|
الاسلاميون والجيش في باكستان
محمد سيد رصاص
الحوار المتمدن-العدد: 2807 - 2009 / 10 / 22 - 08:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كان الجيش،منذ انشاء دولة باكستان يوم14آب1947،هو القوة الثابتة الوحيدة في ذلك البلد،وإذا كان العسكر الباكستانيون قد تحالفوا مع قوى محلية أخرى،مثل البيروقراطية الإدارية التي وقفت مع انقلاب الجنرال أيوب خان عام1958ضد الأحزاب المدنية أومثل الاسلاميون مع الجنرال ضياء الحق عام1977ضد ذوالفقار علي بوتو أوالجنرال برويز مُشرَف في انقلابه على رئيس الوزراء نواز شريف حيث ظل الاسلاميون لسنتين خلف مشرَف حتى(11أيلول2001)،فإن تلك القوى لم تظل ثابتة القوة مثل المؤسسة العسكرية. مع هذا،فإن علاقة الاسلاميين مع العسكر الباكستانيين تظل علاقة ذات طابع خاص هي أبعد من علاقة أولئك المئات الذين كانوا يمثلون قمة ونخبة كادر(جهاز الخدمة المدنية)التي يغطي مئات الآلاف من أفرادها الشبكة الإدارية لباكستان،وهي كذلك أيضاً بالمقارنة مع علاقة ذوالفقار علي بوتو وحزبه المتقلبة مع الجنرال أيوب خان أومع خليفته الجنرال يحيى خان(1969-1971)الذي حالفه بوتو ضد مجيب الرحمن زعيم حزب (رابطة عوامي) في باكستان الشرقية الفائز في انتخابات البرلمان الباكستاني بالشهر الأخير من عام1970. أتت هذه العلاقة الخاصة من الطابع الديني في تكوين دولة باكستان التي أرادها المؤسس محمد علي جناح"دولة لمسلمي الهند"،فيماأرادها أبوالأعلى المودودي،زعيم ومؤسس تنظيم(الجماعة الاسلامية)عام1941،"دولة اسلامية":قدمت(الجماعة الاسلامية)،التي أتى مؤسسها لباكستان من ولاية حيدر آباد الدكن جنوب الهند حيث المسلمون أقلية بتلك الولاية،امتداداً للدولة الناشئة في اقليم كشمير،الذي نشبت الحرب مع الهند بشأنه بعد أشهر من قيام باكستان،من خلال تنظيم(الجماعة الاسلامية في كشمير)وذراعه العسكري المسمى(حزب المجاهدين)،حيث كان هذا التنظيم الكشميري القوي ينادي بوحدة الاقليم مع باكستان بخلاف تنظيمات كشميرية قوية منافسة مثل(جبهة تحرير جامو وكشمير) المطالبة بدولة مستقلة. أيضاً،كانت (الجماعة الاسلامية) هي الذراع المدني الباكستاني الذي رعى ملايين اللاجئين الأفغان في الإقليم الشمالي الغربي الحدودي بفترة مابعد غزو 1979السوفياتي لأفغانستان عبر المدارس والمستشفيات وكانت هي كذلك الراعي لتنظيمات"المجاهدين"الأفغان التي أصبحت مقراتها في بيشاور،بالتنسيق مع الإستخبارات العسكرية الباكستانية،وهو مااستمر في تسعينيات القرن العشرين لما تعاونا من أجل مد النفوذ الباكستاني ليس فقط على كابول وإنما أبعد شمالاً نحو الجمهوريات الاسلامية السوفياتية السابقة. لم تصطدم هذه الجهود فقط بصراعات"المجاهدين"بين عامي1992و1996حول من يسيطر على كابول:حكمتيار أم أحمد شاه مسعود،وإنما تضعضعت أيضاً من خلال رعاية وزير داخلية حكومة بنازير بوتو(تشرين أولأوكتوبر1993- تشرين ثانينوفمبر1996)لعملية تكوين حركة(طالبان)عبر نواة تمثلت في طلاب بعض مدارس اللاجئين الأفغان التي كان يرعاها السلفيون الباكستانيون المعادين بقوة لأصولية تنظيم(الجماعة الاسلامية)،وقد كانت سيطرة (طالبان)على كابول في أيلولسبتمبر1996ليست ضربة فقط لشاه مسعود الذي لجأ للشمال أولحكمتيار الذي ذهب إلى طهران،وإنما كذلك إلى(الجماعة الاسلامية)ومن خلفها المؤسسة العسكرية الباكستانية. صحيح أن باكستان اضطرت في عهد نواز شريف(تشرين ثانينوفمبر1996- تشرين أولأوكتوبر1999)إلى دعم (طالبان)ضد(تحالف الشمال)بقيادة مسعود الذي دعمه مناوئو اسلام آباد في نيودلهي وطهران وموسكو وهو مااستمر أيضاً لعامين أعقبا انقلاب الجنرال مشرَف حتى(11أيلول2001)،إلاأن ضرب البرجين بنيويورك في ذلك اليوم من قبل انتحاريي ابن لادن المقيم بأفغانستان تحت رعاية(طالبان) قد أجبر الجنرال الحاكم في اسلام آباد على الإختيار بين واشنطن والاسلاميين،سواء