أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - نضال نعيسة - سوريا: انفتاح بلا حدود















المزيد.....


سوريا: انفتاح بلا حدود


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2813 - 2009 / 10 / 28 - 08:54
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


راقب كثيرون الاتفاق السوري- التركي، الذين كان تتويجاً لسلسة من خطوات التعاون والمؤشرات الإيجابية المتصاعدة بين البلدين، وراقبوه بشيء من الدهشة والذهول، وكأن على رؤوسهم الطير، سواء من أهل الجنوب أوأهل الشمال ، عرب الثورة والنضال وعرب الاعتدال، المعارضات والموالاة، أهل السلف وأهل الخلف، أصحاب الميمنة كما أصحاب الميسرة، وخاصة أولئك الذين اعتادوا على الالتفاف على الاتفاقيات والتنصل من المسؤوليات والتهرب من دفع الاستحقاقات، والذين اتسمت علاقاتهم بجيرانهم بكثير من التشكيك والتملص، والانقلاب على كل اتفاق، وتبين ؟أن العذر ليس في سوريا أو لدى السوريين، بل ربما لدى غيرهم.

لم ينجح أي اتفاق وتعاون عربي حتى اللحظة، برغم الحديث الفضفاض والتطبيل والتزمير عن التاريخ واللغة و..و...و ..المشترك بين العرب الذي حشوا به أذهاننا في المناهج المدرسية، فيما شكل الاتفاق السوري التركي تحليقاً عالياً أبهر الجميع، وكان حداً مفصلياً، ونقطة بارزة مثلى يجب أن تحتذى في تاريخ العلاقات بين شعوب المنطقة، لم يسبقهم لها سوى الأوروبيون. فحتى مجلسق "التعاون" أو "التهاوش" لدول الخليج الفارسي، ورغم إنشائه منذ قرابة الثلاثين عاماً ما زال يحبو، ويتعثر، وهناك الكثير من العقبات التي تقف حائلاً في طريق تطبيق أي اتفاق حتى على مستوى الفيزا وتنقل مواطني المنظومة الفارسية. فهل هناك من يتجرأ اليوم على توجيه أي نوع من النقد لسوريا وهي تنجز هذا التعاون مع الجارة التركية، لتسقط بذلك كل الأقاويل والتقولات التي سادت وروجها البعض بشأن تفاهمات إقليمية أخرى؟ ولماذا ترفض، مثلاً، دول مجلس التعاون لدول الخليج الفارسي إنجاز اتفاقات مماثلة حتى فيما بينها، أو انضمام أي طرف عربي للمجلس، وفتح حدودها أمام ما يسمى بالمواطنين "العرب" كما تفعل سوريا مع العرب؟ هل لدى الأخوة "الخلايجة" أي جواب على تساؤلات مواطن يقولون عنه أنه عربي بسيط؟ هل يقبلون بانضمام سوريا، أو جمهورية موريتانيا الإسلامية، مثلاً، أو حتى اليمن الذي كان سعيداً لمنظومتهم "التعاونية"، مع كثير من التحفظ على هذا التعبير؟ ولماذا يلومون سورية، لا بل يحسدونها حين تحقق أي إنجاز إقليمي تعاوني وتحقق تفاهمات أنموذجية خارقة مع دول الإقليم، يعجزون هم عنها؟

باتت سورية تشكل، اليوم، سابقة غير معهودة في عموم ما يسمى بالمنظومة العربية، لجهة فتح حدودها على مصراعيها أمام جميع دول الجوار، بعد أن تم مؤخراً فتح كامل للحدود، وتنقل حر مع تركيا، وهذا ما لم تفعله، أو تفعله، وربما ما ستفعله أية دولة أخرى في المنطقة. فحدود سوريا مفتوحة أمام العراقيين، والأردنيين، واللبنانيين، وجميع من يسمون بالعرب الآخرين، والتنقل حر بالنسبة لهؤلاء جميعاً، دخولاً وخروجاً، ويستثنى، بالطبع، من دول الجوار إسرائيل، التي يتنقل مواطنوها، ويا للمفارقة، بحرية في معظم ما يسمى بالدول العربية، ولاسيما في دول المنظومة الفارسية.

