|
مشاكل البيئة العراقية.. هل ستكون ضمن أولويات الحكومة الجديدة ؟
كاظم المقدادي
(Al-muqdadi Kadhim)
الحوار المتمدن-العدد: 855 - 2004 / 6 / 5 - 04:39
المحور:
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
مناسبة الخامس من حزيران/ يونيو- اليوم العالمي للبيئة- مناسبة هامة، تحييها، كل عام، المجتمعات والحكومات الحريصة على حاضر ومستقبل شعوبها، ومن فعالياتها تسليط الضوء على أهم المشاكل البيئية القائمة، والحلول المقترحة لمعالجتها، وتبادل الخبرة والتجارب في هذا المضمار.. في العراق لم يعر النظام المقبور طيلة 3 عقود ونيف أي إهتمام يذكر لهذه المناسبة، ولا لفحواها، مع أن المشاكل البيئية وخيمة. المفرح أنه عقب سقوطه، في 9/4/2003،تحققت خطوات جديدة في هذا الميدان، حيث تأسست لأول مرة في العراق وزارة خاصة بالبيئة، وضعت برنامجاً طموحاً،إشتمل على مشاريع هامة عديدة. وقررت أن يكون للبيئة العراقية يوماً خاصاً،هو 15 نيسان /أبريل، على أمل أن يتحول الى تقليد سنوي للاحتفال به، لاسيما وأن القرار أعلن في حفل إفتتاح فرع جديد لـ"الجمعية الوطنية العراقية للدفاع عن البيئة والطفل" في مدينة الحلة- محافظة بابل ، الذي حضره ممثلو الاحزاب السياسية والمنظمات الجماهيرية وجمعية حقوق الانسان،وقدم خلاله اطفال المدينة مشاهد تعبيرية عن الآثار السلبية التي تركتها الحرب الاخيرة على البيئة والطفولة التي عانت كثيرا من الظلم والقهر والجور في العهد السابق..بيد أن المؤسف أن معظم مشاريع الوزارة لم ير النور، و ما نفذته كان قليلاً، ويعود ذلك، بشكل رئيس، لإزدواجية السلطة وهيمنة سلطة الإحتلال على كل شيء في البلد. والمحتل لا تهمه كثيراً بيئة وحياة الشعب المحتل. واليوم وقد تم تعيين رئيساً جديداً للجمهورية العراقية، ورئيس وزراء جديد،وحكومة عراقية جديدة، ووزير للبيئة جديد، وتكرر سلطة الإحتلال وعدها بتسليم السلطة والسيادة الكاملة للعراقيين،في 1/7 القادم، فيتعين التعامل مع المشاكل البيئية، وبخاصة التلوث البيئي الخطير في العراق، بقدر أكبر من الجدية والمسؤولية، حماية وضمانة لصحة وحياة الشعب العراقي ! تركة ثقيلة خلف نظام صدام حسين البائد تركة ثقيلة للشعب العراقي، أشدها وخامة هي الكارثة البيئية والصحية،التي نجمت عن حروب النظام البائد، الداخلية منها والخارجية، الى جانب إهماله المتعمد للمشاكل البيئية.ولعل أكثر معالم الكارثة خطورة هو التلوث البيئي بكافة أنواع الملوثات وأشدها فتكاً، والتي سوف لن تقتصر أضرارها على الجيل الحالي من العراقيين، وبخاصة براعم حاضر ومستقبل العراق- طفولته، بل والأجيال القادمة.وقد ساهمت قوات التحالف ضد العراق ، وبخاصة الأمريكية والبريطانية،في حربي الخليج الثانية عام 1991 والثالثة عام 2003، بدور كبير في إنتشار التلوث الإشعاعي في العراق، الذي أكده خبراء الأمم المتحدة، وأحدث دراسة إشعاعية ميدانية أجراها المركز الطبي لأبحاث اليورانيوم UMRC (وهو مركز علمي دولي مستقل) برئاسة العالم الأمريكي أساف دوراكوفيتش وبالتعاون مع العالم الألماني سيغفرت –هورست غونتر والباحث العراقي محمد الشيخلي، والباحث الكندي تيد ويمان،في 10 مدن عراقية من وسط وجنوب العراق،حيث وجدت تلوثاً إشعاعياً خطيراً، بلغ في بعض المناطق أكثر من 30 ألف عن الحد المسموح به[1].. وفي السابع من شهر كانون الثاني/ يناير 2003 كشف النقاب، في طوكيو، عن تقرير أعده برنامج الأمم المتحدة للبيئة UNEP يؤكد بأن الحرب التى قادتها الولايات المتحدة ضد العراق، والفترة التى أعقبتها، قد تسببت فى احداث مشكلات بيئية خطيرة فى العراق، وعلى رأسها المشكلات التى ترتبت على استخدام القوات الامريكية والبريطانية للاسلحة التى يستخدم فيها اليورانيوم المنضب Depleted Uranium اثناء العمليات العسكرية. وذكرت "وكالة انباء كيوتو" اليابانية، نقلا عن هذا التقرير، الذى يحمل تاريخ 20/10/ 2003، ولم يتم الكشف عنه الا موخرا، ان برنامج الامم المتحدة للبيئة يرى ان هناك مشكلات فى العراق تحتاج الى ان يتم التعامل معها بشكل فورى، ومن بينها مشكلة التلوث البيئى التى تفاقمت بدرجة اكبر بسبب العمليات العسكرية، علاوة على عمليات نهب مواقع المواد النووية والسموم[2]. وأكد د.