أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محسن ظافرغريب - Oskar Pastior















المزيد.....

Oskar Pastior


محسن ظافرغريب

الحوار المتمدن-العدد: 2814 - 2009 / 10 / 29 - 19:31
المحور: سيرة ذاتية
    


الكاتب الشاعر الألماني الروماني "Oskar Pastior"، المولود في 20 تشرين الأول 1927م في مدينة ترانسيلفانيا الرومانية من الأقلية التي تتحدث الألمانية، واستقر في غربي ألمانيا بعد أن أنهى دراسته في النمسا، وقد صنع Pastior اسمه منذ أربعين عاماً (عام 1969م)، عندما نشر مجموعته الشعرية الأولى. توفي عن 78 عاماً في 4 تشرين الأول 2006م، في مدينة "فرانكفورت"، حيث كان هناك في زيارة لمعرض فرانكفورت للكتاب. وتعود أولى أعمال الكاتب لعام 1964 ، وكان وقت وفاته يشتغل على كتاب يدور حول مخيمات العمال السوفيت. . وصفه وزير الثقافة الألماني "بيرند نيومان" بأحد أعظم كتاب زمانه. حصد Pastior عام 1988م جائزة hoorspel وحصد عام 2006م جائزة Georg-Büchner الألمانية، التي تمنح للأدباء الذين ساهموا بعدد من الأعمال الثقافية الهامة في حياتهم، حصد هذه الجائزة عن كتابه الذي وضعه بعنوان “الإبداع الفني في الرسم”.‏ وقد (سجن بين 1945 - 1949م)، مع غيره من ناجي الغولاغ. منجزه الأدبي:

Fludribusch im Pflanzenheim - 1960
Offne Worte - 1964
Ralph in Bukarest - 1964
Gedichte - 1965
Vom Sichersten ins Tausendste - 1969
Gedichtgedichte - 1973
Höricht - 1975
An die neue Aubergine - 1976
Fleischeslust - 1976
Der krimgotische Fächer - 1978
Ein Tangopoem und andere Texte - 1978
Wechselbalg - 1980
33 Gedichte - 1983 (bewerkingen van gedichten van Francesco Petrarca)
Sonetburger - 1983
Anagrammgedichte - 1985
Ingwer und Jedoch - 1985
Lesungen mit Tinnitus - 1986
Römischer Zeichenblock - 1986
Teure Eier - 1986
Jalousien aufgemacht - 1987
Modeheft des Oskar Pastior - 1987
Anagramme - (samen met Galli)
Kopfnuß, Januskopf - 1990
Neununddreißig Gimpelstifte - 1990
Eine Scheibe Dingsbums - 1990
Feiggehege - 1991
Urologe küßt Nabelstrang - 1991
Vokalisen & Gimpelstifte - 1992
Eine kleine Kunstmaschine - 1994
Das Unding an sich - 1994
Gimpelschneise in die Winterreise-Texte von Wilhelm Müller - 1997
Das Hören des Genitivs - 1997
Come in to frower - 1998 (samen met Veronika Schäpers en Silke Schimpf)
Der Janitscharen zehn - 1998
Standort mit Lambda - 1998
Pan-tum tam-bur - 1999 (samen met Uta Schneider)
Saa uum - 1999
O du roher Iasmin - 2000
Villanella & Pantum - 2000
Ein Molekül Tinnitus - 2002 (samen met Gerhild Ebel)
Werkausgabe -
Bd. 2. „Jetzt kann man schreiben was man will!“ - 2003
Bd. 3. „Minze Minze flaumiran Schpektrum“ - 2004
Bd. 1. „...sage, du habest es rauschen gehört“ - 2006
Gewichtete Gedichte. Chronologie der Materialien - 2006
Ontvangen van "http://nl.wikipedia.org/wiki/Oskar_Pastior"

