|
استفزاز القاتل
روست كورد
الحوار المتمدن-العدد: 2812 - 2009 / 10 / 27 - 20:25
المحور:
القضية الكردية
الوحش يصوب نظره إلى الغزلان في السارحة في السهول و الهضاب، و يشعر بالاستفزاز منها، يغضب، يهيجن تحمر عيناه، و من غضبه يتهجم عليها و يقدم على افتراسها و الانتقام منها. القاتل يستفز من كل ما يقوم به الأبرياء. فهو يبحث عن دافع حقيقي أو واهي لشرعنة شراسته و تهجمه عليهم. فحتى الغناء والأناشيد والأشعار والرموز وحتى الكلام اليومي كلها تثير استفزاز القاتل و تخلق فيه الحنق. نعم هذه هي الحقيقة والوحوش القاتلة تنشأ على هذه الغريزة فطريا، وهذه سنة الحياة و ناموس الكون؛ لا يمكننا نحن كبشر تغيره أو تحويله... الموضوع هنا بصدد القتلة التي تحمرّ أعينهم و الأكراد الأبرياء. فكونك مجرد كردي لا حول لك ولا قوة، من مخلوقات الله عز وجل، فأنت مصدر لاستفزازهم! أنهم- أي القتلة- يشتدون غيظاً لكونك ولدت كرديا؛ وكأن ولادة الطفل الكردي بات بالنسبة إليهم كفرا وهرطقةً. فبما أنهم لا يستطيعون الوقوف أمام مشيئة القوي الجبار في خلق عباده، لكنهم يتدخلون فيما خلقه و ما وهبه لخلقه، حيث يمنعونك من كل ما وهبه الله لك. فكل شيء ممنوع عليك إن كنت كردياً، ممنوعٌ أن تتحدث وتغني بلغتك، ممنوعٌ عليك أن تحتفل بعيد نوروز (عيد الحرية والربيع والنضال)، ممنوعٌ عليك أن تلبس أو تتزين كما تريد، ممنوعٌ أن تسمي أطفالك بأسماء كردية، ممنوعٌ عليك أن تقول: "انا كردي"! ممنوع عليك أن تسكن في بناية تعلو أكثر من أربعة طوابق في المدن الكردستانية. ممنوع عليك أن تشتكي من الجوع وان تصرخ عند الألم، ممنوعٌ عليك أن تطالب بأبسط حقوقك من أكلٍ وشرب، ممنوع عليك أن تصل إلى المراتب العليا و حتى السفلى في وظائف الدولة... سمعتُ عجوزاً كردياً يدعو الله قائلاً: " يا الله يا العزيز الجبار - استغفر من مشيئتك - ولكن لماذا خلقتنا أكرادا؟ ما هي حكمتك من خلقنا؟ أ لم يكن بالإمكان أن نتمتع بقليل من الإنسانية؟ ولكن مشيئة الرب هي "كن، فتكون كرديا مظلوما مقهورا مضطهدا". و لكن هل من مجيب؟ قبل ربع قرن مضى انطلقت أول رصاصة من بندقية (هفال عكيد) فدوى صوت الرصاصة جبال كردستان الشامخة و انتشر الصدى في جميع أرجاء البلاد وبقاع المعمورة. بصرخة رصاصة قتلت سكون الظلم و سبات الشعب الكردي و راحت تؤذن إلى الناس بأن أبطال كردستان قد عادوا و أن شمسهم قد أشرقت من جديد بعد طول غياب و عصورٍ من الظلمة. فتحولت جبال كردستان الشامخة إلى منارة الحرية تنادي شباب الكرد و تدعوهم إلى الالتحاق بثورة الحرية، إلى ثورة الوجود، إلى حربٍ بين مشيئة الله وبين مشيئة الظلام و الظالمين الذين وقفوا عاجزين أمام ما خلقه الله من رجالا ونساء متشبعين بإرادة سماوية و راغبين في تحقيق الحرية مثلهم كمثل الأشجار الباسقة التي لا تستطيع قنابل الغاشمين من حرقها ولا رياحهم العاتيات من اقتلاعها، فهم كصخرة تتكسر عليها سفن القراصنة و تدك صواريهم... أن هذا يذكرنا بسيرة الأولين الذين من قبلنا و كيف وقف سيدنا نوح فوق قمة جودي ينادي أبنائه في كل أصقاع الأرض و يدعوهم إلى السلام والإيمان، و كما وقف سيدنا إبراهيم عليه السلام فوق هذه الجبال يدعو البشر و الطغاة إلى الأيمان... أن فشل الجيش التركي يذكرنا بجيش نمرود (الملك البابلي) الذي وقف عاجزا أمام مشية الله عندما ألقى بسيدنا إبراهيم إلى النار. الحادثة تتكرر والمكان لم يتغير و أنصار الخير والشر ما زلوا في نفس الصراع. تركيا اليوم صاحبة جيش أكثر من جيوش نمرود وأسلحة أخطر من أسلحته وميزانية تتجاوز كنوز بابل و خزائن قارون، لكنها تقف عاجزة أمام إرادة الشعب الكردي العنيد. فبعد ربع قرنٍ من المحاولات الفاشلة وحروبٍ خاسرة، و أمام عناد و إصرار الشعب الكردي استسلمت تركيا وانكسرت وضاعت هيبتها تحت نعال جنودها المنهزمين و شعبها الذي انقلب