علي حنوش- مستشار وزارة البيئة العراقية بان اضطراب الاستقرار السياسي والعسكري في العراق خلق ضغطا على البيئة وزاد من مستوى التلوث بما فيه من المعادن الثقيلة وخاصة اليورانيوم المنضب. كما انه على امتداد العام الماضي تزايدت مستويات التلوث البيئي نتيجة كثرة الحرائق التي شملت قطاعات واسعة من الصناعات والمنشات العسكرية والمدنية الصناعية بعد عمليات التخريب خاصة في الحرب الاخيرة. فعلى امتداد الاشهر التي تبعت الحرب عانت المؤسسات والانابيب النفطية من عمليات تخريب زاد عددها على 160 حادثا نتج عنها تسرب مئات الالاف من اطنان النفط الى الاراضي الزراعية او الاحتراق الامر الذي سبب اطلاق كميات ضخمة من الغازات المضرة بالصحة اضافة الى تدمير مساحات واسعة من الاراضي الصالحة للزراعة. ثم حصل عمل تخريبي كانت له اثار بيئية عالمية سيئة هو حرق اكثر من 350 الف طن من الكبريت الصافي والكبريت الخام بالمشراق قرب الموصل، فامتدت الغازات المحملة بالكبريت الى سوريا وتركيا ومناطق اسيوية كانت تابعة للاتحاد السوفيتي السابق والى فترة 40 يوما. وهذه نماذج من عمليات ضاعفت من مستوى التلوث البيئي في فترة كانت فيها اجهزة الرقابة البيئية محدودة [3] حيال هذا الواقع دعا تقرير الامم المتحدة المذكور الى ضرورة ان يتم اتخاذ اجراءات عاجلة لمواجهة الاوضاع البيئية المتردية ومن بينها دراسة الاثار التى تترتب على السكان المحليين مع ايجاد سبل لتقليص الاثار المباشرة المترتبة عن المشكلات البيئية على صحة الانسان. مساعي دولية..أحبطت في مهدها في تقرير اعلنه في عمان ونيروبي، في 6/4/2003، أوصى برنامج الأمم المتحدة للبيئة بضرورة القيام بدراسات حول اَثار اليورانيوم المنضب في العراق، ووجوب القيام بتقييم بيئي علمي للمواقع العراقية التى أصيبت بقذائفه. وقال مايكل وليامز- المتحدث بإسم البرنامج: "أعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا انهما لا تزالان تستخدمان اسلحة مزودة باليورانيوم المنضب، وثمة ضرورة لتحليل مستوى الاشعاعات في الاماكن التي استخدمت فيها هذه الاسلحة".وأوضح د. كلاوس توبـفــر- المديـر التنـفيـذى للبرنامج: لحقـيقـة أن هذة القضـية مازالت تشغـل عامة الناس بشكل كبيـر, لذلك, فإن دراسـة مبـكرة للوضـع البيـئى فى العـراق وإستخدام اليورانيوم المنضب هناك، سيكـون من شـأنها إما تهدئـة هذة المخاوف أو تأكيد وجود مخاطر حقيقية، ومن ثم المضى نحو إتخاذ الإجراءات اللازمة للتعامـل مع المشـكلة بشـكل فورى".واضاف: " وقد تؤكد الدراسة، ايضا، مدى وجود مخاطر مرتبطة بمرحلة حرب الخليج السابقة عام 1991". وقال: " إن برنامج الامم المتحدة للبيئة يرى ضرورة اجراء ابحاث ميدانية مبكرة نظرا الى القلق على البيئة الناجم عن النزاع، وكون البيئة في العراق كانت في الاساس مصدر للقلق قبل الحرب الأخيرة "، مضيفاً: "من المهم جدا ان نحمي صحة الاهالي في مرحلة ما بعد النزاع ".وأعلن: "إن برنامج الأمم المتحدة للبيئة يقف على أهـبة الإستـعداد لإستخدام خبـراته و تجـاربـه فى هذا المجال من أجل القـيام بدراسـات لتقييـم آثـار اليـورانيـوم المنضـب على البيئة فى العـراق, وذلـك بالتعــاون مع منــظمة الصحـة العــالميـة, والوكالة الدولية للطـاقة الذريـة، وشـركـاء أخـريـن"[4].. وفي الرابع والعشرين من نيسان/ أبريل 2003 حثت الأمم المتحدة على مواجهة التلوث في العراق، ودعت إلى تدخل عاجل لإنقاذ مستقبل البيئة هناك[5].وقالت: هناك حاجة لتعامل عاجل مع الأزمة البيئية في العراق، التي ساءت بسبب أضرار الحرب الأخيرة وارتفاع معدلات التلوث.جاء ذلك في دراسة أولية أعدها برنامج الأمم المتحدة للبيئة، قدمت مراجعة عامة للوضع البيئي في العراق، لكنها خلت من المعرفة الميدانية. وقالت الدراسة إنه يجب التعامل فورا مع أبرز مواضع التلوث.وبشأن استخدام ذخيرة اليورانيوم المنضب قالت الدراسة: ربما سببت تلوثا بيئيا بمستويات غير معروفة العواقب حتى الآن. وأضافت إنه يجب تقديم النصيحة إلى العراقيين حول كيفية تجنب التعرض إلى اليورانيوم المنضب. واقترحت أن يجري العلماء تقييما عاجلا عن أخطار المواقع التي قصفت بتلك الذخيرة. وقال الخبير بيكا هافستو- رئيس الفريق الذي أجرى الدراسة:" إن كثيرا من المشاكل البيئية في العراق مقلقة إلى درجة تحتم الحاجة إلى تقييم فوري وخطة للتنظيف".. وإنطلاقاً من خطورة الوضع القائم طالب المدير التنفيذي للبرنامج د. توبفر بالسماح لخبراء الأمم المتحدة بدخول العراق على الفور لتقييم المخاطر البيئية الناتجة عن استخدام أسلحة مزودة بمواد كيماوية سامة او يورانيوم منضب.وقال:" أن صحة العراقيين قد تكون معرضة للخطر بسبب القذائف الخارقة للدروع المحتوية على اليورانيوم المنضب، التي استخدمت في حرب الخليج عام 1991 وفي الحرب الاخيرة "[6]. ووجه توبفر نداءه هذا بعد تقديمه تقريراً مؤلفاً من 98 صفحة، أعده برنامجه لوزراء البيئة في مجموعة الدول الصناعية الثماني، في إجتماعهم الأخير في باريس.وأوضح ، في مؤتمر صحفي، بأن الافادة الرئيسية للدراسة الميدانية هي أنه يجب ان نذهب إلى الميدان في اسرع وقت ممكن.