|
في الذكرى الثانية والتسعين لثورة أكتوبر: اللينينية ماركسية الربع الأول من القرن العشرين
صدقي كبلو
الحوار المتمدن-العدد: 2816 - 2009 / 10 / 31 - 08:50
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
تقديم عندما تلقيت دعوة منبر الحوار الديمقراطي للمساهمة في تقييم اللينينية بمناسبة الذكرى الثانية والتسعين لثورة أكتوبر، كنت وما زلت مشغولا لأعمال كثيرة وفي جعبتي مشاريع لا عد لها، لم يكن من بينها تقييم اللينينية. وللكن عند قراءتي الدعوة سيطرت علي أفكار كثيرة عن اللينينية لم أستطع الفكاك عنها لأتفرغ لما أنا فيه من مشغوليات، ذلك أن الإسهام اللينيني في حياتي، وأطنه في حياة ثوريين كثر، عطيم، وانه من واجبنا أن نعطيه حقه من التقييم في كوسم الهجرة لليمين الذي نعيشه والذي يريد أيديلوجيوه أن نتخلى عن كل ميراث ثوري، وفي مقدمته اللينينية. شكرا للحوار المتمدن الديمقراطي وهذه بعض ملاحظات كتبت خصيصا لدعوتكم في وقت قصير أرجو أن يسمح الوقت والعمر معا بتكملتها في وقت لا حق، أو أن تقود لنقاش بين المفكرين الماركسيين لتكملتها. أهم أنجازات لينين الفلسفية تحريره المادة من مفاهيم علوم الفيزياء ظللت أرد دائما في مناقشاتي وسط الشيوعيين السودانيين أن أهم إنجاز للينين هو تحريره لمفهوم المادة من سطوة وسلطة علوم الفيزياء بكتابه "المادية والنقد التجريبي" والذي نشر أول مرةبالغة الروسية في عام 1909، رغم أنه قد أكمل كتابته في جنيف ولندن وجنيف مرة أخرى بين فبراير وأكتوبر 1908 وأرسل المخطوطة سريا لموسكو حيث قامت أخته بمراجعة مشروع الطبعة وأرسلته للينين الذي راجعه وصححه وأعاده لتطبعه دار زيفينو منه أول ألفين نسخة. وصدرت الطبعة الثانية التي راجعها لينين في 1920. ولست هنا بصدد إستعراض الكتاب أو مراجعته، ولكن لا بد من الإشارة هنا أن الكتاب قد كوتب في ظروف مشابهة للآن حيث كان هناك هجوم على الفكر المادي والمادية الديالكتيكية على وجه الخصوص.. ولكن المهم في ذلك الكتاب أن لينين قد حرر مفهوم المادة تماما من علوم الفيزياء بتعريفه المادة "إن مفهوم المادة كما أوضحنا من قبل، لا يعبر معرفيا عن شيء سوى الواقع الموضوعي الموجود بشكل مستقل عن عقل الإنسان" (المادية والنقد التجريبي،الطبعة الإنجليزية، دار النشر باللغات الأجنبية موسكو، 1952، ص 270). وبالتالي إنتقل مفهوم المادة من اصغر وحدة فيزيائية (ذرة، إلكترون، بروتون،.... الخ من تعريفات وإكتشافات علوم الفيزياء) لمفهوم فلسفي يعني "الوجود الواقع الموضوعي" خارج حواس الإنسان (لينين المجموعة الكاملة، المجلد 14 ص 130.)
