رحيم حسن العكيلي
الحوار المتمدن-العدد: 2806 - 2009 / 10 / 21 - 20:51
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
العراق في تقرير الشفافية
لعام 2009
/ رئيس هيئة النزاهة في العراقيحتل العراق منذ عام 2007 التسلسل (178) في جدول الدول الذي تعده منظمة الشفافية الدولية مؤشرا لمدركات الفساد فيها وذلك يضعه في التسلسل قبل الأخير في جدول الدول العربية ، الا ان المنظمة تؤكد ان العبرة ليست بتسلسل البلد بالنسبة لدول العالم ، بل العبرة بعدد النقاط التي يحصل عليها في المؤشر المكون من عشر نقاط ، فكلما ارتفعت درجته من عشرة كان اكثر نزاهة ، اما اذا انخفضت كان اكثر فسادا ، والتحسن في وضعه ليس بالنظر الى صعوده في جدول تسلسل الدول او تراحعه في ذلك التسلسل ، بل زيادة عدد نقاطه من عشرة او بنقصانها بغض النظر عن موقعه في الجدول بالنسبة للدول الاخرى ، فاذا تراجعت نقاطه من (2) مثلا في تقرير العام الماضي الى (1) في تقرير العام الذي يليه فذلك مؤشر سيء ولو كان قد تحسن تسلسله في جدول الدول لان ذلك قد يتحقق بسبب زيادة الامر سوءا في دول اخرى او بسبب عدد الدول الداخلة على الجدول ، اما اذا زادت نقاطه فذلك مؤشر على تحسن وضعه ، كأن يكون حصل على (3) في عام 2008 وحصل على (4) عام 2009 فلا عبرة على جدول الدول ، ولكن العبرة بعدد نقاطه وبمدى زيادته او نقصانها عن العام الماضي ، فالعراق كان قد حصل عل (1,5) عام (2007) وكان تسلسله على الجدول (178) من (180) دولة ، وساء حاله في عام 2008 اذ نزلت درجته من (1,5)الى (1,3) الاانه ظل في التسلسل (178)من (180) دولة في حين كان تسلسله في جدول عام 2006 هو (161) ولكن من بين (163) دولة على الجدول فقط الا ان درجته كانت (1,9) ، في حين كان في عام 2004 في التسلسل (141) ولكن من(159) دولة على الجدول فقط ، وكانت نقاطه (2،2) .
وكان العراق قد دخل لاول مرة على تقارير تلك المنظمة منذ عام 2003 ، وهو منذ ذلك التاريخ تراجع في عدد النقاط التي يحصل عليها في كل تقرير ، باستثناء عام 2005 ، اذ حصل على (2,2) عام 2003 وتراجع عام 2004 الى (2,1) وصعد الى (2,2) عام 2005 وعاد للتراجع عام 2006 الى (1,9)ونزل الى (1,5) عام 2007 ونزل مجددا عام 2008 الى (1,3) الا انه في عام 2009 ظل على درجة العام الماضي (1,3) ولم ينزل عنها ، فكان ذلك اول مؤشر جيد منذ عام 2005 ، اذ ان العراق ظل يتراجع على المؤشر في الاعوام الماضية ، الا انه توقف هذا العام عن التراجع ، فرغم انه لم يحصل على نقاط اعلى ، الا انه لم يحصل على نقاط اقل كما حدث في الاعوام الماضية .