وأضاف: هناك فريق ميداني مستعد للسفر بمجرد أن تتاح لنا الفرصة. وقال نحن نوصي بعمل تقييم شامل. وأشار إلى خبرة البرنامج في هذا الشأن والى دراسات سابقة قام بها بخصوص مخاطر الأسلحة في البلقان وأفغانستان والأراضي الفلسطينية المحتلة من قبل اسرائيل. بيد أن سلطة الإحتلال لم تسمح حتى اليوم لخبراء الأمم المتحدة لدخول العراق والقيام بواجبهم المهني هناك، ولا مبرر لذلك سوى خوفها من كشف النقاب عن حقيقة سلاحها الفتاك بالبشر والبيئة، وتعرية أكاذيبها بشأنه. مطالبات أخرى و.. إثباتات جديدة في 25 /4/2003، نشرت صحيفة «الفايننشال تايمز» مقالا بعنوان: «جنود القوات المتحالفة تعرضوا لمخاطر أسلحة اليورانيوم المنضب»،اشارت فيه الى مطالبة الجمعية العلمية الملكية البريطانية Royal Society لقوات التحالف في العراق بالكشف عن معلومات حول مكان استخدام اليورانيوم المنضب هناك، والكميات التي استخدمت في الصراع، لتحديد عدد السكان والجنود الذين ينبغي رصد تعرضهم لليورانيوم المنضب، وتطهير المناطق التي قصفت به من آثاره[7]. وكانت الجمعية(وهي أكاديمية علوم بريطانية مستقلة) قد حذرت من إحتمال معاناة الجنود والمدنيين بسببه من متاعب صحية من قبيل تلف في المرارة والكبد والكليتين والإصابة بسرطان الرئة[8]. وفيما بعد أكدت صحيفة "الأوبزرفر" البريطانية،في تقرير لها، في 14/12/2003، أن القذائف التي أطلقتها القوات البريطانية أثناء المعارك في جنوب العراق احتوت على كميات من اليورانيوم المنضب, مما يُشكل تهديداً بالغ الخطورة على حياة المدنيين.وقالت إن الخبراء أشاروا إلى ضرورة فحص ومراقبة الماء والحليب اللذين يتناولهما السكان المحليين بعد أن أثبتت فحوصات جرت على عينات من التربة احتواءها على كميات هائلة من الإشعاعات.وأضافت أن بعض التحاليل، التي أجريت على دبابات عراقية مُدَمَرة في البصرة, دلت بأن نسبة الإشعاع أعلى بمقدار 2500 مرة من مستواه الطبيعي في مدينة البصرة, وأنه أعلى 20 مرة منه في المناطق المجاورة.وأشارت الصحيفة إلى أن الغبار المنبعث من مخلفات العتاد المحترق والذخائر المتلفة, والذي يستنشقه المواطنون, يسبب مرض السرطان, ويؤدي إلى تشوهات في المواليد الجدد. وقبل بضعة أسابيع كشفت صحيفة " نيويورك دايلي نيوز" الأمريكية النقاب عن ظهور أعراض التلوث الإشعاعي على جنود أمريكيين ينتمون الى فرقة الشرطة العسكرية رقم 442، التي تتولى مهمات غير قتالية في العراق.وتوقع العالم الأمريكي اساف دوراكوقيتش،الذي إكتشف الإصابات، بأن حالات أكثر خطورة لابد ان تظهر بين الجنود الذين شاركوا في المعارك وتعرضوا لجرعات أكبر من الإشعاع[9].وكانت الصحيفة قد مولت إجراء فحوص مختبرات مختصة لتسعة جنود من الفرقة نفسها إشتكوا من أعراض عديدة عقب عودتهم من الخدمة في العراق، فتبين ان 4 منهم تنشقوا غبار اوكسيد اليورانيوم المشع.وبهذا يكونون أول حالات إصابة مؤكدة بين الجنود بإشعاعات اليورانيوم المنضب في الحرب الأخيرة على العراق.وتوقع خبير الفيزياء النووية العالم الأمريكي ليونارد ديتز ظهور إصابات إشعاعية كثيرة لدى الجنود الأمريكيين في المستقبل لأن مفعول أوكسيد اليورانيوم طويل الأمد.. حيال هذا تساءل رئيس تحرير " البيئة والتنمية" بحق:فإذا كانت هذه حال الجنود الأمريكيين، الذين يفترض أنهم إحتاطوا لمخاطر اليورانيوم المنضب في ساحة المعركة، وكان جيشهم هو الذي يستخدمه، فما هي حال الناس الذين تم إستخدامه ضدهم؟ [10]. سلطة الإحتلال تواصل إهمالها للكارثة مع أن إتفاقات جنيف لسنة 1949 المتعلقة بحماية المدنيين أثناء الحرب والإحتلال تلزم سلطة الإحتلال بواجبات وإلتزامات كثيرة،واضحة وجلية، في هذا المضمار،وهي تعرفها جيداً،إلا أن الواقع أثبت لحد اليوم أن مهمة مكافحة التلوث في العراق ومعالجة المشاكل البيئية الراهنة، لم تكن ضمن أولوياتها.ليس هذا فحسب، بل وضيقت الخناق على الحكومة المؤقتة، ووزارة البيئة العراقية، كي لا تكون من أولويات مهماتها.ولا أدل على ذلك من تخصيصها لمبلغ مليون دولار لا أكثر، في موازنة سنة 2004، لمواجهة مشكلة التلوث، محبطة المشاريع الكبيرة لوزارة البيئة. فقد أكد د. علي حنوش- المستشار في وزارة البيئة أنهم وضعوا لائحة من 35 مشروعا تبلغ تكلفتها الاجمالية اكثر من 200 مليون دولار. بيد انه في سنة 2004 خصصت الحكومة لوزارة البيئة ميزانية قيمتها مليون دولار، اضافة الى مرتبات 700 موظف.واضاف ان ذلك حصل بالرغم من ان البيئة تعاني من مشاكل خطيرة تراكمت لعقود ثلاثة مما اخل بتوازن الانظمة البيئية، مؤكدا ان الوضع شديد الخطورة.وقال ان الخبراء بدأوا رصد «المناطق الساخنة» للتلوث، بيد ان وسائل مواجهة الوضع محدودة.