عبد العظيم فنجان
الحوار المتمدن-العدد: 2814 - 2009 / 10 / 29 - 19:24
المحور:
الادب والفن
أحدهم نام ،
فظهرَ أحدهم ليسترقَ السمعَ الى أجراس أحلامه .
أحدهم صرخ ،
فشقَّ أحدهم حنجرته بموساه .
أحدهم ..
هو يعرفُ أن التكرارَ يُفقد الألمَ شخصيته ، لكن الذكرى ، هذه المرة ، تجاوزتْ حدّها المدوّي ، الذي يجعل تسمية الليل بإسمه أمرا صعبا ، فهو ليس الظلام ، ولا ذلك النتوء الحاد الذي يشحذ حافته بالمهالك ، جالسا هناك ، في أسفل الهاوية ، بانتظاره .
آه ..
قد يعرفُ الطيرُ شكلَ جناحيه ، لكنه لا يستطيع ، في ذروة العاصفة ، أن يحدسَ الأشكالَ التي ترسمها هواجسُ ريشه .
أحدُهم شدّه الى تحت .
أحدُهم جرّه الى فوق .
أحدُهم علّقه ، من لسانه ، الى السقف ،
ثم
طلبَ منه الغناء .
أحدُهم شتّتَ تصميمه على العيش ، مع البلبل ، بغابة من الأقفاص .
أحدُهم خلعَ قفـّازه ، فكان بلا يد .
أحدُهم ـ وكان شاعرا ـ رفعَ قناعه ، فكان بلا وجه .
لم يعد يذكر أحدا بعينه ، لفرط ما في روحه من لمعان ، كما أن الظلامَ ، الذي كان يعطي لخفافيش أيامهم بعض المعنى ، سرعان ما انقشعَ ، هو الآخر ، ليصبح مرورهم في مياه حياته ، كقوارب مثقوبة ، لغزا عصيا على الفهم .
ذات يوم كتبَ قصيدة ثم أضاعها بين دفاتر أيامه : " هذا الرأس له أكتاف ، إلا أن أكتافه بلا رأس أبدا " وهاهي تتوهج ناصعة أمامه ، غير أن الذكرى التي بعثتها كانت أقوى من أن يصدها بترس النسيان ، أو أن يدفنها في مقابر ماضيه المترامية الأرجاء ، فجرّب أن يصرخ كطائر عثرَ ، أخيرا ، على اليد التي انتزعتْ أجنحته وأعشاشه ، إنما عبثا ، إذ انحدرتْ مع لسانه المربوط الى السقف خلاصة اغنية ، لمعتْ ، مع جريانها ، الحنجرة ُ :
أحدُهم شاهدَ أحدَهم يمشي في مرآة فكسرها ، لكن رجل المرآة لبث ماشيا : إنه لا يلتفت ، رغم توقفه ، لبرهات وجيزة ، في منعطفات روح امرأة خضراء كقلب العيد : أنتِ الشخص الثالث ، الذي ظهرُ مشرقا كالملاك ، ليلملمَ شظايا المرآة .
#عبد_العظيم_فنجان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