كتابات لينين الفلسفية غير معروفة لكثير من المثقفين ولم يكن المادية والنقد التجريبي هو إسهام لينين الفلسفي الوحيد بل دفاتره الفلسفية التي نشرت أول مرة في عامي 1929-1930 في مختارات لينين المجلد التاسع والثاني عشر، ثم أعيد جمعهم في كتاب سمي |الدفاتر الفلسفية أعيد طبعه عدة مرات بين 1933 و1947 وكانت تضم أساسا كتابات لينين وتلخيصات وإنتقادات وملاحظات حول كتب فلسفية كتبها أساسا في عامي 1914-1915 وكان يجمعها في عشرة كراسات أسماها لينين نفسه "الدفاتر الفلسفية" وقد أعيد طباعتها مع إضافة كراسات وأوراق وهوامش في كتب وجدت بخط لينين في المجلد 38 من الأعمال الكاملة التي نشرتها دار النشر باللغات الأجنبية في طبعة أولى بالإنجليزية عام 1963 بالتضامن مع لورنس آند ويشارت في لندن وموسكو. ولعل من أهم كتاباته الفلسفية في الدفاتر مقالة طويلة حول مسألة الديالكتيك وملاحظات حول كتاب علم المنطق لهيجل وملاحظات حول كتب هيجل محاضرات في فلسفة التاريخ. ولعل من أغنى ملاجظته تلك التي كتبها اثناء قراءته لكتاب فورباخ عن فلسفة ليبنتز والذي قارن فيه فورباخ بين سبيونزا وليبنتز مقارنة عميقة وبلغة شاعرية تبسيط لينين لبعض قضايا الماركسية له سلبياته وإيجابياته ولينين لديه محاضرة صغيرة أعتبرها تبسيطية يتحدث عن مصادر للماركسية ثلاث ومكونات لها ثلاثة. فيعدد مكوناتها على أساس أنها الفلسفة المادية وفي قلبها الديالكتيك والمادية التاريخية، والإقتصاد السياسي، ونظرية الإشتراكية العلمية، بينما يعتبر مصادرها هي الفلسفة الألمانية والإقتصاد السياسي الكلاسيكي الإنجليزي والإشتراكية الطوباوية الفرنسية (لاحظ و أوين الإنجليزي). يقول لينين في كتابه المحاضرة: لقد نبع مذهبه (ماركس – ملاحظتي) كإستمرار مباشر وفوري لتعاليم كل الممثلين العظام للفلسفة والإقتصاد السياسي والإشتراكية" ويقول أيضا وكان وريثا شرعيا لأفضل ما أنتجه الإنسان في القرن التاسع عشر كما مثلته الفلسفة الألمانية والإقتصاد السياسي الكلاسيكي والإشتراكية الفرنسية بينما لأنجلز أكثر عمقاً مختلفا حول الجذور الفلسفية لأهم مكونات الماركسية المادية، ففي كتابه الإشتراكية: طوباوية و علمية، يقتطف صفحات مطولة من كتاب ماركس العائلة المقدسة والذي يثبت فيه ماركس فضل تطور الفكر المادي في العلوم والفلسفة للفلاسفة والعلماء الإنجليز خاصة بيكون، هوبس ولوك، بإعتبارهم الأباء الحقيقين للفكر المادي الحديث، وإنجلز يذهب أبعد فيضيف لهم الماديين الفرنسييين، يقول إنجلز: هكذا كتب كارل ماركس عن الأصل البريطاني للمادية الحديثة. إذا كان الإنجليز هذه الأيام لا يستسيغون بالضبط هذا المدح لسلفهم فذلك مؤسف أكثر. ولكن رغم هذا فلا يمكن نفي أن بيكون وهوبس ولوك هم أباء المدرسة العبقرية للمادية الفرنسية التي شكلت القرن الثامن العاشر، الذي كان قرنا فرنسيا خالصا رغم كل المعارك التي إنتصر فيها الألمان