رعد الحافظ
الحوار المتمدن-العدد: 2815 - 2009 / 10 / 30 - 15:19
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تصدر كتاب العالم البريطاني ريتشارد داوكنز,وهم الأله
The God Delusion
الصادر عام 2006 , قوائم المبيعات خلال سنة كاملة , وقد بيعت ملايين من النسخ منهُ فور صدورهِ .
يقول مؤلف الكتاب , وهو عالم في البيولوجي والإثولوجي وفيلسوف في الأديان , عن نفسهِ مايلي :
إنّه ملحد إنساني شكوكي علمي علماني عقلاني ..
وهو معروف بأعجابهِ وأبحاثهِ في نظرية التطور والداروينية , وهو من أهم المنتقدين لنظرية الخلق و التصميم الذكي , التي يتبناها ويروج لها المؤمنون بالأديان الأبراهيمية في جميع أنحاء العالم .
يعرف الأله (حسب نظرة الأديان ),بأنّهُ كائن خارق فائق العقل ,خطط وخلق الكون بما فيه.
لكنّ الأله في العهد القديم هو من أسؤء الشخصيات في الخيال ,يغيّر الى الاسؤء ,منتقم ,غير متسامح ,وسادي ومتعطش للدماء وعنصري ومتناقض كثيراً ...الخ
وسأضيف وصفي لأله الأسلام( لأن داوكنز لم يفعل) , بكلمات قصيرة من القرآن :
إنّه{ الأله الجبار المنتقم المتكبر المُضحك المُبكي المُذّل المانع الخافض الضار المستهزيء الماكر ,بل خير الماكرين ,.....}
وربما ستضيف له إحدى الطوائف مستقبلاً صفات أخرى مثل ,الغاضب ,العجول ,المتجهم
أو ربما سيضيفون له صفات حسب التطور الحرفي والصناعي فيقولون بعد الغفار ..النجّار المهندس المُبرمج..المُخرج الفظيع...الفظيييييييييييييييع
...............
داوكنز شخصية مشهورة جداً , له كثير من المقابلات الأذاعية والتلفازية , وكذلك له مجموعة من الأفلام العلمية الوثائقية , التي تناقش موضوع الإيمان والإلحاد وعَلاقة الإديان بالعلوم وتأثيرها عليهِ.
ومن بين تلك الأفلام المهمة فلم أصل الشرور ,2006 والمتكون من 25 جزء قصير مقسمة على 5 فصول وأهدانا موقع الحوار ذلك الفلم وتحدثتُ عنه في مقالين متتاليين .
والنقاش لذلك الفلم ,مع القراء المحترمين قادني, الى سؤال د.عبد الخالق حسين عن الجينات وتأثير الأديان عليها...فقام بدوره , بأهدائي هذا الكتاب القيّم , كجزءٍ من الرد .
وإذ أشكر الدكتور على هديتهِ الثمينة , أجد نفسي مديناً بتقديم ملخص لهذا الكتاب , للقراء الأعزاء , و كسر مقولة الهدية .. لا تُهدى ...ولا تُخلق من العدم .
كونها لاتنفع في حالة الهدية العلمية والفكرية .
العالم داوكنز قام بما يلي :
جمع كل الأفكار العقلانية والعلمية والمنطقية وحتى اللاهوتية والخرافية ووضعها أمامنا على طاولة التشريح العلمي المنصف .
الكتاب كبير وغني في معلوماتهِ ويتكون من عَشرة فصول , كلٍ منها يكفي لأقناع فئة أو فئات معينة من البشر في عالمنا هذا الذي غدا قرية إلكترونية متصلة... ومتواصلة الحياة والتقدم والسعادة , ولن أنتظر إكمالي الكتاب حتى أُقدم ملخصهُ للقراء , فمن يضمن الغد ؟ أليس الأجدر أن نقدّم مافي جعبتنا بمحبة قبل أن نُحرَمَ من تلكَ الفرصة السانحة ؟
تفضلوا هذا الموجز للكتاب أولا , بقلم كاتبهِ ,حيث يقول في مقدمتهِ
هناك العديد من الناس الذين تربوا على دينٍ معين , لكنّهم ليسوا سُعَداء بهِ .
