محمد السعدي
الحوار المتمدن-العدد: 2813 - 2009 / 10 / 28 - 01:31
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
بشتاشان ... تصرخ بوجه المتواطئين .
بشتاشان ... مكان وزمان , تاريخ وشهود , بطولة وشهادة , جريمة وخيانة ... 26 عاما مرت ودماء شهدائها في تلك البقعة من الارض الوطنية العراقية في كردستاننا الحبيبة , تزهر زنابق حمراء ورائحة عبقة من ذلك التاريخ المحفور في ذاكرة الشيوعيين العراقيين , وهي الغضب المشروع احتجاجا على الجريمة البشعة من تاريخنا الوطني والنضالي .
جريمة تغييب تلك الدماء الزكية التي وسمت الارض برائحة الحب للوطن والناس .
ما زال ذلك المكان من وطننا ( بشتاشان ) يستذكر ذلك التاريخ في الاول من أيار عيد العمال العالمي , تلك الجريمة بحجمها الدموي المهول أرادوها أن تطوى وتهمل عمدا في سفر صفحات الجزء المشوه والمغيب للحزب الشيوعي العراقي وقيادته . جريمة أرادوها أن تطوى والى الابد في ملفات المحذورات ومواسم الصفقات , والدور الذي تبادلته اطراف مساهمة في الجريمة لطي صفحات ذلك الماضي من تاريخ حركتنا الانصارية , وحجب وقائعها على رفاقنا وعوائل شهدائنا . لكن في سنوات ماضية وقريبة , أنبرى كاتبا ومناضلا وأسيرا في واقعة بشتاشان مقتحما حظرها ومتخطيا وعابرا خطوطها الحمراء التي لطخت حولها , وكاشفا عن سرية ذلك التواطؤ بكتابه المعنون بشتاشان بين الألام والصمت . وأنا كاتب هذه السطور , كنت اول من تصدى لمعلومات الكتاب والكاتب , لانه تاريخ يعنيني ويعني رفاقي الانصار , ليس حصرا عن بشتاشان لاني لم أكن في ذلك الموقع يوم الجريمة , لكن كنت في موقع أخر من ساحات النضال مما دفعتني أمانتي أن أوضح جملة من المغالطات أتت على متون ذلك الكتيب .
معارك وانسحابات , كنت مساهما فعالا بها , وبأستطاعة المعنيين الاطلاع على ذلك من خلال الرابط التالي http://beider.se/news-28.html, و قناة البغدادية في سعيها بنبش الماضي وتكريسه لخدمة الانسان والوطن , منحني ذلك اللقاء الجميل بالدكتور حميد عبدالله , أن التقي بمجموعة من رفاقي الانصار بعد سنوات من الشوق والبعد ولساعات متأخرة من الليل كان الحديث يدور حول التجربة ومرارتها , وبهدف تسليط الضوء على تلك الجريمة . كان من المفترض ان يكون قادر رشيد ( ابو شوان ) مساهما في برنامج البغدادية , لكنه تردد باللحظات الاخيرة , محاولا فتح جبهة نقاش وعتب معي لأني استهدفته حسب أعتقاده في طي كتابه ؟ بمعنى تناولته في كتابي بقسوة , غير اني لم اكن الا أمينا للتاريخ وللتجربة بتحديد الاسماء وربطها بالتواريخ والمواقع , وأطلعت في حينها على طبعته الثالثة من الكتاب , وكان أسمي وصورتي في الكتاب , علما ان في الطبعتين الاولى والثانية لم يذكرني.
وفي اللحظات الاولى من أعلان قناة البغدادية بفتح ملف بشتاشان , راح وللأسف الشديد بعض الغير معنيين والملثمين بتاريخ تلك التجربة وظروفها القاسية بالبرد والجوع والخوف والخيانة , بشن هجوما مجحفا يفتقد الى المصداقية ومعباءأ بالافتراءات الرخيصة ومن خلال موقع الحوار المتمدن مسنودا بتعليقات الملثمين على شهادة الانصار التاريخية وعلى الدكتور حميد عبدالله باعتباره معاديا للشيوعية , وعلى مالك وممول البغدادية العراقي الوطني الدكتور عون حسين الخشلوك ... من خلال لصق التهم الرخيصة تعبيرا عن أخلاقية المرحلة الراهنة , فاقت كل صفاقات وممارسات الدكتاتورية . بربكم من هو المعادي للشيوعية , أسألوا كل عقلاء العالم ؟ . عندما يخرج قائد شيوعي في العملية السياسية الاحتلالية في قناة الفرات الغيرطائفية حول أربعينية عزيز العراق , متملقا في حديثه على وطنية الحكيم , سليل تلك العائلة التي أباحت قتل الشيوعيين 1959 عام .
اليوم في العراق يوجد شيوعي وطني وأخر خان وطنه , شيوعي جاء مع الاحتلال ودمر بلده , وأخر وقف ضد الاحتلال وقاوم الغزاة . فعندما أقدمنا نحن مجموعة من الانصار الشيوعيين , لم ننس أن نضع في بالنا وحساباتنا المتواطئين والمنتفعين والمعادين لتاريخ تجربة الانصار الوطنية في انهم سوف يهاجموننا, لأنها بداية فتح ملفات الماضي , ومحاكم لمن خان التاريخ والشهداء . ولم يغب عن بالنا أيضا في الدعوات المستمرة لرفاقنا الانصار داخل التنظيم بالمشاركة بالبرنامج من أجل تفعيل وجهات النظر المتبادلة ووضع الحقائق أمام ابناء شعبنا , البعض أملنا في الحضور , لكنه تنصل عندما بدأت عقارب الساعة تقترب من اللقاء , والدعوة كانت مفتوحة ومن حق الكل ان يدلي بشهادته وبما يشعر.
أن هناك أجحاف وتجني في الحديث مسبقا , ولا بد من التأني والتريث وعدم التسرع في الحكم والهجوم المبكرعلى الضيف والمحاور , مثلما وقع مع الرفيق محسن الجيلاوي حين صدرت الاحكام قبل أسبوع من بث البرنامج . كنت انا محمد السعدي ( لطيف ) مشاركا في البرنامج الوثائقي , مركزا على تاريخ تجربة الانصار الوطنية , والخيانة الوطنية . فتجربة حركة الانصار ليس ملكا لحزب أو حكرا لمجموعة أو طائفة كما جيرتها لحسابها الخاص من منطلقات عدائية , نفعية , ربعنا ألغى ثلاثة أرباعنا وفق تلك الاسس والمنطلقات , مما افقدها بريقها النضالي وناصيتها الوطنية. كيف ننسى ماقاله عزيز محمد في المؤتمر الرابع للحزب عام 1985 مخاطبا المندوبيين بالقول ... جئنا الى هنا ليلغي نصفنا النصف الأخر . لكن الحصيلة كانت أكثر مما توقع وخطط له , ألغي بالكامل تاريخ الشيوعيين الوطني وتراثهم النضالي في المقاومة والتحرر .
فتجربة الانصارهي ملكا شرعيا لنا , نحن من خضنا غمارها , وتشربنا بمعانيها , وذقنا مرارة هزائمها , ونشونا بلحظات انتصاراتها . قبل عام مضى , تقدمنا نحن كوكبة من الانصار الشيوعيين بمقترح الى هيئة الحوار المتمدن بالتطرق الى ملف الانصار على موقعها , وعلى شكل طاولة مستديرة للنقاش , ويكون مفتوح للجميع على أساس الحوار الهاديء والهادف , لأحياء مضامين تلك التجربة الفريدة والنوعية في تاريخ الشيوعيين العراقيين , لكن للأسف الشديد تلقينا أذان صماء . ألا يحق لنا نحن الانصار الشيوعيين , وصاحبي تلك التجربة , من الخوض في غمار تفاصيلها , وتشخيص أخطائها , ومن المسؤول عن سرقة أحلامنا , وسعى الى أفراغها من مضامينها الثورية والوطنية ؟ ولماذا انتهى بنا الحال ربعنا يتأمر على ألغاء ثلاثة أرباعنا من خلال مايسمى رابطة الانصار ؟ هل كان نضالنا ومعاناتنا من أجل راتبا تقاعديا من دوائر ألاحتلال , أم ان الاجدر بنا ان يبقى سلاحنا مرفوعا ضد الاحتلال وعملائه ليس لأجل تحقيق شعاراتنا وأهدافنا وحسب وأنما حفاظا على منطلقات تجربتنا ومعاناتنا وشهدائنا .
