أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رابحة الزيرة - بين ديناميكية الاجتهاد وميكانيكيته














المزيد.....

بين ديناميكية الاجتهاد وميكانيكيته


رابحة الزيرة

الحوار المتمدن-العدد: 2810 - 2009 / 10 / 25 - 01:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في فترة الاستعمار البريطاني في الهند تعرّف الإنجليز على أحكام لا قبل لهم بها في العلاقات الزوجية والأحوال الشخصية بحسب الشريعة الإسلامية وخاصة فيما له علاقة بقضايا الطلاق وأسبابه وأنواعه كطلاق الخلع، أو التفويض، أو ما اصطُلح عليه بطلاق بينونة صغرى وأخرى كبرى، وغير ذلك، فتذكر كتب التاريخ أنه لما علم أحد القساوسة بأنّ المرأة المسلمة إذا بدّلت دينها فإنّ زواجها يصبح باطلاً، وينفسخ عقد النكاح تلقائياً (أي تعتبر طالقاً وإن لم يطلّقها القاضي)، ووجد فيها طريقة سهلة للتشجيع على تنصير المسلمين الذي كان يسعى له الإنجليز آنذاك، فأعجبته الفكرة وأخذ المبادرة في الموافقة السريعة على تطليق النساء اللاتي يبدّلن دينهنّ إلى المسيحية، حتى أنّ بعض النساء المتضرّرات كنّ يكذبن على القاضي بهدف تسريع إجراءات الطلاق المستعصية ما اضطرّ القضاة بعد ذلك إجراء اختبارات احترازية لكي لا يُخدعوا، كأن يقدّموا للمرأة خمراً لتشربه، أو لحم خنزير لتأكله، أو أن يطلبوا منها أن تسيء إلى رسول الله (ص)، فإذا اجتازت تلك الامتحانات وتأكّدوا من تنصّرها أصدروا وثيقة طلاقها.. ما يعني أنّ بعض النساء كانت مستعدة أن تكذب وترتكب الحرام وتفارق دينها لأجل خلاصها من ظلم زوج مستبدّ طالما لم يترك لها الفقهاء سوى هذا المخرج.

هذه المعلومة، وحقائق وحوادث أخرى كثيرة صادمة تصفع المرء كلما قرأ وتبحّر فيما له علاقة بتنظيم العلاقات الأسرية، وتدعو لإعادة طرح هذا الموضوع مراراً وتكراراً لقرع جرس الإنذار وإزعاج القائمين على سنّ أو البتّ في قوانين الأحوال الشخصية من قضاة ومشرّعين ونوّاب لعلّ ذلك يخلق حالة من الشعور بالأزمة أو الخطر المحدق بالأسرة وبالمجتمع، بل وبالدين وعدالة أحكامه، وبهم كسلطة قضائية أو تشريعية، فمهما تصبر النساء على الظلم الواقع عليهنّ من جرّاء الأحكام الجائرة في قضايا الأحوال الشخصية، وتجاهل المعنيين لمشاعرهنّ ومشاعر أطفالهنّ والآثار السلبية المترتّبة على تلك الأحكام، فلابدّ لقيدهنّ أن ينكسر يوماً.

ليس هناك أحكام أسرة موحّدة في الدول الإسلامية، بل هناك تفاوت وتباين كبير بينها اعتماداً على عقلية المشرّعين و(ميكانيكيتهم) في إصدار الأحكام حسب قوالبهم الجامدة والبالية، أو بناء على تفتّح عقولهم وانفتاحهم على الواقع وقدرتهم على مواكبة العصر استناداً على مقاصد الشريعة وبتفعيل الاجتهاد (الديناميكي) والفقه النابض بالحياة مع كلّ قضية وملابساتها وكلّ حكم وظروفه، فعلى سبيل المثال لازال هناك بعض القضاة يفرضون على الزوجة انتظار الزوج المفقود أو الغائب تسعين عاماً (إذاً يتحتّم عليها أن تستلف عمراً إضافياً لتفي بحقّ الزوج الغائب!) ثم خفّفوها إلى خمسين عاماً (يا للحكمة والإنصاف!)، بينما تطوّرت أحكام بعض الدول وقلّصت فترة الانتظار تلك إلى أربع سنوات، ثم إلى سنة واحدة، ثم إلى ستة أشهر بناء على أسباب الغياب أو الفقد.