إنّهم قلقون على مايُرتكب بأسم ذلك الدين من شرور , ويتمنون تركَ دين آبائهم لو إستطاعوا الى ذلكَ سبيلا .
لكنهم لا يدركون أنّ ذلك.. هو إحدى الخيارات بالفعل !
أيّها القاريء لو كنتَ واحداً من أولئك ....فهذا الكتاب من أجلكَ .
إنّهُ كتاب , المراد منهُ لفت الأنتباه الى حقيقة أنّ الألحاد هو تطلع واقعي وشجاع .
من الممكن أن تكون مُلحداً سعيداً , متوازناً ومقتنعاً فكرياً ومعنوياً بشكلٍ كامل .
هذهِ الرسالة الأولى ل لفت الأنتباه وستأتي ثلاث رسائل أخرى لاحقاً .
عند عرض إعلان كتابي أصل الشرور في الجريدة ,كانت هناك صورة كبيرة لمدينة مانهاتن و العنوان يقول : (تخيّل العالم بلا دين ) ...ولماذا هذا السؤال ؟
لأن البرجين ........كانا ... في الصورة .
جون لينون , مغني يتخيل في إحدى أغانيه ..عالماً بلا دين ....
لا إنتحاريين , و لا 11 سبتمبر , ولا تفجيرات لندن ومدريد , ولا حملات صليبية ,
ولا مؤامرة بارود ( لقتل الملك جيمس الأول , 1603 في البرلمان الأنكليزي ), ولا تقسيم للهند , ولا حرب فلسطينية ..إسرائيلية , ولا مذابح صرب وكروات وإسلام , ولا إضطهاد لليهود , كونهم قَتَلة المسيح ,لا مشاكل في إيرلندة الشمالية ,
لا جرائم شرف ,ولا إنجيلي بهندام لامع على التلفزيون الأمريكي , يبتّز أموال السذج ويقول لهم : ( الرب يُريدكَ أن تعطي ...حتى الألم )
تخيّل أنّهُ لا وجود لطالبان الذين فجروا تماثيل أثرية , لاقطع رؤوس بشكل علني ولا سوط على جلدِ أُنثى , لأنّ أحداً رأى بوصه منهُ !
ربما ستفكر أيّها القاريء بأنّ اللاأدرية هي الموقف المعقول
وأنّ الألحاد هو إعتقاد دوغماتي مثل الدين ؟(الدوغماتية : هي الاعتقاد الجازم واليقين المطلق ودون الأستناد على براهين وأدلة وإنكار الآخر ورفضهِ بأعتباره شر مطلق)
لو كنت تعتقد كذلك فأن الفصل الثاني من هذا الكتاب سيغير رأيك .
وذلك بأقناعكَ بأنّ ((فرضية الأله )) , هي عبارة عن فرضية علمية عن الكون وسنقوم بتحليلها ودراستها كما باقي الفرضيات .
ولو كنتَ ممّ يعتقدون بأنّ رجال الدين والفلاسفة لديهم أسبابهم المقنعة للأعتقاد بوجود إله ,
فأنتَ ستتمتع بقراءة الفصل الثالث الذي يناقش الحجج , ( لوجود الله ) , وفيه يظهر الضعف المدهش لتلكَ الحُجج !
ولو كنت تعتقد بأنّ وجود الأله من المسلمات الواضحة وهو الذي يفسر خلق الكون وتفسير الحياة وتنوعها الكبير وتصميم كل كائن حي بدقة كبيرة , فأنّ الفصل الرابع من الكتاب سيجيب لماذا من المؤكد تقريباً عدم وجود إله ؟؟
وكيف أن فكرة المصمم الذكي ( في الأديان )... لا تصمد أمام نظرية الأنتخاب الطبيعي لداروين .
