جورج فارس
الحوار المتمدن-العدد: 2802 - 2009 / 10 / 17 - 09:29
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تبدأ المساواة عندما أبدأ من نفسي...
كثيرون ينادون بالمساواة ويطالبون بها بأعلى أصواتهم، ويرفضون التمييز، كما ويلقون الخطب ضد العنصرية. لكن وبإلقاء نظرةٍ بسيطةٍ على تصرفاتهم نكتشف بأنهم يطلبون تلك المساواة لأنفسهم دون أن يريدوا منحها للآخرين.
فهم ينادون بالحرية في الوقت الذي يحرمون فيه الآخرين من حرية المعتقد.
وينادون بحقهم في الحياة في الوقت الذي يقتلون فيه الآخرين.
ويطلبون التعاطف العالمي مع قضاياهم في الوقت الذي يرقصون فيه فرحاً أمام مآسي الآخرين.
ويصارعون من أجل الكرامة في الوقت الذي يسعون فيه لإذلال الآخرين والاستيلاء على أملاكهم وهم صاغرون.
إن معادلتهم في الحقوق لا تحوي أي إشارةٍ للمساواة بين الأطراف لكنها تتجه باتجاههم بإشارة أكبر. أليست كلمة أكبر هي التي اعتادوا على سماعها واستخدامها؟ فتحولت في حياتهم إلى معادلة تتحقق من خلالها مصالحهم وحقوقهم فقط، وأما واجباتهم تجاه مجتمعاتهم والإنسانية جمعاء فهي من نصيب الآخرين كي يقوموا بها.
إن مساواتهم أو من الأفضل أن نسميها أكبرِيَّتَهم ليست سوى أفضلية يرونها في أنفسهم باعتبارهم خير الأمم على الإطلاق، وهم طالما يدورون حول أنفسهم سيبقون سجناء دائرة أنانيتهم ولن يدركوا يوماً ماذا تعني المساواة.
تتحقق المساواة عندما أريد لغيري ما أريده لنفسي.
أليست هذه هي القاعدة الذهبية للمساواة؟ أن أمنح الآخر المساحات التي أريد منه أن يمنحني إياها، وأن أنظر إليه كانسان بغض النظر عن لونه وعرقه وجنسه ومعتقده تماماً كما أريده أن ينظر هو إليّ، وأن أرى في حياته ذات القيمة التي أراها في حياتي.
فالمساواة تكتمل عندما أرى الآخر بنفس العين التي أريده أن يراني بها.
#جورج_فارس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