|
كركوك بين المطرقة والسندان
سردار محمد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2817 - 2009 / 11 / 1 - 12:21
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تعد مدينة كركرك إحدى أقدم المدن الحضارية التي احتضنت العديد من المذاهب والأديان والقوميات المختلفة بداخلها ، حيث كانت جميع تلك الفئات تعيش جنبا إلى جنب بروح أخوية وسلمية خالية من النزعات الطائفية والتفرقة بين الفئات المختلفة .ولكن عندما ننظر إلى هذه المدينة في يومنا الراهن نرى العكس تماما فكيف وصلنا إلى هذه الحالة يا ترى ؟وما هي الأسباب والدوافع وراء ذلك ؟ ولماذا ؟ من أجل الوصول إلى الجواب الصائب لتلك الأسئلة والعديد من الأسئلة الأخرى علينا التقرب بشكل واقعي وموضوعي وتحليلها بشكل صحيح . إن السبب الأساسي القابع خلف جميع المشاكل التي تعاني منها مدينتنا هو السياسات الخاطئة التي تسيًرها الأطراف المختلفة . إن هذه السياسات لا تقتصر على الأحزاب والكتل السياسية في العراق فقط بل تشمل الدول الإقليمية والعالمية الكبرى أيضا فكل طرف يسعى إلى فرض سياستها المصلحية دون الأخذ بعين الإعتبار مصلحة المدينة ولا مستقبلها ، وبمعنى آخر إن تقرب هذه الأطراف ليست على أساس الحل الشامل والعادل بل العكس تماما أي إثارة المشاكل لتحقيق غاياتها . لا بد من التطرق إلى سياسة الأحزاب الكردية والحكومة الأقليمية بشأن كركوك والمناطق المتقطعة للوصول إلى النتائج الصحيحة ، ففي البداية يجب أن ننتقد تلك السياسة وخاصة بعد سقوط النظام السابق فالطرف الكردي لم تقم بواجبها المطلوب منها بل إهتمت بالأمور الثانوية وأهملت ماهو الأساسي حيث لم تسعى إلى توعية الجماهير وتنظيمها بكافة فئاته وطوائفه بل إقتصرت على بعض الفئات الضيقة وبقيت الوعود التي أطلقتها حبر على ورق فقط . بينما المهم في هذا الجانب هو إيصال الجماهير في المدينة بكافة قومياته وأطيافه المختلفة إلى مستوى قادر على فرض إرادتها وحل مشاكلها بنفسها . أما الحكومة الفيدرالية التي تعتبر نفسها حكومة دستورية ، هي الأخرى أيضا أهملت مسألة كركوك وتقربت على أساس مصلحي وسياسي بحت وإلا كيف نفسر عدم تطبيق المادة 140 الدستورية حتى الآن ؟ اين تلك الوعود التي كانت تطلقها النواب والمرشحون بشأن مدينة كركوك ، أم كانت خدعة للوصول إلى البرلمان فقط ؟ هل ننتظر وعودا أخرى من الكتل والأحلاف السياسية في الإنتخابات المقبلة ايضا؟ على الرغم من أن كركوك يمكن الا تشارك في الإنتخابات المقبلة. ما نستخلصه من كل ما سبق هو أن قضية كركوك أصبحت قضية حسابات سياسية بين الأطراف السياسية الموجودة وإن تقربات الحكومة الفيدرالية ليست سياسة الحل بل هي ألاعيب و غايات سياسية مخادعة . حتى الآن نكاد لا نرى مشاريع لحل قضية كركوك لا من طرف الحكومة الفيدرالية ولا الحكومة الإقليمية ، فإلى متى ستيقى قضية كركوك معلقة لتقوم الأطراف السياسية بتسيير سياساتها عليها ؟ وإلى متى ستكون أرضية مناسبة لألاعيب الدول المجاورة ومخططاتها الدنيئة ؟ هذه الأسئلة والعديد من المسائل الأخرى يتطلب الكثير من الإمعان والتعمق فيها من قبل أهالي كركوك بكافة قومياته ودياناته ومذاهبه الموجودة حيث أن المدينة ملك لكافة أهالى كركوك وأن حل قضية المدينة لا تحل إلا بيد أبناءها الجريئين . لنعود إلى العام الماضي قليلا وتحديدا إلى يوم 17-10-2008 برأي كان يوما تاريخيا من حيث التقرب إلى الحل وكانت خطوة جدية ومهمة ، ما أقصده هو الكونفرانس الذي عقده أهالي مدينة كركوك بإشراف حزب الحل الديمقراطي الكردستاني حيث شارك فيه ممثلين عن كافة القوميات والطوائف والمعتقدات والأديان في المدينة والمناطق المتقطعة وكانت حول قضية كركوك والمناطق المتقطعة والذين شاركوا فيها كانوا من الشخصيات المعروفة والمثقفين الواعيين الذين يهتمون بحل مشاكل مدينتهم ، حيث تم مناقشة القضية من جذورها وأسبابها والمهام الواجبة إتخاذها في سبيل حل القضية بيد أبناءها وفي النهاية توصل المشاركون إلى مشروع عمل ذو نوعية معقولة وكافية لحل القضية وإنبثق عن الكونفرانس لجان للبدء بالنشاطات والمهام المطلوبة . يعتبر هذا المشروع فريدا من نوعه فحتى هذه اللحظة لا نرى أي مشروع لحل هذه القضية من قبل أي طرف من الأطراف ومن جهة أخرى لو تمعننا في المشروع الذي خرج بها الكونفرانس نرى فيها الواقعية والموضوعية فالمشروع يسعى إلى جعل أهالي المدينة هي صاحبة الإرادة وكلمة الفصل ويجب أن تكون القرار بيد الشعب . يجب أن نكون واقعيين بأن المشاكل الموجود الآن تعيش ذروتها وتشبه قنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في أي لحظة ! ولهذا علينا ألا ننظر إلى هذه المشاكل ببساطة وهكذا فحلولها أيضا سوف لن تكون سهلة وبسيطة يتطلب بذل الكثير من الجهود من أجل تجاوز المخاطر المحدقة بنا .
#سردار_محمد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن
...
-
-سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا
...
-
-الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل
...
-
صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
-
هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ
...
-
بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
-
مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ
...
-
الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم
...
-
البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
-
قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|