والإنجليز على الفرنسيين في البحر والبر، حتى قبل الثورة الفرنسية المتوجة، والتي ما زلنا نحن في الخارج، في إنجلترا وألمانيا، نحاول التأقلم معها" وما يميز كتابات أنجلز حول تطور الفكر المادي والإشتراكية ربطه التراث الفكري بالصراع الإجتماعي والتطور الإقتصادي، ويظهر ذلك جليا في كتابيه "لودفيغ فورباخ ونهاية الفلسفة الكلاسيكية الألمانية" و"الإشتراكية طوباوية وعلمية" (وهذا الأخير جزء من ضد دوهرينغ بينما الأول هو جزء من الأيديولجية الألمانية). عندما ينتقل أنجلز لمصادر الإشتراكية، يقول: إن الإشتراكية الحديثة، في جوهرها، هي نتاج مباشر لإدراك التعارض الطبقي الموجود في المجتمع اليوم بين المالكين وغير المالكين بين الرأسماليين والعمال المأجورين، في يد، وفي اليد الأخرى، الفوضى الموجودة في الإنتاج ولكن في شكلها النظري، فإن الإشتراكية الحديثة تبدو أصلا كإمتداد منطقي لمبادئ وضعت بواسطة فلاسفة القرن الثامن عشر الفرنسيين العظام وعندما تأتي المسألة للديالكتيك فهناك إتفاق تام بأن هيجل هو مصدره ولا أرى داعيا لإثبات ذلك بالمقتطفات غير أني أود أن أشير لإحتفاء لينين في دفاتره الفلسفية (المجلد 38 من أعماله الكاملة) بهيجل وكتابه المنطق. ومن المهم الإشارة هنا لأهمية مصدر الإقتصاد الكلاسيكي، ذلك أن الإقتصاد الكلاسيكي، خاصة ريكاردو، أسهم إسهاما ثوريا في نظرية القيمة ونظرية التوزيع، وقد كان ذلك مهما لتطوير نظريات ماركس وإسهامه في تطور الإقتصاده السياسي كعلم. ومشكلة كثير من متعليمينا من يدعون معرفة بالماركسية أنهم لم يتعرفوا بعمق على الإقتصاد السياسي ومقولاته مما يجعلهم يرددون أحيانا بعض الأحاديث العامة، بل أن بعضهم يسخرون من أطروحات أكثر عمقا تخالف وجهة نظرهم بدون أن يلجأوا لبذل مجهود كاف لتفنيدها، ولكننا سنعود لذلك فيما يأتي من حديث مفصل. قلت أن مقال لينين المحاضرة عن مصادر الماركسية ومكوناتها هو مقال تبسيطي، وينفع مقدمة لمن يريد دراسة جادة للماركسية ولكنه وحده لا يقدم فهما للماركسية وعندي أن "ضد دوهرينغ" والأيديولوجيا الألمانية خاصة كتاب فورباخ ونهاية الفلسفة الكلاسيكية الألمانية وإشتراكية علمية وإشتراكية طوباوية يقدموا تاريخا لتطور الفكر عند ماركس وأنجلز أفضل من محاضرة لينين التبسيطية. وفي تقديري أن نفس ما قيل عن كتيب لينين عن المصادر والمكونات يمكن أن يقال عن محاضرته في حامعة سيردلوف عن الدولة، رغم أن حقيقة أنه كان يحاضر طلابا جامعيين جعل الوضع يختلف بعض الشئ والمحاضرة أقل تبسيطا ولكنها لا ترقى لمستوى كتابه الدولة والثورة. وهذا موضوع قد نأتي لبحثه في مقال منفصل لو سمح الوقت لأن ما أثاره لينين عن مفهوم الدولة أثار بدوره نقاشا واسعا، و يحمل البعض، وهذا خطأ شائع، تحول الدولة السوفيتية لديكتاتورية تحت ستالين للأرث المفهومي للينين في قضيتي الدولة والمركزية الديمقراطية في التنظيم.