قدم مشروع "كلمة" الإماراتي في دورة معرض فرانكفورت للكتاب عام 2009م، نحو 20 عنواناً من مختلف فروع المعرفة الألمانية لنقلها إلى لغة الضاد، ومنها رواية "سيلينا أو الحياة الأخرى" للكاتب "فالتر كاباخر" الحائز على جائزة Georg-Büchner العام الجاري 2009م، ونقلها إلى العربية "نبيل حفار"، ورواية "دانيل كيلمان" الشهيرة "مسح العالم" التي بيعت بملايين النسخ عالمياً وترجمها "كاميران حوج"
، وكتاب "ميشائيل مار" النقدي: "فهود في المعبد"، الذي ترجمه "أحمد فاروق"، ثم: أول ترجمة لأحدث روايات القاصة الشاعرة الناقدة
«الجُرمانية» Herta Meuller، الفائزة بجائزة نوبل للآداب 2009م، "أرجوحة الذات = أتيمشاوكيل = Atemschaukel".

أنجزها للعربية الشاعر السوري "وحيد نادر" الذي قال إنه اختار أن يترجم Meuller لأنه كان قد سمع عن لغتها الشاعرية الجميلة والخاصة. وحول الصعوبات التي واجهته خلال الترجمة إلى العربية قال "نادر": إنه نجح في التغلب عليها بعد معاناة، و"لأنني شاعر استطعت أن أتلمس الطريق إلى روح Herta Meuller، الشعرية".
محور الرواية الرائعة قضية قمع الرومانيين الألمان في العصر السوفيتي شرقي أوروبا. فبعد هزيمة النازية في الحرب الكونية الثانية واحتلال الجيش الأحمر لرومانيا صدرت أوامر ستالين بإيداع جميع الرومانيين من أصل ألماني بين سن السابعة عشرة والخامسة والأربعين في معسكرات العمل القسري، إذ رأى قادة الاتحاد السوفيتي أن على هؤلاء المشاركة بإعادة بناء ما دمر.
والد Meuller عمل حارسا ً في الشرطة النازية ونفيت والدة Meuller إلى معسكر اعتقال في الاتحادالسوفييتي بعد الحرب الكونية الثانية.
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=187423

وقائع حقيقية عاشها الكاتب "Oskar Pastior". وقد بكت Meuller في معرض الكتاب في فرانكفورت أثناء حديثها عن صديقها وشريكها باستيور، الذي شرع معها في آخر أعمالها "أرجوحة النفس"، فاضطرت لمواصلة الرواية وحدها بعد مخاض تسعة شهور بمفردها.
وكانت تلوح بفخر، بالنسخة العربية المنجزة ترجمها بزمن قياسي، مبدية اعترافها بعسر أسلوبها الروائي.

تعبّر رواية Atemschaukel عن المحرومين من أبناء الألمان الرومان، رعايا الدكتاتور المعدوم "نيقولاي شاوشسكو"، سيرة ذاتية للثنائي الوطني Oskar Pastior & Herta Meuller، المناهض للحكم والمطالب بحرية التعبير ، ورفض التعاون مع مخابرات (سكيورتيت) الدكتاتور الإشتراكي، نعتت بالطفيلية!، فمنع حكم الدكتاتور Herta Meuller، من الكتابة، إثر نشرها - دون ترخيص رقابته - غربي ألمانيا، حيث لجأت وزوجها الكاتب "ريتشارد فاغنر"، عام 1987م.

