أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نرين طلعت حاج محمود - عشرون صالحا يشفعون لمدينة اشرار














المزيد.....

عشرون صالحا يشفعون لمدينة اشرار


نرين طلعت حاج محمود

الحوار المتمدن-العدد: 856 - 2004 / 6 / 6 - 09:43
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


في العصر الحديث هناك تعبيران يتعلقان بكل بلدان العالم فهي إما بلدان متقدمة أو بلدان متخلفة ,بالاعتماد على مستوى التطور الحضاري فيها ,فهل هذا التعبير خاص بهذا العصر ؟
في العالم القديم ثمة شعوب كانت سباقة في زراعة الأرض و تأسيس المدن و اختراع الكتابة و إقامة المؤسسات المدنية و تحقيق الرقي و الرفاهية في مدنها و ثمة شعوب تأخرت في الولوج لعالم المدنية و الحضارة حيث بقيت تحيا في مرحلة الصيد و جمع الثمار أو مرحلة البداوة و الترحال.
كانت تلك الشعوب مدركة بدون شك لمستوى تحضرها و كان لكل منها وجهة نظره في الآخر.
الشعوب المتحضرة نظرت باستعلاء و فوقية تجاه الشعوب الأقل تحضرا منها, فالفراعنة اعتبروا الآسيويين من الهمج و الرومان سموا البريطانيين بالبرابرة, و في نص سومري يعود تاريخه لعام 2100 ق م يصف سكان البلاد الأجنبية بأنهم لا يعرفون الطرق المعبدة و ليس لديهم كتابة, و في نص سومري آخر يعود لعام 2030 ق م يصف المارتو و هم الأموريون الذين كانوا يعيشون مرحلة البداوة و الترحال بهذه العبارات(المارتو لا يعرف الحبوب, انه يأكل اللحم النيء,لقد حضرت الحلوى من القمح و الجونونوز , لكن الأموري يأكل دون أن يدرك ماذا يأكل).
كان وصف هذه الشعوب ينبع بالتأكيد من فارق حضاري و تطور مدني ملموس و لم يكن نابعا من رغبة في التقليل من قيمة الآخر و تحقيره بالنظر للفارق الكبير في مستوى المعيشة بينهما.
فكيف تقبلت الشعوب الأقل تحضرا نظرة الاستعلاء و الفوقية هذه, خصوصا أنها تعرف جيدا أن هذه النظرة نابعة من واقع حقيقي.
إن حاجة الإنسان لتقدير الذات هي من الحاجات النفسية الأساسية لديه و إن الشعور بالتهميش ستعقبه محاولات لتحقيق التوازن النفسي و هذه الحاجة الفردية لتقدير الذات يقابلها حاجات جماعية على مستوى الشعب أو القبيلة يعبر عنها بمحاولة صياغة مفاهيم و ثقافة تعمل على تحقيق توازن الجماعة للوصول للشعور بالقيمة و المكانة.
و التوراة احد أهم المصادر التي توضح لنا الطريقة التي واجهت بها قبيلة مرتحلة تعيش على هامش الحضارات و المدنيات هذه الحالة و كيف حاولت تحقيق توازنها و الشعور بقيمتها أمام الآخر.
فحيث لم يتوفر لديها أي سبب واقعي تستند إليه لمواجهة هذا الشعور بالدونية و الضعف أمام حضارات عريقة و مدنيات وثنية تمتد من بابل إلى كنعان حيث تجولت تلك القبيلة باحثة لنفسها عن مكان استقرار لها.ادعت بأنها أفضل من كل الشعوب و الحضارات الراقية المحيطة بها من كل جانب و ذلك حسب وجهة نظر الإله الواحد القوي و العنيف يهوه و هو احد الآلهة الكنعانية الكثيرة الذي منحها الحظوة و ميزها عن كل من حولها لأنها فضلته على كل الآلهة الأخرى فأصبحت هذه القبيلة هي شعبه المبارك الذي يرفعه فوق الجميع دونا عن كل الشعوب المتحضرة الأخرى و كان هذا التمييز الكبير لنفسها موازيا للخوف و الشعور بالدونية أمام الآخرين لتخلق لنفسها سببا يمنحها الاطمئنان و الشعور بتقدير الذات.
إن حياة المعاناة و مقاساة شظف العيش و البحث القلق عن مكان آمن يضمن الحياة لابد و انه سيدفع للشعور بالكراهية و الغيرة تجاه الشعوب التي تعيش رغد العيش و هناءه و مسارّه, فجعلت تلك القبيلة رغد العيش الذي تمتع به الآخرون عملا قذرا مشينا و نسبت لأهالي مدينتي سدوم و عمورة الفسق و الفساد, طبعا من غير المنطقي أن تتمكن مدينة من تحقيق تطور حضاري و ما يرافقه من تخصص في العمل و تأمين فائض في الحاجات مع سكان لا يعملون و يقضون أوقاتهم في فسوق دائم , فالإله يهوه لم يكن ليقضي عليها لو كان بها عشرون شخصا صالحين لكن هذه التهم كانت ضرورية من اجل خلق اعتزاز للجماعة بنفسها و تخفيف عن الضغط الناجم من معاناة الخوف و شظف العيش مقابل حياة المسرات التي يعيشها الآخرون.
منذ مدة حصلت حادثة في إحدى المدن الأوربية في ملهى ليلي و سمعت النسوة و الفتيات حين يعللن سبب الحادث ينسبنه بالدرجة الأولى للفسوق و الكفر و غضب الله و هي الطريقة التي تعودت كثير من الشعوب اللجوء إليها لتفسير مثل هذه المواقف.
كم هو الماضي حاضرا و كم حققت تلك الكارثة الجيولوجية التي حلت بسدوم و عمورة اللتين قامتا على خط زلازل جنوب البحر الميت من تفريغ نفسي و شعور بالتماسك و الاعتزاز بين أفراد قبيلة مرتحلة ليس لديها ما تخسره بأي زلزال.
وكم تستطيع بعض المجتمعات اليوم البحث عن توازن و اعتزاز بنفسها و التقليل من قيمة الحياة المرفهة التي يعيشها الآخرون فتخلق من أوهامها عالما كاملا تكون هي السائدة عليه و تعلوا فيه فوق الجميع بقدر ما تعاني من الألم و هي ترى نفسها اقل من الجميع.



