|
الحكومة الانتقالية حكومة مناهضة لطموحات الجماهير !
سامان كريم
الحوار المتمدن-العدد: 854 - 2004 / 6 / 4 - 05:02
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
تم الاعلان عن تشكيلة الحكومة العراقية في يوم 1/6 في القنوات الإعلامية. هذه الحكومة وتنصيب رئيس الجمهورية للدورة الانتقالية، وتشكيلتها الوزارية و تنصيب رئيس الوزراء، هي كلها عملية تمت في الخفاء والظلام وبعيدة عن أنظار الجماهير ناهيك عن إرادتها ورأيها الحر ودورها في حسم شكل و نوعية الحكومة وتركيبتها الوزارية. تم الإعلان عن هذه الحكومة بعد خلافات و نقاشات وحوارات سرية من وراء الكواليس، شاركت فيها أطراف عدة تحت إشراف أمريكي مباشر، الطرف الوحيد الغائب الذي لم يسأل عن رأيه هو جماهير العراق!. هذه الحكومة مرفوضة من قبلنا والجماهير، ويجب إفشال خطتها و سياساتها و قوانينها نظراً لعدم شرعيتها و عدم تمثيلها للجماهير العراقية لا بل تمثل امتداداً متواصلاً لمجلس الحكم من حيث تركيبتها الطائفية- القومية. منذ سقوط حكومة البعث القومي الفاشي، ساد على أجواء العراق الصراع الإرهابي بين أمريكا والجماعات الإسلامية، وجمرة نار الصراعات القومية والطائفية تتوهج يوما بعد يوم بسبب السياسة الأمريكية الرعناء والجماعات التي شكلوا معها مجلس الحكم، وذلك لإدارة الأزمة السياسية والحكومية التي تعاني منها أمريكا وحلفائها في العراق، فوجدوا من الثالوث الطائفي – القومي للبننة العراق مبتغاهم.
الانتكاسة السياسية لأمريكا !
هذه الحكومة التي تشكلت، بآلية صدامية، وبشكل خفي ظهرت مثل سرعة الرعد في الربيع، هذه الحكومة تمثل أطياف وحركات عدة منها الحركة القومية الكردية والحركة الإسلامية السياسية، والقومية العربية و العشائر... وتم تشكيلها على أساس توافق بين تلك الأطراف وبإشراف أمريكي دقيق، وذلك لإدارة أزمة أمريكية-عراقية، أزمة سياسية وأزمة الحكومة وحكومة الأزمة. أزمة أمريكية، لأنها ولحد الآن فشلت الإدارة الأمريكية في تسجيل انتصار سياسي في العراق، أي إبعاد القوى العالمية مثل الإتحاد الأوروبي و روسيا و الصين من الشرق الأوسط والعراق، إن إعطاء الدور للأمم المتحدة في تشكيل الحكومة الانتقالية و محاولاتها لإصدار قرار جديد من مجلس الأمن الدولي يلبي بعض مطالب البلدان الكبرى عالمياً، و محاولاتها لتشكيل قوة متعددة الجنسيات ... كل هذه المحاولات، تمثل انتكاسة لسياساتها وإستراتجيتها على الصعيد العالمي. أما بخصوص سياساتها في العراق والمنطقة فهي في تخبط لفشلها في توفير الأمن وصد "الإرهابيين!" و حتى لتغيير الأوضاع المعيشية للجماهير المليونية وتقديم الخدمات العامة، طبعاً ناهيك عن ممارساتها وسياساتها لإبعاد الجماهير من حسم مصيرها السياسي ومن سن دستورها. و ارتكازها على القوى القومية والطائفية والعشائرية والإسلامية، و في الوقت نفسه فشلها في تقدم قيد الأنملة بالقضية الفلسطينية والصراع الإسرائيلي- الفلسطيني وأخيراً لفشلها في تحديد الحكومة الانتقالية المطلوبة لسياساتها، التي تشكلت قبل أيام حسب التوافق الطائفي- القومي-العشائري بحيث تشكل وحدة متجانسة لتمثيل البرجوازية على صعيد العراق.
حكومة انتقالية "مؤقتة"، متضاربة في داخلها !