إسهامات لينين في الإقتصاد السياسي ستظل إضافة مهمة دراسة الإمبريالية، دراسة الرأسمالية في روسيا والسياسة الإقتصادية الجديدة (النيب)
قدم لينين إسهامات متعددة في الإقتصاد السياسي بلغت في مجملها 133 عملا من مقال، خطاب، كتيب وكتاب ولعل أبرزها في رأي يظل كتابان هما تطور الرأسمالية في روسيا، والإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية إضافة لما عرف بالسياسة الإقتصادية. وكل من هذه المساهمات الثلاثة يحتاج لدراسة مفصلة وتحليلية، إلا أنني أجمل فيما يلي لماذا أعتبر أنهم من أهم إسهامات لينين الإقتصادية وما هي إضافة كل منهم للإقتصاد السياسي: ولينين درس الإقتصاد ضمن دراسته للقانون وفقا للتقاليد الأكاديمية في أواسط أوربا في ذلك الوقت، ولكنه شحذ معرفاه الإقتصادية بدراسته العميقة لرأس المال كما توضح دفاتره الفلسفية. تطور الرأسمالية في روسيا: وأعتبر تطور الراسمالية في روسيا مهما ليس فقط لحسمه للمناقشه معل الشعبيين الروس حول إنتقال روسيا للرأسمالية والتي تناولها أيضا في مقالتيه عن "المسألة المسماة بمسألة السوق" , "الرومانسية الإقتصادية"، وأثر ذلك على مجمل تكتيكات الحزب البلشفي والثورة الروسية، ولكن لمنهج الكتاب بالذات، فقليل هي الكتب الكلاسيكية الماركسية لتطبيق منهج ماركس، فحتى ماركس نفسه، فلو إستثنينا كتبه عن الكميونة والصراع الطبقي في فرنسا ومقالات عن الحرب الأهلية في أمريكا والحرب الأهلية في فرنسا وكتابه عن الثامن عشر من برومير لويس بونبارت، نجد أن معظم ما كتبه نظريا، وكذلك الوضع بالنسبة لأنجلز عدا كتابيه عن الفلاحين في ألمانيا ووضع الطبقة العاملة في إنجلترا. ويكتسب كتاب لينين أهميته المنهجية بالذات بالنسبة للمناضلين وطلاب الإقتصاد السياسي في البلدان النامية الذين يدرسون تطور الرأسمالية في بلادهم، فهو يقدم لهم منهجا للدراسة ولتقديم المادة. الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية: وهو كتاب إستفاد من بحوث هوبسن وهيلفريدينق عن الإمبريالية مقدما سمات أساسية للإمبريالية: تصدير راس المال، مركزة الإنتاج والتوزيع في الترستات والكارتيلات، دمج راس المال المصرفي والصناعي ونشأة الطغمة المالية، تقسيم العالم لمناطق نفوذ، والصراع حول مناطق النفوذ. ولقد ظل ذلك الإسهام في تحليل ظاهرة الإمبريالية يؤثر على مجمل الدراسات التي تمت للإمبريالية من مختلف مدارس الإقتصاد والعلوم السياسية، وساهم مساهمة كبيرة في دراسة الإقتصاد العالمي ودراسة الإحتكارات ورأس المال المالي، بل أنه أثر تأثيرا كبيرا في دراسة ظاهرة العولمة. ورغم أن لينين لم يكتب كتابا أو مقالا محددا عن السياسة الإقتصادية الجديدة (النيب)، وقد نشر الأكاديمي السوفيتي فلادلين نوفينوف مقالا في أسبوتنيك في يناير 1981 بعنوان تفاصيل لصورة ف. أز لينين، أورد فيه ضمن ما أورد بعض المراسلات والإجتماعات التي سبقت السياسة الإقتصادية الجديدة والتي تعبر عن منهج في إتخاذ القرار الإقتصادي ديمقراطي الشكل والمحتوى، يعتمد الإستماع لآراء الفلاحين والمنتجين حول السياسة الإقتصادية. والسياسة الإقتصادية الجديدة جاءت لتضع حدا لما سمي بسياسة الشيوعية الحربية وقد بدأت بإحلال الضريبة العينية محل مصادرة الفوائض الإقتصادية وأطلقت التجارة الخاصة وسمح بالإستثمار الخاص وأستعملت الحوافز الإقتصادية وطورت التعاونيات. ويعتبر مقال لينين "الضريبة العينية" والذي صدر ككتيب صغير عام 1921 أحد الإسهامات النظرية في هذا المجال، كما يعتبر مقاله "في التعاون" والذي نشر في البرافدا في 1923 مواصلة في نفس الإتجاه. كما يعتبر خطابه في في المؤتمر العاشر للحوب الشيوعي 1921 ورسالته المعنونة :السياسة الإقتصادية الجديدة وواجبات مصلحة التعليم السياسي" والمنشورة في الأعمال الكاملة المجلد 33 كلها إسهامات في توضيح وتبيان السياسة الإقتصادية الجديدة. ,اهمية دراسة ذلك الإسهام لأي مناضل من دولة من الدول التي يسود فيها الإنتاج الصغير وتتخلف فيها الصناعة الرأسمالية لهو في غاية الأهمية لا لننقل السياسات بقدر من التعلم حول كيفية إتخاذ السياسات الإقتصادية المرنة لتطوير الإقتصاد. ولعل أهم دروس السياسة الإقتصادية الجديدة هي عن التحالف الطبقي كما أوضح لينين في تقديمه لمشروع القرار حول الضريبة العينية للموتمر العاشر للحزب، إذ أوضح ضرورة أن يكون التحالف بين العمال والمزارعين لا يقوم على الخديعة بل على المصالح المشتركة.