ما يلي مقطع من رواية Atemschaukel:

«كل شيء أملكه أحمله معي»!.
حملت كل ما أملك، بيد انه لم يكن ملكي في الحقيقة. كان لغرض مختلف او لشخص آخر. حقيبة الثياب المصنوعة من جلد الخنزير كانت صندوق فونوغراف. معطف اتقاء الغبار والتربة. كان لوالدي. معطف النزول الى المدينة مع ربطته الخاصة بالعنق كان من جدي. البنطلون القصير من عمي ادوين. لفافات الساق الجلدية من جارنا، الهر كارب. القفازان الأحمران من خالتي فيني، وحده الوشاح الأرجواني المصنوع من الحرير وحقيبة الزينة كانا ملكي، هديتَي عيدي الميلاد الاخيرين.
في كانون الثاني من عام 1945 كانت الحرب لم تزل مستعرة. لشعور من أعرفهم بالصدفة انني في قلب الشتاء سيأخذني الروس ، الله اعلم الى اين، أراد كل واحد اعطائي شيئاً قد يكون مفيداً لي، رغم انه قد لا يساعدني شيء. لأن شيئاً على الأرض لن يساعد، بدا الأمر لا يمكن تغييره: كنت على لائحة الروس لذا اعطاني كل واحد شيئاً واجروا استنتاجاتهم كما يريدون. اخذتُ منهم تلك الاشياء وفي عمر السابعة عشرة، استخرجت استنتاجي الخاص: الوقت ملائم بل صحيح للابتعاد. كنت سأبتعد دون وجود اللائحة كذريعة، لكن اذا لم تتطور الامور بالشكل العاطل جداً، سيكون الحال مقبولاً. اردت الابتعاد عن هذه البلدة الكشتبان، حيث للحجارة عيون. لم أكن خائفاً بمقدار ما كنت شديد التوق للمغادرة. وقد أنبني ضميري لأن اللائحة التي سببت ذاك المقدار الكبير من الألم لأقاربي كانت محتملة بالنسبة لي. حسبوا ان شيئاً ما سيئاً قد يحصل لي في بلد آخر. اردت الذهاب الى مكان لا يعرفني.
كان قد حدث معي شيء من قبل. شيء محظور كان أمراً غريباً، قذراً،! حدث داخل المنتزه المليء بالحور، بعيداً في الخلف، وراء التلال المعشوشة. في دربي الى المنزل قصدت قلب المنتزه الى المنصة المستديرة حيث تعزف الفرقة الموسيقية في الاعياد والعطل. جلست لفترة وجيزة. كان النور يخترق الخشب المنحوت بدقة كان بمقدوري رؤية خوف المربعات والدوائر الفارغة ـ ثمة حوالق لولبية معترشة ذات مخالب عند تلك المنصة حلفت: لن اعود ثانية الى هذا المنتزه.
بمقدار ما حاولت ايقاف نفسي, بمقدار ما اسرعت في العودة ـ بعد يومين فقط. الى مواعيدي كما كانت تسمى في المنتزه.
ذهبت الى موعدي الثاني مع نفس الرجل الأول. كان يدعى «الوزة» الرجل الثاني كان جديداً، كان يدعى «شجرة الشربين» الثالث كان يدعى «الأذن» بعده أتى «الخيط» ثم كان «الطائر الصافر» «فالقبعة». لاحقاً حلت «الأرنبة»، «القطة» ، «نورس البحر». ثم «اللؤلؤة» وحدنا كنا نعلم تلك الالقاب. تبادلنا ادوار حيوانات برية. وكان الصيف داخل المنتزه، وصارت لشجر التبولا لحاء ابيض وكان الجدار الاخضر للاوراق يتشابك في ما بين السياسيين والشجيرات الأكبر.
للحب فصوله الخاصة. والخريف يضع حداً لزيارات المنتزه. غدت الاشجار عارية، انتقلت الى البحر. بعدها الى البوابة الحديدية للبركة مع الوز. اسبوعياً اقابل من هو بضعفي عمري. كان رومانياً. كان متزوجاً. لم اعرف اسمه ولم اعطه اسمي. كنا نصل مفترقين: المرأة عند صندوق الدفع خلف النافذة الرمادية لكشكها، الارضية الحجرية اللماعة، العامود المركزي المستدير، حجارة الجدار الاشبه بزنبق الماء، السلالم الخشبية المنقوشة ـ لم يدر اي من هذه اننا تدبرنا امر اللقاء. ندخل البركة ونسبح مع كل الآخرين. ولا نلتقي الا عند الصونا.