واوضح ان مختبرات التحليل التي كانت موجودة في عهد صدام حسين تم نهبها، والوحدة الصغيرة التي لا تزال تعمل تركز اساسا على تحليل المياه الصالحة للشرب ( وكالة " فرانس برس"،11/2/2004).. فأي عاقل يقتنع بأن وخامة المشاكل البيئية القائمة ستعالج بمبلغ تافه- ملون دولار، وأن من قرر هذا المبلغ هو " حريص" على إيجاد حلول جدية للكارثة البيئة في العراق ؟!! علماً بأن وزير البيئة السابق المهندس عبد الرحمن صديق كريم أعلن بان وزارته بدأت باعداد قانون جديد لحماية البيئة يتكون من 12 فصلاَ و46 مادة، حيث تم عرضه على اللجنة القانونية في مجلس الحكم الإنتقالي للموافقة عليه.وقال، خلال ندوة نظمتها الوزارة حول مياه الشرب في العراق، إن البيئة في العراق عانت كثيرا خلال النظام السابق من خلال كثرة الملوثات وبمختلف، انواعها حيث كانت المعامل الصناعية ترمي الى الانهار كميات كبيرة من الملوثات الكيمياوية والفيزياوية وهي تحتاج الى اجهزة متخصصة لاجل فحصها ومراقبة كمياتها، مشيرا الى ان المنظمات الانسانية ستوفرها قريبا لاجل تادية اعمال الوزارة بشكل صحيح، وخاصة في فحص الملوثات الكيمياوية والفيزياوية.واشار الوزير السابق الى ان وزارة البيئة تنسق اعمالها مع وزارتي الموارد المائية والبلديات وامانة بغداد ومنظمة الصليب الاحمر لمراقبة نوعية المياه في العراق، مؤكداً بأن الفحوصات والنتائج توصلت الى ان تلك المياه بحاجة الى اصلاح شبكاتها، وبحاجة ايضا الى تحديث معدات ومحطات التصفية، مشيراً الى ان مياه العراق بشكل عام صالحة للاستهلاك بنسبة 65% وهذا يعني انها تحتاج الى تحسين بنسبة 35%، وذلك لن يتحقق الا بتحسين اداء الوزارة، وتوفير الملاك المتخصص، اضافة، طبعا، الى توفير الاجهزة والمعدات والمختبرات المتخصصة ( صحيفة "بغداد"، 11/2/2004).وكل هذا يحتاج، بالتأكيد، الى مبالغ كبيرة، وليس مليون دولار واحد.. تلوث خطير للمياه سلط تقرير لوكالة " فرانس برس"، في 10/2/ 2004،الضوء على مياه ملوثة تستخدم في ري المزروعات على مقربة من محطة لتنقية المياه، وقد شكى مزارعون في منطقة الرستمية أنهم يروون أراضيهم بمياه من نهر ملوث يجري على بعد امتار عدة من احدى اكبر ثلاث محطات لتنقية المياه التي تستخدمها العاصمة. ويصل حوالى 325 الف متر مكعب من المياه المبتذلة يوميا الى محطة الرستمية ومن ثم تصب في نهر ديالى، احد روافد دجلة، دون اي تكرير وتحت انظار السكان. وقال مدير المحطة رياض نعمان الشمري ان "طاقتنا تراجعت الى الصفر". والوضع مشابه في محطتي التنقية الاخريين في الرستمية-ثلاثة والكرخ. واضاف "منذ نيسان/ابريل، يصب ما بين مليون ومليون ونصف متر مكعب من المياه المبتذلة الناجمة عن سكان العاصمة في نهر دجلة". واقر بان المحطة التي شيدت خلال الستينات لم تكن تعمل بكامل طاقتها قبل الحرب عندما كان المهندسون والفنيون يواجهون صعوبات في الصيانة وتجديد المعدات والتجهيزات وخصوصا اثناء اعوام الحظر الدولي (1990-2003). وقال الشمري "حتى لو استعدنا طاقتنا الاساسية (175 الف متر مكعب يوميا) فان هذا لن يكون كافيا" موضحاان المحطة تتلقى ضعف هذه الكمية، وبالتالي فانها ستكون مرغمة على تحويل المياه غير المكررة الى النهر. واكد ان الحل يكمن في اقامة محطات اضافية. وأشار تقرير" فرانس برس" الى أن الوكالة الاميركية للتنمية الدولية تتولى في الوقت الحالي، كمقاول من الباطن لشركة "بكتل" الاميركية، اعادة تاهيل قطاع المياه ولا تعمل الا في المحطات الثلاث الموجودة. وافادت الوكالة الاميركية في بيان في 27 كانون الثاني 2004 ان " بامكان المحطات الثلاث معالجة حوالى 800 الف متر مكعب من المياه المبتذلة يوميا يستخدمها 5،3 مليون نسمة" مؤكدة ان الاشغال ستنتهي في تشرين الاول المقبل. وقال بوب بويد المسؤول الفني الاميركي في المحطة "اننا نعمل دون توقف". لكن الشمري لا يتوقع معاودة العمل في المحطات قبل نهاية 2004 او مطلع 2005 لان الاشغال لا تزال في مراحلها الاولية. من جانبها أكدت نهلة العقيلي- من المختبرات المركزية في وزارة البيئة ومديرة قسم المياه- أن المشاكل التي يعاني منها نهر دجلة سببتها معامل الطابوق التي ترمى أوساخها في النهر وتراكم مياه الصرف الصحي. وأشارت إلى الجهود الكبيرة التي تقوم بها وزارة البيئة، ومنها أنها أوصلت المياه الصالحة للشرب في بغداد إلى 63% من المستهلكين، وقالت إن المياه ساءت بسبب الحرب ولانقطاع التيار الكهربائي والنقص الحاد في مادة الكلور المعقم فتولد انخفاض حاد في صلاحية الماء للاستهلاك البشري. وفي تقرير لـ«واشنطن بوست»،أعدته اريانا ايونيونغ تشا- من بغداد-أكد بأن شبكة المياه في العراق اصبحت معرضة للخطر. فبالرغم من ان نهري دجلة والفرات هما عصب الحياة في تلك البلاد الصحراوية، الا ان سنوات طويلة من الاهمال ادت الى ارتفاع معدلات التلوث فيهما. فالمياه القادمة من الشمال نظيفة ونقية، ولكن عندما تصل العاصمة في وسط البلاد ليس من غير العادي القاء مخلفات المجاري في النهرين.ومع وصول المياه الى الطرف الجنوبي في العراق، تصبح مياه النهرين ملوثة الى درجة ان جماعات المساعدات الانسانية تشير الى انها مسؤولة عن تفشي الاوبئة يوميا بالاضافة الى الاضرار التي تلحق بالبيئة. ويتكهن خبراء المياه بنقص حاد في مياه الشرب في بغداد وبعض المناطق الاخرى من البلاد اذا لم يحدث أي شيء على الفور.وذكر جون كلوسنر من شركة بكتل الاميركية ومدير شبكات المياه والمجاري والري في مشروع عملية اعادة بناء العراق «ربما تذهب 75 في المائة من مجاري العراق الى الانهار».وقالت شركته ان هيئة المياه في بغداد حددت مشروع توسيع شرق دجلة بإعتباره «اكثر المشروعات اسبقية».ويعني مشروع توسيع شرق دجلة زيادة امدادات المياه بنسبة 40 في المائة في شرق العاصمة، يستفيد منه 640 الف شخص (:«الشرق الاوسط»،في 1/3/2004). وأشار د.علي حنوش الى دراسة لوزارة الصناعة عام 2002 أظهرت ان المياه العادمة من الصناعات كلها محملة بمستويات خطرة من السموم والتلوث ومع ذلك تصرف الى مياه الانهار العادية للتخلص منها. اما على مستوى الخدمات فكان هناك اهمال كبير لمعالجة الصرف الصحي فحتى مياه المجاري كانت تصرف الى مياه الانهر الطبيعية حتى بلغت كميات المياه العادمة نصف مليون طن من المخلفات يوميا وهي محملة بكميات ضخمة من المخلفات العضوية. وقد ادى كل هذا التلوث الى تدمير الثروة السمكية والمائية ايضا اضافة الى المضار الصحية الناتجة عن شرب هذه المياه الامر الذي تسبب في ارتفاع نسبة الوفيات خاصة بين الاطفال دون سن الخامسة من العمر[2]. من جهة أخرى، غمرت المياه الآسنة معظم شوارع مناطق بغداد السكنية، ودخلت الى البيوت، وأجبرت أهلها على الهرب إلى بيوت أخرى، الأمر الذي جعل الكثير من الأسر تمنع أطفالها من الخروج من البيت خوفا من الأوبئة حيث أصيب العديد منهم بأمراض معدية.وأكد وكيل وزارة الصحة أحمد حردان على الحالة الصحية المتردية لكثير من العراقيين بسبب ما آلت إليه البيئة داعيا الإسراع بحل وضع بدا مأساويا (" الجزيرة نت"، 2/3/2004). .. والهواء ملوث أيضاً وأكد السيد علي جابر- مسؤول إدارة قسم الهواء والضوضاء في وزارة البيئة، أن حالة تلوث الهواء في مدينة بغداد تنذر بأزمة حقيقية جعلتها تتصدر أولويات الوزارة.وقال إن إدارته قامت بفحص مدى التلوث عبر نموذج ورقي أبيض يستخدم لاكتشاف الغبار العالق في الهواء ومستوى التلوث بعد الحرب، حيث كانت النتيجة بعد تعرض النموذج للهواء على مدار الأربع والعشرين الساعة أن النموذج كان أسود اللون وبشكل يثير الخوف(" الجزيرة نت"،1/3/2004). وأوضح د. علي حنوش بأن مستوى تلوث الهواء عال نتيجة لكون غالبية الصناعات والاليات في داخل المدن قديمة ومستهلكة منذ عقدين من الزمان فالسيارات تستخدم البنزين المحتوي على الرصاص بنسبة عالية ولذلك فان كمية الرصاص في الهواء في المناطق السكنية في بغداد هو ضعف المسموح به دوليا مما يتسبب باضرار على الصحة البشرية وخاصة لذوي الاعمار الحساسة. وأشار الى أن من الاثار البشرية لتدمير البيئة واخطرها هو انتشار الولادات المشوهة وامراض السرطان وسوء التنفس، مؤكداً أن السنوات الاخيرة شهدت تضاعف اعداد المصابين بالسرطان وتزايدت الامراض الناتجة عن المياه الملوثة مثل التايفوئيد والكوليرا والبلهارزيا[2]. تأجيل لمشاريع مهمة أغلب الـ 35 مشروعاً، بكلفة إجمالية تصل الى 200 مليون دولار، المرسومة في خطة وزارة البيئة لتحسين البيئة،أجلت بسبب الإفتقار الى المبالغ اللازمة لتنفيذها،إذ لم تتعد التخصيصات المالية للوزارة لهذا العام المليون دولار-كما أسلفنا- رغم ما تعانيه محافظات العراق من مشاكل بيئية عديدة. من جهته أعلن المهندس سعد بهنام- مدير عام دائرة ماء بغداد التابعة لأمانة بغداد ان مسؤولية كري وتنظيف مسار نهر دجلة في حدود مدينة بغداد هي من مسؤولية وزارة الموارد المائية وليس من مسؤولية الامانة. واضاف خلال لقاء صحفي عقد في مقر الامانة بان وزارة الموارد المائية اوضحت انها لا تمتلك الامكانيات اللازمة في الوقت الحاضر للقيام بكري وتطهير نهر دجلة عند مروره،وأن الامر مرتبط بصيانة وتأهيل محطات ضخ وتصفية المجاري الرئيسية في بغداد خلال فترة الاربع اشهر المقبلة، التي ستتوفر لها المخصصات المالية اللازمة لانجاز هذا المشروع الحيوي الذي سيحمي نهر دجلة من التلوث. ويذكر ان مشاريع تصفية المجاري الكبرى التابعة لامانة بغداد هي مشاريع الرستمية والكرخ التي يجري العمل حاليا في انجاز تأهيلها وصيانتها من قبل عدد من المنظمات الانسانية العالمية، لتصفية مياه الصرف الصحي قبل رميها الى نهر دجلة(" بغداد"، 8/3/2004) وكان وزير البيئة السابق أعلن بانه تم الاتفاق مع وزارة الموارد المائية على وضع آلية عمل بين الوزارتين بشأن تحسين نوعية المياه والحفاظ على الصحة العامة لحماية البيئة من التلوث وتشكيل لجنة تنسيق عليا لمتابعة تطوير البرامج في مجالات البحث العلمي والتكنولوجيا والتربية البيئية فضلاً عن تنفيذ مشروع انعاش الاهوار واحيائها. وقال ان الاتفاق يهدف الى ترسيخ أطر التعاون مع وزارة الموارد المائية في مجالات السدود والخزانات والشبكات الاروائية والمبازل وتوفير المياه للمدن ومشاريع الصناعة والزراعة فضلاً عن تنظيم وتطوير السياسات البيئية في العراق.واشار الى ان جميع انشطة وزارة الموارد المائية تستجيب للاحتياجات البيئية لاعادة انعاش الاهوار وحماية التنوع الاحيائي والتمييز الجغرافي والمناخي ومكافحة التلوث وملوحة التربة والتصحر وتطوير خطة عمل استراتيجية لتحسين نوعية مياه الانهار والخزانات والبحيرات ومنع تلوثها("الصباح"،13/3/2004). وأعلن الوزير السابق عن بدء الكوادر المتخصصة في دائرة ماء بغداد عملها بتنفيذ مشروع شرق دجلة لتصفية الماء في جانب الرصافة.وقال مصدر في الدائرة ان هذا المشروع الذي ستنجز مرحلته الاولى في شهر حزيران/ يونيو الجاري يتضمن نصب 6 احواض عملاقة ستقوم بتجهيز المياه الصالحة للشرب لنحو 2.5 مليون شخص في الرصافة كمرحلة اولى وتجهيز نحو 1.5 مليون شخص في جانب الكرخ في مرحلته الثانية مشيراً الى ان كلفة المشروع هي 17.4 مليون دولار.واشار الى ان الدائرة قامت وبعد حصولها على التخصيصات المالية بتنفيذ شبكات مياه في عدة مناطق وخاصة في جانب الرصافة لمعالجة شحة المياه قبل حلول فصل الصيف مؤكداً ان كل هذه المشاريع ستعمل على تحسين وزيادة انتاج المياه الصالحة للشرب.ويذكر ان سعة احواض المياه في هذا المشروع تبلغ 6 الاف متر مكعب اذ يبلغ قطر الحوض نحو 42 م، وبارتفاع 44 متراً ("بغداد"،15/3/2004). إنتشارالإشعاع والذخيرة المشعة بالرغم من مرور عام كامل على توقف الحرب الأخيرة ما يزال الركام الذي خلفته الذخائر المشعة ينتشر في أرجاء العراق، وهو مشع وسام.وخير شاهد على ذلك " مقابر" الآليات والدبابات والمدافع والدشم والمركبات، وغيرها، المضروبة بذخائر اليورانيوم المنضب، الموجود على الطرق العامة وبالقرب من المناطق السكنية. ولكون الركام المذكور مشع رفضت الكويت[11] والأردن[12] السماح بإستيراده من العراق. وقد كرر السيد وزير البيئة السابق وعده بمعالجة مشكلة اليورانيوم المنضب، وقال:"نحن كوزارة نقول أن شعارنا الصراحة والشفافية، يجب أن لا نخدع الناس، وعلينا إعلان الحقيقة.لدينا مركز للوقاية من التلوث الإشعاعي. ونحن نعلم أن اليورانيوم المنضب إستخدم في الأسلحة الفتاكة خلال الحرب الأخيرة، وربما سابقاً، ولكن نحتاج الى التأكد ومن مستوى هذه المواد المشعة، وبالتالي نحتاج الى أجهزة قياس دقيقة.أجهزتنا الحالية قديمة جداً لا نستطيع أن نعول عليها.عندما زرنا الولايات المتحدة إتصلنا بوكالة حماية البيئة وجامعة ستوني بروك، وطلبنا منهم أجهزة لقياس مستويات اليورانيوم المنضب، وقد رأيت الأجهزة في المختبرات، ونحن بإنتظار وصولها للقيام بالمسوحات.وهناك أيضاً برنامج جديد للدعم البيئي عن طريق البنك الدولي نعول عليه كثيراً.نحن نحتاج الى قاعدة معلومات بيئية، تكون نتيجة لمسح بيئي شامل ننتظر أن يساعدنا البنك الدولي على إجرائه"[13].. الى هذا أثبتت نتائج أحدث دراسة إشعاعية علمية ميدانية في العراق قام بها المركز الطبي لإبحاث اليورانيوم إنتشار التلوث الإشعاعي في أرجاء واسعة من وسط وجنوب العراق وبمعدلات خطيرة جدا[ 14]. وكشف تحقيق لصحيفة " المدى" العراقية تدهور الوضع في منطقة المدائن والمناطق المحيطة بمقر هيئة الطاقة النووية السابقة جراء ازدياد التلوثات الاشعاعية.وأكدت الدكتورة نادية عبد اللطيف الجنابي- اختصاصية الامراض النسائية والتوليد في مستشفى المدائن ازدياد الحالات المرضية جراء التلوث الاشعاعي إذ وصلت إلى أكثر من 2000 حالة تشوه خلقية لاطفال حديثي الولادة.