|
تأجيل الإنتخابات المقبلة سيخلق فراغا دستوريا في العراق 1/2!
كريم الشريفي
الحوار المتمدن-العدد: 2811 - 2009 / 10 / 26 - 16:40
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
يعاني الشعب العراقي من أربع عقود خلت من أزمة الدستور المؤقت من عام 1961 - 2003 . لكن بعد السقوط المدوي للدكتاتورية ومجيئ قوات الإحتلال التي بشرت بدستور يشبه دستورها في العراق .عندها أصبح لدينا اختلال دستوري وليس ازمة دستورية فقط.وهذا الأختلال يحدث بالعادة في اوقات ناشئة عن تناقض يحصل بين الواقع السياسي والدستور المعلن من جهة وبين نصوص هذا الدستور عند التطبيق من جهة آخرى .حينها بدأت تتجذر لدينا الاختلافات الجوهرية بالقضايا السياسية والأجتماعية مما جعلها المدّ والجّزر ان تستفحل بسبب عدم وجود مرجعية واضحة الصلاحيات يخولها البت في مثل هذه الخلافات وهذا ما نعاني منه الآن. فنحن نعيش مرحلة محفوفة بالمخاطر من تأريخنا الحديث حيث ان هناك اختلالات بين ممارسة السطة وبين رفض الناس لهذه الممارسات في أكثر الأحيان مما خلق قنوات ترشحت من خلالها بؤر الأرهاب الخارجية التي سهلت لها القوة المتضررة من ازلام البعث والظلاميين لتنفيذ عمليات الموت والتفجيرات التي نراها امامنا والتي حصدت من أبناءنا واخواننا الكثير.اضافة الى ذلك هناك العديد من الشروخات الناتجة عن تباين الفهم لتفسير فقرات الدستوربين السياسيين أنفسهم.إن إفرازات التحولات السياسية والأجتماعية التي حصلت في العراق بعد زوال حكم البعث المقيت كثيرة. لكن ما صاحب تلك المرحلة من فوضى عارمة أثرت بقوة على الحراك الأجتماعي والسياسي في بنية الدولة العراقية من جهة ،والعلاقات المجتمعية وتفاعلاتها من جهة آخرى .من المؤكد ان الطاقم الذي استولى على قيادة المؤسسات لأدارة الدولة هو لم يكن مؤهل لسد الفراغ الحاصل والهوة التي برزت بعد التغيير لسبيبن .أولاً:لان الكثير ممن جاءوا بعد التغيير هم أكثر مايقال عنهم بالأجمال كانو كوادر في احزاب معارضة متواضعين، رغم قدم البعض منهم في قيادة أحزابهم مثل الشيوعيين، الأكراد بأحزابها الثلاثة – اليكتي ، البارتي ، والسوشيل.ثم الدعوة قبل الأنشقاقات فرع أقليمي ، وآخر عراقي، والمجلس الأعلى قبل التشظي الى منظمة بدر، وشهيد المحراب . ثانياً: هم من ركب موجة المعارضة متأخراً معتمدا على ثقل العشيرة والقبيلة ، والطائفة.والبعض الآخر ممن صاحب تلك الكوادر (لايفرق بين الناقة والجمل) ولم يعرف حتى عن التنظيمات الحزبية .. بل لايعرف شكل العقد الأجتماعي الذي يبرم بين الناس والدولة وهؤلاء لعمري.. لم يّطلعوا حتى على كتاب - السياسة لأرسطو- الذي يمثل الأبجدية لعلم السياسية لانه سبق علم الأجتماع السياسي بقرون هذا العلم الذي اعتمد على تحديد - ارسطو- في الربط بين السياسة والدولة واسهب بالتصنيف المعتمد الى الآن في علم السياسية وهو أشكال النظم السياسية ابتداً من الملكية، والارستقراطية ثم الجمهورية. وتناظر هذا الثلاثي .. ثلاثة أشكال آخرى منّحطة كما يسميها، هي الأستبدادية،الأوليغارشية والديمقراطية ويأخذون طبعاً بالجمهورية في الوقت الحاضر لأنها تأخذ من فوائد الديمقراطية أكثر فأغلب هؤلاء لم يعرف ابجدية العلاقة لكن ادخلوهم في دورة تدريب على عجالة ليتعلم شيئ ما ان استطاع . والحقيقة منذ ثلاثة عقود ونحن بالمعارضة الحقيقية من سجون البعث الى كردستان ومنها الى المنفى لم نسمع بالكثير بل لم نعرف عن هؤلاء الكثير الذين جاؤا بالظل وزحفوا لقيادة مجتمع مثل المجتمع العراقي وكما يسميهم البعض الآن (قيادات الصدفة) وانا اقول قيادات (الحسبة) لانها تعتمد على النيّة،و الظنّ ، والتقدير،والتّوقع، والتوكل ، والتربة، واللحية، والسبحة، والتّذلل بالطاعة ويدعمونهم بالآية القرآنية التالية (( ويرزقه من حيث لا يحتسب)) صورة الطلاق ! بكل تأكيد كادر الحزب المعارض مهما علت درجته الحزبية يحرص على ديمومة وبقاء حزبه وتنظيمه للتعاطي مع القضايا التنظيمية والادارية ، اضافة للعلاقات بين الأحزاب الأخرى والمنظمات المشابهة التي تهتم بالشأن السياسي محلياً أو إقليميا او حتى دولياً – الأشتراكية الدولية- كان الاتحاد الوطني الكردستاني عضوا بها .. أما أن يقود دولة ومجتمع فجأةً فهذا بكل تأكيد سيجعله يواجه مطبات صعبة وشائكة قد تقوده الى القوقعة بعد ان يظهر التنافس الأثني ، والديني ، والطائفي ، والحزبي ، والعشائري مع الآخرين على اشده.. وهذا مما عشناه وسنبقى نعيشه الى سنوات آخرى. لا اريد ان أكون متشائماً ويتهمني البعض في تثبيط الهمة للآخرين..لكن أقول لهؤلاء عليكم برؤية المشهد الذي نعيشه بواقعية وعقلانية ستكتشفون بعدها ان الوضع الذي يّمر به العراقيين لايشجع على التفائل. بعد ست سنوات من زوال البعث البائد. الكل يتحدث عن شرعية وجوده ومصالحه، ومستقبله.. وهذا أمر مشروع .. لكن على القيادي في مؤسسات الدولة ان يأخذ بعين الأعتبار شرعية ومصالح ومستقبل المواطن، بالتوازي مع مصالحه وشرعيته . بعد عدة انتخابات متنوعة من انتخابات الفتوة، والعشيرة، والحزب عدنا الى مربع الصفر.مرة بالقائمة المغلقة ، ومرة بالأقتراع السري ،ومرة بالمحاصصة التي جاءت بالطفيليين، وبعض ايتام النظام السابق الذي بدل جلده مثل الأفعى وأصبح الذراع الضارب للسيد، ولرجل الدين الذي يعرفه لكن يغض الطرف عنه لانه مستفيد من ولائه لتحقيق أهدافه .. وهذا السلوك يراكم من محنّنا ومشاكلنا. بعد سنوات عجاف من تغزلنا بالدستور، وبفقراته التي تآسرالعين والأذن من كثرة التأكيد على حقوق المواطن ، ورفع الحيف عنه ، واقرار كرامته ،ثم أمضينا الكثير من الوقت بالثناء عليه وعلى شرعيته أي الدستور ..لكن بعد فترة استفقنا من بهجتنا الزائدة واكتشفنا بأن الدستور لايفي بمتطلبات المرحلة وعلينا تبديل الكثير من فقراته ومواده القانونية ، في البداية شاهدنا البعض على استيحاء وخجل يظهر عدم الأعتراض والبعض من الفرقاء الذين تغزلوا بفرادة الدستور بأنه ثابت من ثوابت الحياة فألبسوه لبوس التقديس . والبعض الثالث كان يتّمنع على وجل من الخوض بتغيير بعض مواد الدستور خشيةً من الآخرين . والبعض الآخر لايعنيه الأمر لانه أصبح عضو برلمان وضمن مستقبله وراتبه التقاعدي فهذا الأمر لم يعد يعنيه بالمطلق لانه حقق أحد أهم احلام الف ليلة وليلة. والبعض الآخر يعترض عليه ويتمادى بالأعتراض ويطالب بقوة تغييره لانه يضّر بمصالحه الخاصة ومستقبل حزبه السياسي . كل هذا والمواطن يتفرج على المشهد السياسي . بعد كل هذه المقدمة ..ان البلد مقبل على أزمة دستورية بل فراغ دستوري وهذا التداعي سيخلق فراغ سياسي وكذلك أمني مثلما هو حاصل اليوم .. لانه لا المجلس السياسي قادر على ملئ هذا الفراغ ولا البرلمان ولا السلطة التنفيذية التي تقوم بالترقيع تارةً بأستبدال المسؤولين السياسيين والأمنيين ولآخرى العسكريين الذين تحوم عليهم الشبهات بتعاونهم مع عصابات الأرهاب وهؤلاء كانوا من سياط البعث ومشهود تأريخهم لكن التفوا حول الشيخ ، والسيد، وأصبحوا بقدرة قادر من الحاشية، لذلك تمت تزكيتهم ومن ثم عودتهم بأستثناء من قرار - بريمر- بأجتثاث البعث الذي تحّول الى قانون المساءلة والعدالة بعد أن تغير بسرعة البرق بيما كان( ثابتاً) بالدستور المقدس الذي لاتتغير فقراته. إن مسالة كركوك لم يقترب منها السياسيين الحقيقيين ولا الذين اصبحو بالصدفة قادة من كل الفرقاء والكتل بما فيهم اسرى الحرب العراقية الأيرانية. ان هناك خلافات حادة حول قانون الأنتحابات القديم- الجديد .