الحكومة المؤقتة الموجودة والتي تشكلت، هي حكومة الثالوث الطائفي القومي، تمثل القوى المختلفة من القومية الكردية والقومية العربية والإسلام السياسي، والعشائر. لهذه الجهات والحركات مصالح متبانية ومختلفة مع بعضها البعض. هًمْ الحركة الكردية هي فيدرا ليتها وتسليم جماهير كردستان إليها والإسلام السياسي برنامجه واضح وهو الوصول إلى تثبيت الحكومة الإسلامية بوسائل قانونية كانت أو بوسائل الإرهاب المباشر، أما بخصوص القومية العربية فهي حركة بدون راس أو حزب قوي، ولكنها حركة لها جذورها الاجتماعية على صعيد العراق والعالم العربي و لها شخصياتها وهي تبتغي وتهدف إلى جر الجماهير في العراق إلى السلطة القومية العربية. إذن برنامج متباينة و مختلفة مع بضها البعض، هذا الملوخية التي بدأت تقريباً بتحالفات و جبهات مختلفة منذ عدة سنين و لحين قبر ديكتاتور الحركة القومية العربية، كانت إلى حد ما متفقة على نقطة مشتركة وهي إسقاط الحكومة ولكنها متناقضة ومختلفة حول رؤيتها للحكومة العراقية القادمة. لكن بعد السقوط بدأ رفع الستار من قبل كل الاتجاهات لبرامجهم الواقعية لحركتهم، وأصبح الاختلاف وليس الانسجام الميزة المحورية بين تلك الأطراف حول عدد من قضايا المهمة ومنها الدستور العراقي المؤقت ونوع وتركيبية الحكومة وتوزيع المناصب فيها و حول بقاء ووجود قوات الاحتلال و دورها في العراق و حول مسألة الأمن و توفيره... كل تلك الاختلافات أدت إلى عدم الانسجام في تحديد تركيبة الحكومة بحيث شكلوا حكومة مشلولة فاقدة لقاعدة اجتماعية، هذا بغض النظر عن محتواها القومي الطائفي. أصبح شيخ لعشيرة رئيساً للبلاد وأصبح بعثي عتيق مثل آياد علاوى وهو مسئول شعبة كرخ الأطراف لحزب البعث في نهاية السبعينيات و عضو فرع المنصور رئيسا للوزراء. ظاهر المسالة هو اتفاق بين تلك الأطراف ولكن واقع المسألة هو عدم الاتفاق لأن المناصب الرئيسية والمحورية لم تأخذها الحركات الكردية والإسلام السياسي ولا حتى رؤؤس الحركة القومية العربية، بل أخذها أضعف واحد من داخل مجلس الحكم المنحل، حيث اتفقوا على إعطاء منصب رئيس الجمهورية لشيخ العشيرة الذي لم يعرفه أحد قبل سنة. وهذه يمثل عدم قابلية الثالوث الطائفي القومي لإدارة البلاد من جانب ومن جانب أخر تحمل في طياتها تناقضات كبيرة وجمة تؤدى إلى إنزلاقات كارثية خطيرة، لأنهم أتفقوا على مالم يتفقوا عليه، إنتخبوا عجيل الياور لأنه بامكان تلك القوى طرده بدون أن يتحرك أو يتغير أي شئ سواء كان على صعيد الشارع العراقي أو على صعيد الأحزاب أو حتى على صعيد الدول العالمية أو المنطقة، هذه الحكومة هي حكومة لإدامة وإدارة الأزمة الموجودة من قبل الأمريكان. لحد الآن وأمريكا لم تتمكن من توحيد صفوف البرجوازية العراقية في مؤسسة منسجمة تمكنها إدارة البلاد. البرجوازية العراقية تعيش في أزمتها الحكومية.
الحكومة المؤقتة كيف يجب أن تكون !
الحكومة المؤقتة يجب أن تكون حكومة لممثلين عن الجماهير في العراق، يجب أن تكون حكومة منتخبة من قبلها وذلك لضمان الأمن والمعيشة والحرية، حكومة من الجماهير وسلطتها المباشرة هي التي بامكانها أن توفر هذه المطالب التي تمس صميم المجتمع العراقي، لأن إدارة الاحتلال ومعها مجلس الحكم و القوى الموجودة فيه لم يتمكنوا وخلال سنة مضت من توفير أي مطلب من المطالب آنفة الذكر لا بل كانوا جزءاً من تلك القوى التي حاولت تعميق السيناريو الاسود و تعميق الفجوة بين العراقيين على أساس الدين والقومية و الطائفة والمذهب والقبيلة والجنس ... لم يتمكنوا من توفير الأمن لأنهم جزءا من الصراعات القومية والطائفية. الحكومة المؤقتة الممثلة بالممثلين من قبل الجماهير هي حكومة لقيادة المجتمع العراقي في فترتها الزمنية المحددة نحو حكومة علمانية وغير قومية و نحو تحقيق مطالب الجماهير و حقوقها من الحريات السياسية غير المقيدة وغير المشروطة إلى حرية التعبير عن الرأي , إلى المساواة التامة بين الرجل والمرأة إلى الإقرار على حق الجماهير في كردستان في تقرير مصيرهم للبقاء ضمن حدود العراق الحالي أو الإنفصال وتشكيل دولتهم المستقلة على اساس استفتاء حر