الهجرة غير المشروعة .. وقفة تأمل ..

إلهام على غسال

الحوار المتمدن-العدد: 2806 - 2009 / 10 / 21 - 13:23
المحور: حقوق الانسان
    

تناولنا في الأعداد السابقة من مجلة " العمل العربي" قضية الهجرة غير المشروعة وتابعنا أخباراً من مشارق الأرض ومغاربها وقدمنا دراسات موضوعية ونشرنا في العدد (82) من المجلة دراسة تحت عنوان " اقتصاديات الهجرة غير المشروعة .. نظرة خاصة إلى أوروبا" والتقينا مع المسئولين ، وكان لقاؤنا مع السيد أحمد القويسني مساعد وزير خارجية مصر السابق على صفحات المجلة بمثابة بحث ميداني كشف النقاب عن العديد من النقاط في هذه القضية الشائكة خاصة بعد غرق العديد من الشباب المصري اليافع في أعماق البحار أثناء توجههم إلى إحدى البلدان الأوروبية بصورة غير مشروعة لتغرق معهم أحلامهم برغم وجود وظائف لهم في تلك البلدان.. !!
وفي الحقيقة كان لزاماً علينا أن نفتح صدورنا لأصحاب المشكلة أيضاً والمتسببين فيها .. لننقل الرؤية كاملة خاصة وقد اختلط الجاني بالمجني عليه وتشعبت المشكلة وهذا أمر طبيعي عندما نضل الطريق السليمة إلى الحل . لقد التقيت بعدد من السيدات اللواتي كن ضحايا المشكلة دون ذنب فأزواجهن يرقدون في غياهب المعتقلات منذ عدة سنوات بتهمة محاولة الهجرة بطريقة غير مشروعة أو تورطهن في تهريب بعض الشباب عبر البحار.... فإليكم بعض العبارات التي رددتها هذه السيدات بنبرات أصواتهم المرتعشة واليائسة والتي يقشعر لها الأبدان ويذوب من حرارتها الجليد .. " لقد حرمت من زوجي وتشرد ابننا .. لقد أصيبت ابنتي بحالة انهيار عصبي وتركت المدرسة وضاع مستقبلها .. كيف نأكل ؟ ماذا أقول لإبني الذي لا تقر عينه بكاء على غياب أبيه . ليس لدي المال الكافي لإطعام صغاري .. هل أسرق ؟ زوجي يرقد في المعتقل ولديه قرار البراءة .. "
وبعيداً عما روته تلك السيدات من قصص الغبن والظلم الذي وقع على أزواجهن .. بعيداً عن الوثائق المهترئه في جيوبهن الفقيرة والتي تثبت براءة ذويهم برغم استمرار اعتقالهم.!! فنحن بصدد حالات مؤكدة من الانهيار الإنساني ، نساء تدفع الثمن دون ارتكابهم أي جرم .. إنها قضية تستحق منا وقفة .. فهل من أجل بتر مشكلة نخلق مشكلات من نوع أخطر .. الهجرة غير المشروعة لها مخاطرها على أرواح المهاجرين وتبعاته السلبية على اقتصاديات البلدان المستقبلة لها.. ولكن إذا استمعنا إلى الشباب المهاجر فستجد في جعبتهم الكثير من الحجج والأسباب المنطقية "إنني لا أجد عملا في بلدي .. لا أستطيع الحصول على قوت يومي .. " وكلها أسباب مشروعة .. بل وقد يكون المهاجر غير الشرعي ضحية فهو يلقي بنفسه في أعماق البحار معرضا حياته للخطر من أجل عمل شريف في نظره وهو يرى أن الغاية تبرر الوسيلة. والغريب في الأمر أن المسئولون لا يألون جهدا من أجل توفير فرص مشروعة للهجرة . وعلينا كأجهزة إعلام متخصصة مسئولية كبيرة حتى لا تتبعثر تلك الجهود ، فلابد أن نبدأ بالتوعية السليمة والمفيدة وليس أن نأتي فقط بأسر الغارقين لننشر دموعهم ونعمم أحزانهم على شاشات القنوات التليفزيونية أو نستضيف المسئولين ليصبون غضبهم على عصابات تهريب البشر .. فهناك جهود حثيثة من الدول في عقد اتفاقيات ثنائية لاستيعاب أعداد من العمالة بصورة مشروعة لا بد أن ينقلها الإعلام من خلال حملات مكثفة وموجهة إلى المعنيين من الشباب بدلا من أن يضلوا طريقهم ويلقوا بأنفسهم في التهلكة، ولابد من توعيتهم بأحدث القوانين التي تسنها البلدان التي يقصدونها ، ومثال على ذلك إيطاليا التي قامت مؤخراً بتضييق الخناق على العمال غير الشرعيين لديها وأمرت بمحاصرتهم ومطاردتهم مما أدى إلى خروج الأطباء الإيطاليين بمظاهرات في الشوارع رافضين أحد القرارات التي تجبرهم على الإبلاغ عن أي مريض غير شرعي وأذعنت الدولة الإيطالية لمطلبهم الإنساني ، أليس من الأحرى أن نتعامل مع أبنائنا ومواطنينا بقدر من الإنسانية..!! علينا محاصرة المشكلة بموضوعية وألا تتسبب أجهزة الأمن في خلق روح عدائية لدى أفراد الأسر التي تم معاقبتها بلا أي ذنب .. وللحديث بقية

إلهام على غسال "رئيس تحرير مجلة العمل العربى "

#إلهام_على_غسال (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات