|
المثقفون الاسلاميون والتحريض على الارهاب.
مالوم ابو رغيف
الحوار المتمدن-العدد: 2817 - 2009 / 11 / 1 - 19:47
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
على ما يبدو إن الإسلاميين على اختلاف تشكيلاتهم الطائفية والمذهبية، سنة وشيعة لا يدركون معنى إن يوصف دينهم بأنه دين إرهابي. لذلك نراهم لا يتصدون بشكل جدي لمعالجة الخلل والخطل والهمجية في نصوصهم الدينية المقدسة، ولا يستخدمون معاولهم الفكرية والعقلية لتحطيم مرتكزات الإرهاب النظرية والأيديولوجية والدينية الإسلامية. كل ما يفعلونه هو الاكتفاء بنفي الإرهاب عن الإسلام، نفيا سطحيا هامشيا، لا يناقشون الوقائع ولا النظريات ولا الأرضيات التي استند عليها الإرهابيون للتحريض على الإرهاب والقتل وقمع الحريات وإرغام الناس على إتباع الأوامر الدينية بالعصا أو بقوة القانون وإجبار الناس على إتباع أوامر رجال الدين وتعليماتهم وإطاعة رغباتهم رغم إنها تتعارض مع كل متطلبات ومستجدات العصر الحديث. الإرهابيون لم يعتمدوا على نظريات أجنبية ولم يتأثروا بثقافة مستوردة ولا بأفكار معلبة، ولا هم من هواة مشاهدة أفلام العنف والقتل والرعب الغربية لنفترض إنهم تقمصوا شخصيات أبطالها وقلدوا تصرفاتهم واتبعوا معالجاتهم فأثرت على مراهقينهم وشبابهم فانحرفوا عن الخط القويم. وليس هم بعشاق للحياة المدنية، ولا من رواد الخمارات ولا صالات الرقص ودور السينما والمسرح، فيكون غلقها ومنعها وسيلة لدرأ المفاسد كما يتفلسف رجال الدين في إغلاقهم لجميع منافذ الترويح عن النفس. ترى الإسلاميين في أزيائهم ومظاهرهم وطرق حياتهم، نساء ورجال، يشابهون المسلمين الأوائل، حتى أسمائهم قد استبدلوها بأُخرى قد انقرضت وولت مثل أصحابها، قتادة والصمصام والقعقاع وصعصة وغيرها، فيتلبسك إحساسا غريبا بأنك تعيش في عصر البداوة الأولى. كما إن الإرهابيين ليس بالشيوعيين ولا هم باليساريين ولا وبالوجوديين، حتى نتفهم تلك الحملة الإسلامية المسعورة على العلمانية والشيوعية واليسارية. جميع الإرهابيين مسلمين، ربهم الله ونبيهم محمد، يؤمنون بالغيب واليوم الأخر، يصلون ويصومون ويزكون ويحجون، يتقون الله وينفذون أوامره حرفيا. نسائهم محجبة منقبة لا تخرج من بيتها إلا بأذن ولي أمرها، قائمة قاعدة إلى ربها راكعة ساجدة، تنطبق عليها جميع مواصفات المسلمة حسب تصنيفات جميع المذاهب الإسلامية شيعية وسنية. كما إن ثمة حقيقة لا بد من الإشارة لها في معرض الحديث، هي انه بالكاد وجود مذهب إسلامي لا يتضمن تلميحات وتصورات إرهابية أو رغبات انتقامية يتمنى من الله إن يحققها له في حياة الدنيا وليس في حياة الآخرة. وحقيقة ثانية لا بد أيضا من الإشارة إليها، هي إن جميع المذاهب الإسلامية وان تجادلت وتبادلت التهم فيما بينها ورمى احدهم الأخر بتهم التحريض والدعوة للإرهاب، إلا إنها تكاد تكون متفقة فيما يخص العنف أوالجهاد في سبيل الله. وان ادعت هذه المذاهب ابتعادها عن الإرهاب، فهي ليست ضده كجوهر، كطريقة ووسيلة للوصول إلى غاية، كعمل وفعل ممقوت لا ينبغي إتباعه مهما كانت الظروف والتبريرات، هي تتفق على المبدأ وتنسجم في الطريقة و تختلف على مكان التنفيذ. شُرعت الأقلام وكُرس الإعلام الإسلامي السني والشيعي كل جهوده وطاقاته لنفي تفجيرات مانهاتن عن كاهل الإسلاميين الوهابين وعقدوا المؤتمرات للقول إنها مؤامرة امبريالية للهجوم على المسلمين، واستغل احد الفرنسيين المغمورين غباء الإسلاميين، رجال دين ومثقفين الذين سارعوا لشراء مئات ألاف النسخ منه ليثبتوا فعلا إن رزق الهبل على المجانين. الشيعة والسنة يتفقون على إن التفجيرات الانتحارية في إسرائيل، هي عمليات استشهادية مبررة، ولا يهم نوع الضحايا، قد يكونون أطفال سيحترقون في باصات المدرسة أو نساء حوامل يتفحمن على مقاعد السيارات وهن في طريقهن إلى مستشفيات الولادة أو ناس أبرياء يقتلون في حفلات الأعراس، كل هذا يغضون أنظارهم عنه مادام الضحايا يهود أو حتى عرب في إسرائيل. هو نفس الموقف الذي يحير الشيعة عندما يرون بان التفجيرات إن حدثت في الرياض أو القاهرة أو الأردن فان الإعلام والصحافة العربية المسموعة والمقروءة، الدينية والقومية، ستعدها أعمالا إرهابية وتعتبر مرتكبيها مجرمين، بينما ستكون أعمالا بطولية وتصديا للمحتل ويُخلد مرتكبوها كمجاهدين في سبيل الله وفي سبيل الدين إن حدثت في العراق. لرجال الدين الشيعة الحق في الاندهاش من الازدواجية الإسلامية التي تفتخر بالقاتل وتصفق لحزامه الناسف وتهمل الضحايا. ولنا الحق أيضا بالاندهاش والتساؤل عن موقف الشيعة من التفجيرات الإرهابية في إسرائيل أو بقية ألعالم، حتى إنهم استخفوا بآلام الناس وكوارثهم وتاجروا بها فعقدت إيران مؤتمرا دوليا لتكذيب الهلوكوست والتقليل من عدد الضحايا اليهود والدفاع عن النازيين الهتلريين الذين وجهت لهم دعوات لحضور هذا المؤتمر البائس.
إن التربية الإسلامية المبنية على القرآن والسنة النبوية، هي احد الأسباب الرئيسية في هذا التدهور ألقيمي والتخلف الحضاري والميول النفسية نحو ممارسة العنف وتبني الإرهاب كنظرية جهادية وسبيل يقود إلى جنات النعيم. فالقرآنيات التي تحرض على الإرهاب وتحث المسلمين على ممارسته، حرص الله على إن تكون واضحة، سلسلة وبسيطة لا تحتاج لمؤول ولا لمفسر ولا لشارح. ولا يستطيع رجل الدين الإسلامي المتنور إيجاد تفسير آخر لها إلا إذا اقر بان هذه القرآنيات والتصورات الإلهية قد انقرضت وولت وذهب زمانها كما ذهب زمن الاستنجاء بالحجارة بعد قضاء الحاجة البيولوجية. وهذا يعني بالطبع أن القرآن والسنة النبوية غير صالحان لكل زمان ولا لكل مكان وهو ما يتعارض واحكام الإسلام أولا وما يعنيه من مغامرة سيكون ثمنها باهظا سيدفعه القائل بها ثانيا. فالقرآنيات اللاتي تقول: قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين أو القرآنية التالية يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة..التوبة 123 و قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صغرون. التوبة 29.... أو الحديث المحمدي الذي يقول: أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله هذه القرآنيات والأحاديث مفهومة الكلمات، غير معقدة التركيب، يحفظها الاسلاميون على ظهر قلب، يستشهد بها الإرهابيون في كل بيانات الذبح والسلخ الجهادية... لم يقل احد من كبار الاسلاميون ولا من صغارهم بان هذه القرآنيات وغيرها من الأحكام لا تنطبق ولا تنسجم مع شروط العصر وان الدهر قد أكل عليها وشرب، يجب إهمالها كليا وتقام ندوات فكرية في ضرورة عدم التثقيف بها لأنها خطر على السلم الأهلي الاجتماعي. كل ما يفعلونه هو الهروب إلى الأمام والتنصل من المسؤولية والقول إن الإسلام براء من الإرهاب. ومثلما تتجنب شبكات التلفزة والراديو بث القرآنية التي تقول إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا عزة أهلها أذلة في الممالك والإمارات الإسلامية، أو تجنب قرآنية خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه على قبر ميت، فان القرآنيات التي تحث على القتل والعنف لا تذاع في مؤتمرات الصحافة أو المؤتمرات الدينية الداعية إلى الحوار ما بين الأديان ، لكن معظم المشاركين الإسلاميين يستشهدون بها في برامج الحوارات المفتوحة المذاعة حية على الهواء أو في الفضائيات الدينية او في منتديات الحوار الالكترونية. التعليم في الصغر مثل النقش على الحجر صحيح جدا، فطلاب مدارس تحفيظ القران ستخط على قلوبهم الصغيرة هذه القرآنيات والأحاديث ألإرهابية. ستتصلب وتتحجر قلوبهم وتخلوا من العواطف والحب إلا الحب والبغض بالله، وهذا ما يفسر إن اغلب الإرهابيين من القاعدة أو من طلبان هم من خريجي هذه المدارس القرآنية. وعلى ما يبدو إن الميول الإرهابية لخريجي هذه المدارس إضافة إلى التخريب الذي تحدثه قرآنيات الإرهاب في نفوسهم، فان جزء منها انتقامي من المجتمع، رد فعل عكسي للاعتداءات الجنسية على الأطفال في مدارس تحفيظ القرآن أو في المعسكرات الإيمانية الصيفية خاصة في السعودية ومشيخات وإمارات الخليج العربي. وبدل من إن تمتلئ الساحات الإسلامية وميادينها الإعلامية بحملات شعواء ضد الإرهاب وضد نظرياته وأيدلوجيته، بدلا من يجند المثقفون الاسلاميون أنفسهم لتحطيم قواعد الإرهاب وأعمدته الدينية، بدل من ذلك كله نراهم يشنون حملاتهم الرعناء على الثقافة الإنسانية وعلى العلمانية واليسارية والشيوعية واللبرالية، يحاربون الفنانين والمبدعين ويغلقون المسارح وصالات السينما ومدارس تعليم الفنون ويضايقون الناس في أزيائهم وعاداتهم وتقاليدهم ويحملونهم مسؤولية التدهور التربوي و الانحطاط الأخلاقي في المجتمعات الإسلامية مع انها ليست سوى ردة فعل عكسية للهوج الإسلامي والاضطهاد الديني ضد المجتمعات المدنية. إن حملاتهم المسعورة ضد الثقافة الإنسانية والمثقفين هذه لا تختلف بشي عن حملات القاعدة والوهابيين والأصوليين والسلفيين. المثقفون الإسلاميون وان لم يهتفوا عاش ألزرقاوي فان أعمالهم تهتف باسمه وتخلد أفعاله التي إن هي قتلت الإنسان وأزهقت روحه، فان هؤلاء يفرغون الحياة من كل شئ جميل فيها، يحولونها إلى حجر لا تتنبت فيه الخضرة ولا الزهور. إن خطر هؤلاء الإسلاميين لهو أكثر فتكا بالمجتمع من خطر الإرهاب نفسه، بل إن هؤلاء هم اللبنة الأولى التي توضع في أساس بناء الإرهاب وقلاعه التي انتشرت بعد إن تطوعت الأقلام والأفئدة لتصبح جنودا تمهد الطرق له وتزرع الألغام الفكرية في أدمغة الشباب بحجة محاربة الغرب والدفاع عن القيم والشيم العربية والإسلامية. آلا بأس ما يفعلون.
#مالوم_ابو_رغيف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عندما يموت الله لا يشيعه احد.
-
دماغ سز!
-
سماحة السيد طلع كذاب!!
-
اسلامقراطية
-
العلمانيون والاسلاميون حب من طرف واحد
-
حميد الشاكر قلم مريض ام قلم حاقد.
-
الاسلام الاحتراف والهواية
-
الرحمة والنقمة الالهية.
-
الاسلام السياسي تمهيد للدولة الدينية.
-
سنة محمد وسيلة انقلابية.
-
الاسلام بين الانتقاد والهجوم
-
وجه اخر للتطرف
-
لماذا لا تُنتقد المسيحية مثلما يُنتقد الاسلام.؟
-
العيب الانساني والحرام الاسلامي
-
الاجدر بالنقاش همجية احكام الاسلام وليس لغة القرآن.
-
الكذب في سبيل الله!!
-
الاسلام السياسي العراقي والدرس الايراني.
-
اذا كان من حقك ان تؤمن اليس من حقي ان اكفر؟
-
شيعة علي وشيعة المذهب
-
الاية التي قصمت ظهر الاسلاميين.
المزيد.....
-
القائد العام لحرس الثورة الاسلامية: قطعا سننتقم من -إسرائيل-
...
-
مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
-
ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو
...
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح
...
-
أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202
...
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|