ومنها حالات بالغة الصعوبة وغير معروفة سابقاً. وأشارت إلى أن حالات مرضية جديدة ظهرت على السطح مثل "الاسقاط المنسي"( طفل يموت داخل الرحم في الاشهر الثلاثة وعند اخراجه نجده مشوهاً تماماً)، مؤكدة إن المستقبل خطر جداً بالنسبة لهذه الحالات كونها بازدياد طردي ولا تشير الاجراءات الدولية والمحلية إلى الجدية المطلوبة، كما أن دور الامم المتحدة والمنظمات العالمية خجولة جداً على الرغم من كونها أخذت عينات من حالات مرضية عديدة. أما دور وزارة الصحة أو المسؤولين فيها فهو ضعيف جداً،ولم تتشرف المنطقة أو المستشفى بزيارة أحد منهم. ودعت الدكتورة الجنابي العالم والمنظمات الانسانية ومجلس الحكم إلى اتخاذ اجراءات حقيقية لمعالجة هذه الحالات ومنع ازدياد التلوث الاشعاعي[15].وحيال هذا أطلق الضحايا نداء الى المنظمات الدولية المعنية مناشدين إياهم المساعدة في إنتشالهم وأطفالهم من الخطر الذي يحيق بهم. متى تنفذ الوعود ؟ في اليوم العالمي للبيئة نكرر بإن المشاكل البيئية في العراق كثيرة ووخيمة، تستلزم معالجتها توفر مبالغ مطلوبة، وكوادر متخصصة، وأجهزة حديثة،وعمل جاد ومثابر.أما الوعود في هذه الحالة فلا تغني ولا تسمن. والى أن يتحقق المطلوب، سيبقى العراقيون عرضة للإصابة بالأمراض السرطانية والتشوهات الولادية،وغيرها، ما دام التلوث الإشعاعي والسموم الكيميائية باقية، وطالما ظلوا يتنفسون الهواء الملوث، ويشربون المياه الملوثة، ويتناولون الأطعمة الملوثة، ويتحملون الروائح النتنة غير المحتملة، خصوصاً في أيام الصيف هذه، ينخفض مستوى الأنهر..وسيبقى المزارعون يروون محاصيلهم،من خضروات وحبوب، وبطاطا، وكرنب، وطماطم، من مياه الأنهر الملوثة، لبيعها في الاسواق.. وحتى أسماك الأنهر مسمومة، فقد أكد مزارعون من منطقة ديالى أن الاسماك كانت ومنذ 30 سنة موجودة بكثرة في هذه المياه. اما الان، فهم لا يجرأون على اطعامها حتى للابقار، لانها ستنفق على الفور، مؤكدين بأن أحد وزراء النظام المقبور اراد تشييد مزرعة لتربية الدواجن في المنطقة، لكن الخبراء اكدوا له ان الدواجن ستنفق لا محالة بسبب كثافة التلوث!..وسيتعرض المواطنون، وفي المقدمة صغار السن والنساء والشيوخ، الى الإسهال والتقيؤ وتيبس الأنسجة، الى جانب الحساسية والحكة الجلدية،وغير ذلك، وتغطي أسراب الذباب وجوههم فور خروجهم من منازلهم.وستنتشر الأمراض المعدية والسارية، وخاصة أوبئة الزحار الأميبي، والكوليرا، وإلتهابات الكبد الوبائي الفيروسي،وذات السحايا، وذات الرئة، وغيرها.. * * * * * إن معالجة الكارثة البيئية في العراق لن تكون سهلة إطلاقاً، نظراً لما تعانيه من مشاكل كبيرة ووخيمة، منها ما كان ينبغي معالجته منذ سنين عديدة، وأصبح من المستحيل معالجته الآن،وثمة مشاكل عويصة تستحق المعالجة العاجلة، وأخرى تستلزم الدراسة والتقييم والحلول بما من شأنه إنقاذ المواطنين من التلوث البيئي القائم، وأي تأخير أكثر يشكل خطراً على المواطنين. وثمة ضرورة قصوى لخلق وعي بيئي شعبي عام،الى جانب متطلبات إرساء وتوطيد بيئة عراقية صحية..وكل هذا لن يتحقق، طبعاً، بالوعود، التي لن تنفذ، ولا بمبلغ يرصد في ميزانية الدولة لا يفي حتى بعشر الغرض لـمعالجة مشاكل البيئة العراقية المزمنة! والمهمة تستلزم تظافر جهود العديد من الوزارات العراقية، والمؤسسات البحثية العلمية، ومنظمات المجتمع المدني، بمساعدة وكالات الأمم المتحدة المتخصصة، وفي مقدمتها برنامج الأمم المتحدة للبيئة، والوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومنظمة الصحة العالمية، وغيرها.. إن أية حكومة وطنية عراقية حرة ومستقلة، حتى وإن كانت مؤقتة، مدعوة لإعتبار معالجة البيئة العراقية ضمن أولوياتها، ومن منطلق الحرص على حاضر ومستقبل الشعب العراقي يتعين ان تقوم بإجراءات جدية وعاجلة في هذا المضمار ! من هنا، وبمناسبة يوم البيئة العالمي، نكرر دعوتنا الى وزارة البيئة، ووزارة الصحة، ووزارة العلوم والتكنولوجيا، التحرك فوراً، وطلب مساعدة الأمم المتحدة، ووكالاتها المتخصصة المعنية لإجراء تقييم شامل لأوضاع البيئة العراقية، وللتلوث البيئي الراهن، وبخاصة التلوث الإشعاعي، بعيداً عن ضغوط البنتاغون! وحتى يتحقق ذلك يتعين على وزارة البيئة ان تنبه المواطنين الى بؤر الخطر كي يتجنبوها! وعلى وزارة الصحة ان تبذل المزيد من الجهود للكشف عن المصابين بأعراض التلوث الإشعاعي، ورعايتهم، وتكثيف الإجراءات الوقائية بكل إشكالها ! ---------- · طبيب وباحث عراقي، مقيم في السويد المصادر: 1- راجع: مجلة " البيئة والتنمية"، عدد كانون الأول/ ديسمبر 2004،حيث نشرت تفاصيل وافية عن نتائج الدراسة. 2- في تقرير دولي أعدته الأمم المتحدة: الحرب على العراق خلفت آثارا مدمرة على البيئة ،"إيلاف"،عن:وكالة أنباء البحرين،7/1/2004 3- وكيل اول وزارة للبيئة في العراق لـ"ايلاف":200 مليون دولارا للتخلص من اثار حروب صدام والاميركان على البيئة (1-2)،"إيلاف"، 22/5/ 2004.