إسهام لينين في حقل التنظيم زود الطبقة العاملة بأكثر أسلحتها فعالية ونقل لينين مقولة أنجلز "إن التنظيم لهو اشد الأسلحة ضراوة في الصراع الذي تخوضه طبقة ضد أخرى" ( فريدريك انجلز، مقدمة كتاب ماركس العمل المأجور والرأسمال) للواقع بتطويره لأسس التنظيم الحزبي فيما عرف بالتنظيم اللينيني، القائم على الديمقراطية المركزية ووحدة الإرادة والفكر والمرتكظ على نظرية ثورية إذ وفقا للينين "لا توجد حركة ثورية بدون نظرية ثورية" (لينين، ما العمل، ط البنجوين 1988 ، ص 40). ولقد زود التنظيم اللينيني الطبقة العاملة بأكثر أسلحتها فعالية في الصراع الطبقي: الأحزاب الشيوعية والعمالية. لقد بدأت معركة لينين من أجل بناء حزب عمالي يتسلح بنظرية ثورية ويختلف عن تنظيم النقابات في معركته مع من أسماهم الإقتصاديين الذين أرادوا أن يهتموا فقط بالعمل النقابي، وأوضح لينين أهمية النقابة كجبهة واسعة للمطالب الإقتصادية للعمال وفرق بينها وبين الحزب الثوري الذي يناضل من أجل إحداث الثورة والذي يضم ثوريون محترفون ومهنيون ويعملون بالسياسة. وقد عبر عن ذلك في مقالته التي نشرتها الآيسكرا في 1901 بعنوان من أين نبدأ، والتي طورها فيما لكتاب "ما العمل؟" أحد أهم الكتب في العمل الثوري، ولقد طرح لينين هنا آرائه المعادية للفكر الإقتصادوي وللتخلف التنظيمي والعفوية في العمل الثوري مقترحا بديلا لذلك العمل المنظم المهني، العمل وفقا لخطة تنظيمية وسياسية والتركيز على العمل السياسي دون التقليل من دور النقابات. و اوضح لينين أهمية النضال من أجل شرعية العمل النقابي وعلنيته وشرعية العمل الثوري وعلنيته، مبينا أهمية العمل السري في ظروف البلاد التي لا تتوفر فيها الحريات العامة. ومن أهم إسهامات لينين في العمل التنظيمي تركيزه على دور الجريدة الحزبية كأداة لتنظيم الجماهير ولوحدة الثوريين أنفسهم. الجريدة نفسها تتحول لمنظم وفقا للينين. ولقد واصل لينين ذلك الجهد الفكري في بناء التنظيم العمالي في كتابه "خطوة إلى الأمام خطوتين إلى الوراء / الأزمة في حزبنا" في 1904 بعد المؤتمر الثاني لحزب العمال الإشتراكي الديمقراطي الروسي، والذي ناقش قضايا برنامج الحزب ولا ئحته. اللينينية ساهمت في تطوير التكيكات السياسية، مفتاح التكتيك هو دراسة الواقع الملموس: ومن مساهمات لينين البارزة كان صياغة التكتيكات السياسية المناسبة وفقا لتحليل ملموس لواقع ملموس, فقد حرر لينين العمل الثوري من العمومية والشعارات العامة والقضايا النظرية التي تستعمل كقوالب أو مقاييس للعمل الثوري لمفهوم ثوري جديد أن العمل الثوري يتم التنظير له ووضع التكتيكات المناسبة والبرامج المناسبة وحل قضاياه من خلال التحليل الملموس للواقع الملموس، صحيح أن ذلك التحليل يستعمل أدوات