نعم لقد كان واحداً من أهم الاختراقات الدبلوماسية والتعاون البيني فيما بين شعوب المنطقة وأكثرها انفتاحاُ ومرونة وإشباعاً بالنوايا الطيبة، إذ لا لجان "تمويتية" ها هنا تئد القرارات، فالحدود فتحت وطبقت على الفور بنود التعوان، وبدأت تتجسد كلها وقائعاً على الأرض. وكم كان رائعاً أن لمس مواطنو البلدين، وخاصة أولئك الذين هم على جانبي الحدود تلك النقلة النوعية الواثقة في تعاملات الشعوب ودول الجوار البعيدة عن الاعتبارات والموروثات التي ما زال البعض، وبكل أسف يأخذ بها.( حتى اتفاقية التشنيغن الأوروبية للتنقل الحر فيما بين الدول الأوروبية استمر العمل عليها لعشرات السنين حتى تم إقرارها، مع ذلك، هي لا تشمل، حتى اليوم، جميع الدول الأوروبية المنضوية تحت لواء الاتحاد الأوروبي ومنها على سبيل المثال لا الحصر، سويسرا، وبريطانيا التي لم تطبق هذا البند من الاتفاق الأوروبي.

لقد حققت الاتفاقية السورية التركية نجاحاً مذهلاً، بحيث يمكن للمرء القول إذا كان هناك ثمة "إمهال"وطلب تريث من جانب سوريا ما، فيما يتعلق بتطبيق الشراكة الأوروبية، فمرد ذلك لهذا النجاح الدبلوماسي الكبير الذي فتح نافذة كبيرة أمام الجانبين السوري والتركي، فها هو العامل التركي يدخل على طرف المعادلة والابتزاز "الأوروبي" ليوجه رسالة قوية للأوروبيين وليعطهم درساً بليغاً عن قدرة دول أخرى على تجاوز مطالبهم وشروطهم التعجيزية، وليحدث، بذلك، أيضاً "خلخلخة" على صعيد الموقف الأوروبي الذي ضعف للغاية، وبالمقابل أحدث رجحاناً وأعطى قوة دفع لصالح الجانبين السوري والتركي، بدت معه الشراكة الأوروبية بالنسبة للجانبين تحصيل حاصل، وأمراً ثانوياً غير ذي أهمية أمام سرعة الإنجاز وكثرة الحسنات والميزات والمكاسب والامتيازات بالنسبة للجانبين التي لا تقل، البتة، عن شراكة مفترضة وبعيدة مع أوروبا بالنسيبة للجانبين، وقد يبدو في مراحل ومفاصل أفضل منها.( تعرضت وتتعرض تركيا لحالات مد وجذب أوروبي غير لائقة البتة ومقايضات مرفوضة ومفضوحة من إجل انضمامها للاتحاد الأوروبي، وجاء الاتفاق مع سوري لينسف ويعطل ويسحب هذه الورقة من أيدي الأوروبيين ويعزز من الموقف التركي بتوجهه شرقاً أو جنوباً نحو عمقه الاستراتيجي الحقيقي).

كما بعثت الشراكة التركية السورية، بأكثر من رسالة الجيران، ولمختلف حكومات وشعوب المنطقة عما يجب أن تكون عليه علاقات حسن الجوار والتعاون البيني بين الجيران، وعن ضرورة التوصل إلى نقاط الاشتراك التي تهم مصالح الشعبين والطرفين، وهو دعوة في نفس الوقت للجميع لحذو حذو سورية وتركيا في ترسيخ قيم التعايش المشترك والتعاون البعيد عن أية حساسيات، وإيجاد الصيغ الكفيلة بخلق المناخات الإيجابية. ولا بد هنا من تذكير، من يجب تذكيرهم، حول الفارق الجوهري والأساسي، شئنا أم أبينا، بين طبيعة النظامين، وتوجهات حكومة أردوغان ذات التوجه المحافظ المعروف وطابعها الإسلامي المعلن، و"علمانية"، نسبية تمتع بها أداء حزب البعث تاريخياً، مجتمعياً، سياسياً، سواء في العراق، أو في سوريا، التي يحكمها هذا الحزب من بداية ستينات القرن الماضي، هذا التفاهم والاتفاق، وبرغم هذا التباين في طبيعة النظامين، ينسف كل ما قيل وأشيع سابقاً عن تفاهمات وتعاون سوري سابق مع دول مؤثرة ومحورية في الإقليم. كما شكل إحراجاً واضحاً، للبعض، تبدى في التصريحات والمواقف المرتبكة والمهزوزة، والتحليلات الهلامية هنا وهناك تعليقاً على هذه "الخبطة" الدبلوماسية السورية التركية المشتركة.