أكانوا باكستانيين أوأولئك المقيمين أوالحاكمين ببلاد الأفغان،كمااضطره إلى إقالة رئيس الإستخبارات العسكرية الباكستانة الجنرال محمود أحمد الذي كان يظهر ميولاً اسلامية مثل سابقه الجنرال حميد غول بالثمانينيات. ربما،كان انشقاق العسكر والاسلاميين الباكستانيين،الحاصل منذ(11أيلول)،من أهم الأحداث الفاصلة في تاريخ باكستان،يصل بتأثيراته وتداعياته إلى مرتبة أحداث كبرى مثل انفصال باكستان الشرقية عام1971،حيث أن المشهد الباكستاني قد تحدد بشكل رئيسي بالسنوات القليلة الماضية عبر هذا الإنشقاق،والذي كان موضوعه هو(كابول- واشنطن)،وهو الذي وحدَ الاسلاميين وعسكر باكستان في الثمانينيات ضد السوفيات،ليعود ويفرقهما هذا الموضوع بعد ضرب البرجين وماأعقبه بأسابيع من غزو أميركي لأفغانستان أيده مضطراً الجنرال مشرَف رغم كونه قد جلب إلى كابول كل أعداء باكستان ببلاد الأفغان،من طاجيك وأوزبك وهازارا،وأطاح بحكم(طالبان)المدعومة من أكثرية قومية الباشتون(60%) ذات الروابط مع اسلام آباد . هنا،وصلت تداعيات هذا الإنشقاق حتى حدود العنف المسلح:محاولتا اغتيال الحنرال مشرَف بظرف عشرة أيام(14- 25 كانون أولديسمبر2003)،أحداث المسجد الأحمر بصيف2007،وصولاً إلى مواجهات2009في وادي سوات ومقاطعة وزيرستان بين الجيش وحركة(طالبان باكستان)التي تعطي عنواناً لإنتقال ثقل الاسلاميين من أصوليي(الجماعة الاسلامية) إلى سلفيين باكستانيين يقتدون بطالبان أفغانستان(بخلاف معادلة الثمانينيات بين الجماعة الاسلامية الباكستانية والتنظيمات الأفغانية،أومعادلة التسعينيات لماولدت حركة طالبان الأفغانية من رحم السلفيين الباكستانيين). كان هذا العنف الواصل لذروة معينة بصيف2007هو الدافع عند واشنطن نحو الضغط على الجنرال مشرَف من أجل عقد صفقة مع بنازير بوتو بخريف ذلك العام تتيح مشاركة"ما"بين العسكر والأحزاب المدنية ضد الاسلاميين،وهو مامهدَ،رغم اغتيال بوتو بالأسبوع الأخير من عام2007،للإنتخابات البرلمانية بشباط2008 ثم لإستقالة مشرَف بعد ستة أشهر،ولإقامة ثنائية حاكمة من حزب الشعب(زرداري- جيلاني)مع المؤسسة العسكرية،لم تستطع أن تنهي أوتهدىء ،بعد،الإضطراب الباكستاني. إذا كان زعيم(طالبان باكستان)المقتول،بيت الله محسود،قد تراكمت الكثير من الدلائل على مسؤوليته عن اغتيال بنازير،فإن تسمي المجموعة المسلحة، المقتحمة يوم 10تشرين أولأوكتوبر2009للمقر العام للجيش الباكستاني في روالبندي والذي يضم الهيئة العامة للأركان،بإسم (مجموعة أمجد فاروقي) يحوي دلالات أكبر،وهو الذي أشارت الدلائل حتى مصرعه بأيلول 2004إلى كونه المخطط الرئيس لمحاولتي اغتيال الجنرال مشرَف،والذي أيضاً ينتمي إلى اقليم البنجاب الذي كان المورِد الأكبر لفئة الضباط الباكستانيين منذ عام1947؟............
#محمد_سيد_رصاص (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
انزياحات ألمانية انتخابية
-
أولوية أفغانستان عند واشنطن
-
من أجل نظرة ماركسية وعلمانية عربية جديدة للدين
-
الفرقة الزيدية والحوثيون
-
عن وسطية هاشمي رفسنجاني
-
فراغات القوة الأميركية
-
الاضطراب اليمني
-
مفهوم يهودية دولة اسرائيل عند اتجاهات الحركة الصهيونية
-
ايران:هل ستكون المآلات سوفياتية أم صينية؟
-
إريتريا: تعويم دور دولة صغيرة ثم اغراقه
-
واشنطن وتل أبيب: تاريخ الصدام
-
الهند: اقتراع الديموقراطية الأكبر في العالم!
-
دارفور:النزاع غير المنسي -
-
مسار التحول اليميني الاسرائيلي
-
وصول النزاع السريلانكي المنسي إلى مرحلة حاسمة
-
إلى أين وصلت حروب ونزاعات منطقة البحيرات الإفريقية الكبرى؟..
...
-
الإمبراطورية والثقافة
-
هل الرؤساء الأميركان وجوه متعددة لعملة واحدة ؟......
-
مآزق المعتدلين العرب
-
ماذا ترتبط الزعامة المصرية للشرق العربي مع تدهوره وسقوطه؟...
...
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|