بعضهم على بعض. واليوم، بعد كل هذه الفترة وبعد كل هذه الحروب والضحايا، ينبري الأتراك و يعتبرون مهرجان الحرية الذي اسُتقبل به أبطال الأكراد المفوضين إلى تركيا لأجل السلام استفزازاً لهم، وعدم احترامٍ لقتلاهم. و يصرح معطوبين من الجيش و حثالة من أهالي القتلى قائلين: "أين ذهبت دماء أبنائهم وأين ذهبت أعضائهم في الحرب بين الطرفين". لستم انتم فقط من فقد الأرواح و الأبناء، ونحن قدمنا أكثر منكم. لقد امتلأت جبال كردستان بأجساد شهداء الحرية، بأجساد أبنائنا، ولكننا كنا نحس بأبنائكم، نحس بآلامكم ونحترم حزنكم، ولكننا لا نترك قضيتنا و وطننا من اجل أبنائكم و جشع حكوماتكم. إن أبطالنا في الجبال احترموا أمنكم فحولوا الحرب من دياركم إلى ديارنا. كنتم تعيشون في عزٍ ونعيم و رغد، بينما كان الأكراد في مدنهم يتلقون أبشع صور القمع والتهجير القسري والاعتقال والنفي والاغتيال. نحن لم نأتي إلى بيوتكم حاملين أسلحتنا، بل انتم أتيتم، بل حتى افتخرتم بغزاتكم و رفعتموهم إلى درجة الأنباء حتى سميتُ جنودكم باسم (النبي محمد الصغار). فإذا لا تحملوننا ما اقترفت أيديكم، فأنتم تحصدون ما زرعتموه و ترتشفون السم الذي صنعتموه لنا. اسأل كل أب وأم و ابن وبنت في تركيا: ماذا كنتم تتوقعون من أبنائكم وأزواجكم وآبائكم الذين يهاجمون مرارا وتكررا على المناضلين الأكراد في مواقعهم؟ ماذا كان يفعلون؟ هل كانوا يأتون ويقطفون زهور كردستان أم يسبحون في ينابيع الجبال أم هم من هواة تسلق الجبال الوعرة؟ أو جاؤوا لصنع الحضارة و تنمية المدنية؟ كلا! بل حملوا السلاح ونشروا النار والخراب في ديارنا ويغريهم الماضي التركي الدموي ويريدون ان يعيدوا الاعتبار إلى حاضرهم بدماء الأبرياء من الشعب الكردي و يتمثلوا بأتاتورككم و هولاكوكم. الحل كان بين أيديكم. ماذا لكم في وطننا؟ هل لكم أراضي تحاربون من اجلها أو لكم أهل وأقارب تعرضوا للظلم عندنا، أم لكم ثروات و تاريخ عائدة لكم في بلادنا؟ لا يوجد لكم شي بيننا فلماذا تأتون من مدن تركيا البعيدة، لماذا ترسلون أبنائكم إلى الموت في بلادنا؟ ما هي فائدتكم في كردستان، أسألوا أنفسكم: مائة عام مضت و أخيراً منذ ربع قرن وانتم تحاربوننا فماذا جنيتم غير دماء أبنائكم، ماذا حصدتم من كردستان غير توابيت و نعوش أبنائكم وأزواجكم؟ نحن كنا نتألم على أبنائكم أكثر من حكوماتكم، ليس لدينا ضغينة ضدكم ولكن حكوماتكم و جيشكم العنجهي و على التوالي أرادت كل منها أن تثبت لكم بأنهم أبناء أتاتورك وأحفاد الغزاة العثمانيين... ضحيتم بزهور شبابكم في حروبٍ ومعارك كنتم خاسرين فيه دائماً... لقد مضى ربع قرن على هذه الحرب، فآن لكم أن تعرفوا حقيقة حكومتكم و آن الأوان لأن تعرفوا بأن أفضل حل لحقن دماء أبنائكم هو بتقبلكم في حق الأكراد بحريتهم و إقامة كردستانهم الحرة، فإما أن تعترفوا بهذه الحقيقة أو أن تستعدوا لاستقبال توابيت أبنائكم من جبال كردستان... فالغزلان لم تعد سهلة الإفتراس!
#روست_كورد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المجتمع السياسي
-
صعود وسقوط الدول
المزيد.....
-
-لابيد- يهاجم حكومة نتنياهو بشأن صفقة الأسرى
-
العراق.. إصدار أحكام بالإعدام على 82 متاجرا بالمواد المخدرة
...
-
الأمن العام بقطاع ركن الدين والمهاجرين في دمشق: ممنوع دهم أو
...
-
صحافة عالمية: نتنياهو يجري حسابات سياسية لدعم صفقة الأسرى
-
صحافة عالمية: نتنياهو يجري حسابات سياسية لدعم صفقة الأسرى
-
تكريساً للإبادة الجماعية:الاحتلال يستهدف مستشفى كمال عدوان م
...
-
غانتس: نتنياهو يخرّب مفاوضات صفقة تبادل الأسرى من جديد
-
إعدام 82 تاجر مخدرات في العراق
-
جسد مشلول وقلب مكسور: حكاية نور بين أنفاس الحياة والموت
-
ذوو معتقلين شاهدوهم يخرجون من سجون الأسد ولم يجدوهم
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|