لأن مجلس النواب لم يشكل حقيقة تمثيل العراقيين لا من قبل ولا من بعد لان اكثرهم جاء بالمحاصصة المقيتة .لذلك نصف الأعضاء لايفقه آلية العمل في المجلس لأنه جاء بالنية والحسبة، ولدينا أسماء كانوا من جلادينا .. كيف دخلو هؤلاء هذا المجلس فقط الراسخون بالدهاليز والسراديب يعرفون ذلك! المهم هناك أولويات أولها مصلحة المواطن في توفير الخدمات البسيطة التي يفتقر لها مثل: الأمن ، والخدمات ،والعمل، والصحة..هذه الأشياء هي من صلب عمل كل المؤسسات الحكومية بمثلثها الحتمي . السلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية، والسلطة القضائية..للأسف في كل هذه السلطات توجد إخفاقات وفساد، ورشوة والكل يعرف هذا ! ومن يشك عليه فقط أن يقرأ تقرير هيئة النزاهة رغم عدم نزاهة بعض العاملين بها للأسف. عندها يكتشف الخرق الفاضح في اداء هذه المؤسسات . على أي حال، إننا سنمر بفراغ دستوري( شاء من شاء وأبى من أبى) لو تدخل الكونغرس الأمريكي وليس مجلس الرئاسة ..لا بل حتى المرجعيات قاطبة من الهند الى الأزهر لاتمنع هذا الفراغ.
#كريم_الشريفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من مخلفات الثقافة العرجاء..
-
كرنفال أُممي للشيوعية...!
-
قفزة للأمام بالمواطنة... لبنان مثلاً!
-
وظيفّة شاغرة ..عنوانها رئيس برلمان في العراق!!
-
مؤسسة السجناء السياسيين.. إرث أُمة، ومشروع نهضّة!
-
مؤسسة السجناء السياسيين ما لهّا .. وما عليّها ؟ 2/2
-
مؤسسة السجناء السياسيين ما لهّا .. وما عليّها؟ 2/1
-
أوجه من مثالب القضاء في العراق قديماً وحديثاً..!
-
75عام والحزب الشيوعي العراقي لازال يافعاً..
-
قوة اليسار.. رؤية وتفائل ..!
-
(( لكل جديدٍ لذّة ))
-
الوِداع الأخيّر
-
الأتفاقية الأمنية بين موافق... ولا معارض!!
-
مناظرات أم مهاترات...؟
-
ولادة بلا فرح
-
للنبّيذ أوان..
-
شجن الأثير
المزيد.....
-
بعد صدور مذكرة اعتقال بحقه..رئيس الوزراء المجري أوربان يبعث
...
-
مفوضة حقوق الطفل الروسية تعلن إعادة مجموعة أخرى من الأطفال
...
-
هل تواجه إسرائيل عزلة دولية بعد أمر اعتقال نتنياهو وغالانت؟
...
-
دول تعلن استعدادها لاعتقال نتنياهو وزعيم أوروبي يدعوه لزيارت
...
-
قيادي بحماس: هكذا تمنع إسرائيل إغاثة غزة
-
مذكرتا اعتقال نتنياهو وغالانت.. إسرائيل تتخبط
-
كيف -أفلت- الأسد من المحكمة الجنائية الدولية؟
-
حماس تدعو للتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية لجلب نتنياهو و
...
-
وزير الدفاع الإسرائيلي يوقف الاعتقالات الإدارية بحق المستوطن
...
-
133 عقوبة إعدام في شهر.. تصاعد انتهاكات حقوق الإنسان في إيرا
...
المزيد.....
-
التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من
...
/ هيثم الفقى
-
محاضرات في الترجمة القانونية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة
...
/ سعيد زيوش
-
قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية
...
/ محمد أوبالاك
-
الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات
...
/ محمد أوبالاك
-
أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف
...
/ نجم الدين فارس
-
قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه
/ القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ اكرم زاده الكوردي
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ أكرم زاده الكوردي
-
حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما
...
/ اكرم زاده الكوردي
المزيد.....
|