طالباني
الحوار المتمدن-العدد: 2818 - 2009 / 11 / 2 - 18:01
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
في حدث مهم وله دلالاته السياسية والاقتصادية في الشأن العراقي بوجه عام والشأن الكوردستاني بوجه خاص ، زار البروفيسور احمد داود اوغلو وزير الخارجية التركي بمعية وفد كبير من رجال الاعمال والاقتصاديين الترك مدينة اربيل عاصمة جنوب كوردستان حيث تم استقباله بحفاوة من قبل مسؤولين كبار في الحكومة وعلى رأسهم الدكتور برهم صالح رئيس الوزراء ، ومن ثم استقبله الرئيس مسعود بارزاني ، وفي مؤتمر صحافي اكد الرئيس بارزاني سعادته لزيارة الوزير التركي وتمنى ان تتوطد العلاقات التركية الكوردستانية لمافيه خير تركيا واقليم كوردستان والعراق عامة ، واكد على اهمية المشروع التركي في الانفتاح على القضية الكوردية ، مؤكدا على ضرورة حل المشاكل بعيدا عن العنف . ومن جانبه اكد داود اوغلو ايضا على اهمية ترسيخ العلاقات مع العراق واقليم كوردستان .
ان زيارة المسؤول التركي الى كوردستان تعتبر في الحقيقة حدثا مهما ، بعد اجواء البرود والمشاكل التي شابت العلاقات التركية الكوردية ، والتي وحسب وجهة نظري المتواضعة كان سببها الجانب التركي الذي اعتمد على موروث سلبي من المواقف العنصرية تجاه الشعب الكوردي وتجاه اي مكسب لشعب كوردستان .
وتأتي اهمية الزيارة كونها:
اولا: تأتي في اجواء ما يسمى بالانفتاح التركي على القضية الكوردية في تركيا ، والوعود المعلنة رسميا من قبل الرئيس التركي ورئيس وزرائه وكبار المسؤولين المدنيين الترك والمدعومة من الغرب الاوروبي والولايات المتحدة ، والعملية كما اوضحها رئيس الوزراء التركي عدة مرات تهدف الى فتح صفحة جديدة والتعامل بطريقة اكثر واقعية مع المسألة الكوردية هناك ، وقد وصلت الحال الى ان مجاميع من ثوار حزب العمال الكوردستاني وصلوا الى مدن شمال كوردستان حيث استقبلتهم بحفاوة بالغة مئات الالاف من المواطنين الكورد في مدينة ديار بكر( عاصمة الشمال الكوردستاني) والمدن الاخرى ، وقد صرح اعضاء المجموعة انهم جاءوا من اجل ايصال رسالة السلام الكوردية الى شعوب الاناضول من الاتراك والكورد ، وان مجيئهم ليس استسلاما كما حاول بعض الاعلام التركي تصوير الامر ، بل انهم حملة رسالة سلام وتعايش ومنع سفك الدماء والوصول الى صيغ مقبولة لهذا السلام حسب تصريحات احد اعضاء المجموعة . وطبعا ان خطوات الحكومة التركية في هذا الشأن والتي ما زالت شفهية (عمليا) ، و التجاوب الايجابي من حزب العمال الكوردستاني يعتبران المفتاح الرئيسي لانهاء حالة الحرب التي يقدم ثمنها الشعبين الكوردي والتركي من دماء ابنائهما ، وفي حالة قيام تركيا بترجمة وعودها الشفهية هذه الى اجراءات ملموسة وفي مقدمتها الاعتراف الصريح في الدستور التركي بوجود الشعب الكوردي على ارضه الوطنية في الاناضول ونيل حقوقه فان افاقا واسعة من الامل ستنفتح في المنطقة لبناء سلام راسخ وقوي وبناء حياة سعيدة مطمئنة بعيدة عن العنف والتطرف . لذلك من المفروض ان تنصب زيارة الوزير داود اوغلوالى هه ولير (اربيل) في مجرى عملية الانفتاح التي ستؤدي الى السلام المنشود ، ويجب ان تؤخذ بكل الاهتمام من قبل القيادة الكوردستانية. ولكن الموقف السلبي لجنرالات الجندرمة التركية يجب ان لا يغيب عن البال ، فهؤلاء يعتبرون انفسهم حراس المنهج الاتاتوركي العنصري ، لذلك فليس مستبعدا ان يواجه عبدالله كول و اوردوغان والحكومة التركية عموما بعض المتاعب من جنرالاتهم الذي يبدو انهم ما زالوا ينامون في (اذن البقر ..) كما يقول المثل الكوردي ، بل ربما يتورطون ( الجنرالات) في نيات انقلابية كما اشارت انباء قبل ايام ، وعملية الانفتاح على الكورد لن تكون سهلة عموما ، والتحديات موجودة ، ولكن التأييد الكوردي ( الحذر) للعملية قد يفوت الكثير من الفرص على اعداء العملية التي لا يمكن تصور جني ثمراتها في وقت قصير ، فقد تحتاج الى وقت طويل ، فليس سهلا محو اثار تربية نفسية عنصرية من اذهان الاتراك بدأها اتاتورك قبل حوالي التسعين عاما.