المنتفعون والوصوليون يعزون بل ويتهمون بفتح ملف بشتاشان في تلك الظروف والتوقيت مقصودة ومبيتا لعرقلة وصول الحزب الشيوعي الى قيادة الدولة والحسينيات عبر الانتخابات التشريعية المزمع أجراءها في مطلع العام القادم . ست أعوام من الاحتلال وعمليته السياسية , كانتا عبئا على أبناء شعبنا فكانت المعاناة والارهاب والتهجير , وأزمات الماء والكهرباء والبطاقة التموينية , وفساد مالي لم تشهده شعوب الارض . أين هو موقف الحزب الشيوعي من كارثة تلك النكبات ؟ لم لم يطرح مشروعا وطنيا ضد الاحتلال وعمليته لينهض بتطلعات شعبنا نحو بر الأمان , وهو ذو التاريخ الزاخر قي مقارعة الاستعمار والظلم والاحتلالات على مدى تاريخ العراق السياسي , حتى نحن نقف كوكبة من الشيوعيين في طريق جني أصوات الحزب الشيوعي في الانتخابات , ونحن الذين دفعنا شبابنا وضحينا بمستقبلنا وأهلنا بدون مقابل الا دفاعا عن بريق الشيوعية وتحقيق أماني شعبنا في الحرية والخبز , ومازلنا ندفع ما تبقى من عمر السنيين لذلك الهدف الغالي والمنشود , وسنبقى أبناءا لذلك الفكر النير ولروح شهدائه , ولم تستطيع قوة في الارض ان تحيدنا عن طريقنا الذي أخترناه حتى لو زلزلت الارض تحت أقدامنا , سنمضي في حمل تلك الشعلة ( راية الشيوعية في العراق ). يقول أيميل زولا ... ( عابرة سبيل هي الحقيقة .. ولاشيء يستطيع أن يعترض سبيلها ) . فاين هي الاصوات التي تحققت طيلة سنوات الاحتلال حتى نقف حجر عثرة في طريقها لقيادة العملية السياسية الاحتلالية , في الامس القريب وعلى أرض كردستان الطيبة مهد الشيوعية ومعاقلها الثورية لم نجلب مقعدا واحدا , لكن بتكريم من مام جلال وكاكا مسعود منحونا أستحقاقا تاريخيا أوربما عطفا مقعدا واحدا . فصرخة بشتأشان على سنوات الصمت والخوف والظلم والجريمة, أطلقناها بفم ملأن , ثأرا لدماء شهدائنا , وبريقا لانتماءنا الشيوعي , وتمردا على ذلك الصمت المخيف والمرعب من قيادة شيوعيي الاحتلال والجرم الطائفي .
لم يعد الوضع المزري في عراقنا اليوم مخفيا على أبناء شعبنا بعد تجربة تلك السنيين من عمر الاحتلال والمحاصصة الطائفية المقيته , فالموقف الرسمي والتقليدي الشيوعي هو الذي ساهم وما زال في هزيمة اليسار في العراق لالشيء سوى لثقله في العملية السياسية الاحتلالية وتصدره أسم وتاريخ ومعاني الشيوعية في العراق , الموقف مشابها لما حدث بالامس القريب من قيادة البعث للعملية السياسية وجبهتها الوطنية والقومية التقدمية . كنا نكفر ونخون كل من ينتقد أو يقف بوجه تلك المسيرة الجبهوية وتطورها اللارأسمالي . وشعبنا اليوم على أبواب مفترق طرق وجحيم ... سيصرخ بصوته الوطني ويدق مساميره في نعش الاحتلال والطائفية لأجل عراق جديد ويسار متجدد .
محمد السعدي
مالمو - 20091027
#محمد_السعدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