وقد اشرت الشفافية الدولية عام 2009 ان نسبة من قالوا من العراقين انهم دفعوا الرشوة او احد افراد عوائلهم خلال العام الماضي هو (44%) من المستطلعين البالغ عددهم (800) شخص من مختلف ارجاء العراق ، وهذه النسبة كانت قريبة الى ما توصلت اليه استطلاعات هيئة النزاهة التي اشرت ان نسبة من قالوا بدفع الرشوة بلغت (36%) في بغداد في شهر نيسان /2009 ، رغم ان استطلاع الهيئة كان اكثر تحديدا ودقة من حيث السؤال ، اذ استطلعت الهيئة مراجعي الدوائر المعنية بعد خروجهم منها مباشرة ، وبمناسبة المعاملة التي اجروها ذلك اليوم فسالتهم فيما اذا دفعوا رشوة خلال تلك المعاملة ، واقتصرت على سؤالهم عن تجربتهم هم ولم تسألهم عن تجارب الاخرين ، اما الشفافية الدولية فكان سؤالها في الاستطلاع اكثر سعة ومطاطية ، فسألت المستطلعين فيما اذا دفعوا رشوة هم او احد افراد عوائلهم خلال العام الماضي ، فدخلت في السؤال تجارب الاخرين في دفع الرشوة , وهذا يختلف عما تبنته الهيئة من ان قياسها للفساد يعتمد على خبرة الانسان في التعامل مع ظاهرة الرشوة أي قيامه هو بها او عدم قيامه بها ، دون ادخال معرفته بدفع الاخرين للرشوة او عدم معرفته بذلك ، أي لم تعتمد عليه كشاهد عن قيام الاخرين في ممارسة الظاهرة كاحد افراد عائلته لان الاخذ بالحل الاول اكثر دقة وتحديدا من الثاني .
وعموما فأن الشفافية الدولية كانت قد اخذت نتائجها من استطلاعات جرت قبل انطلاق الحملة الوطنية لمكافحة الرشوة في حزيران من هذا العام ، تلك الحملة التي حققت بعض النتائج الطيبة في عدد لابأس به من دوائر الدولة ذات الاحتكاك المباشر مع المواطنين ، اذ نزل مؤشر حجم تعاطي الرشوة في القطاع العام في بغداد من (35,79) في نيسان الى (8,12) وهذه نتيجة جيدة تحققت في وقت قصير (اربعة اشهر) انما التحدي هو في الحفاظ على الانجازوتأصيله كسلوك دائم غير قابل للتراجع او الزوال .
وعلى العموم فان وضع العراق مقارنه بغيره من الدول في هذا المؤشر يعد سيئا اذا ما جردناه من الظروف غير الطبيعية التي عاشها منذ عام 1980 ولحد الان ، فنسبة تعاطي الرشوة في الكويت بلغ (20%) ، وبلغ في روسيا (31%) وفي لبنان (14%) وفي تركيا (2%) وفي اسرائيل (1%) ، الا اننا اذا نظرنا الى ظروف العراق المعقدة وطبيعة مشاكله وظروفه قياسا الى الدول الاخرى فتعد نتائجه مقبولة ، الا انه في الحقيقة يواجه مشكلة فساد تحتاج الى الكثير من الجهد والوقت والارادات السياسية الكاملة المخلصة . وفي مؤشر آخر اعتبر العراقيون القطاع العام والاحزاب هي اكثر القطاعات فسادا في العراق ، وعد القضاء اقل القطاعات فسادا ، فقد حصل القطاع العام على نسبة (42%) وحصلت الاحزاب على (27%) وحصل البرلمان على (10%) والقطاع الخاص على (13%) والاعلام على (5%) والقضاء على (4%) .
وادخلت الشفافية الدولية العراق لاول مرة في مؤشر تقييم جدية الدول في مكاقحة الفساد ، وكان وضعه جيدا مقارنة ببعض الدول الموضوعة على المؤشر فقد ذهب (33%) من العراقيين المستطلعين الى فعالية الحكومة العراقية في مكافحة الفساد في حين ذهب ( 49%) الى عدم فعاليتها ، اما في تركيا فكانت نسبة القائلين بفعالية الحكومة (35%) ونسبة القائلين بعدم الفعالية (52%) ، اما في لبنان فقد ذهب (65%) الى عدم فعالية الحكومة و(28%) الى فعاليتها ، وفي الكويت بلغت نسبة من ذهبوا الى جدية الحكومة في مكافحة الفساد (68%) ونسبة القائلين بعدم الفعالية 28%) اما في المغرب فقد بلغت نسبة القائلين بفاعلية الحكومة (21%) والقائلين بعدم الفاعلية (64%) ، فيكون العراق في مدى جديته في مكافحة الفساد اقرب الى تركيا وافضل من لبنان والمغرب .
القاضي
رحيم حسن العكيلي
رئيس هيئة النزاهة
#رحيم_حسن_العكيلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