ورغم أن نظرية الانتخاب الطبيعي مصممة من أجل تفسير الأحياء
إلاّ أنّها يمكن توسيعها لتشمل تفسير الكون كلهِ .
إنّ قوة هذه النظرية وقدرتها على تفسير الأشياء بقدرة عالية هي الرسالة الثانية للفت الأنتباه من تلك الرسائل الأربعة .
الفصل الخامس سيتناول ((أصل الديانات)), و سيفيد القاريء الذي يعتقد بأنّ علماء التأريخ والأنسانيون ,أخبرونا وهم صادقون.. بأن المؤمنين هم بناة الحضارة الأنسانية .
الفصلين , السادس والسابع يهّم القاريء الذي يفكر بأنّ الدين وفكرة الأله ضروري لوجود مبرر ومغزى لحياتنا .
الفصل الثامن , ينفع القاريء الذي فقدَ إيمانهِ , لكنهُ يقول : لا بأس بوجود الدين في الحياة سنثبت لكَ , أنّ الدين ليس بالفكرة الجيدة لهذا العالم .
الفصل التاسع يعني بالدين والطفولة , غالباً التلقين ينشيء الطفل على دين آباءهِ
لو ولدتَ في أركنساس , ستفكر أنّ المسيحية هي الحقيقة وأنّ الأسلام محض هراء
بينما يحدث العكس لو وِلدتَ في أفغانستان أو السعودية .
الدين والطفولة : هي رسالة , جلب الأنتباه الثالثة في هذا الكتاب .
لن نقول طفل كاثوليكي أو طفل مسلم
لنتكلم عن طفل لأبوين كاثوليكين أو لأبوين مسلمين !
الفصل الأول والعاشر يفتتحان ويختتمان الكتاب بطريقتين مختلفتين ,عن كيفية
فهم روعة العالم الحقيقي دون تديّن !
نستطيع أن نحصل على حقنّا في الألهام , ذلك الحق الذي إغتصبهُ رجالَ الدين لأنفسهم وحرموا منهُ الآخرين عبر التأريخ .
الرسالة الرابعة ل لفت الأنتباه تدعو الى فخر الملحد بتفكيرهِ
الألحاد ليس مما يدعو للأعتذار .
على العكس , مادام أنّهُ تفكير يقودنا لتشغيل العقل والفكر بأتجاهٍ صحيح وعلمي .
هناك الكثير ممن يعرفون عن أنفسهم أنّهم ملحدين , لكنهم لا يجرؤون بالاعتراف أمام عوائلهم , والسبب هو أنّ كلمة ملحد تعني شيء مرعب للكثيرين .
في ختام هذهِ المقالة ( وهي جزء بسيط من مقدمة الكتاب المذكور : وهم الأله)
سأنقل لكم هذه اللقطة الكوميدية عن كلمة الملحد
تظهر الممثلة الأمريكية الكوميدية جوليا سويني ,وقصتها مع أهلها , بعد أن أعلنت إلحادها في جريدة يومية ...لقد تقبل أهلها فكرة عدم إيمانها بالله على مضض ,
لكن صوت أمهّا يرتفع بالصراخ ..نعم .....لكن....... مُلحدة ؟؟ مُلحدة ؟؟
سأوجز الرسائل الأربعة للكتاب ثانيةً :
الأولى :الألحاد هو تطلع واقعي وشجاع .
الثانية : قوة نظرية الأنتخاب الطبيعي لداروين وقدرتها العالية على تفسير الأشياء وصمودها ضد نظرية الخلق الذكي .
الثالثة : الدين والطفولة .
الرابعة : فخر المُلحِد بتفكيرهِ
هناك حكمة تقول : { أكثر مانحتاجهُ هو شخص يوجهنا لما نستطيعهُ ونقدر عليه } .
تحياتي لكم أحبتي ..............
#رعد_الحافظ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