بالعودة الى ذاك الزمن وقبل فترة وجيزة من معسكر الاعتقال، كذلك كما ستكون الحال مع عودتي حتى عام 1968 لدى تركي البلاد من جديد، اي موعد كان معناه حكماً بالسجن، ولمدة خمس سنوات على أقل تقدير في حال أمسك بي بالجرم المشهود، التقط من هذا النمط الكثيرون. بعد استجواب وحشي كانوا يؤخذون في المنتزه او من حمامات البلدية الى السجن مباشرة. من هناك الى المعسكر ـ السجن القريب من القناة. اي شخص يُلتقط يتحول الى جثة سائرة. يبدو عليه الهرم، التحطم، ولا يعود ملائماً لأي نوع من انواع الحب.
أما بالنسبة للمعسكر، فلو أمسك حراسه بي، لا بد اني كنت سأصبح في عداد الأموات.
بعد قضاء خمس سنوات داخل المعسكر رحت اتمشى يومياً عبر عجقة الشوارع مسترجعاً في فكري افضل ما يمكنني قوله في حال امسك بي. الاعتقال متلبساً مقابل حكم بالادانة كهذا حضّرت الف عذر وحجة. كان الصمت متاعي عودت نفسي على الصمت العميق ولمدة طويلة حتى لم يعد ممكناً فضح ذاتي بالكلام. لذا كنت اوضب نفسي بل كلامي بشكل مختلف كلما تحدثت.
في الصيف الأخير للمواعيد ولأطيل تمشايتي من المنتزه الى المنزل، حصل ان دخلت كنيسة الثالوث المقدس عند المستديرة الرئيسية للشوارع. هذه المصادفة كانت قدراً. رأيت ما يخبئه الزمان. على عمود قرب المذبح الجانبي، ثمة تمثال للقديس في عباءة رمادية وياقته عبارة عن النعجة التي يحملها حول عنقه. هذه النعجة حول عنقه شكلت الصمت ذاته. هناك اشياء لا تتكلم عنها. لكني اعلم ما اتحدث عنه حين أقول ان الصمت الذي حول عنقك ليس ذاته ذلك الذي في فمك. قبل، خلال وبعد الزمن الذي قضيته في المعسكر عشت على مدار 25 سنة في حالة خوف من انكشافي امام عائلتي، من سقطة مضاعفة، من أن الدولة قد تسجنني على أني مجرم، وتنبذني العائلة من العار. في الشوارع المزدحمة، كانت المواد المعاكسة مثل نوافد الترام والمنازل، النوافير والبرك الصغيرة اشبه بالمرايا. كنت انظر الى نفسي من خلالها غير مصدق وخائفاً من ان اكون شفافاً فافضح نفسي.
والدي كان معلم فن، وانا مع وجود اله البحر في رأسي، كنت أجفل، وكأنني رفست لو استعمل الوالد كلمة تلوين مائي. الكلمة تنطوي على مدى ذهابي بعيداً. قالت والدتي على طاولة الطعام: لا تطعن البطاطا بشوكتك، ستنقسم، استعمل الملعقة والشوكة استعملها للحم، كان صدغاي ينقفان كيف حدث انها استعملت كلمة لحم في حين ان ما نتحدث عنه هو البطاطا والشوك؟ اي نوع من اللحم تعني؟ مواعيدي حفظت معنى اللحم لي وحدي. كنت لص ذاتي، جائتني هذه الكلمات بشكل غير منتظر وامسكت بخناقي.
امي، وبالاخص والدي كذلك، كما كل الالمان في البلدة، آمنوا بجمال الضفائر الشقراء والجوارب التي تبلغ الركبة. آمنوا بالمثلث الاسود الذي شكل شارب هتلر وبأننا نحن الترانسيلفانيين الساكسون جزء من العرق الآري ولا شك، اذا ما نظر الى سري أنا من الناحية الجسدية الصرفة فهو بمثابة اكثر الاشياء شناعة. وبالتورط مع الرومانيين معناه اقامة علاقة مع غير الآريين.