#نرين_طلعت_حاج_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مكابرون حتى الرمق الأخير
- المرأة و وجدانية الرجال
- الكرسي و الطاولة
- الموؤدات
- حبة شعير
- حجز العقول
- مسؤولية المؤسسة الدينية عن الأخلاق العامة في المجتمعات الإسل ...
- المرأة في عرف المجتمع
- شلة حسب الله و الهوية الجديدة
- حرب الشيشان حرب تحرير وطني و ليست حربا دينية
- أخلاق الرعيان ...إلى متى ؟


المزيد.....




- -لم يكن من النوع الذي يجب أن أقلق بشأنه-.. تفاصيل جديدة عن م ...
- نجيب ساويرس يمازح وزيرة التعليم الجديدة بالإمارات: -ممكن تمس ...
- كسرت عادات وتقاليد مدينتها في مصر لترسم طريقها الخاص.. هبة ر ...
- من هو جيه دي فانس الذي اختاره ترامب نائباً له في رحلة ترشحه ...
- حرب غزة: قصف لا يهدأ على وسط القطاع وجنوبه وإصابة جنود ومستو ...
- ألمانيا تحظر مجلة -كومباكت- اليمينية المتطرفة
- مكتب نتنياهو ينفي تلقي إسرائيل رفضا من -حماس- بخصوص مواصلة ا ...
- -حماس- تنفي وجود خطط لعقد اجتماع ثنائي مع -فتح- في بكين
- -روسكومنادزور- تطالب Google برفع الحظر عن أكثر من 200 حساب ع ...
- علاج واعد يوقف الشخير نهائيا


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نرين طلعت حاج محمود - عشرون صالحا يشفعون لمدينة اشرار