لقد كانت سورية تتلقى الكثير من سهام النقد والتجريح والتشكيك، واللعب على أوتار إيديولوجية وعقائدية، وذلك بسبب من اتفاقها وتعاونها الاستراتيجي المثمر مع هذا الطرف الإقليمي أو ذاك، والتحريض ضدها بناء عليه. بيد أن الاتفاق التركي السوري، أتى ليدحض كل هذه التقولات والادعاءات والمزاعم، التي لم يكن لها أساس من الصحة، ولسان حاله يقول إن اليد السورية، والقلب السوري، مفتوح لجميع الجيران، والأشقاء، والأصدقاء، بغض النظر عن أية اعتبارات سياسية، أو إيديولوجية أو عقائدية ونفعية أخرى. ولو أخذنا الطابع الجيوبوليتيكي والأطلسي والإقليمي الاستراتيجي التاريخي لتركيا ، لوجدنا أنها كانت تقف، وما زالت في بعض من المحاور والمفاصل، لاسيما الأطلسية والعسكرية منها، لربما على النقيض، تماماً، من الاهتمامات والتوجهات والنشاط السياسي السوري.

بالمحصلة، شكـّل الاتفاق السوري التركي أنموذجاً طيباً، ومثلاً حياً ً لجميع شعوب المنطقة، نرجو أن يعمم للاقتداء به في التعاون المشترك المثمر والبناء لما فيه أولاً وأخيراً مصلحة الشعوب قبل أي كان، وفتح الحدود، وتيسير الأمور على شعوب المنطقة التي أنهكتها الحروب، والتشاحنات والتشنج في المواقف الذي لا يثمر ولا يفيد، كما بالنسبة للضجيج الإيديولوجي والعقائدي المرير، والطرب "العربي" الأصيل، والعويل الرومانسي الطويل، الذي لم يعن سوى القطيعة والفقر والعزاء والبلاء على الجميع.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سايكس- بيكو أمانة في أعناقكم!!!
- العثور على أكبر مقبرة عقلية جماعية في العالم: دعوى عاجلة على ...
- لا للشراكة الأوروبية
- لا تعتذر يا تركي السديري
- Never Trust Them لا تثقوا بهم أبداً
- سوريا وتركيا وبدو العرب
- نعم ليهودية إسرائيل
- ثقافة الأولمبياد
- هل المساجد لله؟
- أوباما وفضيحة نوبل
- مأساة معسكر أشرف: ومسؤولية حكومة المالكي
- العربي الرخيص: مهزلة تبادل الأسرى
- C/V لمسؤول عربي
- سجالات وردود
- ليلة القبض على الثقافة العربية: وزراء ثقافة أم وزراء أوقاف؟
- وزراء ثقافة الطلقاء 2
- وزراء ثقافة الطلقاء
- حمار عربي أصيل!!!
- لماذا لا يستشهدون؟
- اسم على غير مسمى


المزيد.....




- ماذا قالت أمريكا عن مقتل الجنرال الروسي المسؤول عن-الحماية ا ...
- أول رد فعل لوزارة الدفاع الروسية على مقتل قائد قوات الحماية ...
- مصدران يكشفان لـCNN عن زيارة لمدير CIA إلى قطر بشأن المفاوضا ...
- مباشر: مجلس الأمن يدعو إلى عملية سياسية شاملة في سوريا بعد ف ...
- الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و ...
- عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها ...
- نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...


المزيد.....

- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - نضال نعيسة - سوريا: انفتاح بلا حدود