اردت الابتعاد عن هذه العائلة، حتى لو انطوى الامر على الذهاب الى المعسكر. شعرت بالاسف على امي التي لم تدرك ضآلة معرفتها بي. وهي، حين اغادر، ستفكر بي اكثر مما سأفكر بها.
داخل الكنيسة قرب تمثال القديس الذي يحمل الخروف حول رقبته، شاهدت الفجوة البيضاء المحفورة داخل الجدار مكتوباً عليها: السماء هي من يطلق حراك الزمن. حين كنت اوضب حقيبتي ادركت ان الفجوة البيضاء فعلت فعلها. هذا معناه ان الزمن قد انطلق. كنت سعيداً ايضاً بأنني لن اذهب الى الحرب، الى الثلج في الجبهة. اجل، بجرأة متهورة غبية رحت اتابع التوضيب. لم يكن ثمة شيء رفضت ضمّه. لفافات الساق الجلدية ذات الشرائط، سراويل قصيرة، المعطف ذي الطوق المخملي ـ اي من هذه لم يلائمني. سير الزمن كان كل الحكاية وليس الملابس. بهذه الملابس او غيرها، تصبح بأي حال، راشداً. العالم ليس حفلة ملابس غريبة او تنكرية، هذا ما اعتقدته، لكن لا أحد من الذي يجبرون على الذهاب الى الروس في اعتى حالات الشتاء يمكن ان يبدو غريب الشكل.
كان هناك شرطيان، واحد روماني والآخر روسي، يجولان على المنازل وقائمة المطلوبين في يدهم. كانت هذه هي الدورية. لم اعد اعلم اذا كانا قد نطقا داخل منزلي بكلمة «معسكر» او لم ينطقاها بأية كلمة غير روسيا، نطقا. اذا حصل ونطقاها، فإن كلمة معسكر لم ترعبني. بالرغم من الحرب، وبالرغم من صمت مواعيدي حول عنقي، كنت لم ازل في السابعة عشرة مستمتعاً بطفولة براقة غبية. كلمات مثل الالوان المائية واللحم تشغل بالي. لم ينشغل بالي بالمقابل بكلمة «معسكر».
تلك المرة حول طاولة الاكل مع البطاطا والشوكة، وحين امسكتني والدتي متهماً بكلمة لحم تذكرت لعبي كطفل في باحة المنزل وامي تنادي من الشرفة: اذا لم تات لتأكل الآن، اذا اضطررت لاناديك ثانية، يجب ان تبقى حيث انت. وهكذا لاني تأخرت عن تلبية ندائها في مرة أخرى، قالت لي بعد صعودي: يمكنك ان توضب حقيبتك حالاً وتهيم في العالم فاعلاً ما تريد. واذ قالت هذه الكلمات جرتني مباشرة الى الغرفة تناولت حقيبة الظهر ودست فيها قبعتي الصوف وسترتي. سألتها: اين يفترض ان اذهب؟ فانا، باي حال، ابنك.
يعتقد الكثيرون ان التوضيب مسألة ممارسة تتعلمها بشكل تلقائي، مثل الغناء والصلاة. لم تكن ممارسة ولا حتى حقيبة ملابس. حين كان والدي يقصد الجبهة لينضم الى الجيش الروماني لم يكن يوجد شيء لتوضيبه. فانك كجندي تعطى كل شيء فهذا جزدان لزومياتك الرسمية. ما خلا الارتحال وفي ظل البرد لم نكن ندري ما كنا نوضب من اجله. انت لم تكن تمتلك الاشياء الصحيحة اللازمة، لذا ترتجل. الاغراض الخطأ تمسي هي ما تحتاجه. اذن ما تحتاجه هو وحده الصحيح، لكن فقط لامتلاكك له.