فالاجتهاد الديناميكي (المتحرّك) مثله مثل الجهاز الذي يعمل بمحركاته الخاصة وليس بحاجة إلى أسباب من خارج النصّ أو الشريعة ليأتي بقانون يحقّق العدالة ويحفظ الحقوق وإنما هناك مساحة شاسعة من اليسر والسعة والرحابة التي بإمكانه أن يتحرّك فيها فلا يتعدّى حدود الله ولا يضيّق على عباد الله، وبإمكانه أن يقلّص تسعين عاماً من الانتظار إلى ستة أشهر بقواعد فقهية صحيحة، منطلقاً من وصايا قرآنية عامة كما في قوله تعالى: "فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ" وقوله: " وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ"، و"فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ"، وغيرها، بينما الاجتهاد الميكانيكي (الجامد) يشبه العربة التي لا يمكنها أن تتحرّك إلا بمحرّك من خارجها أحصاناً كان أو حماراً (كرّمكم الله).

فوجئت بتصريح أحد نوّاب أحد الكتل البرلمانية في البحرين حين صرّح بأن " قانون أحكام الأسرة في شقه الشيعي لن يرى النور طالما يرى البعض صعوبة تحقيق مطلب العلماء المتمثل في الضمانة الدستورية ، وأضاف إنّ الأمة ليست متعطّلة على قانون أحكام الأسرة، فهي سارت لأكثر من 1400 سنة من دون وجود تقنين لأحكام الأسرة، وممكن أن تستمر أيضا 1400 سنة أخرى من غير تقنين للأحكام الأسرية، فنحن مستعدون أن ننتظر 2800 سنة !!

لا أدري عن أيّ أمّة يتحدّث، فالأمة الإسلامية في مناطق مختلفة من إيران، إلى تونس، إلى الجزائر، والمغرب، ومصر، والأردن، واندونيسيا، وماليزيا، وباكستان، وبنغلادش، وحتى الهند ذات الأقلية المسلمة، والمسلمين المهاجرين إلى البلاد الأوروبية أسّسوا لأنفسهم كيانات قانونية، ومراكز بحثية، ومجالس شرعية ليطبّقوا أحكام الأسرة فيما بينهم بحسب الشريعة الإسلامية بما لا يتنافى وقوانين الدولة المضيفة، بينما يريد البعض هنا أن نبقى أربعة عشر قرناً أخرى بلا قانون لأحكام الأسرة ليخفّف من معاناة تلك الأسر المتضرّرة – رجالاً ونساء وأطفالاً - كرامة لعيون بضعة من رجال الدين الذين لا يكترثون لما يجري على تلك الأسر المفكّكة والتي تعاني من استحالة استمرار الحياة بين زوجين متباغضين وأطفال مشتّتين، وعجباً لآلاف النساء اللاتي لم تأخذهنّ الحمية على حقوقهن ولم نسمع منهن أية ردّ فعل على تصريحات غير مسئولة كهذه.

قد يغيب عن المتغافلين عن حقوق الأسرة والرافضين لتقنين أحكامها أنّ "طلاقاً بائناً بينونة كبرى" سيقع بينهم وبين قاعدتهم الشعبية من النساء بالذات إذا تمادوا في التعامل معهنّ كنعاج تائهة، فإن لم تتحرّك تلك النساء اليوم خوفاً أو لبقية احترام لازالت تكنّه لرموزها الدينية، فإنّ موجة غضب النساء العالمية لن تخطئ ظالميها وهي تتقدّم بإصرار لانتزاع حقوقها.



#رابحة_الزيرة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- احذر أن تفضحك لغتك اللاواعية
- الخروج من قوقعة التعصب يبدأ بسؤال
- وحدها الظهور المحنية تصلح لتكون مطيّة
- إن لم يوحّدنا العيد .. فلنسمح للحكمة أن تفعل ..
- سلَك الوادي وحده.. وما يزال
- قرآن مترجم بمذاق غربي
- ناصبو الراية بغواية .. وغاصبو الدين لغاية
- سقيا رمضان .. من رمضاء المحبة
- راية الدين حين تنتصب منكوسة بيدِ حمَلتِها
- رؤية الأحداث بعيون المخرج الإعلامي
- التهويد وطمس الهوية
- المادية وتقزيم الأرواح
- الرحمة الواسعة المفتوحة.. لا مُمْسكَ لها..
- الصلاة لكبح جماح المادية المطلقة من عقالها
- ألوانكم، وورودكم، ومخملكم .. هل تستر عورتكم؟
- مبرّدات لصيفنا الساخن
- طرق على أبواب حصن التعليم المنيع
- إلى عدوٍّ ملّكته أمري!
- أرأيت من ينصب العداء لنفسه؟
- شرنقة الغش تخنق أنفاس الإصلاح


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رابحة الزيرة - بين ديناميكية الاجتهاد وميكانيكيته