أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ابراهيم البهرزي - صورة الملك فيصل الأول في ساحة الصالحية














المزيد.....


صورة الملك فيصل الأول في ساحة الصالحية


ابراهيم البهرزي

الحوار المتمدن-العدد: 2815 - 2009 / 10 / 30 - 15:26
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


يتوسط ساحة الصالحية التي تطل عليها وزارتا العدل والبلديات المذبوحتين ضُحى ما اصطلح على تسميته (الأحد الدامي ) تمثالٌ حجرّيٌّ للملك فيصل الأول مؤسس الدولة العراقية الحديثة بملابسه العربية وهو يمتطي حصانا ...
يقال أن في موضع التمثال نفسه كان هنالك تمثال للجنرال (مود ) قائد قوات الاحتلال البريطاني والذي دخل بغداد مطلقا قولته المعروفة :
(لقد دخلنا محررين ....الخ )
كل من يدخل البلاد مستعمرا أو مواطنا يعلن انه جاء (محررا )....ولكن مم يحرره ؟
تلك هي الأحجية ...

في عشية يوم المذبحة نقلت إحدى الفضائيات صورة لمواطنين منكوبين يحملون شموعهم في ظلام الصالحية الدامس , أو يضعوها على الأرض في (خرائب ) الوزارتين المتبقية أو في الساحة حول تمثال الملك فيصل الأب ...
لقد أحسست في سيادة العتمة وبصيص الشموع المتراجفة بان الملك فيصل الأول كان أبا مفجوعا....
لا أريد للعبارة أن تأخذ بعدا رمزيا (أسطوريا كالعادة ) شانها شان الهتاف السياسي المؤسطر الذي شج الحياة المدنية لهذه البلاد بتعميماته التي تجعل (كل ) تراث الملك الأب وأبناءه وحاشيته في (كومة ) الشر أو الخير ...في الحين الذي تجعل –من وجهة نظر أخرى- ....(كل ) تراث من تلاه أو خالفه في (الكومة ) الأخرى المغايرة ...هذه الرمزية التعميمية البائسة التي دأبنا أجيالا اثر أجيال على السجع و(الأذان ) والهتاف والجدل بها حتى ........سقطنا في الزبالة (كلها )!

لقد أردت أن التقط صورة شخصية (للأب الوطني ) وهو يتأمل (أبناء ) شعبه بعد خمس وثمانين عاما من قيامه بإنشاء (البيت-الدولة )...
لقد أردت أن (استشف ) مشاعره رغم الحجارة التي قيده بها النحات ...مشاعر (الأب ) وهو يتأمل شموع سلالته الموقدة في (عتمة ) البلاد ...حزنا أو ندما أو تأنيب ضمير!!

-اعتذر منك يا شعبي الذبيح !!
هل سمع احد منكم هذه الهمسة المبحوحة مثلي ؟
أم إنها خيالات ما بعد الصدمة ؟
الأصوات الغريبة التي يسمعها المفجوع بعد الكارثة ؟
على كل حال اعتقد إنني سمعتها بجلاء ....وليكن الأمر من باب الاضطراب العقلي !!..أنا أرضى التهمة !!...بل أجدها بعضا من (الواجب ) الأخلاقي الذي يتوجب أن يرشح بأقل ما يمكن من التجليات إزاء هذه القارعة...وما أدرى الذين لا يحسون ما القارعة !!
حتى وان كانت هيئة الملك فيصل الأول قَدّت من حجرٍ..فلا استبعد على الرجل هذا الاعتذار الإنساني الوجيز ...خاصة وهو يسمع أن بعض الشموع الموقدة التي تحملها الثكالى في ليل (الصالحية ) البهيم ..إنما هي نداءات يائسة بأسماء ستين طفلا (اختفوا ) تماما .....ستون طفل (حضانة )..وطفل الحضانة هو الذي يتراوح عمره بين العام الواحد والثلاثة أعوام ..
أي انه لا يملك أمام (فقه ) الموت المفجع إلا العويل المتوسل ...
لقد (اختفوا ) تماما حتى الآن ...والى الأبد ..
ولم يكلف ذو ضمير نفسه حتى بإعلان آخر ما تبقى منهم ..
.أسماءهم !!
أم أنهم فقدوا أسماءهم أيضا لأغراض (التغطية ) التامة ؟؟