تحليل ماركسية، منهج ماركسي، ولكنه لا يستعمل الماركسية كقالب يصب فيه الواقع الذي هو غني بمعطياته المتغيرة وأهمها التحولات الإجتماعية التي تحدث فيه وفي تكوين قواه الإجتماعية وتجلياتها السياسية. إن ذلك المنهج اللينيني في الحقيقة هو المسئول عن دراسة الواقع الروسي والعالمي حينها والسئول عن كتابي لينين المهمين الذين ذكرتهما حول تطور الرأسمالية في روسيا القيصرية والإمبريالية أعلى مراحل الراسمالية، بل هو مالمسئول عن مواقف الديمقراطيين الإشتراكيين الروس من التطورات في بلادهم ومواقفهم من الحرب العالمية الأولى ومن التطور الذي أدى لثورة أكتوبر الإشتراكية. ولعل هذا ما يجعل التحليلات الإقتصادية والسياسية والإجتماعية للينين ذات أهمية منهجية، أكثر من أهميتها النظرية العامة لأنها تنبع من تحليل ملموس لواقع ملموس مما يعني محدوديتها في الزمان والمكان ولا يمكن تعميمها دون أن يوضع في الإعتبار متغيرات الزمان والمكان وما تتضمنه في المتغيرات الإجتماعية والإقتصادية والسياسية، فنظريا يمكن دراسة إمكانية قيام إشتراكية في بلد واحد ولكن وفقا للمتغيرات العالمية ولظروف البلد موضوع الدراسة، أو يمكن دراسة قيام الثورة في أضعف حلقات الرأسمالية ولكن أيضا في ظروف غير الظروف التي توصل فيها لينين لنتائجه في بداية القرن العشرين، وقد تقود تلك الدراسة الملموسة لنتائج مختلفة أو متطابقة وفقا لمعطيات الواقع الملوس، وبالتالي هي ليست قوانين عامة مطلقة للثورة الإشتراكية. ويمكننا القول بشكل عام أن اللينينية في جوانبها، غير الفلسفية والمنهجية، هي نظرية للثورة السوفيتية، أي كما أطلق عليها ماركوز هي ماركسية سوفيتية، ولكنها إحدى الماركسيات السوفيتية، مختلفة جوهرا عن ماركسية ستالين، وبالتالي يمكن القول أن أمام كل حركة ثورية في أي بلد أو منطقة أو في العالم في ظروف زمانية ومكانية مختلفة واجب تكوين نظريتها الثورية من خلال تحليلها الملموس للواقع الملموس مستعملة أدوات ومنهج الماركسية للواقع. وفي نشاطها التنظيري ذلك هي لا تقدم حلولاً وطنية فحسب بل تقدم جهداً نظريا يسهم في تطوير الماركسية لأنه يدرس القضايا الملموسة وقضايا العصر ويخوض نضالاً نظريا مثلما يقود نضالا عمليا لأن العملية الثورية هي مركب النظرية والنشاط.
#صدقي_كبلو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تحالف اليسار أم تحالف واسع من أجل الديمقراطية :إجابة على أسئ
...
-
حول نظرية الثورة السودانية ( 2) الشيوعيون السودانيون وقضية ا
...
-
حول نظرية الثورة السودانية (1) تجاربنا في صياغة البديل
-
وداعاً مصطفى الشيخ ...وداعاً أيها الصديق العزيز .. وداعاً أي
...
المزيد.....
-
الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|