احضرت والدتي الفونوغراف من غرفة الجلوس ووضعته على طاولة المطبخ. تناولت مفك براغي وحولت صندوق الفونوغراف الى حقيبة ملابس. اول ما استخرجت منه تقنية الدوران والسطح الدوار. ثم ملأت الثقب حيث كانت مسكة الكرانك بفلينة. اما البطانة المخملية فبقيت حيث هي حمراء كثعلب. ولا حتى ازلت الصفيحة المثلثة الرقيقة مع الكلب القريب من البوق، في قعر الصندوق وضعت اربعة كتب: «فاوست»، نسخة مجلدة بالقماش ، زارادشت ، النسخة المختصرة لوينهيبر وانطولوجيا «ثمانية قرون من الشعر» .
لم اضم روايات لأن الرواية تقرأها لمرة واحدة ولا تعيد ذلك. حقيبة ادوات الزينة الصغيرة وضعتها فوق الكتب. كان بداخلها قنينة صغيرة من ماء معطر، قنينة من سائل لما بعد الحلاقة، معجون حلاقة، موسى حلاقة، فرشاة لمعجون حلاقة قلم لمنع نزف الذقن، قطعة صابون لليدين، مقص اظافر.
بجانب حقيبة الزينة الصغيرة وضعت زوج كلسات صوف (بني، مرتق) زوج كلسات يبلغ الركبة قميص فلانيل احمر وأبيض المربعات، سروالين تحتانيين مضلعين، ووضعت في الاعلى ومنعاً لتمزقه وشاحي الحريري الجديد. كان احمر ارجوانياً ذا مربعات لماعاً هنا وكامد اللون هناك. به امتلأ الصندوق عن آخره.
ثم جاء دور صرتي: غطاء سرير (صوفي، مربعات ازرق فاتح وبايج، ضخم لكنه لا يدفئك) طويت بداخله معطفاً عادياً (مربعات مستهلكة، وبالية) وزوج من اشرطة الساق الجلدية (قديمة من الحرب العالمية الاولى بلوم الشمام).
ثم كان جراب مؤونة الجندي الذي يحمل على الظهر. علبة لحم خنزير اربع شرائح خبز معجون بالزبدة، كعك متبق من عيد الميلاد، مطرة مع قدح.
من ثم قامت جدتي بوضع حقيبة الملابس التي كانت فونوغراف، مع الصرة وجراب المؤونة قرب الباب. قال الشرطيان انهم سيعودان عند منتصف الليل حين سيأخذانني، كانت امتعتي حاضرة عند الباب.



#محسن_ظافرغريب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عصر قرية شبكة العنكبوت
- مذكرات صدامGenet
- نثر نمساويTrakl & Rilke
- ذاكرة البصرة الثقافية
- الأحد توأم الأربعاء
- شمال محور نظام
- قرن بين بغداد برلين
- جائزة بيروت 39 hayfestival
- سينما الشمال العراقي الإيراني
- إدانة النائب الهارب الدايني
- سينما الشمال العراقي
- كانتْ أعواماً على المالكي أينعتْ وعلينا أجدبتْ
- أبوالقاسم الشابي لم يلتزم بالعَروض‏
- يسقط حكم المخابرات وتحفظ ملفات
- غويتيسولو وجائزة القذافي العالمية للآداب
- The Tragedy of Shakespeare
- مسلسلات وأفلام تركية مدبلجة
- لاعنف
- تعليق على آخر المواد
- رسائل van Gogh


المزيد.....




- -لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د ...
- كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
- بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه ...
- هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
- أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال ...
- السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا ...
- -يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على ...
- نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
- مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
- نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محسن ظافرغريب - Oskar Pastior