ثانيا: ان الزيارة ستعزز العلاقات الاقتصادية بين كوردستان وتركيا ، ومن المعلوم ان تلك العلاقات وجدت منذ تأسيس حكومة الاقليم ، وتطورت بعد زوال النظام الدكتاتوري ووصل حجم الاستثمارات التركية والتداول التجاري بين كوردستان وتركيا الان حسب تصريحات كبار المسؤولين في كوردستان الى حوالي الخمسة مليارات دولار ، ولكن من المتوقع ان تتطور العلاقات من الان وصاعدا الى افاق اوسع ، فالحكومة التركية ستكون شريكة في تطوير تلك العلاقات ، وبالتأكيد ان منافع هذه الخطوة ستنعكس ايجابا على الوضع الاقتصادي التركي ( التعبان) وعلى الوضع الاقتصادي النامي لكوردستان ولعموم العراق. لو سارت هذه العملية دون اشكالات ، ولو صدق الاتراك في نياتهم فأن مستقبلا باهرا ينتظر شعوبنا في المنطقة.
ثالثا: ليس بعيدا ان تؤثر نتائج هذه الزيارة في تحسين الاوضاع الامنية في العراق عموما ، وتعزز الامن والاستقرار الذي تعيشه كوردستان ، لما لتركيا من نفوذ سياسي اقليمي. كما انه ليس بخاف على المتتبعين لقضية كركوك ، وحسب تقارير صحفية ، ان تركيا تدعم جماعة تركمانية معينة لخلق الاشكالات امام تنفيذ المادة 140 وان تلك الجماعة تتعاون مع جهات عروبية فاشية لم تعبر في يوم من الايام عن المصالح الحقيقية للشعب العربي ، ولم تكن ابدا اصدقاء لا للاتراك ولا للتركمان ولا للكورد ، ولكن الان مادامت السياسة اصبحت على سطح واحد فالمفروض ان يكون هواء هذا السطح واحدا ايضا ، اذ من مصلحة تركيا ان تفكر في تحجيم الجماعات التي تحاول تحت الغطاء التركي افساد العلاقات التركية الكوردية عبر اكاذيب ومعلومات خاطئة وغير صحيحة بالمرة حول الموقف الكوردي من القومية التركمانية الكريمة في كركوك ينقلونها الى تركيا ، الا يعتبر هذا الامر من المهام الكبيرة على طريق تعزيز العلاقات ؟ ام انه يبقى طرحا ساذجا امام اسرار الخطط التركية في المنطقة ؟ وهو امر يبقى محل تساؤل السياسيين والمواطنين الكورد عموما حتى وان سكتوا عنه اعلاميا في هذا الظرف .
وبالتأكيد ان الاتراك وغيرهم الذين يسعون فقط لتمشية مصالحهم ، سمعوا ورأوا الرئيس مسعود بارزاني في خطابه الاخير امام البرلمان الكوردستاني اثناء اداء حكومة الكابينة السادسة اليمين الدستورية ، ذلك الخطاب القومي الكبير الذي كان اعلانا صريحا عن الموقف الفصل والحاسم ازاء مسألة كركوك حين قال وهو يرفض بكل قوة مشاريع سلخ كركوك عن كوردستان : (لن نسمح ان يكون لكركوك وضع خاص ، وليحصل ما يحصل) . وبذلك عبر الرئيس بارزاني عن قرار الامة الكوردية بأجمعها في هذا الموضوع القومي المصيري ، وسجل وقفة شامخة معبرة عن روح ومواقف القائد الراحل البارزاني الكبير وارواح مئات الالاف من شهداء الحق الكوردي في كوردستان وبضمنها كركوك وكل المناطق المستقطعة.
ومع كل الامل والتمنيات الطيبة في علاقات متوازنة مع الدولة التركية ، الا ان طريق (التطبيع) معها ليس سهلا ، وكل التاريخ الكوردي يقول لنا ان السير في هكذا طريق يتطلب الكثير من الحذر ، ويجب التأكد من النيات المبيتة ، ومن افكار (المقايضات والمناورات !!) المرفوضة ، و التي (ربما) تكون مخبأة في اسفل السلة التركية.
السلام والمحبة يجب ان يكونا عنوان الرسائل المتبادلة بين الكورد والترك ، وكفى الاتراك انكارا للاخر الكوردي ، والترك اذا تقدموا للسلام خطوة واحدة فالكورد يتقدمون نحوهم خطوات ، ويبقى الهدف الاسمى للكورد هو السلام ..ولكن السلام المبني على العدالة والانصاف والتسامح.
#عبدالوهاب_طالباني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المتمردون الاكراد ..!
المزيد.....
-
سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي:
...
-
أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ
...
-
حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال
...
-
-أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
-
متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
-
الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
-
الصعود النووي للصين
-
الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف
...
-
-وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب
...
-
تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|