أنا عراقي تصيبني الوساوس السمعية والبصرية بسبب (مجانية ) الكلام وارتجالا ته السائدة والتي أفقدته أي اعتبار ..وبسبب سفالته التي تفقده أي معيار صوتي فهو فلسفة وضجيج ونباح وتأوهات وعويل وهتافات في آن!!
فما قيمته إن غدا وساوس أو هلاوس أو تحليلات أو تفسيرات ؟؟
وما الضير في أن (أهين ) عقلي حين يعتبر الكلام (الحقيقي ) هلوسة ..أو أن يعتبر (التصريح ) المنطقي نباحا ؟؟
لا ضير على الإطلاق إن كان ثمة ستين طفلا ما زالوا حتى الساعة يبكون في عالم اخرس ولا احد يقول لهم على سبيل الترضية والملاطفة :
نحن آتون يا أحبتنا ..آتون لحمل جثثكم الصغيرة المتعفنة في سراديب المجاري ...فجثة الطفل حتى وان كانت (صغيرة جدا) بوزن بضعة كيلوغرامات لاغير تبقى مسؤولية وطنية!! ...لان هذا الطفل لديه هوية أحوال مدنية ...فهو إذن في عداد المواطنين !!..

التمثال الحجري للملك الأب يبكي...ولابد أن يبكي..وألا قلعته الأمهات الثكالى حاملات شموع الفقدان في ليل (الصالحية ) البهيم من منصته ..وألقت به مع فرسه العربي المطهم إلى سردابهم الطافح بمياه المجاري:
رُحْ وهاتِ بهم ....أنت من أسست لهم بلدا وورطتنا به وبهم ...

ولان تمثال الملك الأب مؤسس الدولة من حجر فانه يحس ويبكي ....
بل إنني سمعت صوته واضحا وهو يجهش مدمدما :

-إنني اعتذر يا شعبي الذبيح ..
وربما أضاف ما لم اسمعه :
لقد ورطتك يا شعبي بوطن شديد الأذى ... عصي على الاحتمال !!

التمثال الحجري للملك الأب يبكي ويعتذر ..
لكن الساسة الذين قتلوا أحفاده وقتلوا من قتل أحفاده وقتلوا أيضا قتلة من قتل قاتلي أحفاده..
الساسة الذين من دم ولحم وحياة (ولا أقول حياء )..
لا يبكون ولا يعتذرون ...
وكأني بالملك الأب مؤسس الدولة الحديثة يترجل من فرسه الحجري ويرمي عقاله الحجري ويمضي إلى مقبرة أهله بالاعظمية متوسدا معهم اللحود لاعنا الساعة التي وطأت بها ساقاه أرضاً لا تكف عن ولادة القتلة !!

أيّةُ بلادٍ خطيئةٍ أنتِ ؟



#ابراهيم_البهرزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصائدٌ اضاعت اسماءها
- ما أطيب العيش لو كنا ولدنا منغوليين جميعا !!
- ولكن الدوائر المتعددة اخطر من القائمة المغلقة...
- الهويدربهرز...الفة المواجع والمسرات
- كلاب بافلوف ..وقصائد أخرى
- حين أكونُ حماراً ..وقصائد أخرى
- أنيس وبدر ...وقوانين الانتخابات
- تشييع دون كيشوت ..وقصائد أخرى
- صوتُ الفكرة ....وقصائد أخرى
- المعنى اليتيم ..وقصائد أخرى
- لأيلولَ هذا النهارُ الكسيفْ
- ملحق ديمقراطي للعراقيين(مقيمين ومغتربين )
- (البغدادية ) وبشتآشان....الحقيقة والتوقيت
- عظات ونكات قبل مزاد الانتخابات-2
- من.................(زهيريات ابو رهام )
- في الطريق إلى افتتاحية طريق الشعب
- نقد صريح...لا عداء حقود
- عظات ونكات قبل مزاد الانتخابات -1
- وحوار مع الجبلي
- ميزانية تكميلية؟..لاكمال ماذا مثلا؟!!


المزيد.....




- الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و ...
- عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها ...
- نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...
- ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط ...
- خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها ...
- طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ابراهيم البهرزي - صورة الملك فيصل الأول في ساحة الصالحية