4-UNEP Recommends Studies of Depleted Uranium in Iraq, Amman/Nairobi, 6 April 2003, UNEP News Release 2003/19 5- UNEP,Environment for development, Press Release, UNEP outlines strategy for protecting people and the environment in post-war Iraq, 24 April 2003 6- UNEP,Environment for development, In Defence of the Environment, Putting Poverty to the Sword. An Editorial by Klaus Toepfer, Executive Director of the United Nations Environment Programme (UNEP) 7- Royal Society calls on coalition forces to reveal where DU has been used in Iraq, 24 April 2003 8- إنظر على سبيل المثال: Royal Society:- Depleted uranium may cause higher risk of lung cancer for some soldiers, Media Releases, May 2001 - The health hazards of depleted uranium munitions-Part 1, May 2001 , Ref: 06/01. Part II, March 2002, Ref: 5/02 - Depleted uranium might damage kidneys of some soldiers, , Media Releases,12 March 2002 - Royal Society statement on use of depleted uranium munitions in Iraq ,15 April 2003
Pentagons Uranium Denial,Juan Gonzallez,New York Daily News,New York-9 Yourk,Apr.27,2004 10- الكويت تمنع الخردة العراقية بإعتبارها ملوثة باليورانيوم،"البيئة والتنمية"، العدد 72،اَذار/ مارس 2004 11- منع دخول شاحنات خردة عراقية من دخول الأردن،"الرأي" الأردنية، 28/5/2004
12- نجيب صعب، اليورانيوم بعد سنة: المخفي أعظم،" البيئة والتنمية"، العدد 74، اَيار/ مايو 2004 13- وزير البيئة العراقي صديق كريم:سنعالج مشكلة اليورانيوم المستنفد،"البيئة والتنمية"، العدد 74،اَيار/ مايو 2004. 14- Abu Khasib to Al Ah qaf: Iraq Gulf War II Field Investigations Report, Uranium Medical Research Centre, November 2003, http://www.umrc.net/ 15- تدهور الوضع الصحي في منطقة المدائن جراء تزايد التلوث الاشعاعي- بغداد، يحيى الشرع،" المدى "، 13/4
#كاظم_المقدادي (هاشتاغ)
Al-muqdadi_Kadhim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
محنة الأمومة والطفولة العراقية.. متى تكون ضمن أولويات سياسيي
...
-
أحدث أبحاث أضرار الحروب على البيئة والصحة توجه صفعة جديدة لج
...
-
ضحايا الإشعاع في المدائن العراقية يستنجدون بالخيرين في العال
...
-
التلوث الإشعاعي في الخليج.. بوادر صحوة ضمير
-
في الذكرى السبعين لعيد ميلاده الأغر: الحزب الشيوعي العراقي ي
...
-
في الذكرى السبعين لعيد ميلاده الأغر: الحزب الشيوعي العراقي ي
...
-
في الذكرى السبعين لعيد ميلاده الأغر: الحزب الشيوعي العراقي ي
...
-
إختبار كبير ..هل سيساهم الجميع في إجتيازه بنجاح ؟
-
في الذكرى السبعين لعيد ميلاده الأغر:الحزب الشيوعي العراقي ير
...
-
في الذكرى السبعين لعيد ميلاده الأغر: الحزب الشيوعي العراقي ي
...
-
خصوصيات عيد المرأة العراقية لهذا العام
-
في الذكرى السبعين لعيد ميلاده الأغر: الحزب الشيوعي العراقي ي
...
-
لمصلحة من يتجاهلون التلوث الإشعاعي ؟!!
-
لمصلحة مَن الإساءة للحزب الشيوعي العراقي اليوم ؟!!
-
قرار رجعي وظالم ومجحف!
-
على ضوء نتائج أحدث دراسة ميدانية علمية: متى تنفذ منظمة الصحة
...
-
عقبال العيد الذهبي !
-
مجلس الحكم مطالب بالإرتقاء الى مستوى التحديات والأخطار -الإن
...
-
الى أنظار مجلس الحكم الإنتقالي العراقي: التلوث الإشعاعي وأضر
...
-
الملف الأمني ومجلس الحكم اعتماد العراقيين علي قواهم الذاتية
...
المزيد.....
-
آخر ضحايا فيضانات فالنسيا.. عاملٌ يلقى حتفه في انهيار سقف مد
...
-
الإمارات تعلن توقيف 3 مشتبه بهم بقتل حاخام إسرائيلي مولدافي
...
-
فضيحة التسريبات.. هل تطيح بنتنياهو؟
-
آثار الدمار في بتاح تكفا إثر هجمات صاروخية لـ-حزب الله-
-
حكومة مولدوفا تؤكد أنها ستناقش مع -غازبروم- مسألة إمداد بردن
...
-
مصر.. انهيار جبل صخري والبحث جار عن مفقودين
-
رئيس الوزراء الأردني يزور رجال الأمن المصابين في إطلاق النار
...
-
وسيلة جديدة لمكافحة الدرونات.. روسيا تقوم بتحديث منظومة مدفع
...
-
-أونروا-: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال
...
-
رومانيا: رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا يتصدر الدورة الأولى من
...
المزيد.....
-
-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر
...
/ هيثم الفقى
-
la cigogne blanche de la ville des marguerites
/ جدو جبريل
-
قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك
...
/ مصعب قاسم عزاوي
-
نحن والطاقة النووية - 1
/ محمد منير مجاهد
-
ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء
/ حسن العمراوي
-
التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر
/ خالد السيد حسن
-
انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان
...
/ عبد السلام أديب
-
الجغرافية العامة لمصر
/ محمد عادل زكى
-
تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية
/ حمزة الجواهري
-
الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على
...
/ هاشم نعمة
المزيد.....
|