جماهيري ، هذه الحكومة تقود العراقيين نحو هوية المواطنة المتساوية بغض النظر عن القومية والدين والجنس والطائفة، هي حكومة بامكانها طرد الاحتلال بوصفه عامل لخلق حالة اللاأمن واللاإستقرار بوصفه سلطة تحاول ابعاد العراقيين عن رسم مستقبلهم السياسي... هذه الحكومة هي حكومة عليها أن توفر الامن والوظيفة والمعيشة المناسبة للجميع... هذه الوظائف لن يتسنى للحكومة الموجودة أن توفرها للعراقيين. ربما يسأل السائل عن عدم وجود فرصة للانتخابات أو لانتخاب تلك الحكومة. ولكن هناك آليات مختلفة للانتخابات، هناك الحالة المطلوبة والحالة الممكنة. إن إنتخابات عامة على الصعيد العراقي في الوقت الحاضر ليست لها أرضية، ولكن هناك وجود مئات من الأحزاب و المنظمات السياسية والمهنية والجماهيرية... فيمكن عقد مؤتمر تأسيسي لكل تلك الأطراف، و انتخاب الحكومة من قبل ممثلي تلك الأحزاب و المنظمات، فذلك حالة ممكنة، وتمثل أكثر واقعية من هذه الآلية التي أختارها مجلس الحكم والاحتلال لتشكيل حكومتها التي لا تمت بصلة بتطلعات الجماهير في العراق وتشكلت بشكل سري من وراء الكواليس. هذه الحكومة أي الحكومة التي تنتخب بواسطة هذا المؤتمر وهي أقرب من الحالة المطلوبة ومن الناحية العملية والواقعية أقرب الى تمثيل الجماهير. ولكن تشكلت الحكومة المؤقتة " الانتقالية" ولم يسمع رأي العراقيين و ولم يسالوا عن رأيهم. إذن أمام العراقيين النضال وتوحيد الصفوف والتكاتف لإفشال السياسة الأمريكية وتلك القوى الموجودة معها في الحكومة الانتقالية، ولرفض هذه الحكومة، والنهوض بحركة جماهيرية جبارة، لحسم السلطة السياسية والانتخابات والدستور الدائم لصالح الجماهير و تطلعاتها. وهي تشكيل حكومة علمانية وغير قومية توفر الأمن و المعيشة والحرية لجميع المواطنين الذين لديهم حق مواطنة متساوية.
#سامان_كريم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تعذيب الديمقراطية، ديمقراطية التعذيب !
-
على الطبقة العاملة، أن تأخذ دورها الريادي في حسم الصراع السي
...
-
الكذبة التاريخية الكبرى، و البيان الصحفي (150) لمجلس الحكم ح
...
-
قانون إدارة الدولةالعراقية- الدستور المؤقت- وغطرسات الإسلام
...
-
جماهير إسبانيا إنتزعت حقها من مغتصبها !
-
لا يستتب الأمن والاستقرار‘ دون سيادة الهوية الإنسانية على مد
...
-
مقابلة مع سامان كريم مسؤول الحزب في مدينة كركوك، حول وثيقة ك
...
-
تقرير من كركوك
-
نشاطات مستمرة ومتواصلة لحزب و منظمة حرية المرأة في كركوك ضد
...
-
شعار الحزب يصبح شعاراً لمديرية شرطة كركوك - يجب منع الشعارات
...
-
الحزب الشيوعي العراقي الدين، الاسلام السياسي والوطنية ! - ال
...
-
الحزب الشيوعي العراقي الدين، الاسلام السياسي والوطنية ! - ال
...
-
رؤساء بلا سلطة !
-
حقيقة الصراع بين الجماعات الإسلامية الإرهابية، و الحزب الشيو
...
-
الإسلام السياسي في العراق، يكاد يفقد ظهيره!
-
نضموا أنفسكم، واتحدوا! حول - بيان الحريات السياسية -
-
كلمات قادة اليمين، تنذر بالمستقبل المظلم لجماهير العراق! على
...
-
الولايات المتحدة بعد قرار مجلس الأمن الدولي !
-
ورطة المعارضة البرجوازية العراقية ! على هامش قرارات بول بريم
...
-
التوآمان الارهابيان و القطب العالمي الثاني
المزيد.....
-
رقمٌ قياسيّ لعملة فضية نادرة سُكَّت قبل الثورة الأمريكية بمز
...
-
أهمية صاروخ -MIRV- الروسي ورسالة بوتين من استخدامه.. عقيد أم
...
-
البرازيل.. اتهام الرئيس السابق جايير بولسونارو بالضلوع في مح
...
-
اكتشاف عمل موسيقي مفقود لشوبان في مكتبة بنيويورك
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة: اليوم ردت روسيا على استفزازات -
...
-
الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان الحدث وحارة حريك في ال
...
-
أين اختفى دماغ الرئيس وكيف ذابت الرصاصة القاتلة في جسده كقطع
...
-
شركة -رايان- للطيران الإيرلندية تمدد تعليق الرحلات الجوية إل
...
-
-التايمز-: الغرب يقدم لأوكرانيا حقنة مهدئة قبل السقوط في اله
...
-
من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|